ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى المجلد 7

اشارة

نام كتاب: ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى

موضوع: فقه استدلالى

نويسنده: گلپايگانى، على صافى

تاريخ وفات مؤلف: 1430 ه ق

زبان: عربى

قطع: وزيرى

تعداد جلد: 10

ناشر: گنج عرفان

تاريخ نشر: 1427 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

شابك:- 65- 7958- 964

الجزء السابع

[تتمة كتاب الطهارة]

فصل: في الاغسال

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 7

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

قوله رحمه اللّه

فصل فى الاغسال

[فصل فى تعداد الواجب منها]
[الواجب منها سبعة]

و الواجب منها سبعة: غسل الجنابة و الحيض و النفاس و الاستحاضة و مسّ الميّت و غسل الاموات و الغسل الّذي وجب بنذر و نحوه، كأن نذر غسل الجمعة او غسل الزيارة او الزيارة مع الغسل، و الفرق بينهما ان فى الاوّل اذا اراد الزيادة يجب ان يكون مع الغسل و لكن يجوز ان لا يزور اصلا، و فى الثانى يجب الزيارة فلا يجوز تركها، و كذا اذا نذر الغسل لسائر الاعمال التى يستحب الغسل لها.

(1)

اقول سيأتى إن شاء اللّه وجه وجوب الاغسال غير ما وجب بالنذر عند تعرض المؤلف رحمه اللّه لكل منها تفصيلا، و اما ما وجب بالنذر فيدل عليه ما ذكر فى كتاب النذر من الكتاب و السنة و الاجماع.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 8

و اما الفرق بين القسمين من النذر فياتى ان شاء اللّه فى المسألة الاولى فانتظر.

[مسأله 1: النذر المتعلق بغسل الزيارة و نحوها يتصور على وجوه:]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسأله 1: النذر المتعلق بغسل الزيارة و نحوها يتصور على وجوه:

الأول: ان ينذر الزيارة مع الغسل فيجب عليه الغسل و الزيارة و اذا ترك أحدهما وجبت الكفارة.

الثاني: ان ينذر الغسل للزيارة بمعنى انه اذا أراد ان يزور لا يزور الا مع الغسل، فاذا ترك الزيارة لا كفارة عليه و اذا زار بلا غسل وجبت عليه.

الثالث: ان ينذر غسل الزيارة منجّزا و حينئذ يجب عليه الزيارة أيضا، و ان لم يكن منذورا مستقلا، بل وجوبها من باب المقدمة فلو تركها وجبت كفارة واحدة، و كذا لو ترك احدهما و لا يكفى فى سقوطها الغسل فقط و ان كان من عزمه حينه ان يزور، فلو تركها وجبت لانه اذا لم تقع الزيارة بعده لم يكن غسل الزيارة.

الرابع: ان ينذر

الغسل و الزيارة فلو تركهما وجب عليه كفارتان، و لو ترك احدهما فعليه كفارة واحدة.

الخامس: ان ينذر الغسل الّذي بعده الزيارة و الزيارة مع الغسل و عليه لو تركهما وجبت كفارتان، و لو ترك احدهما فكذلك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 9

لان المفروض تقيد كل بالآخر و كذا الحال فى نذر الغسل لسائر الاغسال.

(1)

اقول،

اما الوجه الاول:

فالمنذور هو الزيارة مع الغسل، فالنذر تعلق بالطبيعة المقيّدة اعنى طبيعة النذر المقيّدة بالغسل، فيجب بمقتضى النذر الزيارة مع الغسل لكون نذر الزيارة منجّزا و المنذور هو الزيارة المقيّدة بالغسل فيكون الغسل واجبا بالوجوب المقدمى و ان لم يكن منذورا مستقلا فتجب الكفارة الواحدة بترك كل منهما او بترك واحد من الزيارة او الغسل لتركه المنذور و هو الزيارة مع الغسل، اما اذا تركهما او ترك الزيارة فقط فواضح لتركه المنذور، اما اذا ترك الغسل فقط فلان ترك الغسل مستلزم لترك الزيارة المقيّدة بالغسل لفقد المقيد بفقد قيده.

و اما الوجه الثانى:

فكما صرّح المؤلف رحمه اللّه معنى ان ينذر الغسل للزيارة انه اذا اراد ان يزور لا يزور الا مع الغسل، فاذا ترك الزيارة و الغسل فلا كفارة عليه لعدم حنث النذر اذا المنذور هو ايقاع الزيارة اذا اراد إتيانها مع الغسل فما لم تقع الزيارة منه بلا غسل لا تجب الكفارة، و كذا لو غسل و ترك الزيارة لا تجب الكفارة لعدم تحقق الحنت اذا الحنت يحصل بفعل الزيارة بلا غسل.

نعم لو زار بلا غسل تجب الكفارة لتحقق الحنث لاجل ترك الغسل حين الزيارة.

و اما الوجه الثالث:

و هو ان ينذر غسل الزيارة منجّزا، و اثر تنجيز غسل الزيارة اعنى كون وجوبه منجزا بمقتضى النذر وجوب تحصيل مقدمته و هى الزيارة فالزيارة و ان لم تكن منذورا مستقلا لكن تجب مقدمة فلو ترك كاملا من الغسل و الزيارة تجب الكفارة لتركه النذر، و كذا لو ترك الغسل لترك الواجب المنجز و هو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 10

الغسل الواجب منجزا بسبب النذر، و كذا لو ترك الزيارة فقط لانه مع ترك الزيارة بعد الغسل لم يتحقق المنذور و هو غسل الزيارة و ان كان عازما على الزيارة حين الغسل.

و اما ما قاله فى المستمسك «1» فى شرح هذا الوجه و توجيهه هذا الوجه بنحو آخر او نحوين آخرين فهو فرض آخر او فرضان آخران غير ما ذكره المؤلف رحمه اللّه و ترتب عليه ما ترتب من الكفارة فى صورة تركهما او ترك احدهما.

و اما الوجه الرابع:

و هو ان ينذر الغسل و الزيارة، و نظره صورة نذر كل منهما مستقلا، ففى هذا الفرض لو ترك الغسل و الزيارة كليهما وجب عليه كفّارتان، كفّارة لتركه الغسل و كفّارة لتركه الزيارة.

و اما لو ترك احدهما فان كان المتروك الغسل فقط فلا يجب الا كفارة واحدة لتركه احد المنذورين و هو الغسل، و اما لو كان المتروك هو الزيارة فقط فلا اشكال فى وجوب كفارة واحدة لتركه الزيارة المتعلقة للنذر، و قد يقال بان المتروك ان كانت الزيارة يجب عليه كفّارتان لانه مع تركه الزيارة ترك كليهما، لان المنذور ليس مطلق الغسل بل المنذور غسل الزيارة او كما لها الّذي يحصل بالغسل و هو ما أفتى به سيدنا الاعظم آية اللّه البروجردي قدّس سرّه

فى حاشيته على العروة الوثقى فى هذا الموضوع.

ان قلت، ان ذلك خلاف الفرض لان الفرض كون كل من الغسل و الزيارة متعلقا للنذر مستقلا اعنى غير مرتبط كل منهما بالآخر و لهذا مع ترك كل منهما يجب كفارتان:

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 6.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 11

قلت ان النذر ان كان متعلقا بطبيعة الغسل غير مرتبطة بالزيارة، و بعبارة اخرى لا يكون المنذور مصداق الغسل و هو غسل الزيارة، بل كان طبيعة الغسل فمضافا الى عدم مشروعية هذا النذر لعدم كون متعلقه راجحا لعدم استحباب طبيعة الغسل بل الغسل الواجب و المستحب منحصر بالمذكورات فى محله لا مطلق الغسل، نقول بان الفرض كون المنذور الغسل و الزيارة فمتعلق النذر و ان كان مستقلا الغسل، لكن هذا المنذور المستقل غسل الزيارة، فالمنذور اما غسل الزيارة، او الكمال الّذي يحصل للزيارة بسبب وقوعها مع الغسل، فلو ترك الزيارة فقد ترك بتركها الغسل الّذي نذر لها، و لازم ذلك وجوب الكفارتين حتى بترك الزيارة فقط كما يوجب الكفارتان بترك كل من الغسل و الزيارة.

و اما الوجه الخامس:

و هو ان ينذر الغسل الّذي بعده الزيارة و الزيارة مع الغسل، و معنى ذلك كون المنذور كل واحد من الغسل و الزيارة مقيدا بالآخر، ففى الحقيقة كان المنذور الغسل المقيّد بالزيارة و الزيارة المقيّدة بالغسل، فعلى هذا ان تركهما يجب عليه كفارتان، و كذا لو ترك احدهما لان بعد تقييد كل منهما بالآخر فلو ترك احدهما فقد تركه بنفسه و بتركه يترك الآخر لتقيد الآخر به فبتركه ترك المقيد بنفسه و ترك القيد لغيره فاحدهما متروك بتركه و الآخر متروك بترك قيده، فيجب عليه كفّارتان و ان ترك

احدهما فقط.

ثم انه يظهر الحال مما مرّ فى نذر الغسل لسائر الاعمال من جريان الوجوه المذكورة فيه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 13

فصل: في غسل الجنابة
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 15

قوله رحمه اللّه

فصل فى غسل الجنابة

و هى تحصل بامرين:

[فصل فى ما يحصل به الجنابة]
[الاول خروج المنى]
اشارة

الاول خروج المنى و لو فى حال النوم او الاضطرار، و ان كان بمقدار رأس أبرة، سواء كان بالوطى او بغيره، مع الشهوة او بدونها، جامعا للصفات او فاقدا لها، مع العلم بكونه منيا و فى حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم الاستبراء بالبول، و لا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد او غيره، و المعتبر خروجه الى خارج البدن، فلو تحرّك من محله و لم يخرج لم يوجب الجنابة و ان يكون منه، فلو خرج من المرأة منّى الرجل لا يوجب جنابتها الا مع العلم باختلاطه بمنيّها، و اذا شك فى خارج انه منى أم لا اختبر بالصفات من الدفق و الفتور و الشهوة، فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيا و ان لم يعلم بذلك، و مع عدم اجتماعها و لو بفقد واحد منها لا يحكم به الا اذا حصل العلم، و فى المرأة و المريض يكفى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 16

اجتماع صفتين و هما الشهوة و الفتور.

(1)

اقول، بعد ما لا اشكال نصا و فتوى فى موجبية خروج المنى فى الجملة لغسل الجنابة يقع الكلام فى الامر الاوّل فى طى جهات و قبل الورود فى الجهات نذكر بعض النصوص المربوطة بالمقام و لعله نذكر أيضا بعضها ان شاء اللّه فى طى البحث عن جهات المسألة فنقول بعونه تعالى.

[نصوص المسألة على موجبية خروج المنى للجنابة]

الاولى: ما رواها عبيد اللّه الحلبى قال (سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المفخذ عليه غسل قال نعم اذا انزل). «1»

الثانية: ما رواها إسماعيل بن سعد الاشعرى قال (سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى تنزل الماء من غير ان يباشر يعبث بيده حتى تنزل

قال اذا انزلت من شهوة عليها الغسل) «2».

الثالثة: ما رواها محمد بن اسماعيل بن بزيع قال (سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج و تنزل المرأة هل عليها غسل قال نعم). «3»

الرابعة: ما رواها محمد بن الفضيل قال (سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرّك على ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها الغسل او لا يجب عليها الغسل قال اذا جاءتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها الغسل). «4»

الخامسة: ما رواها عنبسة بن مصعب قال (سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول كان

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 17

على عليه السّلام لا يرى فى المذى وضوء و لا غسلا ما اصاب الثوب منها الّا فى الماء الاكبر.) «1»

ربّما يستشكل فى الرواية بان مفادها وجوب الوضوء و الغسل فى المنى أعنى الماء الاكبر، و الحال أنه لا يجب فيه الوضوء ألّا ان يقال ان مفادها ليس الا نفى وجوبهما فى المذى و اثبات الوجوب فى الجملة فى المنى لا ان كلما لا يكون فى المذى يكون فى المنى.

السادسة: ما رواها عنبسة بن مصعب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال (كان على عليه السّلام لا يرى فى شي ء الغسل الا فى الماء الاكبر). «2»

و لعلّ هذه الرواية متحدة مع السابقة لان الراوى فى كل منهما عن ابى عبد اللّه عليه السّلام واحد و على كل حال لا يرد

فيها الاشكال المذكور فى سابقها.

السابعة: ما رواها ابن سنان يعنى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال (ثلاث يخرجن من الاحليل و هن المنى و فيه الغسل الحديث) «3».

و غير ذلك المذكور فى هذا الباب و غيره.

اذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى يقع

الكلام فى جهات:
الجهة الاولى: لا فرق فى موجبية خروج المنى للغسل بين ان يخرج فى حال اليقظة او النوم

لاطلاق بعض الادلة، مثل الرواية الخامسة و السادسة و السابعة، فهى كما تشمل حال اليقظة تشمل حال النوم.

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 11 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 10 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 18

و يدل على موجبيته حال النوم بالخصوص ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال (سألته عن المرأة ترى فى المنام ما يرى الرجل قال ان انزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها الغسل). «1»

و ما رواها عبد اللّه بن سنان قال (سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى ان الرجل يجامعها فى المنام فى فرجها حتى تنزل قال تغتسل). «2»

الجهة الثانية: لا فرق فى موجبيته للغسل بين خروجه بالاختيار او بالاضطرار

لاطلاق بعض الادلة الدالة على موجبيته المنى للغسل.

الجهة الثالثة: لا فرق فى موجبية المنى للغسل بين كون الخارج كثيرا او قليلا

فيجب الغسل بخروجه و ان كان بمقدار رأس أبرة لاطلاق بعض النصوص المتقدم ذكرها.

و قد يتوهّم عدم وجوب الغسل ان كان الخارج قليلا بدعوى دلالة ما رواها معاوية بن عمّار قال (سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل احتلم) «3» (فلمّا انتبه وجد بللا قليلا قال ليس بشي ء الا ان يكون مريضا فانه يضعف فعليه الغسل.) «4»

و فيه ان الظاهر من الرواية صورة الشبهة بين كون الخارج منيا او لا، و الّا لا فرق فى موجبية قليل المنى للغسل بين الصحيح و المريض حتى لا يجب على الاول و يجب على الثانى، و هذا شاهد على ان عدم شي ء على الصحيح يكون لاحتمال كون الخارج غير المنى بخلاف المريض لعدم احتماله فيه لضعفه فيجب عليه الغسل.

الجهة الرابعة: لا فرق فى موجبية خروج المنى للغسل بين كون خروجه بالوطى او بغيره

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) قال فى مجمع البحرين الاحتلام رؤية اللذة في النوم أنزل أم لم ينزل.

(4) الرواية 2 من الباب 8 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 19

كما يدل عليه بعض النصوص، اما فيما كان خروجه بغير الوطي فيدل عليه ما قدمنا من الاخبار فى صدر المبحث و غيرها.

و اما فيما كان خروجه بالوطى، فيدل عليه اطلاق بعض الاخبار المذكورة فى موجبية خروج المنى للغسل سواء كان بالوطى او بغيره مثل الرواية الخامسة و السادسة و السابعة من الروايات المتقدمة.

الجهة الخامسة: لا فرق فى كون المنى موجبا للغسل بين ان يكون خروجه مع الشهوة او بدونها

و ان كان الفرض بعيدا لاطلاق بعض الاخبار الشامل لكل من الصورتين و ادعى عليه اجماع الاماميّة بل اجماع المسلمين كما هو المحكى عن المعتبر.

نعم عن بعض فقهاء العامة القول باعتبار الشهوة و ربما تتوهم دلالة بعض النصوص عليه:

مثل ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال (سألته عن الرجل يلعب مع المرأة و يقبّلها فيخرج منه المنى فما عليه قال اذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انما هو شي ء لم يجدله فترة و لا شهوة فلا بأس). «1» بدعوى ان مفادها اعتبار الشهوة فى ايجابه الغسل.

و لكن بعد كون المروى فى كتاب على بن جعفر عليهما السّلام على ما فى الوسائل فى ذيل الرواية (فيخرج منه الشي ء) بدل (فيخرج منه المنى) فيحتمل كون سؤاله (فيخرج منه الشي ء) و نظر السائل بصورة اشتباه الماء الخارج بالمنى و غيره و لهذا اجاب عليه السّلام بالرجوع الى الصفات فقال اذا

جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انما هو شي ء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس، فلا تدل الرواية على اعتبار الشهوة فى موجبيته للغسل مضافا الى ما قيل من ان الصادر عن السائل (المنى)

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 8 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 20

فلهذا يحمل على صورة الشك لان ما قال السائل يكون بحسب ظنه بخروج المنى و قيل يحمل على التقية لموافقتها مع قول بعض العامة، أقول و لو حملت على التقية لا يمكن الاستدلال فى مورد الشك فى كون الخارج منيّا كما يأتى الكلام في الجهة الحادى عشر إن شاء اللّه كما ان ما فى بعض الاخبار فى خصوص المرأة من تقييد الحكم بكونه منيّا بخروجه مع الشهوة مثل الرواية الرابعة من الروايات المتقدمة لا يمكن الاستدلال بها على اعتبار الشهوة فى كونه منيّا لان ظاهر التقييد من باب كون الشهوة سبب العادي يعرف به المنى عند الملاعبة و التفخيذ و أمثالهما فلا يدل على تعليق الحكم بالشهوة بحيث ينتفى الحكم بانتفائها.

الجهة السادسة: و لا فرق فى موجبية المنى للغسل بين كونه جامعا للصفات

من الشهوة و الدفق و الفتور او فاقدا لها مع العلم بكونه منيّا و ان كان فرض عدمها بعيدا لعدم انفكاله غالبا عنها اما بحسب الفتوى فالمحكى عن بعض فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم عموم الحكم بل ادعى الاجماع عليه و المحكى عن بعضهم اعتبار الدفق فيه و ان حمل على ما لا ينافى القول الاول من كون الاغلب فيه الدفق.

و اما بحسب النصوص فهى مطلق و اطلاقها يشمل كل من صورتى الجامعية للصفات و عدمها.

و ما ورد فى بعض الروايات من اعتبار

هذه الصفات كلها او بعضها فمورده صورة الشك فى كون الخارج منيّا أو لا او يحمل عليها كما يأتى ان شاء اللّه الكلام فيه فى الجهة الحادى عشر التى نتعرض لها فى الامر الاوّل.

الجهة السابعة: و فى حكم المنى من حيث وجوب الغسل الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل

مع عدم الاستبراء بالبول و يأتى ان شاء اللّه وجهه فى المسألة 2 و 3 من المسائل المذكورة فى فصل مستحبات غسل الجنابة.

الجهة الثامنة: هل فرق فى موجبية المنى للغسل بين خروجه من المخرج المعتاد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 21

و بين خروجه من غير مخرج المعتاد او لا.

اقول فى المسألة احتمالات:

الاول: عدم الفرق بين الخروج من المخرج المعتاد و غيره، فيجب الغسل بخروج المنى من اى موضع كان.

الثّاني: الفرق بين الخروج من المخرج المعتاد و غيره مطلقا، فيجب الغسل فى صورة خروجه عن المخرج المعتاد، و عدم وجوبه فى صورة خروجه عن المخرج الغير المعتاد مطلقا.

الثّالث: موجبيته للغسل اذا خرج من المخرج الغير المتعارف مثل خروجه عن المخرج المتعارف اذا صار الغير المتعارف عاديّا، و اما لو لم يكن عاديّا فلا يوجب الغسل.

الرّابع: التفصيل فيما يخرج عن غير الموضع الطبيعى بين ما يخرج من ثقبة الاحليل او الخصيتين او الصلب فلا يعتبر الاعتياد بل يكون مثل خروجه عن المخرج الطبيعى فى موجبيته للغسل، و بين ما اذا كان يخرج من غير هذه المواضع الثلاثة فيعتبر الاعتياد فى كونه مثل المخرج الطبيعى فى موجبيته للغسل.

الخامس: التفضيل بين ما يكون المخرج الغير المعتاد ما دون الصلب فهو كالمخرج المعتاد فى موجبيته للغسل و ان لم يصر هذا المخرج معتادا، و بين ما يكون فوق الصلب فمثل المخرج المعتاد فى الموجبية اذا صار معتادا و الّا فلا.

اذا عرفت ذلك نقول بان الأقوى الاول، لاطلاق الادلّة و دعوى انصراف الادلّة عن الخارج عن غير المخرج المعتاد انصراف بدوى منشأه قلة الوجود و هذا لا يكفى فى منع شمول الاطلاق لفرده.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 22

الجهة التاسعة: المعتبر خروج المنى الى خارج البدن

فلو تحرك من محله و لم يخرج لم يوجب الجنابة لان ظاهر النصوص حصول الجنابة و وجوب الغسل بخروج المنى و انزاله الى خارج البدن.

الجهة العاشرة: المنى الموجب للغسل و صيرورته جنبا

هو ان يكون من الشخص فلو خرج من المرأة منّى الرجل لا يوجب جنابتها الا مع العلم باختلاطه بمنيّها، اما اعتبار كون المنى منه فلأنّ مقتضى الأدلّة صيرورة خروج منى الشخص موجبا لجنابته و وجوب الغسل عليه فلا وجه لجنابة المرأة بخروج منّى الرجل عنها مضافا الى التصريح بذلك فى بعض الروايات مثل ما رواها عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال (سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة الرجل بعد ذلك هل عليها غسل فقال لا) «1» و اما فيما علمت المرأة باختلاط منيّها بمنيّة فتجنب و عليها الغسل من باب خروج منيّها منها فتجنب المرأة كما تنجب الرجل كما سيأتى ان شاء اللّه.

الجهة الحادية عشر: قال المؤلف رحمه اللّه و اذا شك فى خارج انه منى أم لا،
اشارة

اختبر بالصفات من الدفق و الفتور و الشهوة فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيا، و ان لم يعلم بذلك و مع عدم اجتماعها و لو بفقد واحد منها لا يحكم به الا اذا حصل العلم به، و فى المرأة و المريض يكفى اجتماع صفتين و هما الشهوة و الفتور.

اقول الكلام يقع فى موارد:

المورد الاول: فى الرجل الصحيح،

و انه اذا شك فى خارج انه منى أم لا، هل يجب عليه الاختبار بالصفات، فمع اجتماع الصفات يحكم بكونه منيّا و ان لم يعلم

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 13 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 23

بذلك و مع عدم اجتماعها و لو بفقد و احد منها لا يحكم به أو لا يجب ذلك.

فالكلام فيه تارة يقع فى اصل وجوب الاختبار و عدمه فقد يقال بعدم وجوبه لانه بعد ما يكون المورد من الشبهات الموضوعيّة للشك فى الموضوع و هو المنى فلا يجب الفحص و الاختبار لعدم وجوب الفحص فى الشبهة الموضوعية الا في بعض الموارد الّذي دل دليل خاص على وجوب الفحص او يوجب ترك الفحص المخالفة القطعية الكثيرة و كلاهما مفقود فى المقام كما فى المستمسك. «1»

لكن فيه انه ان دل الدليل على وجوب الاختبار كما اختار هذا القائل أيضا، فالدليل قائم على وجوب الفحص، فمع الدليل يجب الفحص، و ان قلنا بمقتضى القاعدة بعدم وجوب الفحص فى الشبهات الموضوعية و ان لم يدل الدليل فلا يجب الاختبار.

و الحق كما يأتى ان شاء اللّه، ان ما يستدل به على أنّه مع اجتماع الصفات في الصحيح يحكم بكونه منيّا او يجب الغسل و هو رواية على بن جعفر، و ما يستدلّ على

كفاية الصفتين و هى الشهوة و الفتور في المريض و هو رواية ابن أبي يعفور و زرارة وردت في مورد خروج البلل، و أنّه اذا كان واجدا للصفات او الصفتين يجب الغسل و الّا فلا، ففى مورد خروج الشي ء السؤال عمّا يكون التكليف فحكم فى صورة بوجوب الغسل و في صورة بعدمه، و ليست الروايات ناظرة الى وجوب الفحص و عدمه اصلا، فعلى هذا لو كنّا و هذه الروايات و شك في كون الخارج منيّا او لا، لا تدل الروايات مع عدم علمه بالحال بوجوب الفحص، مثلا لو لم يدر أنّ له الشهوة و الدفق و الفتور أم لا لا تعرض في الروايات لوجوب الفحص و عدمه بل في صورة علمه بالحال قال إذا كان واجدا للصفات الثلاثة فى الصحيح يجب الغسل

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 12.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 24

و الّا فلا، و إذا كان واجدا للصفتين في المريض يجب الغسل و الّا فلا فان كان بيان الوظيفة في المورد المعلوم وضع المكلف و حاله من كون الخارج متصفة بالصفات او لا الفحص و الاختبار فى الشبهة الموضوعيّة، فالروايات فى خصوص هذه الشبهة الموضوعية دليل على وجوب الفحص، و أن كان من باب أنّه مع علم المكلف بحاله لا مورد للفحص عن الموضوع فالروايات و أن لم تدلّ على وجوب الفحص لكن يدلّ على وجوب الأخذ بما يعلم من حاله من الغسل و عدمه باعتبار واجديته للصفات و عدمها.

و تكون نتيجة ما تدل في المقام هو أنّه تارة يعلم حاله من واجديّته للصفات او يعلم عدمها، ففى الاول يجب عليه الغسل، و فى الثانى لا يجب عليه الغسل.

و

تارة لا يعلم بحاله من واجديته للصفات و عدمها فلا يستفاد من الروايات وجوب الفحص و اختبار حاله، و لهذا يكون المورد مثل ساير موارد الشبهات الموضوعية من عدم وجوب الفحص، و يستصحب الطهارة أن كانت حالته السابقة الطهارة، و ان شئت قل انّ فيما نحن فيه و ان كانت الشبهة موضوعيّة لكن المقدار الّذي يستفاد من الدليل هو فيما يعلم حاله من واجديّته للصفات يجب الغسل و من عدم واجديّة الخارج للصفات فلا يجب الغسل، و اما إذا لم يعلم حاله و كون الخارج واجدا للصفات او لا فلا يستفاد وجوب الفحص فيه.

و تارة يقع الكلام فى أنه مع معلومية حاله من حيث الواجديتة للصفات و عدمها، او لو لم يعلم حاله و لكن قلنا بوجوب الاختبار و الفحص، فهل يحكم فى الرجل الصحيح بكون الخارج منه المشكوك بانه منى منيا اذا كان جامعا للصفات الثلاثة الشهوة و الدفق و الفتور كما اختاره المؤلف رحمه اللّه، او يكتفى بوجود الدفق و الشهوة، او يكتفى بالدفق خاصة، او يكتفى بواحدة من الثلاثة ايها كانت، او يحكم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 25

بكونه منيّا اذا كان الخارج واجدا لهذه الصفات باضافة الرائحة كرائحة الطلع و العجين رطبا و بياض البيض جافا.

اذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى، ان مورد الكلام صورة ما كان الخارج مشكوكا من حيث كونه منيّا و عدمه، فلو حصل له العلم او الاطمينان او الظن المعتبر على كون المشكوك منيّا او غيره فهو خارج عن محل الكلام، فما عن بعض شراح «1» العروة من جعل منشأ الاختلاف فيما يكون موجبا للحكم بكون المشكوك منيّا او غيره من الاحتمالات المتقدمة

هو الاختلاف فيما يحصل به الاطمينان غير صحيح.

اذا فهمت ذلك نقول يستدل على الاحتمال الاول اعنى انه مع اجتماع الصفات الثلاثة يحكم بكونه منيّا بما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهم السّلام (قال سالته عن الرجل يلعب مع المرأة و يقبّلها فيخرج منه المنى فما عليه قال اذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انّما هو شي ء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس) «2» و رواه على بن جعفر فى كتابه نحوه الا أنّه قال فيخرج منه الشي ء.

و التكلم فى الرواية تارة يقع من حيث ان موردها الشك فيما خرج منه من انه منى او لا لا مورد العلم بكون الخارج منيّا كما ربما يتوهم فقد مرّ الكلام فيه فى الجهة الخامسة من الجهات التى تعرضناها فى الامر الاوّل و قلنا بان الصادر عن السائل يكون (الشي ء لا المنى) لان المذكور فى كتاب على بن جعفر عليهما السلام هو

______________________________

(1) العلّامة الآملى فى مصباح الهدى، ج 4، ص 75.

(2) الرواية 1 من الباب 8 من ابواب الجنابة و قد ذكرنا الرواية في الجهة الخامسة أيضا المؤلف.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 26

(الشي ء) لا (المنى) مضافا الى أنّ قول السائل (فيخرج منه المنى) كان باعتبار تخيله و ظنه لا انه مع علمه بان الخارج المنى يسأل عن وظيفته.

و تارة يتكلم فى الرواية من حيث مفادها و ان مفادها كون الصفات الثلاثة مجتمعة موجبة لكون الخارج محكوما بالمنى و وجوب الغسل، او يكفى وجود كل واحدة منها و لو لم تكن الصفتين الآخرتين موجودة.

اعلم ان مقتضى منطوق صدر الرواية و هو

قوله عليه السّلام (اذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل) وجوب الغسل فى صورة اجتماع الصفات الثلاثة، و مقتضى مفهومها عدم وجوب الغسل مع عدم وجود الصفات الثلاثة، و اطلاقه يقتضي عدم وجوب الغسل حتى مع وجود واحدة او اثنتين من الصفات المذكورة فبفقد واحدة منها لا يجب الغسل لدخل وجود كل منها فى وجوبه بمقتضى القضية الشرطية المذكورة فى منطوق الصدر.

و مقتضى منطوق ذيل الرواية و هو قوله عليه السّلام (و ان كان انّما هو شي ء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس) هو عدم وجوب الغسل مع عدم وجود الفترة و الشهوة و اطلاق هذه القضيّة عدم الوجوب مع فرض عدم الفترة و الشهوة، و ان وجد الدفع فالذيل بمنطوقه يدل على ما يدل به مفهوم الصدر من عدم وجوب الغسل مع عدم اجتماع الصفات الثلاثة.

و يحتمل ان يكون ذكر خصوص عدم وجد ان الفترة و الشهوة فى ذيل الرواية و السكوت عن عدم وجود صفة الدفع من باب انه مع عدمهما لا يجب الغسل حتى بالنسبة الى المريض بخلاف صفة الدفع، فانه لو لم يكن موجودا لا يلازم عدمه مع عدم كون الخارج منيّا حتى للمريض، كما سيأتي الكلام فيه بخلاف صفة الفتور و الشهوة فان عدمهما ملازم لعدم المنى و عدم وجوب الغسل حتى فى المريض كما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 27

سيأتي ان شاء اللّه.

و ممّا مرّ منا فى بيان فهم الحديث الشريف ظهر لك ان فى صورة الشك فى الخارج بين كونه منيّا و عدمه اذا اجتمعت الصفات الثلاثة يحكم بكونه منيّا و يجب الغسل، و مع فقد كل هذه

الصفات او بعضها لا يحكم بكونه منيّا و لا يجب الغسل، هذا فيما يعلم حاله من واجديته للصفات المذكورة و عدمها، و اما مع الشك فى ذلك أيضا أعنى لا يعلم كون الخارج منه واجدا للصفات او لا، فيكون من الشبهة الموضوعية و لا يجب الفحص، و الاختبار كما بينّا لعدم دليل على وجوب الفحص نعم الاحوط فيما كانت الحالة السابقة الحدث الأصغر او كانت الطهارة و لكن لم يستبرأ من البول الجمع بين الوضوء و غسل الجنابة، و اما ان كانت الحالة السابقة الحدث الاكبر أعنى الجنابة، او كانت الطهارة و قد استبرأ قبل الطهارة من البول فيكفى الغسل الجنابة و أيضا يظهر انه لا عبرة بغير هذه الصفات مثل الرائحة لعدم دليل على كون غيرها أمارة على كون الخارج منيّا.

و أيضا لو كنا نحن و الرواية المذكورة فمقتضاها عدم الفرق بين الصحيح و المريض لاطلاق الرواية (الا على ما احتملنا فى القضية المذكورة فى ذيل الرواية و لكن هو بنفسه لا يدل على اختصاص مورد الرواية بالصحيح نعم بعد ورود الدليل من تخصيص عموم صدر الرواية و اطلاقها بما نذكره من بعض الاخبار فى المورد الثاني يمكن كون ذيل الرواية مشعرا به).

المورد الثانى: المريض الّذي يشك فى ان الخارج منه منى او لا،

هل يعتبر فى كونه محكوما بالجنابة و وجوب الغسل عليه اجتماع الصفات المتقدمة من الشهوة و الدفع و الفتور كلها كالصحيح او يكفى وجود الصفتين فقط و هو الشهوة و الفتور، مقتضى ما يستفاد من بعض الروايات الثانى.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 28

منها ما رواها عبد اللّه بن ابى يعفور عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال (قلت له الرجل يرى فى المنام و يجد الشهوة فيستيقظ

فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهون بعد فيخرج قال ان كان مريضا فليغتسل و ان لم يكن مريضا فلا شي ء عليه قلت فما فرق بينهما قال لان الرجل اذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قويّة و ان كان مريضا لم يجي ء الّا بعد) «1» و مفادها عدم وجود الدفع فى المريض.

و منها ما رواها زرارة قال (اذا كنت مريضا فأصابتك شهوة فانه ربما كان هو الدافق لكنه يجي ء مجيئا ضعيفا ليست له قوّة لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه). «2»

وجه الاستدلال الغاء اعتبار الدفع و الدفق للمريض بمقتضى الخبرين فيقيّد اطلاق رواية على بن جعفر المذكورة فى المورد الاول او يخصص عمومها بمقتضى الخبرين بالنسبة الى المريض فتكون النتيجة اعتبار اجتماع الصفات الثلاثة من الشهوة و الفتور و الدفع بالنسبة الى الصحيح و اعتبار خصوص الشهوة و الفتور بالنسبة الى المريض فى الحكم بكون الماء الخارج منيّا فيما شك فى كون الخارج منيّا او لا.

قد يقال بان مفاد الرواية الثانية هو كفاية وجود الشهوة لايجاب الغسل و لو لم يكن الفتور أيضا كالدفع و يمكن ان يقال بان الفتور لازم للشهوة غالبا و لهذا مع وجود الشهوة يكون الفتور موجودا فيعتبر فى المريض وجودهما و عدم ذكر الفتور فى الرواية الثانية لاجل ملازمة الفتور مع الشهوة فلهذا أ يغني ذكر الشهوة عن ذكر الفتور.

المورد الثالث: فيما شكت المرأة فى كون الخارج منها منيّا او لا

هل تختبر فان

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 8 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 8 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 29

اجتمعت الصفات الثلاثة المتقدمة من الشهوة و الدفق و الفتور يحكم بكون الخارج منيّا و

يجب عليها الغسل او يكفى اجتماع الشهوة و الفتور فيها كالمريض اوانه ليست المرأة مثل الرجل فى هذا الحكم رأسا بل مع الشك فى كون الخارج منه يكون منيّا لا يجب عليها الاختبار و لا يجب عليها الفحص لكون الشبهة موضوعيّته.

اقول قد يقال بدلالة رواية إسماعيل بن سعد الاشعرى و رواية محمد بن الفضيل و هما الرواية الثانية و الرابعة من الروايات المتقدمة فى صدر المبحث على اعتبار خصوص وجود الشهوة فى الماء الخارج عن المرأة المشكوك كونه منيّا أو لا، لأنّه قال عليه السّلام فى الاولى بالنسبة الى الجارية (اذا انزلت من شهوة فعليها الغسل و فى الثانية (اذا جاءتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها الغسل) و موردهما و ان لم يكن من الشبهة فى المصداق، و بعبارة اخرى الشبهة الموضوعية لكن ظهورهما يقتضي كون الشهوة من صفات منّى المرأة فالشهوة أمارة على كون الخارج بالنسبة الى المرأة منيّا.

و ان تمّ الاستدلال بالروايتين لاعتبار الشهوة و طريقتها بالنسبة الى المرأة يمكن ان يقال ان الفتور حيث يكون ملازما للشهوة يتم ما اختاره المؤلف رحمه اللّه من كفاية وجود الشهوة و الفتور بالنسبة الى المرأة فى صورة الشك فى الماء الخارج فى كونه منيّا او لا.

و فيه ان الاستدلال بهما يتم ان كانتا متعرضتين لصورة الشك، و لكن ان كانتا متعرضتين لبيان الحكم ثبوتا فلا يمكن الاستدلال بهما، نعم يرد الاشكال بانه ان كانت الروايتان و نظائرهما فى مقام بيان اصل حكم المنى ثبوتا لا فى مقام بيان الشبهة المصداقية فلازمه القول باعتبار الشهوة فى وجوب الغسل بمجرد خروج المنى مطلقا و عدم وجوبه مع عدم الشهوة و لا يمكن الالتزام به، و لكن كما

قلنا فى الجهة الخامسة يمكن كون التقييد بالشهوة من باب كونها سببا عاديا لمعرفة المنيّ عند

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 30

الملاعبة و التفخيذ و امثالهما فلا يستفاد تعليق الحكم بها بحيث ينتفى بانتفائها فمع كون الاخبار فى مقام بيان اصل حكم المنى ثبوتا لا فى مورد الشك لا يوجب الاخذ بهذه الاخبار القول باعتبار الشهوة فى كون خروج المنى سببا للجنابة و وجوب الغسل.

و على كل حال بعد احتمال كون الروايتين في مقام بيان الحكم ثبوتا لا في مقام بيان حكم صورة الشك فلا يمكن الاستدلال بهما لصورة الشك و ان اخذ بهذه الاخبار للمورد فغاية ما يستفاد منها اعتبار الشهوة فقط فى المرأة لا الفتور و دعوى ملازمة الشهوة مع الفتور ينافى اعتباره أولا لان ذكر الشهوة مغنية عنه فلا حاجة الى اعتباره.

و ينافى مع دعوى اعتبار وجود كل منهما بحيث لو لم يكن احدهما لا يحكم بكون الخارج منيّا ثانيا.

فتلخص ان ما يقتضي القاعدة فى صورة الشك بالنسبة الى المرأة القول باجتماع الصفات الثلاثة كالرجل فى الحكم بوجوب الغسل ان قلنا بإلغاء قيد خصوصية الرجل المذكور فى رواية على بن جعفر المتقدم ذكرها الدالة فى الرجل على اعتبار اجتماع الصفات الثلاثة فى كون الخارج منه منيا يوجب الغسل فلا يكون فرق بين الرجل و المرأة فى صورة الشك.

و اما ان قلنا بعدم الغاء خصوصية الرجل و دخل الرجولية فى هذا الحكم فيكون المورد بالنسبة الى المرأة من الشبهة الموضوعية و لا يجب الفحص عليها من ان الخارج منها المنى او غيره فعلى هذا ان كانت حالتها السابقة الطهارة تستصحب الطهارة و ان ارادت الاحتياط بحيث تجمع بين كل

الاحتمالات فمع كون الخارج واجدا للصفات الثلاثة او واحدة منها فتارة يكون محدثة بالحدث الاصغر بحسب حالتها السابقة فتجمع بين الوضوء و غسل الجنابة و تارة تكون حالتها السابقة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 31

الطهارة سواء كانت الطهارة من الحدث الاصغر او عن الحدث الاكبر اعنى الجنابة فيكفى لرعاية الاحتياط غسل الجنابة فقط و تارة تكون حالتها السابقة الحدث الاكبر اعنى الجنابة فيحصل الاحتياط بالغسل فقط و لا تحتاج الى الوضوء فافهم.

***

[الثانى: الجماع]
اشارة

قوله رحمه اللّه

الثانى: الجماع و ان لم ينزل و لو بادخال الحشفة او مقدارها من مقطوعها فى القبل او الدبر من غير فرق بين الواطئ و الموطوء و الرجل و المرأة و الصغير و الكبير و الحى و الميّت و الاختيار و الاضطرار فى النوم او اليقظة حتى لوا ادخلت حشفة طفل رضيع فانهما يجنبان و كذا لو دخلت ذكر ميّت او ادخل فى ميّت و الاحوط فى وطى البهائم من غير انزال الجمع بين الغسل و الوضوء ان كان سابقا محدثا بالاصغر و الوطي فى دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها الّا مع الانزال فيجب الغسل عليه دونها الا ان تنزل هى أيضا و لو ادخلت الخنثى فى الرجل او الانثى مع عدم الانزال لا يجب الغسل على الواطئ و لا على الموطوء و اذا أدخل الرجل بالخنثى و الخنثى بالانثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الانثى.

(1)

اقول لا اشكال فى موجبية الجماع لغسل الجنابة فى الجملة نصا و فتوى فما ينبغى التكلم فيه البحث عن الجهات الراجعة الى المسألة و قبل الورود فى الجهات

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 32

ينبغى

ذكر بعض الروايات المربوطة بالمقام

فتقول بعونه تعالى.

الاولى: ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام (قال سألته متى يجب الغسل على الرجل و المرأة فقال اذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم) «1».

الثانية: ما رواها محمد بن إسماعيل يعنى اين بزيع (قال سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يجامع المرأة قربيا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال اذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فقلت التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم). «2»

الثالثة: ما رواها على بن

يقطين (قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضى إليها و لا ينزل عليها أ عليها غسل و ان كانت ليست ببكر ثم اصابها و لم يفض إليها أ عليها غسل قال اذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر و غير البكر). «3»

الرابعة: ما رواها عبيد اللّه بن على الحلبي (قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أ عليه غسل قال كان على عليه السّلام يقول اذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل قال و كان على عليه السّلام يقول كيف لا يوجب الغسل و الحد يجب فيه و قال يجب عليه المهر و الغسل) «4».

الخامسة: ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال جمع عمر بن الخطاب اصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سلم فقال ما تقولون فى الرجل يأتى اهله فيخالطها و لا ينزل فقالت الانصار الماء من الماء و قال المهاجرون اذا التقى الختانان فقد وجب عليه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 33

الغسل فقال عمر لعلى عليه السّلام ما تقول يا أبا الحسن فقال على عليه السّلام أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من الماء اذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر القول ما قال المهاجرون و دعوا ما قالت الانصار) «1».

و غيرها

من الروايات، اذا عرفت ذلك نقول

يقع الكلام فى جهات:
الجهة الاولى: لا فرق فى موجبية الجماع للجنابة و وجوب الغسل بين ان ينزل او لا

لدلالة بعض الروايات المتقدمة و نصوصية ما فى الرواية السادسة من الروايات المتقدمة فى الموجب الاول (و كان على عليه السّلام لا يرى فى شي ء الغسل الّا فى الماء الاكبر) «2» لا يدل على أنّ موجب الغسل الانزال فقط، لان هذا الانحصار فى قبال ساير المياه الّذي يخرج من الشخص كما فى روايته الاخرى و هى الرواية الخامسة من الروايات المتقدمة فى الأمر الاول (كان على عليه السّلام لا يرى فى المذى وضوء و لا غسلا ما اصاب الثوب منه الا فى الماء الاكبر) كما ان ما رواها محمد بن عذافر (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام متى يجب على الرجل و المرأة الغسل فقال يجب عليهما الغسل حين يدخله و اذا التقى الختانان فيغسلان فرجهما) «3»، لا يدل على عدم وجوب الغسل بالتقاء الختانين ما لم ينزل لان اطلاق صدره يدلّ على وجوب الغسل بمجرد الدخول و لو لم ينزل غاية الأمر أمر بغسل الفرج بالتقاء الختانين و لا ينفى وجوب الغسل عليه بالتقاء الختانين.

الجهة الثانية: يكفى فى وجوب الغسل و حصول الجنابة بالجماع ادخال الحشفة

و ان لم يدخل الذكر كله لدلالة بعض الاخبار المتقدمة و نصوصيته فى ذلك

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 9 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 34

كما فى الرواية الثانية و مقتضاها عدم كفاية مجرد الدخول اذا لم يكن الداخل تمام الحشفة للتصريح فيها بان التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة مع أن قوله عليه السّلام اذا ادخل كما فى الرواية الاولى لا ظهور له فى كفاية مجرد دخول بعض الذكر لصدق

الدخول كما توهم.

الجهة الثالثة: فى مقطوع الحشفة هل يقال بوجوب الغسل بادخال الذكر بمقدار الحشفة

او يوجب عليه الغسل بمجرد الدخول او لا يجب عليه الغسل و لو بادخال تمام ما بقى من ذكره لان الشرط فى وجوب الغسل التقاء الختانين و مع فقده ينتفى المشروط و هو الغسل.

وجه الاول ان يدعى كون التقدير بالتقاء الختانين و هو غيبوبة الحشفة ميزانا تقديريّا فيكون الاعتبار بالمقدار فما هو المعتبر مقدار الحشفة مضافا الى دعوى الشهرة بل الاجماع على ذلك.

وجه الثاني كفاية مجرد دخول الذكر و لو بعضه الاخبار الدال على اعتبار الدخول و هو يحصل بادخال البعض وجه اعتبار دخول تمام الذكر ما قلنا من أن ظاهر بعض الاخبار اعتبار الدخول فى وجوب الغسل و هو يحصل بدخول الجميع.

وجه الثالث عدم وجوب الغسل على مقطوع الذكر بسبب دخوله هو ان شرط وجوب الغسل مطلقا هو غيبوبة الحشفة و المشروط ينتفى بانتقاء شرطه فلا يجب الغسل بالدخول لعدم تحقق الشرط و هو غيبوبة الحشفة.

اما وجه الاول فمخدوش من حيث جعل الاعتبار بغيبوبة الحشفة تقديرا لان ذلك خلاف ظاهر الدليل اذ الاعتبار بنفسها لا بمقدارها نعم يبقى الاجماع المدعى على هذا الوجه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 35

و اما الوجه الثانى و الثالث فمخدوشان من حيث ان الاعتبار بعد ما كان بغيبوبة الحشفة و كفايتها و عدم كفاية اقل منها فلا يمكن القول بكفاية مجرد الدخول فى وجوب الغسل و لا دخول الذكر بتمامه و اما الوجه الرابع فلا اشكال فيه فى حد ذاته بل هو أوجه الاقوال دليلا لو لا ما ادعى من الشهرة و الاجماع على القول الاول فاذا نقول أوجه الاقوال القول الرابع لكن لاجل الاجماع او الاتفاق المدعى و لان الالتزام بعدم وجوب

الغسل من رأس مشكل اعتبارا نقول بان الاحوط وجوبا الغسل بدخول مقدار الحشفة للمقطوع حشفته.

الجهة الرابعة: المقطوع بعض حشفته

هل يكفى فى وجوب الغسل عليه دخول ما بقى من حشفته او نقول بكل ما قلنا فيمن قطع تمام حشفته.

و لا يرى دعوى الاجماع هنا على احد الاحتمالات فيما راجعنا من كلماتهم او محكى كلماتهم.

اما الالتزام بكفاية دخول ما بقى من حشفته فى وجوب الغسل فلا وجه له لان الموجب ان كان خصوص الحشفة فهى ليست الا تمامها لا بعضها و ان كان مقدارها لا خصوص نفسها فلا بد من ان يكون الداخل بمقدارها حتى يجب الغسل لا بعضها.

كما ان القول بكفاية مسمى دخول الذكر فى الفرض و لو لم يدخل تمام بعض الباقى من الحشفة او القول بوجوب الغسل بدخول تمام الذكر مما لا دليل عليه لانه بعد ما دل بعض النصوص على كون الموجب للغسل ما اذا التقى الختانان و مفهومه عدم وجوب الغسل اذا لم يلتق الختانان و ان دخل ما بقى من الذكر فلا يكفى دخول الباقى للغسل و ان كان تمامه فان قلنا بان النظر فى جعل الموجب التقاء الختانين الى المقدار لا لخصوصها فلا بد ان يقال فى الفرض بان الغسل يجب اذا كان الدخول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 36

بمقدار الحشفة و ان لم نقل بذلك فالمستفاد من تعليق وجوب الغسل بالتقاء الختانين و كون اطلاق الشرط يقتضي دخله فى المشروط مطلقا عدم وجوب الغسل فى المورد لعدم غيبوبة الحشفة المعلقة عليها حكم الغسل لكن الاحوط وجوب الغسل فى هذه الصورة أيضا كما قلنا فى الصورة السابقة.

الجهة الخامسة: هل فرق فى موجبية الجماع لوجوب غسل الجنابة بين كونه فى القبل و بين كونه فى الدبر او لا

الكلام فيها تارة يقع فى وجوب الغسل على الواطئ فى الدبر و تارة فى الموطوء و فى كل منهما مرة يكون الموطوء زوجته و حليلية و اخرى

يكون غير اهله سواء كان امرأة أجنبية او غلاما و سواء كان صغيرا او كبيرا او حيّا او ميّتا او عاقلا او مجنونا.

اما الكلام فى الواطئ فى الدبر اذا كان الموطوء اهله من حيث وجوب الغسل عليه و عدمه فقد يتمسك عليه بالاجماع على وجوب الغسل فيمكن دفعه بعدم تحققه مع ما يدعى من مخالفة جمع من القدماء فى الحكم او ترددهم فيه.

و قد يتمسك ببعض الروايات، مثل ما رواها ابن ابى عمير عن حفص بن سوقه عمن أخبره (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتى أهله من خلفها قال هو احد المأتيين فيه الغسل). «1»

و الكلام فى الرواية تارة فى سندها فهى مرسلة لعدم معلوميته الراوى الّذي اخبر حفص بالرواية فهى ضعيفة السند و ما قيل من جبر ضعف سندها بعمل الاصحاب فوجود العمل على طبقها بحيث كان استنادهم بها غير معلوم نعم المقدار المعلوم موافقة مضمونها مع فتواهم و كفاية هذا المقدار فى جبر ضعف سند الرواية

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 37

غير معلوم الا ان يقال ان مرسلات ابن ابى عمير بحكم المسندات و الرواية من جملة مراسيله.

و فيه ان الارسال ان كان من ناحية ابن ابى عمير فهو من افراد ما قيل من أنه يعامل مع مراسيله معاملة المسانيد و لكن ان كان الارسال من ناحية حفص و ابن ابى عمير روى ما روى الحفص فلا يعدّ من مراسيل ابن أبي عمير.

و تارة يقع الكلام فى دلالتها و الظاهر منها وجوب الغسل على الواطئ و لا اشكال فيه و هل يستفاد منها وجوب الغسل

على الموطوء لا يبعد دلالتها لان المستفاد منها ان الوطي فى الدبر حيث يكون احد المأتيين فيه الغسل و مقتضاه انه كما ان الوطي فى القبل يوجب الغسل كذلك في الدبر و كما انه يوجب الغسل للواطى و الموطوء كذلك الدبر.

و هل يمكن التعدى من مورد الرواية و هو كون الموطوء اهله الى غير الاهل يحتمل ذلك لانه مضافا الى عدم خصوصية لما كان الموطوء عياله فى وجوب الغسل بل الرواية مشعرة او دالة على كون وجه وجوب الغسل بالدخول فى الدبر كونه احد المأتيين فلا فرق بين كون الموطوء اهله و حلالا او كونه غيره و حراما كما لا فرق فى ذلك فى الوطي فى القبل.

و لو تم هذا يسهل الخطب فى كل الصغريات المذكورة فى المقام و نقول بوجوب الغسل على الواطئ و الموطوء كان الزوج و الزوجة او غيرهما سواء كان الواطئ او الموطوء صغيرا او كبيرا و حيّا او ميّتا.

و فى قبال ذلك بعض الروايات يمكن ان يستدل بها على عدم وجوب الغسل على المرأة اذا أتاها الرجل فى دبرها مثل ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أ عليها غسل ان هو أنزل و لم تنزل هى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 38

قال ليس عليها غسل و ان لم ينزل هو فليس عليه غسل. «1»

وجه الاستدلال شمول ما دون الفرج بإطلاقه للدبر لان الفرج هو القبل و ما دونه يشمل الدبر فمع فرض شموله للدخول فى الدبر لم يجب الغسل عليها.

و فيه ان ظاهرها هو الاصابة بنحو الملاعبة و الملامسة مع المرأة بغير الدخول و

لهذا لا يجب الغسل عليها نعم لو انزل او انزلت يجب الغسل بسبب الانزال.

و مثل ما رواها البرقى رفعه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا أتى الرجل المرأة فى دبرها فلم ينزلا فلا غسل عليهما و ان انزل فعليه الغسل و لا غسل عليها. «2»

و فيه ان الرواية باعتبار كونها مرفوعة تكون ضعيفة السند ليس مقتضى الحجية فيها موجودا مضافا الى ما قد يقال باعراض الاصحاب عنها.

و بعد اللتيا و التى نقول بانه مع دلالة رواية ابن ابى عمير عن حفص بن سوقة عمن اخبره عن ابى عبد اللّه عليه السّلام على وجوب الغسل على الواطئ فى دبر اهله و ان كانت مرسلة و قيل بجبر ضعف سندها بعمل الاصحاب و لكن حيث لا نطمئن بكون عملهم بمضمون الرواية لاحتمال كون فتواهم المطابق لمضمون المرسلة من اجل جهة اخرى نقول فى المقام بان الاحوط وجوبا هو وجوب الغسل على الواطئ فى الوطي فى الدبر ان كان الموطوء اهله و قد يتمسك على وجوب الغسل على الواطئ فى الدبر بما فى الرواية الرابعة و هو قول عليه السّلام كيف لا يوجب الغسل و الحد يجب عليه «3» و ما فى الخامسة من الروايات المتقدّمة (أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 11 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 12 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 39

صاعا من الماء) «1» بدعوى استفادة الملازمة بين الحد و الغسل فكما يجب الحد و الرجم يجب الغسل و بعد كون

الوطي فى الدبر موجبا للحد فيجب عليه الغسل.

و فيه ان الملازمة ان استفادت من الروايتين فتكون فى صورة التقاء الختانين لان مورد الكلام فيهما فى هذا المورد و ان التقاء الختانين كما يوجب الحد يوجب الغسل لان كل مورد قلنا بوجوب الحد لا بدّ من ان يقال بوجوب الغسل بالملازمة كما أنّه لا وجه للتمسك بالمرسلة المذكورة فى بعض الكتب (ما أوجب الحد اوجب الغسل) لضعف الرواية بارسالها.

اذا عرفت حال وجوب الغسل على الواطئ فى الدبر من حيث ان الاحوط وجوب الغسل عليه فيما كان الموطوء اهله يقع الكلام فيما اذا كان الموطوء غير أهله سواء كان رجلا او امرأة فالحكم بوجوب الغسل عليه تمسكا بالمرسلة المتقدمة لا وجه له لانه لا يكون الوطي فى دبر غير حليلة الشخص أحد المأتيين فلا يبقى فى البين الا الاجماع المنقول و لا يمكن الافتاء بوجوب الغسل على طبق هذا الاجماع نعم نقول هو الاحوط وجوبا.

كما انه ان كان الموطوء صغيرا او كان الواطئ صغيرا ففى وجوب الغسل على الواطئ اشكال نعم هو الاحوط كما انه لو كان الموطوء ميّتا و ان كان حليلته ففى وجوب الغسل اشكال و ان كان هو الاحوط و اما ان كان الموطوء مجنونا فان كان حليلته فالكلام فيه هو الكلام فيما لا يكون مجنونا بل كان عاقلا لانه لو لم نشكل فى سند المرسلة المتقدمة اعنى مرسلة حفص فهو أحد المأتيّين فيه الغسل و الّا فالاحوط وجوبا الغسل على الواطئ كما ان الموطوء ان كان مجنونا غير حليلته فحكمه حكم غير المجنون من ان الاحوط وجوب الغسل على الواطئ و اما ان كان

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 6 من ابواب الجنابة

من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 40

الموطوء البهيمة فوطئ دبرها او قبلها فلم أجد دليلا على وجوب الغسل غير دعوى الاجماع و هو مع وجود الخلاف لا يعبأ به نعم نقول هو الاحوط.

هذا كله بالنسبة الى الواطئ.

و اما الكلام فى وجوب الغسل على الموطوء اذا كان الوطي فى دبره فنقول بعونه تعالى.

اما الكلام فيما كان الموطوء حليلته و اهله فان لم نشكل فى سند مرسلة حفص فكما قلنا يستفاد منها وجوب الغسل على كل من الواطئ و الوطء، لان وجه وجوب الغسل كون الدبر أحد المأتيين فكما يجب على الواطئ يجب الغسل على الموطوء، و ان أشكلنا فى سندها فبعد دعوى الاجماع عن بعض و وجود هذه الرواية نقول بان الاحوط وجوبا الغسل على الموطوء ان كان زوجة الواطئ و حليلته و لا مجال للتمسك بالرواية الرابعة و الخامسة على وجوب الغسل بدعوى دلالتهما على التلازم بين الحد و الغسل.

و كذا المرسلة المذكورة فى بعض الكتب (ما أوجب الحد أوجب الغسل) لما قلنا فى جوابه فى طى الكلام فى وجوب الغسل على الواطئ ان كان الموطوء زوجته فراجع من هنا تعرف عدم تمامية الاستدلال بهذه الرواية على وجوب الغسل فى الموارد الآتية و أمّا ان كان الموطوء غير زوجة الواطئ سواء كان امرأة اجنبية او غلاما صغيرا كان او كبيرا حيّا كان او ميّتا عاقلا كان الواطئ او مجنونا فلا يبقى فى البين دليل على وجوب الغسل على الموطوء الا بعض الاجماعات المنقولة فى كل مواردها او بعضها فالاحوط وجوب الغسل فى مقام العمل و ان لم أجد دليلا عليه حتى نقول بوجوب الغسل.

و اشكل من كل ذلك ما اذا كان

الواطئ ميّتا بان ادخل الموطوء ذكر الميت فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 41

دبره لعدم الدليل الا استصحاب بقاء حكم وجوب الغسل بعد الممات فيقال ان كان حيّا كان الواجب عليه الغسل كذلك بعد حياته.

و فيه ان بعد احتمال دخل الحياة فى الحكم لا وجه للاستصحاب فلا دليل عليه نعم الأحوط وجوب الغسل.

و اعلم ان فى كل مورد قلنا بان الاحوط هو الغسل لا بدّ لحفظ الاحتياط الجمع بين الوضوء و الغسل فى بعض الموارد مثل ما اذا كان محدثا بالحدث الأصغر او كان متوضأ و لكن لم يستبرأ عن البول ان كان رجلا.

الجهة السادسة: فى وطى الخنثى و الكلام فيه فى موارد:
المورد الاول: فى حكم الواطئ فى دبر الخنثى

فاعلم ان حكمه حكم الوطي فى دبر غيرها من حيث وجوب الغسل على الواطئ و الموطوء و عدمه.

المورد الثانى: لا اشكال فى حصول الجنابة و وجوب الغسل بالوطى فى قبل الخنثى

مع الانزال على الواطئ.

المورد الثالث: فى الدخول فى قبل الخنثى مع عدم انزال المنى

من الواطئ فهل يجب الغسل على كل منهما او يجب على خصوص الواطئ او لا يجب على الواطئ و هو غير الخنثى و الموطوء و هو الخنثى اعلم انه بعد كون وجوب الغسل و تحقق الجنابة من الدخول فى القبل متفرعا على كونه فرجا بمقتضى الاخبار التى ذكرنا بعضها فى صدر المبحث و كون قبل الخنثى فرجا غير معلوم فمقتضى استصحاب الطهارة فى الشك فى طرو الحدث يحكم ببقاء الطهارة فلا يجب الغسل لا على الواطئ و لا الموطوء.

المورد الرابع: فيما كان الواطئ هو الخنثى و الموطوء غيرها

ذكرا كان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 42

الموطوء أو انثى فكما قلنا فى صورة كون الخنثى موطوءة بعدم وجوب الغسل كذلك فى عكسه للشك فى كون الدخول بآلة الرجال و ما يوجب الجنابة و الغسل هو التقاء الختانين الحاصل بادخال حشفة الرجل فى فرج المرأة بالتقاء ختانه و ختانها فيستفاد منه كون الموجب هو ادخال آلة الرجل فى فرج المرأة و مع الشك فى آلية ما ادخله يشك فى حصول الجنابة فمع الشك يستصحب الطهارة.

المورد الخامس: فيما قال المؤلف و اذا ادخل الرجل بالخنثى

و الخنثى بالانثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الانثى فتقول بعونه تعالى ان مفروض الكلام لا بدّ و ان يكون الدخول الرجل فى قبل الخنثى و الا لو كان فى دبره فيكون حكمه ما عرفت فى المورد الاول و ان حكم الوطي فى دبرها حكم الوطي فى دبر غيرها.

و اما بالنسبة الى دخول الخنثى بالانثى فلا فرق فيما قال من عدم وجوب الغسل على الانثى بين ان يكون وطئها الخنثى فى دبرها او قبلها للشك فى كون الداخل آلة الرجال.

و أيضا هذا الحكم الّذي ذكره من عدم وجوب الغسل على الذكر و الانثى و وجوبه على الخنثى يكون مبنيا على عدم كون الخنثى الطبيعة الثالثة بل هى اما من طبيعة الرجل او الانثى لانها على تقدير كونها الطبيعة الثالثة لا يحصل لها العلم الاجمالى بوجوب الغسل عليه اذا عرفت ذلك تقول فى بيان مراد كلام المؤلف رحمه اللّه.

بانّه اذا ادخل الرجل بالخنثى لا يجب الغسل عليه اذا كان دخوله فى قبلها لانه يشك فى كون دخوله فى الفرج أولا لعدم علمه بكون الخنثى المدخول بها الانثى بل ربما كان رجلا فلا يجب الغسل على

الرجل و كذا فيما دخلت الخنثى بالانثى لا يجب الغسل على الانثى لعدم علمها بان ما ادخل فى خرجها هو كان آلة الرجل أو لا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 43

لاحتمال كون الخنثى فى الواقع الانثى و ما يوجب الغسل على الانثى ادخال آلة الرجل فمع الشك تستصحب الطهارة.

نعم يكون الرجل فى مفروض الكلام و الانثى مثل و اجدى المنى فى الثوب المشترك بينهما لكن لا يتنجّز العلم الاجمالى بالنسبة الى واحد منهما فلا يجب الغسل عليهما.

و اما الخنثى فى مفروض الكلام فيجب عليه الغسل للعلم الاجمالى بكونها جنبا اما بكونها واقعا الانثى فيجب عليها الغسل لكونها موطوئا لدخول الرجل بها و اما من باب كونها واطئا من باب كونها رجلا فقد وطى الانثى فيجب عليها الغسل لفرض كونها واقعا اما الرجل و اما الانثى بناء على عدم كونها طبيعة ثالثة نعم كما قدمنا بناء على كونها طبيعة ثالثة لا يجب عليها الغسل لعدم علمه الاجمالى بوجوب الغسل عليه.

***

[مسئلة 1: اذا رأى فى ثوبه منيّا و علم انه منه]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: اذا رأى فى ثوبه منيّا و علم انه منه و لم يغتسل بعده وجب عليه الغسل و قضاء ما تيقن من الصلوات التى صلاها بعد خروجه و اما الصلوات التى يتحمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضائها و اذا شك فى ان هذا المنى منه او من غيره لا يجب عليه الغسل و ان كان أحوط خصوصا اذا كان الثوب مختصا به و اذا علم انه منه و لكن لم يعلم انه من جنابة سابقة اغتسل منها او جنابة أخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 44

الغسل أيضا لكنه احوط.

(1)

اقول

يقع الكلام فى موارد:

المورد الاول: اذا رأى في ثوبه منيا و علم انه منه و لم يغتسل بعده

و الكلام فيه تارة يقع فى وجوب الغسل عليه فهو واضح لانه بعد علمه بالجنابة و علمه بانه منه و لم يغتسل بعده يجب عليه الغسل لانه بعد حصول الجنابة يجب الغسل.

و تارة يقع الكلام فى وجوب قضاء الصلوات التى تيقّن انه اتى بها بعد خروج المنى فهو أيضا واضح لفقد شرطها و هو الطهارة عن الحدث كما مرّ فى محله.

و تارة يقع الكلام فى الصلوات التى يحتمل سبق خروج المنى عليها كما يتحمل سبقها على خروج المنى فلا يجب قضاء هذه الصلوات لجريان قاعدة الفراغ فيها لانه يشك بعد الفراغ منها فى صحتها لاجل الشك فى شرطها و هو الطهارة فيحكم بصحتها بمقتضى اصالة الصحة اعنى قاعدة الفراغ.

المورد الثانى: ما اذا شك فى ان هذا المنىّ مثلا المنىّ الّذي يرى فى ثوبه هل هو منه او هو من غيره

فهل يقال بعدم وجوب الغسل عليه او يقال بالتفصيل بين ما اذا رأى فى ثوبه المختص يحكم بكونه منه فيجب عليه الغسل و بين ما اذا كان فى الثوب المشترك بينه و بين غيره فيقال بعدم وجوب الغسل عليه مطلقا سواء كان رأى في الثوب المشترك فى النوبة التى جعلت له بمقتضى جعله مع شريكه او راى فى زمان نوبة شريكه او يقال بالتفصيل بين ما اذا راى المنى فى الثوب المشترك دفعة كلحاف او عباء ينامان تحتهما فى وقت واحد دفعة فيقال بعدم وجوب الغسل عليه و بين ما اذا راى المنى فى الثوب المختص او المشترك بينه و بين غيره على سبيل التناوب فيحكم بالجنابة و يجب عليه الغسل و هذه احتمالات فى المسألة بل اقوال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 45

فى المسألة.

اذا عرفت ذلك نقول بان أقوى الاحتمالات هو الاحتمال الاول بمقتضى القاعدة للشك فى حدوث الحدث فيستصحب الطهارة.

و

العلم الاجمالى بحدوث المنى لا يوجب التنجز فى الثوب المشترك على احد من الشريكين كما مرّ فى مبحث العلم الاجمالى فى واجدى المنى فى الثوب المشترك.

و مع قطع النظر عما تقضيه القاعدة يمكن ان يستدل على الاحتمال الاول من الاحتمالات بما رواها ابو بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصيب بثوبه منيا و لم يعلم انه احتلم قال ليغسل ما وجد بثوبه و ليتوضأ. «1»

بدعوى دلالتها على ان مورد السؤال اصابة الثوب المختص به لتعبيره فى السؤال بلفظ (ثوبه) الظاهر فى كون الثوب مختصا به منيّا و مقتضى تنكير المنى هو كون شكه فى ان هذا المنى يكون منه او من غيره و لم يعلم بانه احتلم فيستفاد انه يشك فى المنى الموجود فى ثوبه بانه منه او من غيره فلم يأمره الامام عليه السّلام فى جوابه بان يغسل بل قال ليغسل ما وجد بثوبه من باب نجاسته بالنجاسة الخبثية و هى المنى الواقع عليه و أمره بالوضوء يكون فى صورة كونه محدثا بالحدث الاصغر و انه ان كان عليه شي ء فهو الوضوء لإمكان كونه محدثا بالحدث الاصغر و اما الغسل فلا مورد له لعدم كونه محدثا بالحدث الاكبر فتدل الرواية على عدم وجوب الغسل فى صورة الشك فى كون المنى منه او من غيره و هو محل كلامنا.

و مورد الرواية و ان كان مورد يكون الثوب الواقع فيه المنى الثوب المختص و لكن تدل على عدم وجوب الغسل اذا كان المنى المشكوك كونه منه او من غيره فى الثوب المشترك بالفحوى و الاولوية القطعية فالرواية دليل على القول الاول و

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 10 من ابواب الجنابة من

الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 46

تكون مطابق القاعدة و ما يأتى بالنظر عاجلا تمامية الاستدلال.

و فى قبال ذلك قد يقال بدلالة بعض الروايات على القول الثانى و هو ما رواها عثمان بن عيسى بن سماعة قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل ينام و لم ير فى نومه أنّه احتلم فوجد فى ثوبه و على فخذه (جسده خ) الماء هل عليه غسل قال نعم «1».

و ما رواها ذرعة عن سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن الرجل يرى فى ثوبه المنى بعد ما يصبح و لم يكن رأى فى منامه انه قد احتلم قال فليغتسل و ليغسل ثوبه و يعيد صلاته) «2»، لان مفروض الروايتين كون ثوبه المختص به قد راى فيه البلل على ما فى الاولى و المنى على ما فى الثانية و لا يعلم انه منه و مع هذا امر فيهما بوجوب الغسل فتدل الرواية على ان ما راى من المنى ان كان فى ثوبه المختص به يجب عليه الغسل مع فرض شكه فى كون المنى منه.

و اما فيما رأى فى الثوب المشترك فلا يجب الغسل لكون مقتضى القاعدة عدم وجوب الغسل للشك فى حدوث موجبه فيستصحب الطهارة و لا دليل فى البين فى هذا الشق على خلاف القاعدة.

اعلم انه يتحمل احتمالا قريبا ان هاتين الروايتين رواية واحدة لان الراوى عن المعصوم عليه السّلام فى كل منهما هو ساعة كما ترى أقول يحتمل فى الروايتين احتمالان الاول ما ذكرنا فى وجه التمسك بها على الاحتمال الثانى من الاحتمالات الثلاثة و هو ان يكون موردهما شك الشخص فى كون المنى الواقع على الثوب منه او

من غيره.

الاحتمال الثانى ان موردهما صورة علم الشخص بكون المنى من نفسه و لكن

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 10 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 10 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 47

علة سؤاله عنه و عن ايجابه للغسل هو انه لم ير فى منامه انه احتلم كما عليه بعض العامة على ما حكى من اعتبار تذكر احتلامه فى النوم فى وجوب الغسل فنقول ان ظاهر الروايتين هو الاحتمال الثانى لان المفروض فى الاولى هو انه ينام و لم ير فى نومه انه احتلم فوجد فى ثوبه و فخذه الماء و من الواضح انه لا اشكال عنده فى كون ما على ثوبه و فخذه من الماء يكون منه و لكن شكه فى تكليفه يكون من باب عدم رؤية احتلامه فى النوم فأمر عليه السّلام بوجوب الغسل لعدم دخل رؤية الاحتلام فى المنام فى وجوب الغسل بعد كونه منيّا.

و كذا فى الرواية الثانية لانه فرض انه يرى فى ثوبه المنى بعد ما يصبح و لم يكن رأى فى منامه أنّه قد احتلم قال فليغتسل فظاهر السؤال مفروغية كون المنى منه و لهذا قال بعد ما يصبح و لم يكن رأى فى منامه أنه قد احتلم و شكه ليس الا من باب عدم رؤيته فى المنام و تخيل دخل ذلك فى وجوب الغسل مع فرض علمه بكون المنى منه و جواب الامام عليه السّلام بوجوب الغسل لبيان عدم دخل رؤية الاحتلام فى المنام فى وجوب الغسل كما ربما يقولون به بعض العامة من دخل الرؤية فى المنام فى وجوب الغسل فرد قولهم بامره بالغسل فالروايتان ظاهرتان

فى الاحتمال الثانى و لو ابيت عن ظهور هما فى الاحتمال الثانى فلا أقل من عدم ظهور هما فى الاحتمال الاول فهو يكفى لعدم امكان الذهاب بالتفصيل بين الثوب المختص و بين غيره فى وجوب الغسل و عدمه و هو الاحتمال الثانى من الاحتمالات الثلاثة فى المسألة فتلخص ان الاقوى هو الاحتمال الاول و هو عدم وجوب الغسل فيما يشك فى كون المنى منه او من غيره مطلقا و لكن مع ذلك الاحتياط خصوصا فيما كان المنى فى ثوبه المختص به حسن.

المورد الثالث: اذا علم ان المنى منه و لكن لا

يعلم انه من جنابة سابقة اغتسل منها او من جنابة اخرى لم يغتسل لها هل يجب الغسل عليه أو لا يجب الغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 48

عليه مثلا راى المنى ليلة الجمعة و اغتسل منه ثم راى يوم الجمعة فى ثوبه منيا يشك فى انه هل هو من المنى الّذي خرج منه ليلة الجمعة و اغتسل منه او من منى آخر خرج عنه بعد غسله من المنى الخارج ليلة الجمعة فلم يغتسل منه.

و فى المورد لا يجب عليه الغسل لان شكه يرجع الى الشك فى جنابة يوم الجمعة و هى مشكوكة فيحكم بالطهارة لاستصحاب الطهارة المتيقّنة بالغسل للمنى الخارج منه ليلة الجمعة.

***

[مسأله 2: اذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق منهما]

قوله رحمه اللّه

مسأله 2: اذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق منهما وجب عليه الغسل الا اذا علم زمان الغسل دون الجنابة فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ.

(1)

اقول قد مضى فى المسألة 37 من المسائل المتعلّقة بفصل شرائط الوضوء حكم ما اذا علم بالحدث و الوضوء و يشك فى السابق منهما فحكم مسئلتنا عين المسألة 37 من حيث الحكم و قد بينّا بانه فى صورة الجهل بتاريخ كل منهما و كذا فيما علم تاريخ الحدث و جهل بتاريخ الوضوء يجب الوضوء و كذلك قلنا خلاف المؤلف رحمه اللّه بانه مع الجهل بتاريخ الحدث و العلم بتاريخ الوضوء يبنى على انه محدث فيجب الوضوء و بينّا وجه كل ذلك.

ففي المقام نقول بوجوب الغسل مطلقا اذا علم بهما و شك فى المتقدم و المتاخر منهما سواء كانا مجهولى التاريخ او كان احدهما معلوم التاريخ و الآخر منهما مجهول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 49

التاريخ فلا حاجة

فى اعادة مبنى الفتوى هنا مجدّدا راجع المسألة المذكورة.

***

[مسئلة 3: فى الجنابة الدائرة بين شخصين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: فى الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل على واحد منهما و الظن كالشك و ان كان الاحوط فيه مراعاة الاحتياط فلو ظنّ أحدهما انه الجنب دون الآخر اغتسل و توضأ أن كان مسبوقا بالاصغر.

(1)

اقول اما عدم وجوب الغسل على واحد منهما فلان كلا منهما مستصحب الطهارة.

و العلم الاجمالى بكون احدهما جنبا لا يكون منجّزا لان العلم الاجمالى و ان كان منجزا للتكليف كالعلم التفصيلى لكن يكون تنجّزه منوطا بكون كل من اطراف العلم محل الابتلاء و فى المقام لا يكون طرفا العلم الاجمالى محل الابتلاء لكل واحد منهما لان كل شخص من الشخصين يكون خارجا عن محل الابتلاء بالنسبة الى الآخر فلا يتنجز العلم الاجمالى فلا مانع من استصحاب الطهارة لكل واحد من الشخصين هذا اذا كان شاكا بمعنى تساوى طرفى الاحتمال بالنسبة الى نفسه و غيره بمعنى ان احتماله بالنسبة الى كونه منه او من غيره مساويا.

و اما لو ظن احدهما بالظنّ الغير المعتبر بكونه الجنب او عدم كون الأخر جنبا فأيضا لا فرق فيما قلنا من عدم وجوب الغسل لان استصحاب الطهارة يجرى حتى مع الظن الغير المعتبر بالخلاف كما أمضينا فى الاصول نعم الاحتياط حسن بالغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 50

و الوضوء ان كان محدثا بالحدث الاصغر حتى فى صورة تساوى طرفى الشك و فيما ظن بكونه جنبا يكون احسن لرجحان احتماله و مرجوحية احتمال خلافه.

***

[مسئلة 4: اذا دارت الجنابة بين شخصين]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: اذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لاحدهما الاقتداء بالآخر للعلم الاجمالى بجنابته او جنابة امامه و لو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد او الاثنين منهم الاقتداء بالثالث لعدم العلم حينئذ و

لا يجوز لثالث علم اجمالا بجنابة احد الاثنين او احد الثلاثة الاقتداء بواحد منهما او منهم اذا كانا او كانوا محل الابتلاء له و كانوا عدولا عنده و الّا فلا مانع و المناط علم المقتدى بجنابة احدهما لا علمهما فلو أعتقد كل منهما عدم جنابته و كون الجنب هو الآخر او لا جنابة لواحد منهما و كان المقتدى عالما كفى فى عدم الجواز كما انه لو لم يعلم المقتدى اجمالا بجنابة احدهما و كانا عالمين بذلك لا يضر باقتدائه.

(1)

اقول الكلام فى المسألة يقع فى طى مواضع:

الموضع الاول: فى انه هل يجوز فيما دارت الجنابة بين الشخصين ان يقتدى احدهما بالآخر
اشارة

أم لا اعلم أنّ المسألة ذات قولين لذهاب جمع من القدماء و المتأخرين على عدم الجواز كما ذهب بعض آخر كما حكى عن بعض كتب العلامة و عن غيره القول بالجواز فى المسألة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 51

وجه عدم جواز الاقتداء هو انه بعد العلم الاجمالى للمأموم اما بجنابة نفسه او جنابة الامام الّذي يريد الاقتداء به فيعلم تفصيلا ببطلان صلاته اما لبطلان صلاة نفسه ان كان هو الجنب و اما لبطلان صلاة الامام ان كان هو الجنب فلهذا لا يجوز اقتداء احدهما بالآخر أما وجه جواز الاقتداء بعض امور:

الأمر الاول: انه يكفى فى صحة الاقتداء صحة صلاة الامام ظاهرا

عند نفس الامام و لو لم يحرز المأموم صحة صلاته بمحرز و لو بالاصل فيقال فى المقام بعد كون صلاة الامام صحيحة ظاهرا لاستصحاب الطهارة و عدم منجّزية العلم الاجمالى بالنسبة إليه يصحّ اقتداء الآخر به.

و فيه ان ما قيل من كفاية الصحة الظاهرية لصحة الاقتداء محل منع بل لا بدّ للمأموم احراز صحة صلاة الامام غاية الامر يكفى احراز صحتها و لو باصل مثلا اصالة الصحة او استصحاب الطهارة و فى المقام لا يمكن الاحراز حتى بالاصل لان اصالة الصحة فى صلاة الامام او استصحاب طهارته معارضة باصالة الصحة فى صلاة الماموم او استصحاب طهارته فانه مع العلم الاجمالى بجنابة احدهما لا يمكن اجراء اصالة الصحة او اصالة الطهارة بالنسبة الى كل من الامام و الماموم فلا يصحّ الاقتداء.

الأمر الثانى: ان كون الانزال المتحقق من شخص لا بعينه موجبا للجنابة ممنوع

و ما يوجب الجنابة هو انزال المنى من شخص بعينه لصحة صلاة كل منهما شرعا و لو كان انزال المنى من شخص لا بعينه موجبا للجنابة كان لازمه عدم صحة صلاة كل منهما لتحقق انزال المنى من شخص لا بعينه.

و فيه ان مقتضى ذلك كون انزال المنى موجبا للجنابة عند العلم التفصيلى به و هذا ما لا يمكن الالتزام به لأنّ واقع الانزال موجب للجنابة و العلم طريق إليه سواء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 52

كان العلم هو العلم التفصيلى او الاجمالى.

الأمر الثالث: حصول الطهارة لكل من الامام و المأموم بحكم اصالة الطهارة

و لذا لا يجب على واحد منهما الغسل.

و فيه ان حصول الطهارة لهما ظاهرا من باب استصحاب الطهارة و عدم وجوب الغسل عليهما يكون من باب عدم تنجزّ العلم الاجمالى بالجنابة فى البين كما بينا فى المسألة الثالثة و لكن مع اقتداء واحد منهما بالآخر يعلم تفصيلا ببطلان صلاته و بعبارة اخرى يتولد من العلم الاجمالى بجنابة احد الشخصين علم تفضيلى فى مورد اقتداء احدهما بالآخر ببطلان صلاة المأموم اما لبطلان صلاة نفسه او لبطلان صلاة الامام الّذي اقتدى به فعلى هذا الحق هو عدم الجواز.

الموضع الثانى: في ما لو دارت الجنابة بين الثلاثة او اكثر

يجوز لواحد منهم او الاثنين منهم مثلا الاقتداء بالثالث منهم لعدم حصول العلم التفصيلى حينئذ ببطلان صلاته اما من اجل بطلان صلاته او لاجل بطلان صلاة امامه الّذي يقتدى به لانه فيما يكون الترديد مثلا بين ثلاث نفرات يعلم اجمالا بجنابة واحد منهم فلو اقتدى واحد منهم بواحد آخر من الثلاث لا يحصل للمأموم العلم التفصيلى ببطلان صلاته لاحتمال كون الجنب واقعا هو الثالث الّذي لا يقتدى به، و كذا لو اقتدى الاثنان منهم بثالثهم فلا يعلم كل واحد من المأمومين ببطلان صلاة نفسه او الامام للاحتمال كون الجنب المأموم الآخر واقعا و هكذا اذا كان الترديد بين الاكثر من الثلاث فالعلم التفصيلى ببطلان الصلاة يحصل فيما كان طرف العلم الاجمالى اثنين فلو اقتدى احدهما بالآخر يعلم المأموم ببطلان صلاته اما لبطلان صلاة نفسه ان كان هو الجنب واقعا او لاجل بطلان صلاة امامه ان كان هو الجنب واقعا.

و اعلم ان ما قال المؤلف رحمه اللّه فى هذا الموضع و نحن قلنا به يكون بالنظر الى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 53

اقتداء واحد من الثلاث

الذين يعلمون اجمالا بجنابة احدهم و انه يصح اقتداء واحدا و اثنين منهم بالآخر فلا ينافى ذلك عدم صحة الاقتداء فى الفرض لجهة اخرى مثل ما اذا يريد واحد من هذا الثلاث الاقتداء بالثانى منهم و حمل الثالث منهم فى المسجد فانه يعلم اجمالا اما ببطلان صلاته او حرمة ادخاله الغير اما بطلان صلاته لكون نفسه و امامه طرفى العلم الاجمالى و اما حرمة ادخاله الغير لكون الثالث الطرف الآخر من العلم الاجمالى فعدم صحة الاقتداء فى المثال يكون لاجل جهة اخرى فما من بعض الشراح «1» من الاشكال فى الحكم بجواز الاقتداء اذا كان طرف العلم الاجمالى اكثر من اثنين ليس فى محله.

الموضع الثالث: و لا يجوز لثالث علم اجمالا بجنابة احد الاثنين او احد الثلاثة

الاقتداء بواحد منهما او منهم اذا كانا او كانوا محل الابتلاء له و كانوا عدولا عنده و الا فلا مانع.

اما عدم جواز اقتداء الثالث مثلا زيد يعلم اجمالا بجنابة واحد من العمر و البكر او واحد من العمر و البكر و الخالد فلان مقتضى تنجز العلم الاجمالى كما بينا فى محله فى الاصول هو حرمة ارتكاب الاطراف ان كان المعلوم بالاجمال الحرمة و وجوب الاحتياط باتيان الاطراف ان كان المعلوم بالاجمال الوجوب و اما اعتبار كون كل الاطراف محل الابتلاء فلعدم تنجز العلم الاجمالى لو كان بعض اطرافه خارجا عن محل الابتلاء قبل تعلق العلم نعم لا يضر خروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء بعد العلم الاجمالى.

و اما اعتبار كون من يريد الغير الاقتداء به من الاثنين او الثلاث عدو لا فلانه لو كان من يريد الغير الاقتداء به من الاثنين او الثلاث الواقع فى اطراف العلم

______________________________

(1) مصباح الهدى، ج 4، ص 107، للعلامة الآملى.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى،

ج 7، ص: 54

الاجمالى فاسقا او فاقدا لبعض شرائط آخر معتبر فى امام الجماعة بل لو شك فى واجديته لبعض شرائط الامامة ينحل العلم الاجمالى بالعلم التفصيلى و الشك البدوى لعلمه تفصيلا بعدم جواز الاقتداء بغير العادل او الفاقد لغير العدالة من شرائط امام الجماعة فلا مانع من اجراء الاصل بالنسبة الى غيره من يكون واجدا لشرائط الامامة فيستصحب طهارته و يقتدى به.

الموضع الرابع: فيما يوجب العلم الاجمالى بجنابة احدهما عدم جواز الاقتداء

يكون المناط علم المقتدى (بالكسر) و المأموم لا علم المقتدى (بالفتح) و الامام فلو علم الماموم جنابة الامام او نفسه بالعلم الاجمالى لا يجوز الاقتداء له و ان لم يكن الامام عالما بجنابته اجمالا بل يعلم بعدم جنابته كما أنّه لو علم الامام بجنابته و لم يعلم الماموم جنابته يصح له الاقتداء لان ما هو حجة عليه هو علمه و علم غيره ليس بحجة له لان العلم حجة لعالمه لا بغيره نعم اخبار الشخص عن جنابة نفسه يكون حجة للغير.

فلو لم يعلم المقتدى بجنابة احد الشخصين اجمالا و كانا هما عالمين به لا يضر باقتداء المقتدى بكل واحد منهما لعدم علمه بالحال

***

[مسئلة 5: اذا خرج المنى بصورة الدم]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: اذا خرج المنى بصورة الدم وجب الغسل أيضا بعد العلم بكونه منيا

(1)

اقول بعد فرض العلم بكون الخارج منيا يشمله اطلاق الادلة الدالة على

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 55

موجبية انزال المنى للجنابة و وجوب الغسل و ما يقال من ان المنى دم فى الاصل فمع كونه بصورة الدم يتبع الدم فى الحكم لا المنى فغير معلوم مضافا الى انه خلاف الفرض لان الفرض فيما يكون الخارج منيا.

***

[مسئلة 6: المرأة تحتلم كالرجل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: المرأة تحتلم كالرجل و لو خرج منها المنى حينئذ وجب عليها الغسل و القول بعدم احتلامهنّ ضعيف.

(1)

اقول المعروف المشهور ان المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل بل ادعى عليه الاجماع نعم حكى عن المقنع عدم وجوب الغسل عليها بالاحتلام اقول الحق هو ان المرأة مثل الرجل فى هذا الحكم أعنى كما ان انزال المنى فى اليقظة او فى النوم.

يوجب الغسل على الرجل كذلك فى المرأة يدلّ عليه بعض النصوص و اما النصوص فلسانها مختلفة بعضها يدل على ان المرأة تنزل كما ينزل الرجل و انه يجب عليها الغسل بانزال المنى عنها و مورده اليقظة.

منها ما رواها إسماعيل بن سعد الاشعرى (قال سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى تنزل الماء من غير ان يباشر يعبث بها بيده حتى تنزل قال اذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل) «1».

منها ما رواها اسماعيل بن يزيع (قال سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يجامع

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 56

المرأة فيما دون الفرج و تنزل المرأة هل عليها غسل قال نعم) «1».

منها ما رواها

محمد بن الفضيل (قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرك على ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها الغسل او لا يجب عليها الغسل قال اذا جاءتها الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل) «2».

و بعضها يدلّ على المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل و وجب عليها الغسل مع الانزال فى المنام.

منها ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن المرأة ترى فى المنام ما يرى الرجل قال ان أنزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها الغسل) «3».

منها ما رواها عبد اللّه بن سنان (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة ترى ان الرجل يجامعها فى المنام فى فرجها حتى تنزل قال تغتسل) «4».

منها ما رواها معاوية بن حكيم (قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول اذا أمنت المرأة و الامة من شهوة جامعها الرجل او لم يجامعها فى نوم كان او فى يقظة فان عليها الغسل) «5»، تدل على وجوب الغسل على المرأة بانزال المنى منها فى النوم كان الانزال او فى اليقظة جامعها الرجل أو لا.

و بعضها يدل على احتلام المرأة و لكن ينهى فيها ان تحدثوهن فيتخذنه علّة مثل ما رواها اديم بن الحر (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى فى منامها ما

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 7 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(5) الرواية 14 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في

شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 57

يرى الرجل عليها غسل قال نعم و لا تحدّثوهنّ فيتخذنه علّة) «1».

و يستفاد من بيان الوافى علة قوله عليه السّلام (و لا تحدثوهن فيتّخذنه علة) لعله من باب انه ان فهمت المرأة بانه تنزل و يجب عليه الغسل ربما يصير سببا لفجورها بان تفجر نعوذ باللّه مثلا و تعذر بانها احتلمت و تذهب الى الحمّام للغسل.

و بعضها يدل على عدم وجوب الغسل عليها بسبب انزال المنى عنها سواء كان فى النوم او فى اليقظة.

مثل ما رواها عمر بن يزيد (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام الرجل يضع ذكره على فرج المرأة فيمنى عليها غسل فقال ان اصابها من الماء شي ء فلتغسله و ليس عليها شي ء الا ان يدخله قلت فان أمنت هى و لم يدخله قال ليس عليها الغسل) «2» تدل على عدم وجوب الغسل عليها بانزال المنى منها و موردها اليقظة و يدل على الحكم رواية اخرى عن عمر بن يزيد «3».

و مثل ما رواها عمر بن أذينة (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام المرأة تحتلم فى المنام فتهريق الماء الأعظم قال ليس عليها غسل) «4»، و مورد الرواية عدم وجوب الغسل على المرأة بالاحتلام و مفاد الروايتين عدم موجبية انزال المنى فى النوم و اليقظة للغسل فى المرأة.

و بعضها يدل على التفصيل بين النوم و اليقظة فاذا كانت نائمة و رأت ان الرجل يجامعها يجب عليه الغسل و اما اذا كانت فى اليقظة لا يجب عليها الغسل الا

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 18 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 20 من الباب 7 من

ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 21 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 58

بالجماع و لا يجب عليها الغسل ان أمنت فى اليقظة الّا بالجماع.

و هى ما رواها محمد بن مسلم (قال قلت لأبى جعفر عليه السّلام كيف جعل على المرأة اذا رات فى النوم ان الرجل يجامعها فى فرجها الغسل و لم يجعل عليها الغسل اذا جامعها دون الفرج فى اليقظة قال لأنها رأت فى منامها ان الرجل يجامعها فى فرجها فوجب عليها الغسل و الآخر انما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لانه لم يدخله و لو كان ادخله فى اليقظة وجب عليها الغسل أمنت او لم تمن) «1»، بعد حمل وجوب الغسل فى النوم على صورة الانزال لعدم وجوب الغسل بالنوم بلا انزال حتى بالنسبة الى الرجال.

فظهر مما ذكرنا من الاخبار ان طائفة منها تدل على ان المرأة تمنى كما يمنى الرجل فى اليقظة و النوم و ينزل عنها المنى كما ينزل عن الرجل و طائفة منها تدل على ذلك مع اضافة انه لا تحدثوهنّ فيتّخذنه علّة و موردها حال النوم و طائفة منها تدل على عدم وجوب الغسل عليها بانزال المنى و تشمل حال النوم و اليقظة لان بعض رواياته وردت فى النوم و بعضها فى اليقظة و طائفة منها تدل على التفصيل بين النوم و اليقظة فان كان فى النوم فلا يجب عليها الغسل و ان كان فى اليقظة ففى انزال المنى عنها يجب الغسل.

فيقع التعارض بين الطائفة الدالّة على وجوب الغسل على المرأة بانزال المنى عنها و بين الطائفة الدالة على عدم وجوب الغسل عليها بالانزال فقد يقال بان

ما يدل على عدم وجوب الغسل لا يشمله دليل حجية الخبر الواحد لان الخبر الحجة هو الخبر الموثوق به و حيث ان ما يدل على عدم وجوب الغسل مما اعرض عنه الاصحاب فلا يشمله دليل حجة الخبر الواحد فيبقى ما يدل على وجوب الغسل بلا

______________________________

(1) الرواية 19 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 59

معارض و احتمال كون فتوى الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم على وجوب الغسل يكون من باب الجمع الدلالى بين الطائفتين لا من باب الاعراض عما يدل على عدم وجوب الغسل من الاخبار بعيد فى الغاية فيحصل الاطمينان باعراضهم و معه لا يحصل الوثوق بصدور ما يدل على عدم وجوب الغسل من الاخبار.

و قد يقال بالجمع بين الطائفتين بحمل ما يدل على عدم وجوب الغسل على صورة تكون المصلحة فى اخفاء الحكم و الشاهد الطائفة الثانية من الاخبار الدالة على ان لا تحدّثوهنّ فيتّخذنه علّة.

و فيه ان هذا الاحتمال فى غاية البعد و لا نفهم المراد من هذا النهى المذكور فى الرواية التى جعلناها الطائفة الثانية من الروايات لانه ما الفائدة فى حكم لا يجوز اعلامه بالمكلف و القول بانه نادر انزالهنّ لا يكفى جوابا عن الاشكال لان المكلف لا بدّ و ان يعلم بتكليفه و ان كان هذا التكليف نادرا فلا بدّ من ردّ علمها الى اهله بعد فرض صدورها عن المعصوم عليه السّلام.

و قد يقال بحمل الطائفة الدالة على عدم وجوب الغسل بما اذا تحرك منى المرأة عن محله و لم يخرج من فرجه بل صار مستقرا فى رحمها و يحمل الطائفة الدالة على وجوب الغسل على صورة خروج المنى

عن فرجها.

و فيه ان هذا الحمل لا يساعده ظاهر هذا القسم من الروايات الدالة على عدم وجوب الغسل.

و قد يقال بحمل ما دل على عدم وجوب الغسل على صورة الاشتباه و عدم العلم بكون الخارج منيّا و حمل ما دل على وجوب الغسل بصورة العلم بكون ما خرج منها منيّا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 60

و فيه ان هذا الجمع لا يساعد مع ظاهر ما دل على عدم وجوب الغسل بانزال المنى عن المرأة.

ثم بعد ذلك كله أقول بانه ان قلنا بصدور الاخبار الدالة على عدم وجوب الغسل على المرأة بانزال المنى عنها تقية كما قيل أو بأن هذه الاخبار معرض عنها عند الاصحاب فلا يكون مقتضى الحجية فيها موجودا فالاخبار الدالة على وجوب الغسل تصير بلا معارض و لا بد من الاخذ بها و النتيجة وجوب الغسل عليها بانزالها و ان لم نقل بذلك و قلنا بوجود مقتضى الحجية فى كل من الطائفتين فنقول ان امكن الجمع العرفى بينهما فهو و الّا فيقع بينهما التعارض فان كان لاحد منهما مرجح نأخذ بما فيه المرجّح و الّا لا بد من القول بالتخير او تساقطهما على الكلام فى ذلك فعلى هذا نقول بعونه تعالى.

ربّما يتوهم بان الجمع بينهما بحمل ما دل بمقتضى الامر بالغسل على الوجوب بقرينة ما دل على عدم وجوب الغسل على الاستحباب بحمل ظاهر الامر بالغسل على ما نص على عدم وجوب الغسل لانه من جمله الجمع العرفى.

و فيه انه أن كانت الاخبار المستدلّة بها على وجوب الغسل فيها الامر بالغسل مثلا اغتسلى او تغتسل فيمكن الجمع بينها و بين ما دل على عدم وجوب الغسل بما يقال و لكن

أولا يكون التعبير فى بعضها بلفظ (فعليها الغسل) كما فى رواية إسماعيل بن سعد و كما فى رواية الحلبى او نعم فى جواب السائل (هل عليها غسل) كما فى رواية إسماعيل بن يزيع فالتعبير بلفظ (عليها) لا يمكن حمله على الاستحباب لان معنى عليها جعل الشي ء فى العهدة و لا معنى لجعله على العهدة استحبابا.

و ثانيا يكون التعبير بالوجوب فى بعض الروايات الدالة على وجوب الغسل مثل ما فى رواية محمد بن الفضيل (اذا جاءتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 61

الغسل) لا يساعد مع هذا الجمع لعدم كونه الامر حتى يحمل على الاستحباب بل الوجوب غير قابل الحمل بقرينة ما دل على عدم وجوب الغسل على الاستحباب.

و بعد عدم امكان الجمع العرفى بينهما نقول بانه يقع التعارض بين الطائفتين و حيث ان الترجيح مع الطائفة الدالّة على وجوب الغسل على المرأة بسبب انزال المنى لان الشهرة الروائى و الفتوائى مرجحة لها اذا المرجّح ان كان الشهرة الفتوائية فالمشهور من القدماء يفتون على طبقها و ان كان الشهرة الروائية فالمشهور رواها فلا بد من الاخذ بها.

فتلخص ان الاقوى هو وجوب الغسل على المرأة بانزال المنى عنها فى النوم او فى اليقظة مثل الرجل

***

[مسئلة 7: اذا تحرك المنى فى النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: اذا تحرك المنى فى النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج الى خارج لا يحب الغسل كما مرّ فاذا كان بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أو لا الاقوى عدم الوجوب و ان لم يتضرر به به بل مع التضرر يحرم ذلك فبعد خروجه يتيمم للصلاة نعم لو توقف اتيان

الصلاة فى الوقت على حبسه بأن لم يتمكن من الغسل و لم يكن عنده ما يتيمم به و كان على وضوء بان كان تحرك المنى فى حال اليقظة و لم يكن فى حبسه ضرر عليه لا يبعد وجوبه فانه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكن من الصلاة فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 62

الوقت و لو حبسه يكون متمكنا.

(1)

اقول يقع الكلام فى امور:

الأمر الاوّل: اذا تحرّك المنى فى النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج

الى خارج لا يجب الغسل لدلالة بعض الروايات عليه مثل ما رواها الحسين بن ابى العلاء (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يرى فى المنام حتى يجد الشهوة و هو يرى انه قد احتلم فاذا استيقظ لم ير فى ثوبه الماء و لا فى جسده قال ليس عليه الغسل و قال كان على عليه السّلام يقول انما الغسل من الماء الاكبر فاذا راى فى منامه و لم يرى الماء الاكبر فليس عليه غسل) «1».

و مثل ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سأله عن المرأة ترى فى المنام ما يرى الرجل قال أن أنزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها الغسل) «2» و غير ذلك و لا فرق فى الحكم بين الرجل و المرأة لورود النص فى كل منهما.

الأمر الثانى: اذا كان بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء للغسل

هل يجب حبس المنى عن الخروج أو لا و له صورتان:

الصورة الاولى: ما لا يكون ضرر فى حبس المنى.

الصورة الثانية: ما يكون موجبا للضرر.

اما فى الصورة الاولى فكما يأتى الكلام فيها فى المسألة 8 تارة يقع الكلام فى حكمه بمقتضى القاعدة فان قلنا بكون عنوان الطهارة المائية و الترابية يكون مثل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 9 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 63

عنوان الحاضر و المسافر عرضيّا بمعنى كون الطهارة الترابية فردا للطهارة فى عرض الطهارة المائية فيجوز للمكلف تبديل العنوان حتى باختياره مثل ان له تبديل عنوان الحاضر بالمسافر بان يسافر باختياره او بالعكس و اما لو كانت الطهارة الترابية فى طول الطهارة المائية بمعنى ان ملاكها فيما لا

يقدر على الطهارة المائية فبعد دخول الوقت و فعلية وجوب الصلاة لا يجوز تفويت شرطه و هى الطهارة مع علمه بأنّه لو فوّتها بعدم حبسه المنى لا يمكن من الطهارة المائية و تحقيق الكلام و أن الحق هو الأول او الثانى يأتى إن شاء اللّه فى باب التيمم.

و تارة يقع الكلام فيما يقتضيه النص قان قلنا بشمول رواية إسحاق بن عمار التى يأتى فى المسألة 8 للمورد بإلغاء الخصوصية الواقعة فى المورد من الرواية و هى الجماع نقول بعدم وجوب حبس المنى و لو لم يتضرر بحبسه و الا فلا فانتظر تمام الكلام فى المسألة 8 إن شاء اللّه.

الصورة الثانية: فيما كان الضرر فى حبس المنى فلا اشكال فى عدم جوازه لعدم وجوب الحبس لحفظ الطهارة على كل حال فى مورد الضرر بل يحرم مع الضرر حبسه فبعد خروجه يتيم بدل الغسل.

الأمر الثالث: لو توقف اتيان الصلاة فى الوقت على حبس المنى

بان لم يتمكن عن تحصيل واحد من الطهارة المائية و الترابية فهل يجب على المكلف حبس المنى أو لا.

اقول تارة يكون فى الحبس ضرر عليه فلا يجب الحبس بل يحرم حبسه للضرر.

و تارة لا يكون فى حبسه ضرر فلا يبعد وجوب حبسه لان ترك الحبس يوجب تفويت الصلاة التى تكون واجبا بالوجوب المنجّز فمع الحبس يتمكن من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 64

الصلاة و مع عدمه لا يتمكن منها.

***

[مسئلة 8: يجوز للشخص اجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: يجوز للشخص اجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل و كان بعد دخول الوقت نعم اذا لم يتمكن من التيمم أيضا لا يجوز ذلك و اما فى الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو احدث ان يبطل وضوئه اذا كان بعد دخول الوقت ففرق فى ذلك بين الجنابة و الحدث الاصغر و الفارق النص.

(1)

اقول الكلام فى امور:

الأمر الاول: هل يجوز لمن لا يقدر على الغسل بعد دخول وقت الصلاة اجناب نفسه او لا

يجوز ذلك أعلم ان ما تقضيه القاعدة فياتى الكلام فيه إن شاء اللّه فى مبحث التيمم.

و ما ينبغى ان يتكلم فيه فى خصوص المورد و هو ما يقتضيه النص الوارد فيه فتقول بعونه تعالى.

روى محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن على بن محبوب عن على بن السندى عن صفوان عن إسحاق بن عمار (قال سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن الرجل يكون مع اهله فى السفر فلا يجد الماء يأتى اهله فقال ما احبّ ان يفعل ذلك الا ان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 65

يكون شبقا او يخاف على نفسه) «1»،

و رواه ابن ادريس فى آخر السرائر نقلا من كتاب محمد بن على بن محبوب مثله و زاد قلت يطلب بذلك اللّذّة (قال هو له حلال قلت فانه روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ أبا ذر سأله عن هذا فقال ايت أهلك توجر فقال يا رسول اللّه و أوجر قال نعم انك اذا أتيت الحرام أزرت فكذلك اذا اتيت الحلال اجرت فقال الا ترى انه اذا خاف على نفسه فاتى الحلال أجر) «2».

و روى فى جامع احاديث الشيعة رواية إسحاق بن عمار هكذا 2267 (1) كا 57 ج

2 على بن ابراهيم عن ابيه و ابو على الاشعرى عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار يب 115- محمد بن على بن محبوب عن على بن السندى عن صفوان عن اسحاق بن عمار يب 231 ج 2 ى- احمد بن محمد بن عيسى عن ابن ابى عمير عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا ابراهيم- 2- عليه السّلام عن رجل يكون معه اهله فى السفر و لا يجد الماء أ يأتي اهله فقال ما احب ان يفعل (ذلك- يب) الا ان (يكون شبقا او- يب 115) يخاف على نفسه (كا- قال قلت طلب بذلك اللذة او يكون شبقا الى النساء قال ان الشبق يخاف على نفسه قلت يطلب بذلك اللذة قال هو حلال قلت فانه يروى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان أبا ذر رحمه اللّه سأله عن هذا فقال ائت اهلك توجر فقال يا رسول اللّه آتيهم فاوجر فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما أنّك اذا اتيت الحرام ازرت فكذلك اذا أتيت الحلال اجرت فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام الا ترى انه اذا خاف على نفسه فأتى الحلال اجر) «3».

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 27 من ابواب التيمم من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 27 من ابواب التيمم من الوسائل.

(3) جامع أحاديث الشيعة، ج 3، ص 52.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 66

و المستفاد من الرواية هو جواز اجناب الشخص نفسه مع عدم وجدانه الماء للغسل و موردها لو لم يكن بعد دخول الوقت فلا اقل من شمول الرواية بإطلاقها لما اذا دخل الوقت.

و هل الحكم

مخصوص بالسفر أو يعمّ الحضر أيضا الظاهر عدم الفرق لان مورد السؤال و ان كان السفر الا انه لا يوجب اختصاص الجواز بالسفر لعدم خصوصية للسفر من حيث حصول الشبق او الخوف او طلب اللذّة المذكور فى الرواية.

و هل يختص الجواز بصورة كون الإجناب بالجماع و اتيان اهله كما هو مورد الرواية فلا يعمّ الحكم بالجواز ما اذا اجنب نفسه بانزال المنى فيما تحرك المنى عن محله و لم يخرج بخارج فلم يحبسه حتى انزل الى الخارج و هو ما ذكرنا فى الامر الثانى من الامور التى تعرضنا عنه فى المسألة 7 او يعمّ الحكم المستفاد من الرواية الدالّة على الجواز هذا المورد فتكون النتيجة عدم وجوب حبس المنى المتحرك عن محله لان لا يخرج الى الخارج حتى بعد دخول الوقت.

قد يقال بعدم الشمول و عدم تعميم حكم الجواز المستفاد من الرواية لهذا المورد لان مورد الرواية الإجناب بالجماع و ربما كان له الخصوصية من باب انه يريد الالتذاذ او شبق الحاصل له فلا وجه للتعدى من مورده الى غيره.

و قد يقال بالتعميم لعدم خصوصية فى البين يوجب تخصيص الحكم بالمورد بل قيل بان احتمال الفرق بين الجماع و غيره موهون و قيل بان اطلاقها كما يشمل الحضر و لا يوجب خصوصية كون مورد الرواية السفر للانحصار بالسفر كذلك لا يوجب كون المورد الجماع انحصار الحكم به.

و لكن الاقوى عدم التعدى الى غير الجماع لما قلنا من ان للجماع خصوصية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 67

كما يستفاد من الرواية من اللذة و الشبق و الخوف ليس فى غيره فلا يبعد كون هذه الخصوصيات توجب الحكم بجواز الإجناب فلا يتعدى الى غير

المورد و لا يلزم العلم بخصوصية للحكم فى مورد الجماع بالجواز بل يكفى عدم العلم بإلغاء خصوصية المورد فمع الشك لا يمكن التعدى الى غير المورد.

و مما مر يظهر لك عدم امكان الافتاء بعدم وجوب حبس المنى اذا تحرك عن محله و كان بعد دخول الوقت كما هو المفروض فى المسألة 7 بمقتضى هذه الرواية المتقدمة ذكرها و هى رواية إسحاق بن عمار بل الحكم بوجوب حبس المنى و عدم وجوبه بعد دخول الوقت اذا لم يكن الحبس ضرريّا مبني على ما بينّا فى نفس المسألة 7 من ان الطهارة الترابية هل تكون فردا للطهارة فى عرض الطهارة المائية لطبيعة الطهارة او هى فى طولها و فى فرض عدم القدرة عليها فعلى الاول يجوز ترك الحبس و لو لم يكن ترك الحبس ضرريّا و على الثانى لا يجوز ترك الحبس الا اذا كان الحبس ضرريّا فيجوز تركه.

الأمر الثانى: هل يجوز للشخص اجناب نفسه بعد دخول الوقت مع عدم تمكنه من التيمم أيضا

بمعنى صيرورته فاقد الطهورين أو لا اعلم انه بعد فرض كون الصلاة بعد الوقت واجبا منجزا على المكلف بالوجوب المطلق فلا يجوز تفويت شرطها و هو الطهارة لان تفويتها يوجب تفويت الواجب المنجز و هو الصلاة فى الوقت.

الأمر الثالث: هل يجوز لمن كان متوضئا ان يبطل وضوئه بعد دخول الوقت

مع عدم تمكنه من الوضوء لعدم الوصلة بالماء أو لا يجوز ذلك.

اعلم انه ليس فى هذا المورد نص خاص يدل على الجواز فلا بد من ان نرى ما يقتضيه القاعدة الاوليّة فان اقتضت القاعدة جواز بطلان الوضوء فتقول به و ان لم تفتض القاعدة جواز الابطال لم نقل بجواز ابطال الوضوء و يأتى الكلام فى ذلك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 68

ان شاء اللّه فى بحث التيمم و ان قلنا بجواز اجناب نفسه لان الفارق بينهما بناء على عدم كون اجناب النفس او ابطال الوضوء و لو بعد الوقت بمقتضى القاعدة هو النص ففى اجناب النفس يدلّ النص على الجواز على ما عرفت و فى الوضوء لا يوجد نص يدل على جواز ابطاله بعد دخول الوقت.

***

[مسئلة 9: اذا شك فى انه هل حصل الدخول أم لا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا شك فى انه هل حصل الدخول أم لا لم يجب عليه الغسل و كذا لو شك فى ان المدخول فيه فرج او دبر او غيرهما فانه لا يجب عليه الغسل.

(1)

اقول اما فيما شك فى حصول الدخول و عدمه فلا يجب الغسل للشك فى التكليف و استصحاب الطهارة محكّم.

و اما فيما علم بالدخول و شك فى ان المدخول هل هو فرج او دبر او غيرهما مثلا يعلم بالدخول و لكن يشك فى ان المدخول فرج او ثقبة غيره او شك فى ان المدخول الدبر او الفرج فى الخنثى فان كان دبرها يجب الغسل و ان كان قبلها لا يجب كما مرّ او شك فى ان المدخول الفرج او الدبر او غيرهما ففى كل ذلك لا يجب الغسل لان الغسل واجب بالوطى فى فرج المرأة و فى الدبر بتفصيل بنيّا ذكره و

مع الشك فى ان الدخول كان فى الموضع المخصوص لا يجب الغسل للشك فى التكليف فيستصحب الطهارة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 69

[مسئلة 10: لا فرق فى كون ادخال تمام الذكر او الحشفة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: لا فرق فى كون ادخال تمام الذكر او الحشفة موجبا للجنابة بين ان يكون مجرّدا او ملفوفا بوصلة او غيرها الا ان يكون بمقدار لا يصدق عليه الجماع.

(1)

اقول يظهر عن المحكى عن جماعة من الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم عدم الفرق فى دخول الذكر الموجب للجنابة بين المجرد و الملفوف و حكى عن القواعد انه تنظّر فيه.

اعلم ان المذكور فى اخبار الباب هو التعبير بالادخال او التقاء الختانين او الجماع و كل ذلك يصدق مع كون الذكر ملفوفا نعم ربما تكون الخرقة الملفوفة كثيرة او ضخمة بحيث يعدّ عرفا ادخال الخرقة لا ما هو ملفوف بها فلا يعدّ عند العرف ادخال الخرقة ادخال الذكر فالقول بوجوب الغسل مشكل لكن الاحوط عملا الغسل فى هذا النحو من الدخول.

***

[مسئلة 11: فى الموارد التى يكون الاحتياط فى الجمع]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: فى الموارد التى يكون الاحتياط فى الجمع بين الغسل و الوضوء الأولى ان ينقض الغسل بناقض من مثل البول و نحوه ثم يتوضأ لان الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز و المفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة.

(2)

اقول لا وجه للأولوية المذكورة الا لرعاية احتمال قصد الوجه فى صحة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 70

خصوص الوضوء و صفا او غاية و هو غير تمام لعدم اعتبار قصد الوجه لا وصفا و لا غاية فى العبادات كما مرّ تفصيله فى الاصول فلا حاجة الى اعادة التفصيل فى المقام بعد ما عرفت عدم اعتبار قصد الوجه.

و مع تسلم عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة لا يجوز الوضوء ان كان آتيا به بقصد الورود من الاستحباب او الوجوب الفعلى و اما اذا اتى به بعنوان الاحتياط فلا مانع منه بل

هو مطلوب و لو لم ينقض غسله بناقض.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 71

فصل: فى ما يتوقف على الغسل من الجنابة
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 73

قوله رحمه اللّه

فصل فى ما يتوقف على الغسل من الجنابة

و هى أمور:

الاول: الصلاة واجبة او مستحبة اداء و قضاء لها و لاجزائها المنسية و صلاة الاحتياط بل و كذا سجدتا السهو على الاحوط نعم لا يجب فى صلاة الاموات و لا فى سجدة الشكر و التلاوة.

الثانى: الطواف الواجب دون المندوب لكن يحرم على الجنب دخول المسجد الحرام فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهوا و طاف فان طوافه محكوم بالصحة نعم يشترط فى صلاة الطواف الغسل و لو كان الطواف مندوبا.

الثالث: صوم شهر رمضان و قضائه بمعنى انه لا يصح اذا أصبح جنبا متعمّدا أو ناسيا للجنابة و اما سائر الصيام ما عدا رمضان و قضائه فلا يبطل بالأصباح جنبا و ان كانت واجبة نعم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 74

الاحوط فى الواجبة منها ترك تعمد الأصباح جنبا نعم الجنابة العمدية فى اثناء النهار تبطل جميع الصيام حتى المندوبة منها و اما الاحتلام فلا يضرّ بشي ء منها حتى صوم رمضان.

(1)

اقول الكلام فى جهات:

الجهة الاولى: من جملة ما يتوقف على الغسل من الجنابة الصلاة
اشارة

و الكلام فى هذه الجهة يقع فى مواضع:

الموضع الاول: فى توقف الصلاة الواجبة او المستحبة اداء و قضاء على الغسل

من الجنابة و هذا من المسلمات كما ادعى عليه الاجماع بل الضرورة فى الجملة.

و يدل عليه من القرآن الكريم قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ مٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «1» و من الروايات نذكر تيمنا بعضها.

منها ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال اذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا صلاة بطهور) «2».

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 6.

(2) الرواية 2 من الباب 14 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 75

و منها ما رواها زرارة (قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الفرض فى الصلاة فقال الوقت و الطهور و القبلة و التوجه و الركوع و السجود و الدعاء) «1».

و منها ما رواها زرارة عن ابي جعفر عليه السّلام (قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال القراءة سنّة و التشهد سنّة فلا ينقض السنة الفريضة) «2».

و لو اشكل فى اطلاق الرواية الاولى و الثانية لغير الأدائية من الصلاة فلا اشكال فى الثالثة منها.

و لا اشكال فى ثبوت الحكم لمطلق الصلاة واجبا كانت او مندوبة قضاء كانت او اداء لان المستفاد من الآية الشريفة و الروايات

المذكورة اشتراط الصلاة بالطهارة و الصلاة تشمل مطلق الصلاة فبالاطلاق تشمل الآية و الروايات لمطلق الصلاة.

حتى الصلاة الاحتياط لانها صلاة غاية الأمر أمّا صلاة مستقلة او جزء من الصلاة التى شك فيها.

و امّا برزخا بين ان تكون جزء من الصلاة او تكون صلاة مستقلة كما ربما يستفاد ذلك من بعض الروايات الواردة فيها.

الموضع الثانى: يقع الكلام فى اشتراط الغسل من الجنابة فى الاجزاء المنسية من الصلاة

كالسجدة و التشهد.

فنقول باشتراطه فيها لانها على الفرض اجزاء الصلاة فيعتبر فيها ما يعتبر

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 1 من ابواب الوضوء من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 76

فى الصلاة.

الموضع الثالث: فى اشتراطه فى سجدتى السهو من الصلاة و عدمه.

وجه عدم الاشتراط عدم وجود دليل يدل على اعتباره فيهما و مع الشك يكون المرجع اصالة البراءة.

وجه الاعتبار كونهما من لواحق الصلاة و من مكملاتها و جابرتين لها و لهذا يعتبر الفورية فيهما و عدم الفصل بينهما و بين الصلاة كل ذلك يناسب كون ما يعتبر فى الصلاة كان معتبرا فيهما.

اقول الاقوى و ان كان عدم الاشتراط لعدم الدليل عليه و قد أمضينا فى تقريرنا لبحث سيدنا الاعظم آيت اللّه البروجردي قدّس سرّه انهما واجبان مستقلان و ان كان سببهما ما وقع فى الصلاة و لا ينافى ذلك مع وجوب اتيانهما فورا و لكن الاحوط اتيانهما مع الطهارة.

الموضع الرابع: يقع الكلام فى صلاة الميت

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 76

و انه هل يجب فيه الغسل عن الجنابة او لا يمكن ان يقال بعدم وجوب الطهارة فيها لانصراف أدلّة اشتراط الصلاة بها عنها لعدم اشتمال صلاة الميّت على القراءة و الركوع و السجود كما ينادى بذلك بعض الاخبار.

مثل ما رواها الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام (قال انما جوزّنا الصلاة على الميّت بغير وضوء لانّه ليس فيها ركوع و لا سجود و انما هى دعاء و مسئلة و قد يجوز ان تدعو اللّه و تسأله على أىّ حال كنت و انما يجب الوضوء فى الصلاة التى فيها ركوع و سجود) «1».

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 21 من ابواب صلاة الجنازة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 77

اقول لا حاجة فى الاستدلال على عدم الاشتراط بما ذكر بل نقول يدل بعض الاخبار على عدم الاشتراط

بالخصوص مثل ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام (قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة و هو على غير طهر قال فليكبّر معهم) «1»، و كونه على غير طهر يشمل عدم كونه على غير طهر من الحدث الأصغر و كذا الاكبر.

و مثل ما رواها عبد الحميد بن سعيد (قال قلت لابي الحسن عليه السّلام الجنازة يخرج بها و لست على وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتنى الصلاة أ يجزيني أن اصلى عليها و انا على غير وضوء فقال تكون على طهر أحبّ إليّ) «2» و موردها و ان كان على غير وضوء لكن جواب الامام عليه السّلام بقوله (تكون على طهر أحبّ إليّ) يستفاد منه استحباب كونه على طهارة من الحدث الاصغر و الاكبر و غيرهما بعض الروايات راجع الباب و يستحب كونه مع الطهارة حال صلاة الميت لقوله عليه السّلام (تكون على طهر أحبّ إليّ).

الموضع الخامس: هل يشترط غسل الجنابة فى سجدة الشكر و التلاوة أم لا.

وجه عدم الاشتراط عدم الدليل عليه و اطلاق أدلتهما من هذا الحيث فمع الشك يكون المرجع البراءة فيحكم بعدم دخل الطهارة فى سجدة التلاوة و بعدم دخلها فى سجدة الشكر بناء على جريان البراءة فى المستحبات.

نعم يستفاد مما رواها عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (قال من سجد سجدة الشكر لنعمة و هو متوضّئ كتب اللّه له بها عشر صلوات و محا عنه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 21 من ابواب صلاة الجنازة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 21 من ابواب صلاة الجنازة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 78

عشر خطايا عظام) «1»، استحباب الطهارة فى سجدة الشكر.

و بالنسبة الى سجدة التلاوة يدل بعض النصوص على عدم اشتراطها بالطهارة.

مثل

رواها الحلبى (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام يقرأ الرجل السجدة و هو على غير وضوء قال يسجد اذا كانت من العزائم) «2».

و مثل ما رواها ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال قال اذا قرء شي ء من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد و ان كنت على غير وضوء و أن كنت جنبا و أن كانت المرأة لا تصلى و ساير القرآن انت فيه بالخيار ان شئت سجدت و ان شئت لم تسجد) «3».

فتلخص عدم توقف سجدة الشكر و التلاوة على غسل الجنابة.

الجهة الثانية: مما يتوقف على الغسل من الجنابة الطواف فى الجملة
اشارة

و الكلام فيه فى مواضع:

الموضع الاول: فى توقف الطواف الواجب على الغسل من الجنابة

و المراد بالطواف الواجب هو الطواف الّذي يكون جزء من حج او عمرة و لو كانا مندوبين فى حد ذاتهما لوجوب اتمامهما بعد ما شرع فيهما فالمراد من الطواف المندوب هو الطواف الّذي يأتى به ابتداء نظير النوافل المبتدئة فان هذا الطواف مستحب.

و يدلّ على اشتراط الطواف الواجب على غسل الجنابة بعض النصوص المذكور فى محله.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 1 من ابواب سجدتى الشكر من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 42 من ابواب قراءة القرآن من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 42 من ابواب قراءة القرآن من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 79

منها ما رواها على بن جعفر عن اخيه ابى الحسن عليهم السّلام (قال سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب و ذكر و هو فى الطواف قال يقطع الطواف و لا يعتد بشي ء مما طاف و سألته عن رجل طاف ثم ذكر انه على غير وضوء قال يقطع طوافه و لا يعتد به) «1».

الموضع الثانى: هل يشترط فى الطواف المستحب

و هو الطواف الّذي يأتى به ابتداء لا ما هو جزء لحج او عمرة غسل الجنابة او لا و الكلام تارة يقع فيه و تارة يقع فى انه مع فرض عدم اشتراط الطواف المندوب به لا يجوز دخول الجنب المسجد الحرام فما ثمرة عدم اشترطه فى الطواف المندوب مع فرض عدم جواز دخول الجنب المسجد الحرام اما الكلام فى اشتراط المندوب منه بغسل الجنابة و عدمه فنقول اعلم ان مقتضى الاصل عدم اشتراط الطواف المستحب بغسل الجنابة لانه من صغريات الشك فى الشرطية و الجزئية الا ان يشكل بعدم جريان اصالة البراءة فى المستحبات لان فيها ليس ضيق على المكلف تقتضى المنة رفعه.

و

لكن يمكن ان يقال بان فيها ضيق فى الفرض الّذي يريد العمل بالمستحب.

و قد يقال بدلالة رواية على بن جعفر عليهما السّلام المتقدمة فى الموضع الاول المستدلة بها على وجوب غسل الجنابة فى الطواف الواجب و اشتراطه به على وجوبه و اشتراطه فى الطواف المندوب لان الطواف المذكور فى الرواية مطلق يشمل كلا من الطواف الواجب و المندوب. «2»

و يقال فى جواب ذلك بان ذيل رواية على بن جعفر المتقدمة (و سألته عن رجل طاف ثم ذكر انه على غير وضوء قال يقطع طوافه و لا يعتد به).

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 38 من ابواب الطواف من الوسائل.

(2) المستمسك، ج 3، ص 38.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 80

شاهد على كون مورد السؤال هو الطواف الواجب.

لدلالة روايات على عدم اشتراط الطهارة عن الحدث الاصغر فى الطواف المندوب راجع الباب المذكور فيه رواية على بن جعفر المتقدمة «1» و بعد كون المراد من الطواف فى الذيل هو الطواف الواجب فكذلك الطواف المذكور فى صدر رواية على بن جعفر المتقدمة فلا تدل الرواية على تعميم اشتراط الطواف بغسل الجنابة للطواف المندوب.

و فيما يقال من الجواب نظر أما أولا فلان المحتمل كون رواية على بن جعفر المشتملة على السؤالين سؤال عن الطواف الواقع مع الجنابة و الطواف الواقع بلا وضوء روايتين بمعنى ان على بن جعفر سئل أسئلة عن اخيه موسى بن جعفر عليهم السّلام و جمعها فى كتاب و فى مقام ذكر الاسئلة ذكر المروى عنه و هو موسى بن جعفر عليهما السلام فى اوّل كتابه ثم قال و سألته و سألته و هكذا لا ان يكون ما فى هذه الرواية رواية واحدة سألها

مرة واحدة و اجاب عنه مرة واحدة حتى يقال ان الذيل يصير شاهدا لصدرها فما هو المراد من الطواف فى ذيلها هو المراد من صدرها.

بل على ما احتملنا و احتماله احتمال قوى عدم ارتباط كل من السؤالين بالآخر.

و أمّا ثانيا لو سلمنا كونها رواية واحدة نقول بعد كون المراد من الطواف فى السؤال الثانى الطواف الواجب من باب حمله على ذلك بقرينة الروايات الاخر الدالة على عدم اشتراط الطواف المندوب على الوضوء لا أن يكون المراد الطواف الواجب بنفسه من الطواف المذكور فى ذيل رواية على بن جعفر.

فعلى هذا نقول لا يوجب حمل الطواف فى ذيل الرواية على الواجب بقرينة

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 38 من ابواب الطواف من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 81

خارجية مع اطلاقه فى حد ذاته الشامل للواجب و المندوب.

ان يحمل الطواف فى صدر الرواية مع اطلاقه الشامل للواجب و المندوب على خصوص الواجب من باب حمل الذيل على الواجب بقرينة خارجية غير موجودة للطواف فى صدر الرواية فيبقى الطواف فى الصدر من رواية على بن جعفر بإطلاقه و يكون على هذا مفاد الصدر هو فساد الطواف واجبه و مندوبه بالجنابة و هذا يدل على اشتراط الطواف بقسميه من الواجب و المستحب على الغسل من الجنابة.

نعم نحتمل شيئا و أن لم أر ان يخطر ببال غيرى و هو ان قوله عليه السّلام فى الرواية المتقدمة اعنى رواية على بن جعفر.

بعد سؤال الاول و هو السؤال عن حكم من طاف بالبيت و هو جنب و ذكر و هو فى الطواف (يقطع الطواف و لا يعتد بشي ء مما طاف) و كذا بعد سؤاله الثانى عمن طاف ثم ذكر

كونه على غير وضوء (يقطع الطواف و لا يعتد به) مؤيد بل دليل على كون مورد السؤال و الجواب هو الطواف الواجب لا المندوب لان النهى عن الاعتداد و الاعتناء بهذا الطواف لا يناسب الا فيما يكون الطواف واجبا عليه و على عهدته و الا ان كان الطواف طوافا مندوبا لا يناسب ان يقول لا يعتد به بل المناسب ان يقول مثلا لا يصح او ليس بشي ء خصوصا مع ما رواه الحميرى ذكره فى الوسائل فى ذيل هذه الرواية فى قرب الاسناد عن عبد اللّه بن الحسن عن جده على بن جعفر مثل الرواية الا انه قال فى آخره و لا يعتد بشي ء مما طاف و عليه الوضوء) لأنّ قوله و عليه الوضوء لا يناسب الا انه يجب الوضوء عليه لاعادة الطواف و لو لم يكن الطواف واجبا لا يجب اعادته فتأمل.

او يقال فى مقام ذكر الوجه لعدم اشتراط الطواف المندوب بغسل الجنابة بانه بعد دلالة بعض الروايات على عدم اشتراط الطواف المندوب بالوضوء و الطهارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 82

من الحدث الاصغر نفهم عدم اشتراطه بالغسل و الطهارة عن الحدث الاكبر لان كلا من الطهارتين بابهما واحد و عدم فرق بينهما.

و لكن هذا مثل الوجه السابق محل تأمل فلم اجد وجها قويّا لانحصار اشتراط غسل الجنابة فى الطواف بالطواف الواجب مع اطلاق رواية على بن جعفر.

اما الكلام فى انه مع فرض عدم جواز دخول الجنب المسجد الحرام فما ثمرة عدم اشتراط الطواف المندوب بغسل الجنابة لانه على كل حال لا يجوز له الدخول فى المسجد الا مع الطهارة عن الجنابة فنقول بعونه تعالى.

اما عدم جواز دخول الجنب المسجد الحرام

فلدلالة عدة من الروايات عليه.

مثل ما رواها جميل (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يجلس فى المساجد قال لا و لكن يمرّ فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) «1».

و مثل ما رواها محمد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن الجنب يجلس فى المسجد قال لا و لكن يمرّ فيه الا المسجد الحرام و مسجد المدينة الحديث) «2» و غير ذلك.

فلا يجوز للجنب دخول المسجد الحرام.

فبعد تسلّم ذلك يقع الكلام فى ثمرة القول بعدم اشتراط الطهارة عن الجنابة فى الطواف المندوب لانه بعد عدم جواز دخول المسجد الحرام جنبا كيف يمكن له الطواف المندوب بلا غسل الجنابة حتى يقع البحث فى اشتراطه به و عدمه لانه على كل حال لا يمكن له الطواف المندوب الّا مع غسل الجنابة أمّا لجواز دخوله المسجد

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 83

و أمّا للطواف المندوب.

فنقول كما قال المؤلف رحمه اللّه تظهر الثمرة فيما دخل الجنب المسجد سهوا و طاف الطواف المندوب يقع صحيحا.

الموضع الثالث: يشترط فى صلاة الطواف الطهارة عن الجنابة

سواء كان الطواف واجبا او مندوبا. و يدل عليه ما يدل على توقف الصلاة على الغسل من الجنابة لان صلاة الطواف صلاة فكما قلنا فى الجهة الاولى يتوقف الصلاة باقسامها على الغسل من الجنابة.

و لم أجد نصا يدل على توقف صلاة الطواف على غسل الجنابة بالخصوص فما فى المستمسك «1» فى مقام بيان الدليل على ذلك (لعموم ادلة اعتباره فى الصلاة مضافا الى ما ورد فيها

بالخصوص) ليس بتمام لعدم دليل وارد عليه بالخصوص فافهم.

الجهة الثالثة: ممّا يتوقف على غسل الجنابة الصوم فى الجملة
اشارة

و الكلام فيه أيضا فى مواضع و محل التكلم فى ذلك و ان كان فى كتاب الصوم لكن نتعرض له بنحو الاجمال شرحا على ما عنونه المؤلف العظيم رحمه اللّه.

الموضع الاول: فى توقف صوم شهر رمضان على غسل الجنابة

و الكلام فيه تارة فى توقف صوم شهر رمضان عليه، و معنى توقفه عليه انه لا يصبح جنبا.

و تارة فى توقفه بهذا المعنى عليه فى قضاء شهر رمضان و فى كل منهما تارة يقع الكلام فى صورة العمد و تارة فى صورة النسيان فنقول بعونه تعالى.

اما الكلام فى توقف صوم شهر الصيام عليه فى حال العمد بمعنى انه لا يصبح

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 38.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 84

عمدا جنبا فى شهر الصيام.

أمّا بحسب الفتوى يكون هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع بل حكى تواتر نقله و يدلّ عليه بعض الاخبار الدالة على وجوب القضاء او هو مع الكفارة بسبب الاصباح جنبا.

مثل ما رواها الحلبي عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (أنه قال في رجل احتلم اوّل الليل او اصاب من اهله ثم نام متعمدا فى شهر رمضان حتى أصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه اذا أفطر من شهر رمضان و يستغفر ربه) «1».

و مثل ما رواها ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى رجل أجنب فى شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق رقبة او يصوم شهرين متتابعين او يطعم ستين مسكينا و قال انه حقيق (لخليق) ان لا أراه يدركه ابدا) «2».

و اما ما روى حبيب الخثعمى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يصلى صلاة الليل فى شهر رمضان

ثم يجنب ثم يؤخّر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر) «3».

فهي ضعيفة السند لان حبيب مجهول الحال على ما فى الرجال فلا يعتنى بها فى مقابل الروايات الدالة على عدم جواز البقاء على الجنابة للصائم الى الفجر. مضافا الى ما قيل فيها من حملها على التقية او بعض محامل آخر.

و اما توقف صوم شهر رمضان على غسل الجنابة حتى حال النسيان بمعنى وجوب قضائه لو صام فى شهر رمضان جنبا فهو المحكى عن الاكثر و يدل عليه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 16 من ابواب ما يمسك عند الصائم من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 16 من ابواب ما يمسك عند الصائم من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 16 من ابواب ما يمسك عند الصائم من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 85

بعض الروايات.

مثل ما رواها ابراهيم بن ميمون (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يجنب بالليل فى شهر رمضان فنسى ان يغتسل حتى تمضى بذلك جمعة او يخرج شهر رمضان قال عليه قضاء الصلاة و الصوم) «1» و غير ذلك راجع الباب 30 من ابواب من يصح منه الصوم. (حديث 1، 2، 3)

و اما اشتراط قضاء صوم رمضان بغسل الجنابة فى حال العمد فيدل عليه بعض الروايات.

مثل ما رواها ابن سنان يعنى عبد اللّه (قال كتب أبى الى ابى عبد اللّه عليه السّلام و كان يقضى شهر رمضان و قال انى أصبحت بالغسل و أصابتنى جنابة فلم أغتسل حتى تطلع الفجر فاجابه عليه السّلام لا تصم هذا اليوم و صم غدا) «2»، فبطلان صومه و الامر بالقضاء فى الغد يكون لاجل بقائه على الجنابة الى الفجر و يدلّ عليه

غير ذلك و يمكن شمول اطلاق الرواية لصورة نسيانه الغسل حتى طلع الفجر.

و امّا توقف قضاء صوم شهر رمضان عليه حتى حالة النسيان فكما قلنا يمكن التمسك بإطلاق رواية ابن سنان المتقدمة.

و لا يبعد ان يكون الاولى بالتمسك لصورة النسيان برواية اخرى عن عبد اللّه بن سنان (انه سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقضى شهر رمضان فيجنب من اوّل الليل و لا يغتسل حتى يجي ء آخر الليل و هو يرى ان الفجر قد طلع قال لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره) «3» وجه الاولوية ان قوله و هو يرى ان الفجر قد طلع) لا

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 17 من ابواب ما يمسك الصائم عنه من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 19 من ابواب ما يمسك الصائم عنه من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 19 من ابواب ما يمسك الصائم عنه من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 86

يناسب مع التأخير عامدا بل يناسب النسيان.

الموضع الثانى: فى ان ساير اقسام الصوم غير صوم شهر رمضان و قضائه هل يبطل بالاصباح جنبا

واجبا كان او مندوبا او لا يبطل مطلقا او التفصيل بين ما كان الصوم واجبا فيبطل و ما يكون مندوبا فلا يبطل احتمالات:

وجه بطلانه بالاصباح جنبا هو دعوى ان مقتضى القاعدة الحاق صوم غير رمضان بصوم شهر رمضان.

و فيه انه لا دليل لنا على الالحاق و مجرد شركة صوم غير رمضان مع صوم رمضان فى كونهما صوما لا يوجب اشتراكهما فى تمام الاحكام.

وجه عدم البطلان عدم الدليل و مع الشك فى جزئية غسل الجنابة و شرطيته او مانعية الجنابة يكون المحكم اصالة البراءة.

وجه التفصيل دعوى الحاق صوم الواجب من غير رمضان بصوم رمضان لكون كل منهما الصوم الواجب فيلحق حكمه حكمه و

عدم الحاق صوم المندوب بصوم رمضان لما يدل على ذلك من النص.

مثل ما رواها حبيب الخثعمى (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام اخبرنى عن التطوع و عن (صوم) هذه الثلاثة الايام اذا أنا أجنبت من اوّل الليل فأعلم أنّى أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر أصوم أو لا اصوم قال صم) «1».

و مثل ما رواها ابن بكير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أ يصوم ذلك اليوم تطوعا فقال أ ليس هو بالخيار ما بينه و نصف النهار

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 20 من ابواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 87

الحديث) «1» و غير ذلك.

اذا عرفت ذلك نقول ان القول الوجيه هو الاحتمال الثانى و هو عدم بطلان صوم غير رمضان بالاصباح جنبا واجبا او مندوبا اما مندوبه فلما عرفت من النص و مع قطع النظر عن النص يكفى عدم الدليل على البطلان.

و اما فى الواجب منه فلعدم الدليل و مع الشك يكون مجرى اصالة البراءة نعم الاحوط استحبابا فى الواجب منه عدم الاصباح جنبا إلحاقا بشهر الصيام و ان كان لا دليل عليه.

الموضع الثالث: الجنابة العمدية فى اثناء النهار تبطل جميع اقسام الصوم

بل ادعى عليه اجماع المسلمين بل قيل انه من ضروريات الدين و هو يكفى فى اثبات الحكم.

اقول اما مع قطع النظر عن الاجماع و دعوى الضرورة لم نر فى النصوص ما يدل على بطلان جميع اقسام الصوم بالجنابة العمدية فى اثناء النهار لان النصوص التى يمكن الاستدلال بها واردة فى صوم شهر رمضان او قضائه او صوم فى افطاره الكفارة. نذكر بعضها تيمنا.

منها ما رواها عبد الرحمن بن الحجاج (قال سألت أبا

عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله فى شهر رمضان حتى يمنى قال عليه من الكفارة مثل ما على الّذي يجامع) «2».

منها ما رواها ابن ابى عمير عن حفص بن سوقه عمن ذكره عن

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 20 من ابواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 88

ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى الرجل يلاعب اهله او جاريته و هو فى قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما على الّذي جامع فى شهر رمضان) «1».

و منها ما رواها المفضل بن عمر عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى رجل أتى امرأته و هو صائم و هى صائمة فقال ان كان استكرهها فعليه كفارتان و ان كانت طاوعته فعليه كفارة و عليها كفارة و ان كان اكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد و ان كانت طاوعته ضرب خمسة و عشرين سوطا و ضربت خمسة و عشرين سوطا) «2» فالرواية الاولى واردة فى شهر رمضان و تدل على بطلان صومه بالجنابة العمدية فى اثناء النهار و الثانية واردة فى قضاء شهر رمضان و الثالثة فى مطلق الصوم الواجب فيه الكفارة ان لم نقل بكون القدر المتقين من موردها أيضا هو صوم رمضان بقرينة ما ذكر فيها من التعذير بناء على انحصار ذلك بالجماع فى صوم رمضان.

فيبقى بطلان صوم غير ما ذكر من اقسام الصوم بالجنابة العمدية فى اثناء النهار بلا دليل الّا الاجماع و الضرورة التى ادعى فى المقام.

الموضع الرابع: لا يضر الاحتلام فى النهار بشي ء من اقسام الصوم

حتى صوم شهر رمضان.

و قد ادعى

عليه الاجماع و دلالة بعض النصوص عليه.

منها ما رواها عبد اللّه بن ميمون عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (قال ثلاثة لا يفطرن الصائم القى ء و الاحتلام و الحجامة الحديث) «3».

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 89

و منها ما رواها عمر بن يزيد قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام لاى علّة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم قال لان النكاح فعله و الاحتلام مفعول به. «1»

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 91

فصل: فى ما يحرم على الجنب
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 93

قوله رحمه اللّه

فصل فى ما يحرم على الجنب

و هى أيضا امور:

الاول: مس خط المصحف على التفصيل الّذي مرّ فى الوضوء و كذا مس اسم اللّه تعالى و سائر اسمائه و صفاته المختصة و كذا مس اسماء الأنبياء و الائمة: على الاحوط.

الثانى: دخول المسجد الحرام و مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله و ان كان بنحو المرور.

الثالث: المكث فى سائر المساجد بل مطلق الدخول فيها على غير وجه المرور و اما المرور فيها بان يدخل من باب و يخرج من آخر فلا بأس به و كذا الدخول بقصد اخذ شي ء منها فانه لا بأس به و المشاهد كالمساجد فى حرمة المكث

فيها.

الرابع: الدخول فى المساجد بقصد وضع شي ء فيها بل مطلق الوضع فيها و ان كان من الخارج او فى حال العبور.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 94

الخامس: قراءة سور العزائم و هى سورة اقرأ و النجم و الم تنزيل و حم السجدة و ان كان بعض واحدة منها بل البسملة او بعضها بقصد احداها على الاحوط لكن الاقوى اختصاص الحرمة بقراءته آيات السجدة منها.

(1)

اقول يقع الكلام فى الفصل فى جهات:

الجهة الاولى: فى حرمة مس خط المصحف و اسم اللّه تعالى
اشارة

و ساير اسمائه الخاصة و اسماء الأنبياء و الائمة عليهم السّلام: على الجنب و نذكر حكمها فى موارد:

المورد الاول: فى حرمة مس خط المصحف على الجنب

و حكى الاجماع على حرمته عن جماعة.

و استدل على حرمة مسّه بقوله تعالى لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «1» و التمسك بها فى حد ذاتها و ان كان مورد الاشكال كما مرّ بيانه فى فصل غايات الوضوء.

لكن بعد ما ورد فى بعض الروايات الّذي قدّمنا ذكره فى الفصل المذكور من تمسك المعصوم عليه السّلام بالآية الشريفة لعدم جواز مسّ من ليس على الطهارة لا يبقى المجال للاشكال بكون الآية دليلا على حرمة مسّ خط المصحف.

و هو ما رواها ابراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام (قال المصحف لا تمسّه على غير طهر و لا جنبا و لا تمسّ خطّه و لا تعلّقه انّ اللّه تعالى يقول لا يمسّه الا المطهّرون) «2».

______________________________

(1) سورة الواقعة، الآية 79.

(2) الرواية 3 من الباب 12 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 95

و بهذه الرواية يجاب عن بعض ما قيل من أنّ الآية لا تدلّ على المسألة لان الاستدلال بها مبنى على كون المراد من المس المس بظاهر البدن و يكون المراد من الضمير فى قوله (لا يمسّه) هو القرآن و يكون المراد من قوله (المطهّرون) المطهّرون من الحدث و كلها قابل الخدشة لاحتمال كون المراد من المسّ هو النيل يعنى لا ينال و المراد من الضمير فى (لا يمسّه) يكون هو الكتاب المكنون لانه قال اللّه تعالى (فِي كِتٰابٍ مَكْنُونٍ لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ و يكون المراد من (المطهّرون) هم المعصومون من الزلل و الخطاء فلا يكون الآية على هذا مربوطة بالمقام اما الجواب

عن هذا الاشكال فلان المعصوم عليه السّلام استدل فى هذه الرواية بالآية للمعنى الاول و هو كون المس المس الظاهر من البدن و الضمير راجع الى القرآن و المطهرون المطهرون من الحدث.

و قد يشكل فى الرواية بانه مع فرض كراهة بعض المذكورات فى الرواية مثل (خيطه) بناء على كون الصادر عن المعصوم عليه السّلام (خيطه) على ما فى بعض النسخ لا (خطه) فان مس خيطه مكروه و ان كان (خطه) فلا بد ان يكون المراد من قوله المصحف لا تمسّه) هو نفس القرآن لا خطه و الا يلزم التكرار فيكون المراد ان نفس مسّ المصحف لا خطه مكروه لعدم حرمة مسّه و كذا تعليقه مكروه فى حال الجنابة فتدل النهى فى الآية الشريفة على الكراهة فلا تدل على حرمة مسّه الجنب كما هو المدعى.

و يمكن الجواب عنه بانه لو ورد أو امر متعددة باشياء مثلا قال اغتسل للجنابة و اغتسل للجمة و اغتسل لمسّ الميّت ثم علمنا من الخارج كون الامر بغسل يوم الجمعة للاستحباب لا يوجب ذلك رفع اليد عن ظهور الامر فى غيره فى الوجوب و كذلك ان قال مثلا لا تمسّ كتابة القرآن حال الجنابة و لا تعلّق القرآن و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 96

انت جنب فالنهى فيهما فى حد ذاتهما دال على الحرمة فان علمنا بدليل من الخارج كون النهى عن التعليق حال الجنابة محمول على الكراهة لا يوجب ذلك رفع ظهور النهى الآخر و هو النهى عن المسّ فى الحرمة. عن ظاهره.

اقول ان كان الكلام فى دلالة الرواية على حرمة المس فيصح هذا الجواب لان حمل النهى ببعض المذكورات فى الرواية على الكراهة لا يضرّ

بظهور النهى عن مس المصحف فى الحرمة.

و اما ان كان الغرض الاستشهاد بالآية الشريفة (لا يمسّه الا المطهّرون) على الحرمة بقرينة استشهاد الامام عليه السّلام بها فى الرواية فلا يتم الاستشهاد لانه بعد كون المنهى بعض المحرمات و بعض المكرمات فلا بد من حمل النهى فى قوله تعالى (لا يمسّه الا المطهّرون) على مطلق المرجوحية حتى يلائم مع النهى فى المذكورات فى الرواية فيشكل الاستدلال على حرمة مسّ كتابة المصحف بالآية المذكورة بقرينة الاستشهاد بها فى الرواية المذكورة.

فيبقى الكلام فى ظهور الآية فى حرمة المس فى حد ذاتها و عدمه و هو مورد الاشكال لكونها ذى احتمالين على ما مرّ الكلام فى ذيل الرواية السابقة.

و لكن اقول ان المحتمل فى الآية الشريفة أمّا ما قلنا من ان المراد من المس هو النيل و المراد من الضمير فى (لا يمسّه) هو الكتاب فى قوله تعالى (فِي كِتٰابٍ مَكْنُونٍ) و المراد من (الْمُطَهَّرُونَ) المطهّرون من الزلل و الخطاء و ما يقوى هذا الاحتمال ليس الا كون المرجع للضمير فى (يمسّه) هو الكتاب و أمّا ما قلنا من ان المراد من المس هو المس بظاهر البدن و المراد بمرجع الضمير فى (لا يمسّه) هو القرآن و المراد من قوله (المطهّرون) المطهّرون من الاحداث و لا مانع من الأخذ بهذا الاحتمال ألّا كون ارجاع الضمير الى القرآن خلاف الظاهر لان الكتاب أقرب الى الضمير و لكن أقول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 97

أنّ الظاهر كون قوله (لٰا يَمَسُّهُ) صفة للقرآن لانه تعالى قال (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتٰابٍ مَكْنُونٍ لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعٰالَمِينَ).

و الظاهر كون قوله (فِي كِتٰابٍ مَكْنُونٍ لٰا يَمَسُّهُ

إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعٰالَمِينَ).

كلها صفة للقرآن و كون مرجع الضمير فى قوله (لٰا يَمَسُّهُ) هو القرآن و بعد كون الظاهر من المسّ هو المسّ بالبدن لا المسّ المعنوى فالظاهر الاحتمال الثانى فيمكن الاستدلال بالآية لما نحن فيه) ثم بعد ما عرفت نقول ان الرواية التى يمكن الاستدلال بها على حرمة مسّ كتابة المصحف على الجنب هى الرواية المتقدمة اعنى رواية ابراهيم ابن عبد الحميد و قد عرفت الاشكال فى ظهور النهى فيها على الحرمة و جوابه فلا نعيد فالرواية تدل على حرمة مس كتابة المصحف.

نعم الاستدلال بها على ما نحن فيه مبنى على حمل النهى فيها عن مسّ المصحف للجنب على كتابة المصحف لا المجموع ما بين الدفتين و على كون الصادر فى قوله (لا تمسّ خطه) و الّا لو كان المراد من المصحف المنهى مسّه فى الرواية مجموع ما بين الدفتين و كان الصادر (خيطه) بدل (خطه) لا يمكن الاستدلال بالرواية على المقام لكونها غير مربوطة بالمقام لانه على هذا يكون النهى عن نفس القرآن لا خطه و عن خيطه و عن تعليقه فلا تكون مربوطة بحرمة مسّ كتابة القرآن و لهذا يصير التمسك بالرواية للمقام مورد الاشكال.

و مع قطع النظر عن ذلك يمكن ان يستدل على حرمة مسّ كتابة المصحف على الجنب بالاولوية لانه بعد دلالة بعض الروايات على حرمة مسحه لمن يكون بلا وضوء و محدثا بالحدث الأصغر فمن يكون جنبا فمسّه اولى بالحرمة و على كل حال لا اشكال فى حرمته.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 98

الموضع الثانى: فى حرمة مسّ اسم اللّه تعالى و ساير اسمائه و صفاته المختصة.

و ادعى عليه الاجماع كما عن بعض العبائر و دعوى لا خلاف على المحكى عن نهاية الاحكام و عن

الجواهر لم يظهر فيه خلاف الا من بعض متأخرى المتاخرين ممن لا يقدح خلافه فى تحصيل الاجماع.

و يدلّ عليه من النصوص ما رواها عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال لا يمسّ الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه الحديث) «1».

و لا يعارضها بعض ما يدل على جواز مسّ الجنب الدرهم مثل ما رواها إسحاق بن عمار عن ابى ابراهيم عليه السّلام (قال سألته عن الجنب و الطامث يمسّان ايديهما الدرهم البيض قال لا بأس). «2»

و ما رواها محمد بن مسلم «3» لانهما مطلقان يقيّدان بغير صورة كون المس مسّ اسم اللّه تعالى.

و اما ما رواها المحقق رحمه اللّه (قال و فى كتاب الحسن بن محبوب عن خالد عن الربيع عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى الجنب يمس الدراهم و فيها اسم اللّه و اسم رسوله قال لا بأس به ربما فعلت ذلك) «4» الدالة على جواز المس لا تقبل للمعارضة مع الرواية الدالة على عدم جواز مسّ اسمه تعالى لانها مرسله لم يذكر المحقق قدّس سرّه ممن يروى الحديث فهى ضعيفة السند.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 18 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 18 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 18 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب 18 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 99

فلا يبقى اشكال فى حرمة مس اسم اللّه تعالى للجنب و ما يقال من ان الدراهم المسكوكة فى عهد الائمة عليهم السّلام كان مكتوبا عليها القرآن الشريف و الشهادتان فلو حرّم مسّ اسم اللّه تعالى لزم الحرج و الهرج

و المرج و ذلك منتف.

ففيه ان ذلك اجتهاد فى مقابل النص و لو سلم ما قيل فرّ بما يكون على وضع لا يقع مورد المس مضافا الى انه يجتنب الجنب عنه.

الا اذا صار مورد الحرج فالحكم بالنسبة الى لفظ الجلالة و هو اللّه لا ينبغى الاشكال فيه.

و اما بالنسبة الى ساير اسمائه و صفاته المختصة فلا دليل فى البين غير الاجماع المدعى بناء على شموله له كما فى بعض العبائر.

او ان يدّعى دلالة الرواية المتقدّمة اعنى رواية عمار على عدم جواز مسّه للجنب لان ساير اسمائه المختصة به اسم للّه تعالى فيشمله الحكم فيكون قوله عليه السّلام (اسم اللّه) يعنى اسما للّه.

مضافا الى ان اقتضاء التعظيم عدم مسّه فى غير حال الطهارة.

الموضع الثالث: فى حرمة مس اسماء الأنبياء و الائمة عليهم السّلام

حال الجنابة و عدمها.

اقول لم نجد نصا على الحرمة الا ان يقال تقضى التعظيم عدم مسّ أسمائهم الشريفة حال الجنابة.

فاذا نقول ان الأحوط كما قال المؤلف حرمة المسّ حال الجنابة لاسمائهم الشريفة.

الجهة الثانية: يحرم على الجنب دخول المسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 100

و ان كان بنحو المرور.

و ادعى عليه الاجماع بعض و نفى الخلاف عنه بعض آخر و يدل عليه بعض النصوص.

مثل ما رواها جميل قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يجلس فى المساجد قال لا و لكن يمرّ فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول «1».

و مثل ما رواها محمد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الجنب يجلس فى المسجد قال لا و لكن يمرّ فيه الا المسجد الحرام و مسجد المدينة الحديث. «2»

و مثل ما رواها ابو حمزة قال قال ابو جعفر عليه السّلام اذا كان الرجل نائما فى المسجد الحرام او مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم و لا يمرّ فى المسجد الا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل و كذلك الحائض اذا أصابها الحيض تفعل ذلك و لا بأس ان يمرّا فى سائر المساجد و لا يجلسان فيها «3» و غير ذلك راجع الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

الجهة الثالثة: [المكث فى سائر المساجد]
اشارة

قال المؤلف رحمه اللّه

المكث فى سائر المساجد حرام على الجنب بل مطلق الدخول فيه على غير وجه المرور و اما المرور فيها بان يدخل من باب و يخرج من باب آخر فلا بأس به و كذا الدخول بقصد اخذ شي ء منها فانه لا بأس به و المشاهد كالمساجد فى حرمة المكث فيها.

(1)

فيقع الكلام فى مواضع:

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح

العروة الوثقى، ج 7، ص: 101

الموضع الاول: فى حرمة المكث فى ساير المساجد

بل مطلق الدخول فيه على غير وجه المرور يدل عليه روايات.

اعلم ان التعبير فى بعض الروايات و ان كان حرمة الجلوس في مقام النهى لكن المحرم مطلق الدخول و ان لم يجلس الا ان يكون على وجه الاجتياز و العبور و المرور كما يصرح بذلك ما ذكر فى الرواية و استشهد الامام عليه السّلام بالقرآن الكريم فيها و هى ما رواها زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام (قالا قلنا له الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا قال الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالى يقول و لا جنبا الا عابرى سبيل حتى تغتسلوا الحديث) «1»، فلا يجوز الدخول و المكث و الجلوس جنبا فى المساجد الا على سبيل المرور بان يدخل من باب و يخرج من باب لدلالة بعض الاخبار على جواز المرور منه و ربما يشكل فيما كان الدخول و الخروج من باب واحد لان العبور يصدق فيما كان له الدخول من باب و الخروج من باب آخر و الآية الشريفة (و لا جنبا الّا عابرى سبيل) تشمل هذه الصورة فقط.

و حكى عن السلار الكراهة و ما يمكن ان يكون وجها لقوله روايات.

منها ما رواها أنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام (فى وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلى عليه السّلام أن اللّه كره لأمتى العبث فى الصلاة (الى ان قال) و إتيان المساجد جنبا) «2» و الرواية ضعيفة السند لعدم معلومية حال أنس بن محمد و لم يرو منه ألّا هذه الرواية بنقل المامقانى رحمه اللّه

فى رجاله.

و مثلها رواية اخرى و هى ما رواها شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 102

الصادق عن آبائه عليهم السّلام (فى حديث المناهى) (قال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يقعد الرجل فى المسجد و هو جنب) «1»، و هى ليست موثوقا بها لان شعيب بن واقد الّذي يروى عن الحسين بن زيد لم يكن ذكر منه فى الرجال و لا يرى تعرض له ألّا كونه فى طريق حديث المناهى على ما فى رجال المامقانى رحمه اللّه و ظاهرا هو هذه الرواية.

و مثلها في عدم مقتضى الحجية فيها نظير رواية أنس بن محمد بحسب المضمون ما رواها محمد بن خالد البرقى فى المحاسن عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمى عن أبيه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال رسول اللّه (الى أن قال) و اتيان المساجد جنبا) «2» و هذه الرواية مضافا الى ما يقال فى حق صاحب المحاسن من أنه يروى عن الضعفاء ضعيفة السند باعتبار محمد بن سليمان راجع رجال المامقانى رحمه اللّه.

و هذه الروايات الثلاثة لا تقبل للمعارضة مع الروايات الدالة على حرمة الدخول و يبقى هنا رواية اخرى و هى ما رواها محمد بن القاسم (قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجنب ينام فى المسجد فقال يتوضأ و لا بأس أن ينام فى المسجد و يمرّ فيه) «3».

و نقول فى جواب هذه الرواية و بعض ما أشرنا إليها و ذكرناها المستدلة بها على كراهة دخول

الجنب فى المساجد غير المسجدين بأنه على فرض تمامية دلالتها و حجية سندها لا يمكن التعويل عليها لكونها مما أعرض عنه الاصحاب.

الموضع الثانى: هل يجوز الدخول فى المساجد غير المسجدين

بقصد اخذ شي ء منها أو لا يجوز ذلك.

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 16 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 18 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 103

اقول يدل عليه (مع قطع النظر عن الاجماع المحكى او عدم الخلاف او انه مذهب علماء الاسلام) بعض النصوص.

منها ما رواها عبد اللّه بن سنان (عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم و لكن لا يضعان فى المسجد شيئا) «1».

و منها ما رواها زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام (قال الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين الى ان قال و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة قلت له فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه قال لانهما لا يقدران على اخذ ما فيه الا منه و يقدران على وضع ما بيدهما فى غيره الحديث) «2» تدل الروايتان على جواز الدخول فى المساجد بقصد اخذ شي ء منها.

و اما الكلام فى وضع شي ء فيها يأتى إن شاء اللّه عند التعرض للأمر الرابع من الامور التى تعرض لها المؤلف رحمه اللّه فى الفصل إن شاء اللّه.

قد يقال أنّ ظاهر عنوان المؤلف رحمه اللّه هو الدخول فى المسجد بقصد أخذ شي ء منه و لكن ظاهر الروايتين ليس إلا التناول و الاخذ من المسجد و لا تعرض فى الروايتين عن كون الاخذ من المسجد بالدخول فيه،

و لهذا ربّما يتوهم اشكال من هذا الحيث فى الافتاء بجواز دخول الجنب لاخذ الشي ء منه الا ان يقال بان اطلاق جواز الاخذ منه يشمل حتى صورة كون الاخذ محتاجا الى دخول المسجد.

و الأقوى ان يقال ان ذيل رواية زرارة و محمد بن مسلم و هو سؤال زرارة عن علة الفرق بين الاخذ و الوضع و الحليّة فى الاول و الحرمة فى الثانى شاهد على كون مورد الحليّة هو الدخول لاجل الاخذ كما ان مورد الحرمة دخول المسجد

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 17 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 17 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 104

لأجل الوضع فسئل عن الفرق بينهما فأجاب عليه السّلام بأنّهما لا يقدران على اخذ ما فيه الا منه و يقدران على وضع ما بيدهما فى غيره، لان العلة المذكورة ان كانت علّة لحرمة الوضع فى حد نفسه و حليّة اخذ شي ء فى حد نفسه مع قطع النظر عن الدخول فى المسجد يلزم أولا كون العلة علّة تعبدية لا علّة ارتكازية، لانها لو كانت علّة ارتكازية كان لازمها حرمة كل ما لا ضرورة بفعله للجنب مثلا التكلم بما لا ضرورة فيه، لانّه على هذا علّة كون وضع الشى فى المسجد حراما للجنب هى عدم الضرورة له بوضعه، فان كانت العلة ارتكازية فمعناها حرمة كل ما لا ضرورة له بفعله و هذا مما لا يمكن الالتزام به فلا بد من حمل العلة على العلة التعبديّة، فتكون العلّة للحكم و هو حرمة الوضع أمرا تعبديا و هو عدم الضرورة بوضع الشى فى خصوص المسجد تعبدا و لا يتعدى الى غيره، و

هذا خلاف الظاهر، لان الظاهر كون التعليل فى الأمر التعبدى بالأمر الارتكازي و لا يمكن جعل العلة على ما عرفت أمرا ارتكازيّا لعدم امكان الالتزام به و أما لو كان النظر الى الحليّة و الحرمة فى الأخذ و وضع الشى فى المسجد للجنب الى الدخول و أنّ حلية الأخذ بما هو دخول فى المسجد و حرمة الوضع أيضا بما هو دخول فى المسجد يكون ذكر العلّة علّة ارتكازية.

لان الدخول لأخذ شي ء من المسجد يكون اضطراريا و أما وضع الشى فيه لا يكون فيه الاضطرار لامكان وضع الشى فى خارج المسجد فلا يضطرّ الى دخول المسجد لأجل وضع الشى فيه و يضطر الى الدخول فى المسجد لأخذ الشي ء منه فعلى هذا نقول ان الأخذ و الوضع فى المسجد شي ء يكون من باب واحد بمعنى أنه كما يكون جواز أخذ الشى منه للجنب حراما باعتبار دخول المسجد كذلك يكون وضع شي ء فى المسجد للجنب باعتبار الدخول فى المسجد حراما فلا يحرم الوضع الّا ما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 105

كان مستلزما له.

فتلخص من كل ذلك جواز دخول الجنب فى المسجد لأخذ شي ء من المسجد.

ثم ان هنا كلاما آخر، و هو ان جواز دخول المساجد لاخذ شي ء هل يعمّ مسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم او يختص هذا الحكم بغيرهما من المساجد، قد يقال بانه بعد كون ظاهر المسجد فى رواية المتقدمة و هى رواية زرارة و محمد بن مسلم «1» عاما يشمل كل المساجد و كون ظاهر رواية محمد بن مسلم قال (قال ابو جعفر عليه السّلام (فى حديث الجنب و الحائض) و يدخلان المسجد مجتازين و

لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرمين) «2»، عاما يشمل صورة كون القرب بالمسجدين لاجل اخذ شي ء و لما لا يكون لاخذ الشي ء فتكون النسبة بين الطائفتين العموم و الخصوص من وجه لان الطائفة الاولى و هى رواية زرارة و محمد بن مسلم تدل على جواز الدخول لاخذ الشي ء فى كل مسجد سواء كان المسجدين الحرمين او كان غيرهما و الطائفة الثانية و هى رواية محمد بن مسلم عام من حيث شمول النهى فيه عن القرب بالمسجدين لما كان لاجل أخذ شي ء او لغير ذلك.

فيقع التعارض بينهما فى مادة الاجتماع و هو فيما كان الدخول فى المسجدين الشريفين بقصد اخذ شي ء منهما.

فمقتضى الطائفة الثانية حرمة الدخول فيهما و الحرمة لما كان الدخول بقصد اخذ شي ء او بغير قصد ذلك و مقتضى الطائفة الاولى جواز الدخول فيهما لاخذ الشي ء لعموم حليّتها لكل مسجد كان هو المسجد الحرام او مسجد النبي او غيرهما من المساجد فيقع التعارض بين الطائفتين الّا ان يدعى شمول الطائفة الاولى لمورد

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 48.

(2) الرواية 17 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 106

الاجتماع اظهر لكن الأظهريّة محل تأمّل او يدعى كون المرجع اطلاق بعض النصوص المانعة عن إتيان المساجد المذكورة فى الباب المعقود لها فى الوسائل «1» و بعد التعارض بينهما و تساقطهما عن الحجيّة فى مادّة الاجتماع يكون المرجع البراءة لانا نشك فى جواز الدخول للجنب فى المسجدين الشريفين لاخذ شي ء و عدمه فيكون الاصل الحليّة.

اقول و فيما يقال نظر أولا مورد رواية زرارة و محمد بن مسلم ليس عاما يشمل مسجد الحرام لان قوله عليه السّلام

فيها (الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين) اعنى صدر الرواية خاص لاختصاص المسجد المحكوم بحكم عدم دخول الحائض و الجنب فيه الا مجتازين هو ساير المساجد غير المسجدين الشريفين لعدم جواز الدخول فيهما حتى مجتازين و بعد كون المراد من (المسجد) فى صدر الرواية هو غير المسجدين فالمراد من المسجد فى قوله عليه السّلام فى ذيل الرواية (و يأخذ ان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا) هو غير المسجدين فلا يكون المسجد فى الرواية عاما يشمل المسجدين الشريفين.

و ثانيا شمول عموم الطائفة الثانية و هى رواية محمد بن مسلم لمادة الاجتماع و هو صورة الدخول فى المسجدين الشريفين لاخذ بشي ء أظهر بنظر العرفى عن شمول الطائفة الاولى لمادة الاجتماع خصوصا مع ما قلنا فى قولنا أولا من عدم شمول هذه الطائفة الدالة على جواز دخول المسجد لاخذ شي ء للمسجدين الشريفين و لا اقل من احتماله و بعد كون الطائفة الثانى من حيث الشمول أظهر من الطائفة الاولى فلا بد في مقام التعارض من الاخذ بها و تكون النتيجة عدم جواز دخول المسجدين الشريفين حتى لاخذ شي ء منهما.

______________________________

(1) الرواية 7 و 9 و 16 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 107

الموضع الثالث: يقع الكلام فى كون المشاهد كالمساجد فى حرمة المكث فيها.
اشارة

يستدلّ على كون المشاهد المشرفة و الضرائح المقدّسة فى حكم المساجد من حيث حرمة المكث للجنب فيها بامور:

الأمر الاول: ما يستفاد من بعض النصوص من ان حرمة المسجد لاجل اشتماله على مدفن معصوم

من نبى او وصى فبعد كون وجه احترام المسجد ذلك فنفس مدفن النبي او الوصى اولى منه بالحرمة.

مثل ما رواها ابن ابى عمير عن بعض اصحابه (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام اني لأكره الصلاة فى مساجدهم فقال لا تكره فما من مسجد بنى الاعلى قبر نبى او وصى نبى قتل فاصاب تلك البقعة رشة من دمه فاحبّ اللّه ان يذكر فيها فأد فيها الفريضة و النوافل و اقض فيها ما فاتك) «1»، فيكون مشهد النبي و الوصى اولى بالحرمة و أشكل عليه بان الحكم بحرمة مكث الجنب فى المسجد يكون لأجل كونه مسجدا لا لأجل شرافة مكانه فلا وجه لدعوى الاولويّة. «2»

و فيه ان المستفاد من الرواية أنّ قبر النبىّ او الوصىّ صار سببا لصيرورة المسجد مسجدا فالمسجدية لاجل القابليّة الحاصلة فى ارض المسجد فاذا ورد حكم متعلق بالمسجد فالمشاهد مشمول لهذا الحكم بالأولويّة.

الأمر الثانى: وجوب تعظيم مشاهدهم و هو يقتضي تجنب الجنب و امثاله عن المكث فيها.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 18 من ابواب المساجد من جامع احاديث الشيعة، ج 4، ص 431.

(2) العلامة الآملى فى مصباح الهدى، ج 4 ص 143.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 108

و أشكل فيه بان التعظيم امر قصدى يدور مدار القصد و ربما كان دخول الجنب تعظيما لها مثل ما لو ضاق عليه وقت التشرف و لم يتمكّن من الغسل. «1»

فنقول فيه ان التعظيم كالتوهين تارة ينسب الى المعظّم و المهوّن و تارة.

بلا خط نفس الفعل مع قطع النظر عن قصد الفاعل ففى الاول لو لم يقصد لا يقال انه عظّم او وهّن الشخص و فى الثانى يقال ان الفعل تعظيم او توهين و لو لم يقصده الفاعل مثلا اذا أوقع الشخص نعوذ باللّه القرآن الكريم

فى محل لا يجوز وقوعه فيه فمجرد ذلك توهين بالقرآن و لو لم يقصد الواضع و لو لم يلتفت به.

اذا عرفت ذلك نقول انه فى الصورة الثانية اعنى فيما صدر فعل من الفاعل لا بقصد التعظيم او التوهين و لكن كان الفعل تعظيما او توهينا و لو لم يلتفت إليه الفاعل مثل ما صدر منه نسيانا و غفلة لا يعاقب و لا يكون مورد النهى و لكن اذا التفت الى كون الفعل تعظيما و كان التعظيم واجبا او التفت الى كون فعله توهينا و كان التوهين حراما فيجب عليه الفعل فى الاول و يحرم عليه الفعل فى الثانى لانه مع كون التعظيم واجبا و يحصل بفعله و مع فرض كون الفعل توهينا و يحصل بفعله و يلتفت الى ذلك يجب الفعل فى الصورة الاولى و يحرم عليه الفعل فى الصورة الثانية حتى فيما لا يقصد بفعله التوهين لانه لا يؤثّر عدم قصد التوهين فى عدم صيرورة الفعل توهينا فيجب تركه عليه لعدم جواز التوهين عليه فلا يتم ما قال هذا القائل فى المقام.

نعم يقع الكلام فى ان تعظيم مشاهدهم يقتضي حرمة دخول الجنب أم لا فنقول بانه و لو لم يقتض التعظيم تجنب الجنب من الدخول فى مشاهدهم لكن لو كان

______________________________

(1) العلامة الآملى فى مصباح الهدى، ج 4، ص 143.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 109

دخوله توهينا عرفا يكفى فى الحرمة.

الأمر الثالث: بعض الاخبار الدالّة على المنع من دخول الجنب فى بيوتهم

فيشمل حال مماتهم خصوصا مع عدم الفرق لهم بين حال حياتهم و بين حال مماتهم لانهم أحياء عند ربّهم يرزقون.

مثل ما رواها ابو بصير (قال دخلت على ابى عبد اللّه عليه السّلام و أنا أريد أن يعطينى دلالة مثل ما

أعطانى ابو جعفر عليه السّلام فلما دخلت عليه قال يا محمد ما كان لك فيما كنت فيه شغل تدخل على أمامك و انت جنب قال قلت جعلت فداك ما فعلت الّا على عمد قال او لم تؤمن قال قلت بلى و لكن ليطمئنّ قلبى قال قم يا با محمد فاغتسل و عدت الى مجلسى فعلمت عند ذلك انه الامام) «1» و غير ذلك «2».

فيقال لا يجوز الدخول للجنب فى مشاهدهم حال مماتهم كما لا يجوز حال حياتهم دخوله فى بيوتهم و من المعلوم أنّ عدم جواز الدخول فى بيوتهم يكون لاجل كون احد المعصومين عليهم السّلام فيها فهو فى مشهده حال موته.

اقول و يمكن دعوى عدم الفرق بين الحياة و الممات ألّا ان يدعى ان الرواية لا يستفاد منها حرمة الدخول جنبا حتى حال الحياة بل يكون على سبيل الكراهة.

الأمر الرابع: السيرة المستمرة على تجنب المتشرعة عن الدخول فى مشاهدهم بلا طهارة عن الحدث الاكبر

بل تجنب المتورعين عن الدخول مع الحدث الاصغر.

و فيه ان السيرة على تقدير وجودها لا تدل على حرمة الدخول او وجوب

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 8 من ابواب وجوب غسل الجنابة من جامع احاديث الشيعة. ج 2 ص 460.

(2) راجع الباب 16 من ابواب الجنابة من الوسائل، حديث 1، 2، 3، 4، 5.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 110

الغسل بل لعل ذلك كان من رجحانه و استحبابه مثل عدم دخولهم بلا وضوء و الحال بانه لا دليل على وجوب الوضوء.

و على كل حال الاحوط لو لم يكن أقوى و لو لبعض الجهات المذكورة حرمة الدخول للجنب فى مشاهدهم حال الجنابة.

و لو تمّت الادلّة الدالة على عدم جواز دخول الجنب المشاهد المشرفة او بعضها فمقتضاها عدم جواز الدخول مطلقا دخولا و جلوسا

و عبورا حتى لاخذ شي ء منها او وضع شي ء فيها لان ما دل على جواز المرور او الدخول لاخذ شي ء مخصوص بالمسجد بالتفصيل المتقدم فلا يشمل المشاهد فالاحوط كون حكمها حكم المسجدين الشريفين ان قلنا فيهما بعدم جواز الدخول فيهما لاخذ شي ء كما عرفت و ان قلنا بجواز الدخول حتى فيهما لاخذ الشي ء على الجنب لا بدّ ان نقول على فرض تمامية ما دل على حرمة دخول الجنب المشاهد المشرفة بعدم جواز الدخول مطلقا حتى لاخذ الشي ء فيها لان جواز الدخول لاخذ الشي ء مختص بالمسجد.

الجهة الرابعة: هل يحرم وضع الشي ء فى المساجد فيما كان وضع الشي ء مستلزما للدخول

او يحرم مطلق الوضع فيها و ان كان من الخارج او فى حال العبور.

اقول قد ذكرنا ما يدلّ على حرمة وضع الجنب شيئا فى المسجد و هو رواية عبد اللّه «1» بن سنان و زرارة و محمد «2» بن مسلم كليهما فى الموضع الثانى من الجهة الثالثة.

و ما ينبغى ان نتكلّم هنا هو ان المحرّم هو الدخول فى المسجد بقصد وضع شي ء فيه فقط فتحرم الوضع بلحاظ الدخول كما قلنا بحليّة الاخذ من المسجد شيئا بلحاظ

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 17 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 17 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 111

الدخول فلو لم يستلزم الوضع الدخول فى المسجد او كان الوضع فى الدخول المحلل مثل الدخول للعبور و الاجتياز لا يكون وضع شي ء محرما او ليس كذلك بل يعم حكم الحرمة نفس وضع شي ء فى المسجد و ان لم يستلزم دخول المسجد مثل ان يلقى شيئا حال الجنابة من الخارج فيه او لم يستلزم الوضع دخول المحرم فى المسجد مثل ما كان دخوله بعنوان المرور

فيضع شيئا فى المسجد و بعبارة اخرى ما هو المحرّم وضع الجنب شيئا فى المسجد سواء استلزم الدخول أو لا.

اعلم ان المسألة ذات قولين فجمع يقولون بالاوّل و جمع يقولون بالثانى و المؤلف رحمه اللّه منهم و نحن تعرضنا للمسألة و بيان الحق فيها فى الموضع الثانى من الجهة الثانية و ان المحرّم هو دخول الجنب فى المسجد لوضع شي ء فيه كما ان المحلل دخوله فيه لاخذ شي ء منه و قد عرفت وجهه فلا نعيد.

الجهة الخامسة: يقع الكلام فى حرمة قراءة السجدة على الجنب

و الكلام تارة فى اصل حرمتها فى الجملة و تارة فى موردها و انه هل هو خصوص الآية السجدة من سور العزائم الاربعة او جميع السورة حتى غير الآية المشتملة على السجدة.

اما الكلام فى حرمتها فى الجملة فهو مما عليها الاجماع و يدلّ عليها بعض النصوص نذكره إن شاء اللّه عند التعرض لبيان موردها و توهّم عدم دلالة النص الاعلى عدم الاستحباب بدعوى ان قراءة القرآن مستحب فاستثناء الغرائم لا يدل الاعلى عدم استحبابها مدفوع بان السؤال كما ترى فى بعض النصوص الّتي نتلوه عليك إن شاء اللّه عن جواز قراءة القرآن حال الجنابة و الحيض فاذا قال نعم الا السجدة يكون معناه جواز قرأته القرآن لهما الا السجدة فلا يجوز لهما قرأتها.

و اما الكلام فى موردها فقد وقع الخلاف بين فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 112

فيه فبعض قالوا بحرمة قراءة جميع سور الغرائم لا خصوص آية السجدة و حكى الاجماع عليه عن جمع.

و بعض قالوا باختصاص الحرمة بقراءة خصوص الآية التى تجب السجدة بقراءتها.

و منشأ الاختلاف الاختلاف فى المراد من النص الوارد فى المقام نذكره و نبيّن ما ينبغى ان

يقال إن شاء اللّه.

روى زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام فى حديث قال قلت له الحائض و الجنب هل يقرآن من القرآن شيئا قال نعم ما شاءا الّا السجدة و يذكران اللّه على كل حال «1».

و روى محمد بن مسلم قال قال ابو جعفر عليه السّلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرأن من القرآن ما شاءا الّا السجدة الحديث. «2»

لان المراد من (السجدة) فى قوله عليه السّلام فى الروايتين (الّا السجدة) هل يكون خصوص الآية المشتملة على السجدة او الواجبة بقراءتها السجدة فلا يجوز للجنب و الحائض قراءتها فقط و اما ما بقى من الآيات السور الاربع التى يكون فيها الآية السجدة فلا مانع لهما من قراءته.

او كان المراد من (السجدة) السورة السجدة حيث يقال بكل من السور الاربع السورة السجدة باعتبار اشتمالها على الآية السجدة.

فلا يجوز قراءة السور الاربع كلها حتى غير الآية السجدة منها.

وجه الاول ظهور كلمة (السجدة) المستثناة قراءتها فى الآية السجدة و ان

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 113

ابيت عن ظهورها فيها فلا اقلّ من عدم ظهورها فى سورة السجدة فنتيجة تصير مجملا و القدر المتقين من عدم جواز القراءة من قوله عليه السّلام (الا السجدة) هو الآية المشتملة على السجدة.

و نشك فى حرمة قراءة ما بقى من آيات السور الغرائم فمقتضى البراءة عدم حرمة قراءتها.

وجه حرمة قراءة جميع السورة أيضا دعوى ظهور قوله عليه السّلام فى الروايتين (الا السجدة) فى سورة السجدة فيكون المراد عدم جواز قرأته السورة المشتملة على السجدة فتحرم

قرأته كل من الآيات من السور الاربع.

و يدل عليه ما عن جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق رحمه اللّه فى المعتبر (قال يجوز للجنب و الحائض أن يقرا ما شاءا من القرآن الّا سور الغرائم الاربع و هى أقر باسم ربّك و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة و روى ذلك البزنطى فى جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام) «1».

و ما فى الفقه الرضا عليه السّلام «2» فأن ما رواها المحقق عن البزنطى و ما فى الفقه الرضا يدلان على ان المحرم على الجنب و الحائض قراءة سور الغرائم كلها.

اقول ما يأتى بالنظر اختصاص الحرمة بقراءة خصوص الآية التى يجب بقراءتها السجدة من سور العزائم لا غيرها لان المحتمل و ان كان فى قوله عليه السّلام (الا السجدة) كل من الاحتمالين المتقدمين لكن الاظهر بين الاحتمالين لو لم يكن الظاهر احتمال كون المراد الآية الواجبة فى قراءتها السجدة.

______________________________

(1) الرواية 11 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) جامع أحاديث الشيعة، ج 2، ص 462، ح 7.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 114

و ان ابيت عن ذلك فكما اشرنا فى بيان وجه هذا الاحتمال لا يكون احتمال كون المراد من (السجدة) سورة السجدة اظهر فيدور الامر بين الاحتمالين و يكون مجملا و حيث ان القدر المتقين من مورد حرمة القراءة خصوص الآية المخصوصة التى يجب فيها السجدة فيبقى حرمة ما بقى من سور الغرائم غير الآيات الاربعة منها الواجبة فيها السجدة بقراءتها بلا دليل فنشك فى حرمتها فيكون المرجع البراءة.

و اما ما حكى المحقق من الرواية عن البزنطى و ما فى الفقه الرضا الدالان على

حرمة قراءة مجموع سور الغرائم على الجنب و الحائض.

ففيه ان الاول ضعيف لارساله و الثانى للاشكال فى اعتباره و صحة استناده.

و مع ما قلنا من عدم حجية الخبرين لا حاجة باتعاب النفس بان يقال كما يمكن الجمع بين رواية زرارة و محمد بن مسلم المتقدمتين و بين ما روى المعتبر و فقه الرضا بحمل (السجدة) فى الطائفة الاولى بقرينة الطائفة الثانية على تمام السور الاربع فيكون النتيجة حرمة قراءة كل السور للجنب كذلك يمكن حمل الطائفة الثانية على خصوص آية المشتملة على السجدة بان يقال ان النهى عن السورة يكون باعتبار الآية فتكون النتيجة حرمة قراءة خصوص الآية المشتملة على السجدة و حمل الثانى لو لم يكن أظهر فلا أقلّ من مساواته مع الحمل الاول كما قال فى المستمسك «1».

و فيه أنّ الاظهر هو الحمل الاول بل هو الظاهر من الطائفة الثانية فالجواب ما قلنا من عدم مقتضى الحجية فى الطائفة الثانية فاذا نقول الاقوى اختصاص الحرمة بقراءة آيات السجدة من تلك السور و لكن ينبغى الاحتياط بترك قراءة مجموع

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 52.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 115

تلك السور للجنب و الحائض.

ثم انه على تقدير حرمة قراءة مجموع السور الاربع على الجنب و الحائض يحرم قراءة بعض واحدة من هذه السور حتى بعض الآية منها و حتى البسملة او بعضها اذا كان قاصدا فى قراءتها لاحدى هذه السور لانها من جملة هذه السور و على فرض حرمة قراءتها يحرم قراءة أبعاضها.

***

[مسئلة 1: من نام فى أحد المسجدين و احتلم]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: من نام فى أحد المسجدين و احتلم أو أجنب فيهما او فى الخارج و دخل فيهما عمدا او سهوا او جهلا وجب عليه

التيمم للخروج الا ان يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمم فيخرج من غير تيمم او كان زمان الغسل فيهما مساويا او أقل من زمان التيمم فيغتسل حينئذ و كذا حال الحائض و النفساء.

(1)

[الكلام فى الجنب]
اشارة

أقول اما الحكم فى الجملة فلا اشكال فيه و المحكى عدم الخلاف فيه لعدم رؤية المخالف الا ما حكى عن الوسيلة من القول باستحباب التيمم فى مفروض المسألة و بعد تسلم اصل الحكم فى الجملة كما يظهر من بعض الروايات ينبغى الكلام فى فروعه لان ما يرى من اختلاف الاقوال فى المسألة يكون مربوطا ببعض هذه الفروع و لم نذكر الأقوال لعدم الثمرة فى ذكرها و يظهر مواردها فى ضمن الفروع و قبل الورود فى التكلم فى هذه الفروع نذكر النص الوارد فى المسألة ثم الفروع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 116

إن شاء اللّه تعالى فنقول.

محمد بن يحيى رفعه عن ابى حمزه قال (قال ابو جعفر عليه السّلام اذا كان الرجل نائما فى المسجد الحرام او مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأصابته جنابة فليتيمم و لا يمرّ فى المسجد الا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل و كذلك الحائض اذا أصابها الحيض تفعل ذلك و لا بأس ان يمرّا فى سائر المساجد و لا يجلسان فيها) «1».

و روى عبد اللّه بن سنان عن ابى حمزة قال قال ابو جعفر عليه السّلام اذا كان الرجل نائما فى المسجد الحرام او مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم و لا يمرّ فى المسجد الا متيمما و لا بأس ان يمرّ فى ساير المساجد و لا يجلس فى شي ء من

المساجد. «2»

و لا يبعد كونهما رواية واحدة لان الراوى فى كل منهما ابو حمزة و المروى عنه ابو جعفر عليه السّلام.

و على كل حال لا يضرّ كون الاولى مرفوعة للاستدلال بما روى ابو حمزة على وجوب التيمم على الجنب فى الجملة لان الاولى من الروايتين ان كانت مرفوعة فثانيها مسندة نعم تظهر الثمرة فى حجيّة الرواية الاولى بالنسبة الى الحائض كما يأتى إن شاء اللّه.

اذا عرفت ذلك نقول ان مورد الروايتين حصول الجنابة بسبب الاحتلام فامر فيه بالتيمم و ان لا يمر فى المسجدين الا مع التيمم حتى يخرج منهما.

فما ينبغى ان نتكلم فيه حتى يظهر حكم الفروع الموردان.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 15 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 117

المورد الاول: فى ان هذا الحكم

اى وجوب التيمم و الخروج متيمما عن المسجدين مختص بما اذا كانت اصابة الجنابة للشخص بسبب الاحتلام كما هو مقتضى الجمود بظاهر الروايتين او يعمّ ما اذا حدثت له الجنابة فى احد المسجدين و لو كان عمدا و كذا ما اذا كان جنبا فدخل فى المسجد عمدا او سهوا او جهلا.

اعلم انه قد يقال بالاول كما نسب الى جمع و منشأ الانحصار بهذه الصورة ليس الا الجمود بمورد الرواية و عدم وجه للتعدى بغير المورد.

و لكن من يلاحظ ان تشريع التيمم فى المورد ليس الا من باب حرمة كون الجنب فى المسجدين سواء كان بالدخول او المكث او الخروج و جعل مورد الرواية اصابة الجنابة بالاحتلام ليس الا من باب المورد و لا خصوصية له و اما من باب ان من يجنب نفسه فى المسجدين عمدا او

يدخل مع الجنابة نادر و لهذا صار هذا المورد مذكورا فى الروايتين.

بل ما يأتى بالنظر و يقتضي ظهور الروايتين كون بيان هذا الحكم تفريعا على امر مركوز فى لسان الشرع و هو مبغوضية كون الجنب فى المسجدين و كونه منهيا عنه فبين هذا الحكم لتقليل المكث المحرم على الجنب.

فعل هذا لا يبقى وجه للانحصار بصورة كون الجنابة بالاحتلام بل يعمّ الحكم كل الموارد الثلاثة.

المورد الثانى: يقع الكلام فى ان ما ورد فى الروايتين المتقدّمتين
اشارة

من الامر بالتيمم لمن اصابته الجنابة فى احد المسجدين هل يكون هذا حكما تعبديّا خاصا واردا فى مورد خاص بحيث يجب التيمم لمن اصابته جنابة فى احد المسجدين للمرور و الخروج كيفما كان و ان كان زمان الخروج مساويا او أقصر من زمان التيمم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 118

و حتى فيما أمكن له الغسل فى زمان مساو مع زمان التيمم للخروج او أقصر منه أو لا يكون كذلك بل كما قلنا فى المورد الاول كان وجه تشريع التيمّم فى المورد لتقليل كون الجنب المنهى عنه فى المسجدين بسبب التيمم.

و لعل وجه عدم ذكر الغسل و الانحصار بذكر التيمم يكون من باب ان الغسل أولا يشغل زمانا اوسع من التيمم و ثانيا لا وسيلة غالبا للغسل و ثالثا يوجب غالبا تلويث المسجد و لهذا أمر بالتيمم.

و لكن ليس فى الامر بالتيمم اعمال تعبد بحيث يريده كيفما كان حتى فيما يتمكن من الغسل فى زمان مساو لزمان التيمم او أقصر منه او كان زمان الخروج أقصر او مساويا لزمان التيمم بل اذا كان زمان الغسل أقصر أو مساو لزمان التيمم يجب الغسل معيّنا و لا تصل النوبة بالتيمم كما انه اذا كان زمان الخروج أقصر من زمان التيمم بل

الغسل او مساو لهما لا يتعيّن التيمم او الغسل بل اذا كان زمان الخروج أقصر من زمانهما يجب الخروج معينا و اذا كان مساو لزمان التيمم لا يجب التيمم و اذا كان مساو لزمان الغسل و امكن الغسل بلا محظور يجوز له الغسل كما يجوز له الخروج و بعد ما بيّنا لك مبنى المسألة يظهر لك حكم الفروع المتفرعة فى المقام إن شاء اللّه.

الفرع الاول: ما اذا احتلم فاصابته الجنابة فى احد المسجدين

و لم يقدر على الغسل او يكون زمان الغسل أطول من زمان التيمم او يوجب الغسل تلويث المسجد و كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج مثل ما كان زمان يمكن فيه التيمم دقيقة و زمان مروره الى الخروج من المسجد دقيقتين او اكثر فيجب التيمم متعيّنا و هذا هو المورد المتقين من رواية ابى حمزة المتقدمة.

الفرع الثانى: ما اذا أجنب فى احد المسجدين بالاحتلام

و كان زمان التيمم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 119

فى الفرض المذكور مساويا لزمان الخروج او أطول منه و لم يتمكن من الغسل فى هذا الزمان فعلى ما بينّا لا مورد للتيمم لانه شرّع لتقليل وقت المكث و الكون فى المسجدين و فى الفرض فيما ساوى زمانه زمان الخروج لا يوجب التيمم تقليل المكث و فيما يكون زمانه أطول من زمان الخروج لا يجوز التيمم لايجابه أطولية الكون فى المسجدين و هو حرام.

و كذا لو تمكن من الغسل لكن كان زمانه أطول من زمان الخروج يجب الخروج معينا لتقليل المكث فى المسجد نعم لو كان زمان الغسل مساويا لزمان الخروج يجوز الغسل كما يجوز الخروج لو لم يوجب الغسل محظورا آخر مثل تلويث المسجد فانّه لا يجوز الغسل فى هذا الفرض.

الفرع الثالث: ما اذا أجنب فى المسجد بالاحتلام و يقدر على الغسل

و كان زمان الغسل مساو مع زمان التيمم او أقصر منه و كان زمانه اقصر من زمان الخروج فيتعيّن الغسل لان تقليل الكون جنبا فى المسجدين واجب بحكم العقل بعد كون طول المكث حراما و هو يحصل بالغسل و لا تصل النوبة بالتيمم و ان كان زمانه مساو له لان التيمم بدل عن الغسل و لا يكون فى الامر بالتيمم فى الرواية اعمال تعبّد كما مرّ فى الموردين الذين قدّمنا ذكرهما.

الفرع الرابع: ما اذا حصلت الجنابة بغير الاحتلام

مثل ما أجنب نفسه فى احد المسجدين او أدخل فيه جنبا عمدا او سهوا او جهلا فبناء على ما عرفت منّا فى المورد الاول من الموردين المتقدمين بعدم خصوصية لحصول الجنابة فى النوم و بسبب الاحتلام فحكم هذا الفرع حكم الجنابة الحاصلة من الاحتلام فيظهر حكمه من حيث وجوب التيمم او الغسل او الخروج بلا تيمم و غسل او التخير من الفرع الاول و الثانى و الثالث.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 120

اذا عرفت حكم الجنب من حيث وجوب التيمم عليه اذا اصبته الجنابة فى هذه احد المسجدين و مورده.

[الكلام فى الحائض و النفساء]
اشارة

يقع الكلام فى الحائض و النفساء فنقول بعونه تعالى يقع الكلام فى المقامين:

المقام الاول: فى الحائض

و فيه تارة يقع الكلام فيما حصل له النقاء فى احد المسجدين هل يجب عليه التيمم للخروج أم لا و فى هذه الصورة مرة يقع الكلام فيما يقتضيه النص فنقول ان مقتضى ذيل الرواية الاولى من روايتى ابى حمزة هو وجوب التيمم على الحائض للخروج لان فيها قال (و كذلك الحائض اذا اصابها الحيض تفعل ذلك) بناء على كون مورد الرواية ما اذا حصل له النقاء و لم يغتسل بعد فيتيمم للخروج او كان لها اطلاق يشمل هذا المورد و لكن كلاهما ممنوعان لان مورد الرواية صورة اصابة الحيض لها فى المسجد فلا بد لتعميمه للمورد من ان يكون النظر تقليل مكث الحائض فى المسجدين فلا فرق بين كون اصابة الحيض فى المسجد او دخل فيه حائضا قبل النقاء او بعد النقاء.

نعم هنا اشكال فى انه اذا كان حائضا لا ثمرة للتيمم لانه محدث مع كونه حائضا و بعد الاشكال فى مورد الرواية و هو صورة اصابة الحيض فى المسجد فكيف يمكن التعدى الى غير مورده و هو صورة دخوله بعد النقاء و قبل الغسل.

الّا ان يقال بأنه بعد ورود الدليل نكشف كون التيمم موجبا لتقليل حدث الحيض و تخفيفه.

و لكن العمدة عدم كون هذه الرواية المتضمنة لهذا الذيل المربوط بالحائض حجة بحيث يشملها دليل حجية الخبر الواحد لكونها مرفوعة كما بينّا.

و اخرى يقع الكلام فيما يقتضيه القاعدة فنقول أنّ مقتضى القاعدة المستفادة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 121

من الادلّة الدالّة على عدم جواز دخول الجنب و الحائض المسجدين هو ان كونهما فيهما مبغوضا و منهيا عنه و

يجب بحكم العقل او النقل و هو ما يستفاد رواية ابى حمزة بالنسبة الى الجنب مسلما و بالنسبة الى الحائض بمقتضى احدى روايته او دعوى كون حكمه حكم الجنب تقليل المكث لهما فيهما فيجب للحائض الخروج منهما مثل الجنب و تقليل المكث فمع امكان التيمم يجب التيمم ان كان يؤثر فى تقليل المكث فيهما حائضا.

و فى هذه الصورة اعنى صورة حصول النقاء له فى احد المسجدين و كان قبل الغسل ان كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج و لم يتمكن من الغسل فى زمان أقصر أو مساو لزمان التيمم يمكن القول بالتيمم بمقتضى القاعدة للحائض.

و تارة يقع الكلام فيما حاضت المرأة فى احد المسجدين الشريفين او كان حائضا فدخلت فى احدهما و انه هل يجب الخروج متيمما أو لا فنقول:

مرة يقع الكلام فيما يقتضيه النص فكما بينّا فى صورة حصول النقاء للحائض فى احد المسجدين و كان قبل الغسل ان مقتضى ذيل الرواية الاولى من روايتى ابى حمزة المتقدمة فى صدر المسألة هو وجوب التيمم على الحائض و موردها يكون فى الصورة لكن قد بينّا ضعف هذه الرواية من حيث السند لكونها مرفوعة.

و اخرى يقع الكلام فيه بمقتضى القاعدة فنقول انه و ان قلنا ان مقتضى القاعدة وجوب تقليل مكث الجنب و الحائض فى المسجدين لمبغوضية كونهما فيهما فلا بد من خروجها و كلما كان المكث مع الحدث أقل يكون مطلوبا لكن الاشكال في هذه الصورة و هو صورة كون المرأة حائضا لا يوجب التيمم بل و لا الغسل رفع الحدث و تقليل المكث فى المسجد مع الحدث حتى يقال بوجوب الغسل فيما كان زمان الغسل أقصر او مساويا مع زمان التيمم و اقصر

من زمان الخروج او يقال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 122

بوجوب التيمم فيما كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج و لم يتمكن من الغسل او كان زمان الغسل أطول من زمان التيمم بل حدثه باق على الفرض الا ان يدعى ان التيمم يوجب تخفيف حدث الحيض و هو مطلوب و العهدة على مدعيه.

فتلخص ان فيما حصل النقاء للحائض و لم يغتسل و كان فى المسجد يمكن دعوى ان مقتضى القاعدة هو وجوب الخروج متيمما فيما كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج و لم يتمكن من الغسل فى هذا الزمان كما بينّا فى الفروع المتقدمة.

و اما فيما حاضت المرأة فى احد المسجدين او دخلت حائضا حيث يجب عليها الخروج لا دليل على وجوب التيمم حتى فيما كان زمان التيمم أقصر من زمان الخروج و من زمان الغسل او لم يتمكن من الغسل و ان كان أحوط.

المقام الثانى: فى النفساء

و مجمل القول فيه انه لا دليل فى البين يدل على وجوب التيمم عليه للخروج اذا دخل فى احد المسجدين الشريفين.

نعم يمكن ان يقال بكون النفساء بحكم الحائض فى الاحكام ففى كل مورد قلنا بوجوب التيمم على الحائض يقال فى النفساء أيضا و الحمد للّه و الصلاة على رسول اللّه.

***

[مسئلة 2: لا فرق فى حرمة دخول الجنب فى المساجد بين المعمور منها و الخراب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: لا فرق فى حرمة دخول الجنب فى المساجد بين المعمور منها و الخراب و ان لم يصلّ فيه احد و لم يبق آثار مسجديته نعم فى مساجد الاراضى المفتوحة عنوة اذا ذهب آثار المسجدية بالمرّة يمكن القول بخروجها عنها لأنّها تابعة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 123

لآثارها و بنائها.

(1)

اقول اما المساجد المعمورة فلا مجال للاشكال فى حرمة دخول الجنب فيها لانها القدر المتقين من المسجد المحرّم دخوله فيه.

و اما الكلام فى الخراب من المساجد فتارة يقع الكلام فى غير المساجد المبنية فى الا راضى المفتوحة عفوة فنقول ان هذا القسم من المساجد بحكم المساجد المعمورة فى حرمة دخول الجنب فيه لعدم زوال المسجدية بزوال آثارها المبنية على عرصة المسجد و بزوال الآثار تبقى العرصة على المسجدية و لا تعود الى ملك واقف المسجد بل النظر فى وقف المسجد يكون بنفس العرصة مستقلا لا بتبع آثارها بل النظر إليها و الآثار تبعا للعرصة.

و تارة بقع الكلام فى المسجد المبنى فى الارض المفتوحة عنوة فيشكل الامر فيه من باب ان مسجدية العرصة فيها تكون بتبع الآثار المبنية عليها لان ملكيتها بتبع الآثار فكما ان ملكية العرصة فيها لا تعتبر الا بتبع آثارها و اذا ذهبت الآثار تذهب الملكية الثابتة بالتبع لارضها كذلك مسجديتها بتبع آثارها فاذا ذهب الاثر تذهب المسجدية

التابعة لارضها لانه لا يمكن له الا وقف ماله بالاعتبار المجعول من الشارع و لهذا يشكل الحكم ببقاء المسجدية بالنسبة الى الارض فى الاراضى المفتوحة عنوة بعد ذهاب الآثار المبنية عليها.

و فى قبال ذلك الاشكال يشكل القول بجعل المسجد فى الارض المفتوحة عنوة لانه ان لم يفرض ملكية العرصة الا بتبع الآثار المبنية عليها فلا معنى لجعل المسجد فى هذه الارض اعنى نفس ارض المفتوحة عنوة لان معنى وقف المسجد تحرير الملك نظير العتق فان معنى العتق تحريره فلا يقبل للعود الى ملكية المعتق كذلك فى وقف المسجد فعلى هذا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 124

لا بدّ اما من الالتزام بعدم صحة وقف عرصة اراضى المفتوحة عنوة من رأس و هو مخالف السيرة فأنّا نرى وقف اراضى العراق للمسجد مع كونها مفتوحة عنوة و اما من الالتزام بابقاء اراضى مساجدها حتى بعد ذهاب آثارها و الابنية المبنية عليها.

الا ان يقال بان المتيقن من السيرة هو جعلها مسجدا بأبناء البناء للمسجد فى هذه الاراضى فتصير مسجدا موقتا ما دام بنائها باقية و هذا يتوقف على القول بامكان وقف المسجد موقتا و لهذا كله يصير الحكم ببقاء حكم المسجد المبنى فى ارض المفتوحة عنوة حتى بعد ذهاب الآثار المبنية عليها مشكلا كما ان القول بخروج المسجد الواقع فيها عن المسجدية بعد ذهاب الآثار مشكل و لهذا نقول الاحوط بقاء احكام المسجد فى المسجد الواقع فى الارض المفتوحة عنوة حتى بعد ذهاب آثارها المبنية عليها.

***

[مسئلة 3: اذا عيّن الشخص فى بيته مكانا للصلاة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: اذا عيّن الشخص فى بيته مكانا للصلاة و جعله مصلى له لا يجرى عليه حكم المسجد.

(1)

اقول لأنّ الظاهر من المسجد الّذي يكون موضوعا لاحكام خاصة هو

المكان الّذي يجعل وقفا على كافة المسلمين للصلاة فيه فلا يشمل ادلة هذه الاحكام الخاصة الثابتة له لغيره.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 125

[مسئلة 4: كل ما شك فى كونه جزء من المسجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: كل ما شك فى كونه جزء من المسجد من صحنه و الحجرات التى فيه و منارته و حيطانه و نحو ذلك لا يجرى عليه الحكم و ان كان الاحوط الاجراء الا اذا علم خروجه منه.

(1)

اقول اما ما شك فى كونه جزء من المسجد فلا يجرى عليه حكم المسجد لعدم جواز التمسك بالأدلّة المثبتة لحكم من الاحكام للمسجد لكون التمسك بها من قبيل التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية فمع الشك فى جريان الحكم تجرى البراءة.

و اما كون الاحوط اجزاء الحكم على المشكوك جزئيته للمسجد الا فيما علم خروجه من المسجد فلم أر له وجها الا رجحان الاحتياط و حسنه على كل حال.

و جعل وجه الاحتياط وجود الامارة على كون جزء جزءا للمسجد بالنسبة الى بعض الاجزاء كالصحن مثلا فاسد لانه ان كانت الامارة القائمة من الامارات المعتبرة شرعا فهى بحكم العلم و معها لا بدّ من الافتاء بجريان حكم المسجد على الجزء لا القول بالاحتياط الوجوبى فضلا عن القول بالاحتياط المستحبى كما هو مراد المؤلف رحمه اللّه.

و ان كانت الامارة غير معتبرة فحكمها حكم الشك و ان قلنا فى موردها بالاحتياط لا يكون الا الاحتياط المستحب كما بيّنا.

***

[مسئلة 5: الجنب اذا قرء دعاء كميل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: الجنب اذا قرء دعاء كميل الاولى و الاحوط

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 126

ان لا يقرأ منها (أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لٰا يَسْتَوُونَ) لانه جزء من سورة حم السجدة و كذا الحائض و الاقوى جوازه لما مرّ من انّ المحرّم قراءة آيات السجدة لا بقية السورة.

(1)

اقول اما الكلام فى قراءة الجنب الآية المذكورة فقد مرّ الكلام فى حكم قراءة سوره الاربع الغرائم غير الآيات

الاربعة منها المشتملة على السجدة فى الجهة الخامسة من الجهات المبحوثة فى الفصل المنعقد لما يحرم على الجنب و حيث انا قوّينا ان المحرّم قراءته هو خصوص الآيات المشتملة على السجدة لا ما بقى من آيات السور الغرائم فلا يحرم قراءة (أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) فى ضمن دعاء كميل على الجنب مثل قراءته فى غير هذا المورد و ان كان الاحتياط بترك قراءتها للجنب حسن.

و اما الكلام فى الحائض فقد مر فى الجهة الخامسة و انه مثل الجنب فى هذا الحكم اى قراءة السجدة بمقتضى النصّ.

ثم ان ما قال المؤلف رحمه اللّه من ان قوله تعالى أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لٰا يَسْتَوُونَ من جملة آيات سورة حم السجدة اشتباه لانها من جملة آيات سورة الم السجدة.

***

[مسئلة 6: الاحوط عدم ادخال الجنب فى المسجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: الاحوط عدم ادخال الجنب فى المسجد و ان كان صبيا او مجنونا او جاهلا بجنابة نفسه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 127

(1)

اقول ان قلنا بان المستفاد من النصوص الدالة على عدم جواز دخول الجنب فى المسجد هو مبغوضية دخول الجنب فى المسجد و عدم رضاء اللّه تعالى بوقوع ذلك بحيث يجب على كل مكلف عدم ايقاع الدخول من الجنب فى المسجد يكون لازمه عدم جواز ادخال الجنب لغير الجنب مثل حمل الجنب على عاتقه و ادخاله المسجد.

كما انه لا يجوز بعث الجنب و امره بدخول المسجد.

كما انه لو دخل الجنب المسجد بنفسه او ادخله غيره فيه سواء كان دخوله او ادخاله عمدا او سهوا او جهلا يجب على المكلف اخراجه عن المسجد بلا فرق بين كون الجنب صبيا او مجنونا او عاقلا او بالغا

كل ذلك لكون وقوع الجنب فى المسجد مبغوضا للّه تعالى فيجب على المكلفين عدم وجود هذا المبغوض كيفما كان و لكن لا دليل فى البين يدلّ على كون النهى عن دخول الجنب فى المسجد بهذا النحو.

و اما ان قلنا بان مقتضى النصوص الواردة فى المقام هو نهى الجنب عن دخول المسجد و بعبارة اخرى يحرم على الجنب ان لا يدخل حال الجنابة فى المسجد و النهى متعلق به و لا تعلق للنهى بغير الجنب.

فلا وجه لحرمة ادخال الجنب فى المسجد لعدم دليل على حرمة ادخال الجنب فى المسجد حتى مع علم الحامل و المحمول بجنابة المحمول و حرمة دخول الجنب فى المسجد فضلا عن صورة الجهل او كون الجنب صبيا او مجنونا لان المنهى دخول الجنب فى المسجد لا ادخال الجنب فلا يحرم ادخاله.

ان قلت انه فى صورة علم الحامل بجنابة المحمول و علم المحمول بجنابته يكون الادخال حراما لكونه اعانة على الاثم و هو دخول الجنب لانه بالادخال يصدق الدخول لانه لا فرق فى حرمة الدخول على الجنب فى المسجد بين كون دخوله بنفسه او بواسطة غيره فلو استأجر الجنب احدا لدخوله فى المسجد يصدق الدخول لو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 128

ادخله الأجير فالجنب دخل المسجد المحرّم دخوله عليه و بعد حرمة الدخول يكون الادخال حراما لصدق الاعانة على الاثم.

قلت بعد كون ظاهر النصوص تعلق النهى بالجنب عن دخوله المسجد فالمراد من النهى هو تحريم ايجاد دخول المسجد من الجنب بالمباشرة فكل مورد يستند الدخول الى الجنب سواء كان برجليه و بآلة مثل بعض الآلات المتعارفة للسير فهو منهى عليه و اما ما لا يكون كذلك مثل ان يدخله

غيره بحيث يستند الدخول الى الغير ففى هذه الصورة و ان حصل الدخول لكن ليس بفعل الجنب و اصدار الدخول منه فليس هذا الدخول حراما لعدم دليل عليه فلا يحرم هذا الدخول حتى يكون الادخال إعانة على الدخول المحرّم فيكون حراما.

فتلخص من كل ذلك ان الاقوى عدم حرمة ادخال الجنب نعم ينبغى الاحتياط بتركه من باب احتمال مبغوضية دخول الجنب فى المسجد على كل حال و ان كان بفعل الغير.

***

[مسئلة 7: لا يجوز ان يستأجر الجنب لكنس المسجد]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: لا يجوز ان يستأجر الجنب لكنس المسجد فى حال جنايته بل الاجارة فاسدة و لا يستحق اجرة، نعم لو استاجره مطلقا، و لكنه كنس فى حال جنابته و كان جاهلا بانه جنب او ناسيا استحق الاجرة بخلاف ما اذا كنس عالما فانه لا يستحق لكونه حراما، و لا يجوز اخذ الاجرة على العمل المحرّم، و كذا الكلام فى الحائض و النفساء و لو كان الاجير جاهلا او

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 129

كلاهما جاهلين فى الصورة الاولى أيضا يستحق الاجرة لان متعلق الاجرة و هو الكنس لا يكون حراما و انما الحرام الدخول و المكث فلا يكون من باب اخذ الاجرة على المحرّم، نعم لو استاجره على الدخول و المكث كانت الاجارة فاسدة و لا يستحق الاجرة و لو كانا جاهلين لانهما محرّمان و لا يستحقّ الاجرة على الحرام و من ذلك ظهر أنه لو استاجر الجنب او الحائض او النفساء للطواف المستحب كانت الاجارة فاسدة و لو مع الجهل و كذا لو استاجره لقراءة العزائم فان المتعلق فيهما هو نفس الفعل المحرّم بخلاف الاجارة للكنس فانه ليس حراما و انما المحرّم شي ء آخر و هو الدخول و

المكث فليس نفس المتعلق حراما.

(1)

اقول الكلام فى المسألة يقع فى طى مسائل:

المسألة الاولى: فى جواز استيجار الجنب لكنس المسجد فى حال جنابته
اشارة

و الكلام فى الموردين:

المورد الاول: فيما كان الاجير او كل من الاجير و المستاجر عالما بالجنابة.

المورد الثانى: فيما كان الاجير جاهلا او ناسيا للجنابة.

و في كل منهما.

مرّة يقع الكلام فى الحرمة التكليفية بمعنى كون الاجارة محرمة تكليفا.

و اخرى يقع الكلام فى الحرمة الوضعية اعنى كون الاجارة فاسدة.

و ثالثة فى استحقاق الأجير للأجرة و عدمه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 130

المورد الاول: فيما كان الاجير او كل من الاجير و المستاجر عالما بالجنابة

و يستأجر الجنب لكنس المسجد.

فهل يحرم الاجارة بالحرمة التكليفية أم لا الحق حرمه الاجارة لان ذلك من الامر بالمنكر المحرّم شرعا و الترغيب فى فعل الحرام فلا يجوز ذلك بالنسبة الى المستاجر نعم مع عدم علمه بذلك فياتى الكلام فيه إن شاء اللّه.

و لان الاجارة تعلقت بالفعل المحرّم و هو كنس المسجد فى حال الجنابة و اجارة المنفعة المحرمة حرام تكليفا مثل اجارة الدار او الدكان لبيع الخمر فيحرم على المستاجر و الاجير مع علمهما بالجنابة.

و اما الحرمة الوضعية و هى فساد الاجارة فلانه بعد كون المنفعة و هى كنس المسجد حال الجنابة محرّمة بنظر الشارع فلا تكون المنفعة مملوكة لان الشرط فى صحة الاجارة كون متعلقها مملوكا فتفسد الاجارة لان من اركان الاجارة كون المنفعة مملوكة.

و وجه كون المنفعة فى الفرض غير مملوكة للأجير لا يكون من باب حرمة نفس الكنس حتى يقال بعدم حرمة كنس المسجد فى حد ذاته بل المحرم هو دخول المسجد او المكث فيه و هما غير الكنس.

بل وجهه ان الكنس المورد للاجارة يتوقف على مقدمة و هى الدخول فى المسجد و هذه المقدمة حرام على الفرض لكونه جنبا او الكنس مقارن لما يكون محرّما و هو المكث فى المسجد فمعهما لا يكون الكنس تحت سلطنة الأجير

حتى يقبل لان يصير مورد الاجارة فلا تصح الاجارة.

او يقال بانه فى مفروض الكلام مع النهى عن الدخول يسلب عن الجنب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 131

القدرة على الكنس شرعا و يشترط فى العمل ان يكون مقدورا للأجير و على الفرض ليس الأجير قادرا على كنس المسجد فلا تقع الاجارة.

و اما الاجرة فنقول اما اجرة المسمى فلا يستحق الاجير لانه بعد كون الاجارة فاسدة لا معنى لاجرة المسمى و أما أجرة المثل فهل يستحقها الأجير أم لا الأقوى استحقاقه لأنّ فساد الإجارة ان كان ناشيا عن حرمة نفس العمل فكان لعدم استحقاق الاجرة وجه صحيح لأنّ العمل المحرم غير مضمون و أمّا أن كان منشأ فساد الإجارة كان ناشيا عن أمر آخر و هو حرمة دخول الجنب و مكثه فى المسجد كما عرفت و لا دليل على عدم كون العمل مضمونا بل مقتضى قاعدة (كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) هو الضمان فالأجير يستحق أجرة المثل فى مفروض الكلام و مما قلنا يظهر أنّ تفصيل المؤلف رحمه اللّه فى هذه الصورة بين العلم و الجهل بعدم استحقاق الأجرة فى صورة العلم و استحقاقه فى صورة الجهل غير تمام خصوصا مع اعترافه بأنّ الكنس لا يكون محرّما و انّما المحرم الدخول و المكث فى المسجد فلا يكون من باب أخذ الاجرة على المحرم فافهم فتلخص أنه فى صورة علم الأجير بجنابة نفسه يستحق أجرة المثل فى صورة كان استأجره حال الجنابة لكنس المسجد.

المورد الثانى: فيما كان الاجير جاهلا او ناسيا بالجنابة.

فنقول لا وجه للحرمة التكليفية لانه مع جهله لا يكون التكليف و النهى بالدخول او المكث فعليا.

و كذلك لا وجه للحرمة الوضعية اعنى فساد الاجارة لانه بعد عدم كون

الكنس محرما بنفسه فيمكن استيفائه فلا اشكال فى حدّ ذاته لصحة الاجارة من حيث الكنس و انما كان منشأ عدم امكان استيفاء مورد الاجارة و هو الكنس من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 132

باب حرمة مقدمته و هو الدخول فى المسجد او مقارنه و هو المكث فى المسجد و الفرض كون الأجير جاهلا بالجنابة و مع جهله لا يحرم مقدمة الكنس و لا مقارنه حتى بصير حرمتهما سببا لعدم مملوكيته و عدم قدرته على العمل و عدم امكان استيفاء المنفعة و هى الكنس فتكون المنفعة فى هذا الفرض ممكن الاستيفاء فلا مانع من صحة الاجارة.

و في هذا الفرض يستحق الاجير الاجيرة لعدم كون فعله و هو كنس المسجد حال الجنابة حراما و لهذا قلنا فى صورة علمه بالجنابة استحقاقه الاجرة غاية الامر اجرة المثل لا المسمى خلافا للمؤلف رحمه اللّه فان ظاهر كلامه عدم استحقاق الاجرة فى هذه الصورة أعنى صورة استيجاره لكنس المسجد حال الجنابة فى صوره علم الأجير بالجنابة فالفرق بين صورة العلم و الجهل هو استحقاق اجره المثل فى صورة العلم و اجره المسمى فى صورة الجهل.

و لا فرق فى صحة الاجارة فى فرض جهل الاجير بالجنابة بين كون المستاجر جاهلا بجنابة الاجير أيضا و بين أن يكون عالما بجنابته لانه مع علم المستاجر بالجنابة لو لم يكن الاجير عالما بجنابة نفسه لا يتنجز عليه النهى المتعلق بمقدمة الكنس و هو دخول المسجد او مقارنه و هو المكث فى المسجد فلا يمنع شيئا من استيفاء منفعة الاجارة لكون العمل مملوكا و يكون العمل مقدورا فلا يبقى مانع عن صحة الاجارة.

نعم لو التزمنا بكون دخول الجنب فى المسجد مبغوضا

على كل حال بحيث لا يرضى الشارع بوقوعه كيفما اتفق من علم الجنب و جهله كما بينا احتماله فى المسألة 6 فمع علم المستاجر بالجنابة يحرم عليه الاجارة تكليفا و تبطل الاجارة لعدم امكان استيفاء المنفعة و هى الكنس من الأجير مع علمه بجنابة الاجير مثل صورة علم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 133

الاجير بالجنابة.

لكن عرفت فى المسألة 6 عدم دليل على هذا الاحتمال بل المتقين من النصوص هو النهى المتعلق بنفس الجنب على ان لا يدخل فى المسجد الا بالمرور فعلى هذا مع جهل الاجير بالجنابة لا تحرم الاجارة تكليفا و لا وضعا سواء كان المستاجر عالما بالجنابة او جاهلا بها.

المسألة الثانية: لو استاجر الجنب مطلقا لكنس المسجد

يعنى غير مقيد بحال الجنابة و لكن الاجير الجنب أمّا كنس المسجد فى غير حال جنابته او كنس فى حال جنابته أما فيما كنس فى غير حال الجنابة فلا ينبغى الاشكال فى عدم حرمة الاجارة تكليفا و لا فى صحة الاجارة و لا فى استحقاقه الاجرة اما لو كنس حال الجنابة فله صورتان:

الصورة الاولى: ما يكون جاهلا بجنابته او ناسيا لها و يكنس المسجد

الصورة الثانية: ما اذا كان عالما بجنابته.

اما فى الصورة الاولى فلا اشكال فى عدم حرمة الاجارة بالحرمة التكليفية لعدم كون كنس المسجد مطلقا و غير مقيّد بحال الجنابة حراما.

و كذلك لا اشكال فى عدم الحرمة الوضعية اعنى بطلان الاجارة لحصول اركان الاجارة و من جملتها امكان استيفاء المنفعة لعدم حرمة الكنس المطلق الّذي هو المنفعة.

و كذلك لا اشكال فى استحقاق الأجير للأجرة لعدم كون فعله و هو الكنس حال الجنابة حراما عليه لفرض جهله بالجنابة او نسيانه.

الصورة الثانية ما لو استاجر الجنب لكنس المسجد مطلقا

و غير مقيد بحال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 134

الجنابة لكن كنسه فى حال الجنابة مع علمه بجنابته.

فأما أصل الاجارة فلا تكون محرمة بالحرمة التكليفية و الوضعية لانه بعد كون الاجارة للكنس مطلقا لا مقيدا بحال الجنابة غير محرّم و يمكن استيفاء المنفعة لقدرته على العمل بالقدرة العقلية و الشرعية.

فلا وجه لحرمتها التكليفية و لا الوضعية فلا تفسد الاجارة.

و انّما الكلام فى استحقاق الاجير للأجرة من باب انه كنس المسجد عالما بجنابته حال الجنابة و ان كان اصل الاجارة مطلقا اختار المؤلف رحمه اللّه فى هذه الصورة عدم استحقاق الاجير للأجرة لكون العمل حراما و لا يجوز اخذ الاجرة على العمل المحرّم.

و فيه أولا ان ما قاله رحمه اللّه فى وجه عدم استحقاق الاجير الأجرة فى صورة علمه بالجنابة فى مفروض الكلام و هو ما كانت الإجارة مطلقا و لكن كنس المسجد فى حال الجنابة مع العلم بجنابته.

من ان العمل يكون محرما و لا يجوز اخذ الاجرة على العمل المحرّم.

مخالف مع ما يقول بعد ذلك فى طى هذه المسألة فى مقام استحقاق الاجير الأجرة فيما آجر نفسه لكنس المسجد فى حال الجنابة فى صورة جهله بالجنابة و هذه عبارته «لان متعلق الاجارة و هو الكنس لا يكون حراما و انما الحرام الدخول و المكث فلا يكون من باب اخذ الاجرة على المحرّم».

حيث انه فى الصورة التالية يقول بان الكنس لا يكون حراما فلا يكون اخذ الاجرة على العمل المحرّم و لكن هنا يقول بعدم استحقاق الاجرة لكون العمل و هو الكنس محرما.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 135

و ثانيا انه كما اعترف فى طى المسألة و قد ذكرنا

عبارته ليس المحرم نفس الكنس لعدم حرمة كنس المسجد حتى فيما آجر نفسه لكنس المسجد حال الجنابة بل المحرم مقدمة الكنس و هى دخول المسجد حال الجنابة او مقارن الكنس و هو المكث فى المسجد حال الجنابة.

فعلى هذا كما قلنا فى المورد الاول المتقدم ذكره فى الصورة الاولى مع علم الاجير بجنابته لا يكون اخذ الاجرة حراما على الاجير من باب ان عمله ليس بمحرّم.

غاية الامر فى المورد الاول فى الصورة الاولى قلنا بعدم استحقاق الاجير اجرة المسمّى لكون الاجارة باطلة بل يستحق اجرة المثل.

و اما فى المورد فمع فرض صحة الاجارة يستحق الاجير الأجرة المسمى اذا كنس المسجد حتى فى حال جنابته فهذا هو الفرق بين العلم بالجنابة فى الصورة الاولى التى ذكرناها و من العلم بالجنابة فى هذه الصورة.

المسألة الثالثة: لو استاجر الجنب على الدخول و المكث فى المسجد

فمختار المؤلف رحمه اللّه فساد الاجارة و عدم استحقاق الاجير الاجرة مطلقا سواء كان الاجير عالما بجنابة نفسه او جاهلا لان الدخول و المكث حرام و لا يستحق الاجرة على الحرام.

اقول اما فى صورة علم الاجير بجنابته فالإجارة فاسدة لانه بعد نهى الشارع عن الدخول و المكث حال الجنابة فى المسجد ترفع سلطنته على الدخول و المكث و لا يقدر على الفعل و هو الدخول و المكث و حيث انه يعتبر فى صحة الاجارة كون متعلق الاجارة مملوكا و مقدور التسليم فتبطل الاجارة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 136

و اما استحقاق الاجير للاجرة فلا يستحق لها لا اجرة المسمى و لا اجرة المثل اما اجرة المسمى لفساد الاجارة على الفرض و اما اجرة المثل فلا يستحقها لان العمل المحرّم غير مضمون و لا يستحق الاجرة على العمل المحرّم.

و اما فى صورة

جهل الاجير بجنابته فيما استاجره لدخول المسجد و المكث فيه.

اما الاجارة ففاسدة لما عرفت من انه بعد كون دخول الجنب و مكثه فى المسجد منهيا عنهما فلا يكونان مملوكين و لا يقدر على تسليم الفعل المتعلق للاجارة و هو الدخول و المكث و لا يدور ذلك مدار العلم و الجهل.

و اما الاجرة فان كان النظر الى اجرة المسمى فلا يستحقّها الاجير لفساد الاجارة فى صورة الجهل بالجنابة.

و اما اجرة المثل فالاقوى استحقاقه لانه بعد جهله بالجنابة او نسيانه الجنابة لا يكون الدخول و المكث فى المسجد على الاجير حراما لعدم تنجز النهى بالنسبة الى الجاهل بالموضوع و ناسيه فلا يصير فعل الاجير الواقع مورد الاجارة و هو الدخول و المكث فى المسجد خارجا عن مملوكيته و قدرته فلا يكون الاجرة على الفعل المحرم حتى لا تكون مضمونة فلهذا يستحق الاجير الاجرة فى صورة جهل الاجير بالجنابة خلافا لما اختاره المؤلف رحمه اللّه فى المقام.

المسألة الرابعة: اعلم ان حكم استيجار الحائض و النفساء لكنس المسجد

او لدخول المسجد و مكثه فيه حكم الجنب على النحو الّذي مضى فى المسائل الثلاثة المتقدمة.

بعد فرض حرمة دخولهما و مكثهما فى المسجد حال الحيض و النفاس.

المسألة الخامسة: لو استاجر الجنب او الحائض او النفساء للطواف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 137

المستحب اختار المؤلف رحمه اللّه بطلان الاجارة و فسادها حتى فى صورة الجهل.

و لكن نحن نقول بالتفصيل بين صورة علم الاجير و جهله ففى الاول تبطل الاجارة و لا يستحق اجرة المسمى و يستحق اجرة المثل و فى الثانى لا تبطل الاجارة و يستحق الاجير اجرة المسمى و وجهه يظهر مما قلنا فى المسألة الاولى و الثانية لانه بعد عدم كون الطواف محرما لصحة الطواف المندوب عن الجنب كما مضى فى فصل ما يتوقف على غسل الجنابة بل المحرم مقدمته و هو دخول المسجد الحرام او مقارنه. هو المكث فيه فيكون مثل ما استاجر الجنب لكنس المسجد.

المسألة السادسة: لو استاجر الجنب لقراءة العزائم

فاختار المؤلف رحمه اللّه فساد الاجارة مطلقا سواء كان الاجير جاهلا بجنابته او عالما به.

و لكن نحن نقول كما قلنا فى المسألة الثالثة بالتفصيل بين صورة علم الاجير الجنب بجنابته و بين صورة جهله.

فتبطل الاجارة فى الاولى و لا يستحق الاجير الاجرة المسمى و لا اجرة المثل لانه بعد كون فعله و هو قراءة العزائم محرّم عليه حال الجنابة فليس عمله مضمونا و الاجرة المسمى لا معنى لها بعد فساد الاجارة على الفرض لان العمل ليس مملوكه و لا تحت قدرته بعد نهى الشارع و تنجزه عليه لعلمه بالجنابة.

و لكن فى الصورة الثانية اعنى صورة جهل الاجير بجنابته و الاجارة و ان كانت فاسدة لعدم كون العمل و هو القراءة مملوكه و لا يقدر على تسليمه و لهذا لا يستحق اجرة المسمى بعد فساد الاجارة و اما اجرة المثل فيستحقها الاجير لانه بعد عدم تنجز النهى عليه لجهله بجنابته لا يكون العمل محرما فيستحق الاجير الاجرة بعمله.

***

ذخيرة العقبى في

شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 138

[مسئلة 8: اذا كان جنبا و كان الماء فى المسجد]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: اذا كان جنبا و كان الماء فى المسجد يجب عليه ان يتيمم و يدخل المسجد لأخذ الماء او الاغتسال فيه و لا يبطل تيممه لوجدان هذا الماء الا بعد الخروج او بعد الاغتسال و لكن لا يباح بهذا التيمم الا دخول المسجد و اللبث فيه بمقدار الحاجة فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن و لا قراءة العزائم الا اذا كانا واجبين فورا.

(1)

اقول اعلم ان مورد المسألة لا بدّ و ان يكون المسجدين الشريفين مسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث انه لا يجوز الدخول للجنب فيهما حتى لاخذ شي ء منهما و الا لو كان النظر الى ساير المساجد فقد مضى من المؤلف رحمه اللّه و منّا جواز دخول الجنب فيه لاخذ شي ء منه فلا حاجة الى التيمم لاخذ الماء الّذي فى ساير المساجد او للاغتسال.

او ان يكون دخول الجنب لاخذ الماء او للاغتسال مستلزما للمكث كما هو الاغلب فى الاغتسال و ان اتفق مورد لا يحتاج الاغتسال الى المكث فى المسجد ففى هذه الصورة يكون ساير المساجد داخلا فى عنوان المسألة لعدم جواز المكث فيه للجنب.

اذا عرفت ذلك يقع الكلام فى المسألة فى موردين:

المورد الاول: اذا كان الشخص جنبا و كان الماء فى المسجد

هل يجب ان يتيمم و يدخل المسجد لاخذ الماء او للاغتسال أو لا.

لا بدّ من ان يفرض فيما كان غسل الجنابة واجبا لاجل بعض غاياته الواجب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 139

له الغسل مثلا كان وقت الصلاة الواجبة فحيث يجب الغسل على الجنب لاجل غايته الواجبة يجب عليه مقدمة دخول المسجد لاخذ الماء او للاغتسال لكون الماء منحصرا بالماء الواقع فى المسجد و حيث يجب دخول المسجد

يجب التيمم للدخول فيه فصار وجوب الغسل لغاية اخرى غير دخول المسجد سببا لوجوب دخول المسجد الّذي هو غاية من الغايات المتوقفة على الطهارة فلا بد له من التيمم لدخول المسجد لعدم تمكنه من الماء فيجب عليه التيمم و الا لو لم يجب عليه الغسل لاجل غاية اخرى لا يجب التيمم لاجل هذه الغاية و هى دخول المسجد.

و هنا اشكال و هو انه بعد ما يكون مورد التيمم عدم التمكن من الماء كما ثبت فى محله و فى المقام بمجرّد تمكنه من اخذ الماء فى المسجد او من الاغتسال يبطل تيممه لصيرورته واجد الماء فيلزم من صحة التيمم عدم صحتها و ما يلزم من وجوده عدمه محال.

و فيه انه ان كان المراد من الوجد ان الّذي قال انه بمجرد تيممه يصير واجد الماء هو كونه واجد الماء و متمكنا من الغسل بالنسبة الى هذه الغاية التى تيمم لها و هو دخول المسجد فهو ليس واجد الماء بالنسبة إليه لان مجرد وجدان الماء ليس ناقضا للتيمم بل وجدان الماء الّذي يتمكن معه من ايجاد الغاية الواجبة عليه بعد انتقاض تيممه ناقضه.

و بعبارة اخرى متى صار لاجل وجدان الماء متمكّنا من إتيان الغسل و الإتيان بالغاية التى لاجلها صار الدخول فى المسجد واجبا و التيمم له يكون وجدان الماء ناقضا لتيممه.

و اما قبل ذلك يكون غير واجد الماء و لا ينتقض تيممه.

و ان كان المراد من صيرورته واجد الماء واجد الماء بالنسبة الى ساير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 140

الغايات فهو صحيح لكن لا يوجب من وجود التيمم عدمه لانه شرّع لغاية خاصة و هي دخول المسجد و لم يصر بالنسبة إليه واجد

الماء.

فهو واجد الماء بالنسبة الى ساير الغايات حتى قبل التيمم لاخذ الماء من المسجد او الاغتسال فيه لقدرته على مقدمته و هو التيمم و الدخول فى المسجد لاخذ الماء او الاغتسال فيه و غير واجد الماء بالنسبة الى هذه الغاية الواجبة مقدمة و هو الدخول فى المسجد لاخذ الماء او الاغتسال حتى بعد التيمم كما عرفت فلا يرد الاشكال و الى هذا اشار المؤلف رحمه اللّه فى قوله (و لا يبطل تيممه لوجدان هذا الماء الا بعد الخروج او بعد الاغتسال).

المورد الثانى: و هل يباح بهذا التيمم خصوص دخول المسجد

و اللبث فيه بمقدار الحاجة فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن و لا قرأته العزائم الا اذا كانا واجبين فورا او يباح له غير هذه الغاية من الغايات الاخرى.

وجه إباحة خصوص هذه الغاية لهذا التيمم لا غيرها من الغايات الا اذا كانت الغايات الاخرى واجبا فوريا هو انه يصدق عدم وجدان الماء بالنسبة الى هذه الغاية مثل التيمم لضيق الوقت على التوضيح الّذي كان محله فى التيمم إن شاء اللّه.

***

[مسئلة 9: اذا علم اجمالا جنابة احد الشخصين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا علم اجمالا جنابة احد الشخصين لا يجوز له استيجارهما و لا استيجار احدهما لقرأته العزائم او دخول المساجد او نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 141

اقول وجهه ان بعد العلم الاجمالى بحرمة مورد الاجارة و هو قرأته العزيمة او دخول المسجد فاستيجار كل من الشخصين يوجب المخالفة القطعية للعلم الاجمالى و استيجار واحد منهما يوجب المخالفة الاحتمالية و ترك الموافقة القطعية و الحال انه تحرم المخالفة القطعية و تجب الموافقة القطعية.

اقول بعد فرض عدم تنجز التكليف المعلوم بالاجمال بالنسبة الى كل من الشخصين مثل واجدى المنى فى الثوب المشترك بينهما فلا يكون العمل الواقع مورد الاجارة خارجا عن كونه مملوكهما و عن تحت قدرتهما لعدم حرمة العمل على واحد منهما حرمة منجّزة فلا مانع من صحة الاجارة و استحقاق كل منهما للاجرة كما بينا فى المسألة الثامنة من المسائل التى ذكرناها فى شرح المسألة 7 فلا مانع من صحة الاجارة و استحقاق كل من الشخصين الاجرة على العمل فضلا عما اذا استاجر احدا منهما.

نعم لو كان مورد الاجارة عملا يعتبر فيه الطهارة الواقعية مثلا صلاة من الصلوات فلا يصح استيجار احد الشخصين

المعلوم جنابة احدهما اجمالا فضلا عن استيجار كل منهما لانه يعلم بطلان عمل احدهما.

بل اذا كان المعتبر فى العمل الواقع مورد الاجارة التقرب يمكن ان يقال بعدم صحة اجارة كل منهما او واحد منهما لانه بعد العلم بجنابة احدهما ليس العمل قابلا لان يتقرّب به فيعلم المستاجر بعدم قابلية عمل احدهما لان يتقرّب به فلا تصح الاجارة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 142

[مسئلة 10: مع الشك فى الجنابة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: مع الشك فى الجنابة لا يحرم شي ء من المحرّمات المذكورة الا اذا كانت حالته السابقة هى الجنابة.

(1)

اقول اما فيما كانت الحالة السابقة الجنابة فهو محكوم بكونه جنبا بحكم الاستصحاب و معه يحرم عليه المحرّمات المذكورة.

و اما فيما كانت الحالة السابقة الطهارة يستصحب الطهارة و معها لا يحرم عليه شي ء من المحرّمات.

و اما فيما لا يعلم الحالة السابقة فتكون الشبهة من الشبهات الموضوعية التحريمية و تجرى فيها اصالة الحلية.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 143

فصل: فى ما يكره على الجنب
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 145

قوله رحمه اللّه

فصل في ما يكره على الجنب

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 145

و هى امور:

الاول: الاكل و الشرب و يرتفع كراهتهما بالوضوء او غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق او غسل اليدين فقط.

الثانى: قرأته ما زاد على سبع آيات من القرآن ما عدا العزائم و قرأته ما زاد على السبعين أشد كراهة.

الثالث: مسّ ما عدا خط المصحف من الجلد و الاوراق و الحواشى و ما بين السطور.

الرابع: النوم الا ان يتوضأ او يتيمم ان لم يكن له الماء بدلا عن الغسل.

الخامس: الخضاب رجلا كان او امرأة و كذا يكره للمختضب قبل ان يأخذ اللون اجناب نفسه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 146

السادس: التدهين.

السابع: الاجماع اذا كان جنابته بالاحتلام.

الثامن: حمل المصحف.

التاسع: تعليق المصحف.

(1)

اقول

الكلام فيما يكره على الجنب يقع فى طى امور
اشارة

نذكرها إن شاء اللّه.

الأمر الاوّل: فى كراهة الاكل و الشرب على الجنب و ما يرتفع به الكراهة
اشارة

فالكلام فى موردين:

المورد الاول: فى كراهة الاكل و الشرب

فنقول المشهور كراهته و حكى عن الصدوق رحمه اللّه القول بالحرمة و ان كان كلامه قابل الحمل على الكراهة.

كما حكى عن المدارك نفى الكراهة نذكر اخبار الباب ثم ما ينبغى ان يقال إن شاء اللّه.

الاولى: ما رواها السكونى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى حديث قال لا يذوق الجنب شيئا حتى يغسل يديه و يتمضمض فانه يخاف منه الوضح) «1».

الثانية: ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال الجنب اذا اراد ان يأكل و يشرب غسل يده و تمضمض و غسل وجهه و اكل و شرب) «2».

الثالثة: ما رواها فى فقه الرضا عليه السّلام (اذا اردت ان تأكل على جنابتك فاغسل

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 147

يديك و تمضمض و استنشق ثم كل و اشرب الى ان تغتسل فان اكلت او شربت قبل ذلك اخاف عليك البرص و لا تعد على ذلك) «1».

الرابعة: ما رواها عبيد اللّه بن على الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام عن ابيه (قال اذا كان الرجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتى يتوضأ) «2».

الخامسة: ما رواها الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن امير المؤمنين على بن ابى طالب عليهم السّلام فى حديث المناهى (قال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الاكل على الجنابة و قال انه يورث الفقر) «3».

السادسة: ما رواها عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه في حديث (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام يأكل الجنب قبل ان يتوضأ قال

انا لنكسل و لكن ليغسل يده فالوضوء افضل) «4».

السابعة: ما رواها ابن بكير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يأكل و يشرب و يقرأ القرآن قال نعم يأكل و يشرب و يقرأ و يذكر اللّه عزّ و جل ما شاء) «5».

و بعد ما ذكرنا الروايات نقول اما الرواية الثانية.

و السادسة: فلا يستفاد منهما الّا استحباب غسل اليد و الوجه و المضمضة اذا اراد الجنب الاكل و الشرب.

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 10 من ابواب انه يكره للجنب ان يأكل و يشرب من كتاب جامع احاديث الشيعة ج 2 ص 465.

(2) الرواية 4 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 7 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(5) الرواية 2 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 148

و اما الرواية الثالثة فغاية ما يستفاد منها كراهة الاكل و الشرب قبل غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق لعدم النهى عن الاكل و الشرب بل قال (اخاف عليك البرص) و النهى فى قوله (و لا تعد على ذلك) يدل على النهى عن الاعتياد بذلك لا فعله مثلا مرّة او مرّات.

و اما الرواية الاولى و الخامسة و ان كان فى الاولى بهيئة النهى و فى الخامسة بمادة النهى لكن قوله فى الاولى (فانه يخاف منه الوضح) و فى الخامسة (و قال انه يورث الفقر) شاهد على كون المراد من النهى الكراهة.

فتبقى الرواية الرابعة الدالة من الجملة الخبرية فيها و هى قوله عليه السّلام (لم يأكل و لم يشرب حتى يتوضأ) على كون الاكل و

الشرب قبل الوضوء منهيا عنه فيمكن ان يقال بقرينة ساير الروايات المحمولة نهيها على الكراهة ان النهى فيها أيضا محمول على الكراهة.

و ان ابيت عن الحمل الّذي قلنا فى هذه الاخبار.

قد يقال بانه بعد كون الرواية السابعة نصا فى جواز الاكل و الشرب للجنب فمقتضى الجمع العرفى حمل ظاهر الاخبار الناهية عن الاكل و الشرب للجنب على نصّ الرواية السابعة فى الجواز فتكون النتيجة حمل النهى فيها بقرينة هذه الرواية على الكراهة فيكون المحصّل ما ذهب إليه المشهور من كراهة الاكل و الشرب للجنب قبل أن يرفع بفعله الكراهة الّذي يأتى الكلام فيه فى المورد الثانى إن شاء اللّه.

و فيه انه لو حمل ما ظاهر النهى من الاخبار على الحرمة و لم نقل بما قلنا من ظهوره فى الكراهة فلا يمكن الجمع بما يقال لان النسبة بين ما دل على الحرمة و بين ما دل على الجواز تكون العموم و الخصوص المطلق للاعمية الطائفة الدالة على الجواز و أخصية الطائفة الدالة على الحرمة لان ما دلّ على الجواز يشمل صورة يتوضأ

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 149

الجنب او يغسل وجهه و يده و تمضمض و استنشق ثمّ يأكل و يشرب و صورة اكله و شربه قبل الوضوء او غسل اليد و المضمضة و الاستنشاق و اما ما دلّ على الحرمة يدل على حرمة الاكل و الشرب للجنب قبل ان يتوضأ او يغسل وجهه و يده و اما بعد ما توضأ او غسل يده و وجهه و المضمضة و الاستنشاق فلا يحرم عليه الاكل و الشرب فيكون مقتضى الجمع بينهما تقيد ما دلّ على الجواز بخصوص صورة الوضوء او غسل الوجه و

اليد و المضمضة و الاستنشاق فتكون النتيجة حرمة الاكل و الشرب قبل الوضوء او غسل اليد و الوجه و المضمضة و الاستنشاق فالعمدة فى وجه القول بكراهة الاكل و الشرب للجنب قبل الوضوء و الغسل هى عدم ظهور الاخبار الناهية فى الحرمة بل ظهورها فى الكراهة لبعض الخصوصيات الواردة فى بعضها.

المورد الثانى: فيما يرفع به الكراهة

و هل هو غسل اليدين و المضمضة قبل ان يأكل الجنب و يشرب لما هو مقتضى الرواية الاولى.

او غسل اليد و المضمضة و غسل الوجه كما هو مقتضى الرواية الثانية.

او غسل اليد و المضمضة و الاستنشاق كما هو مقتضى الرواية الثالثة او الوضوء كما هو مقتضى الرواية الرابعة.

او غسل اليد و الوضوء افضل كما هو مقتضى الرواية السادسة.

فيقال حيث ان مفاد كل من هذه الاخبار مخالف مع الآخر من حيث ما يرتفع به الكراهة يقع بينها التعارض.

فلا بد من ان يقال بان المعتبر فى رفع الكراهة هو فعل كل هذه الامور من غسل اليدين و الوجه و المضمضة و الاستنشاق و الوضوء فيكون كل هذه الامور

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 150

الواردة فى كل رواية فى عرض الآخر من حيث سببيتها لرفع الكراهة بدعوى ان مقتضى مجموع الروايات دخل كل المذكورات فى رفع الكراهة.

او يقال يكفى كل ما ذكر فى كل واحد من الروايات فى رفع الكراهة مثلا ترفع كراهة الاكل و الشرب للجنب بغسل اليدين و المضمضة كما هو مفاد الرواية الاولى.

كما ترتفع الكراهة بغسل اليد و المضمضة و غسل الوجه كما هو مفاد الثانية.

كما ترتفع بغسل اليد و المضمضة و الاستنشاق كما هو مفاد الثالثة.

كما ترتفع بالوضوء كما هو مفاد الرواية الرابعة بدعوى سببية كل ذلك لرفع الكراهة.

او

يقال بكفاية حصول كل واحد من الامور الواردة فى كل واحد من الروايات مع افضلية الوضوء بل كفاية غسل اليد فى رفع الكراهة.

بدعوى ان مفاد الرواية السادسة هو هذا.

او يقال ان كل ما ذكر فى كل هذه الروايات المتعرضة لما يرفع به الكراهة يرفع مرتبة من الكراهة فاذا غسل الجنب يديه قبل الاكل و الشرب و تمضمض ترفع مرتبة من الكراهة و اذا غسل يديه و وجهه و تمضمض ترتفع مرتبة اعلى من الكراهة حتى اذا توضأ ترتفع تمام مراتب الكراهة بدعوى ان هذا الجمع مناسب مع الكراهة كما ترى غير مرة فى الفقه يحمل الاختلاف الواقع فى الروايات فى كراهة شي ء على اختلاف مراتبها.

اذا عرفت الاحتمالات نقول اقوى الاحتمالات هو الاحتمال الرابع لان ظاهر كل ما ذكر فى الروايات الاربعة المتعرضة لما ترفع به الكراهة الامر بفعل ما ذكر فيها لرفع الكراهة فرّ بما يتخيل دخل كلها في رفع الكراهة بحيث لو لم يقع لا يرتفع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 151

الكراهة و لكن ما يأتى بالنظر هو كفاية كل ما ذكر فى الروايات فيكفى غسل اليدين و المضمضة كما فى الرواية الاولى و غسل اليد و المضمضة و غسل الوجه كما فى الثانية و غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق كما فى الثالثة و الوضوء كما فى الرابعة و السادسة بل كفاية غسل اليد فقط فى رفع الكراهة لان المستفاد من الرواية السادسة كفاية غسل اليد و ان كان الوضوء افضل و بعد رفع الكراهة بغسل اليد فقط ترفع بغسل اليد و الوجه او هما مع المضمضة او كلها مع استنشاق و حصول رفع الكراهة بالوضوء اوضح لانه قال

عليه السّلام فى الرواية السادسة (فالوضوء افضل).

نعم يحتمل كون ما ذكر فيه الفعل الازيد يكون أتمّ او افضل مما دونه و لهذا يكون الوضوء من باب اشتماله على غسل الوجه و اليدين و المضمضة و الاستنشاق اذا اتى به مع مستحباته يكون افضل كما يستفاد من الرواية السادسة و لا ينافى ذلك جعل امر اقل و ادون رافعا للكراهة مثل جعل غسل اليدين و المضمضة فقط رافعا للكراهة لمصلحة التسهيل او كسالة الناس و عجزهم عن المرتبة الافضل.

هذا كله بعد الفراغ عن صحة سند الروايات و الا يشكل القول بدخل ما ذكر فيها فى الرافعية مثل الاستنشاق فى رواية فقه الرضا عليه السّلام لما فى سندها من الاشكال.

الأمر الثانى: يقع الكلام فى كراهة قراءة ما زاد على سبع آيات

من القرآن على الجنب ما عدا العزائم و فى أشديّة كراهة ما زاد على سبعين آية فنقول بعونه تعالى.

ان لسان الروايات مختلفة فبعضها يدل على جواز قرأته الجنب القرآن مطلقا او باستثناء العزائم.

مثل ما رواها ابن بكير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يأكل و يشرب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 152

و يقرأ القرآن قال نعم يأكل و يشرب و يقرأ و يذكر اللّه عز و جل ما شاء) «1».

و مثل ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام فى حديث (قال قلت له الحائض و الجنب هل يقرآن من القرآن شيئا قال نعم ما شاء الا السجدة و يذكر اللّه على كل حال) «2» و غيرهما من الروايات.

و بعضها ظاهر فى النهى عن قرأته القرآن للجنب مطلقا.

مثل ما رواها محمد بن على بن الحسين باسناده عن ابى سعيد الخدرىّ (فى وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

لعلى عليه السّلام انه قال يا على من كان جنبا فى الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن فانى اخشى ان تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما) «3» بناء على عدم خصوصية لكون الجنب فى الفراش.

و لكن الاقوى عدم صحة التعدى من مورد الرواية لاحتمال دخل الخصوصية المذكورة و هى كونهما فى فراشهما مع ما قيل من ضعف سندها لانها مروية من طرق العامة.

و مثل ما رواها السكونى عن جعفر بن محمد عن آبائه عن على عليهم السّلام (قال سبعة لا يقرءون القرآن الراكع و الساجد و فى الكنيف و فى الحمام و الجنب و النفساء و الحائض) «4» و اشكل بالروايتين الظاهرتين فى الحرمة بضعف سند الاولى لكون الرواية فى طرق العامة و ضعف الثانية بالسكونى.

فان قلنا بسقوط الروايتين عن الحجية فالطائفة الدالة على الجواز تصير بلا

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 1 من الباب 47 من ابواب قراءة القرآن من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 153

معارض و ان قلنا بحجيتهما او حجية أحدهما.

فالجمع بين الطائفتين سهل بحمل ظاهر الطائفة الثانية على نصّ الطائفة الاولى لان الثانية ظاهر فى الحرمة و الاولى نصّ فى الجواز فتكون النتيجة كراهة قرأته القرآن للجنب هذا بالنسبة الى الطائفتين.

و بعضها يدلّ على الجواز ما بينه و بين سبع آيات و هى رواية واحدة مع قطع النظر عما فى ذيلها و هو قوله (قال و فى رواية الخ).

و هو ما رواها الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان

بن عيسى عن سماعة (قال سالته عن الجنب هل يقرأ القرآن قال ما بينه و بين سبع آيات قال و فى رواية زرعة عن سماعة قال سبعين آية) «1».

و بعضها يدل على الجواز الى سبعين آية و هى ما ذكر فى ذيل الرواية السابقة رواها زرعة عن سماعة قال سبعين آية.

اعلم ان مدرك الاحتمالين الاخيرين و هو جواز القراءة الى سبعة او الى سبعين آية ليس الا رواية سماعة او روايتا سماعة على الكلام فى ذلك و على كل حال تكون مضمرة لعدم ذكر من يروى عنه سماعة و هذا يوجب ضعف الرواية الا ان يدعى كون مضمرات سماعة بحكم المسند او انجبار ضعف سندها بعمل المشهود بها.

ثم بعد ذلك نقول ان هنا كلاما فى ان ما روى الشيخ رحمه اللّه تارة عن عثمان بن عيسى عن سماعة و تارة عن زرعة عن سماعة الدالة الاولى على جواز قرأته الجنب القرآن ما بينه و بين سبع آية و الثانية على الجواز ما بينه و بين سبعين آية هل هى رواية واحدة غاية الامر حصل الاشتباه للناقل فنقل تارة سبعة و تارة سبعين او

______________________________

(1) الرواية 9 من الباب 19 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 154

هما روايتان مستقلتان.

لا يبعد كونهما رواية واحدة رواها سماعة و الراوى عنه مرة عثمان بن عيسى و اخرى زرعة.

فعلى فرض كونهما رواية واحدة تصير مجملة لعدم معلوميّة كون الصادر هو (سبعة) (او سبعين) فغاية ما تدلّ الرواية عليه هو جواز القراءة بين سبعة آيات لان القدر المتقين مما صدر هو السبعة.

و على تقدير كونهما روايتين قد يقال بوقوع التعارض بين الروايتين لان إحداهما

تدل على جواز قرأته القرآن للجنب الى سبع آيات و مفهومها عدم جواز الاكثر من السبعة و الحال ان الثانية تدل على جواز القراءة الى سبعين آية فتصيران متعارضتين.

و لكن يمكن دفعه بان الرواية الدالة على جواز القراءة الى سبعة آيات لا مفهوم لها يقتضي عدم جواز الاكثر من السبعة.

و بما قلنا يظهر لك عدم معارضة هذه الرواية مع ما يدلّ على جواز قرأته الجنب القرآن مطلقا لعدم مفهوم لهذه الرواية يقتضي عدم جواز الازيد من السبع او سبعين آية.

و بعد عدم معارضة رواية سماعة مع الطائفة الدالة على جواز القراءة.

نقول فى مقام الجمع بين الطوائف الثلاثة من الروايات بتقييد او تخصيص ما ظاهره النهى عن القراءة بالطائفة الثالثة من الروايات اعنى رواية سماعة لانّ النسبة بينهما العموم و الخصوص لان ما يدل على حرمة قرأته الجنب القرآن عام او مطلق شموله لجميع القرآن و ان كان سبعون او سبع آية.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 155

و ما يدلّ على جواز سبع آية او سبعين خاص او مقيد لاختصاصه بخصوص السبع او سبعين آية فيخصص به عموم ما دل على الحرمة او يقيد به اطلاقه.

فتكون النتيجة جواز القراءة للجنب فيما بين سبع او سبعين آية على الاختلاف المتقدم فيهما.

و اما ما دل على الجواز مطلقا و هو الطائفة الاولى من الاخبار حيث أنّه نص فى الجواز يحمل ظاهر الطائفة الثانية الدالة على المحرمة مطلقا عليه و تكون النتيجة كراهة القراءة مطلقا على الجنب.

و مما بيّنا فى مقام الجمع بين الطوائف الثلاثة من الاخبار يظهر لك عدم كراهة اقل من سبع آية لانه بعد تخصيص عموم ما ظاهره النهى اعنى الطائفة الثانية او

تقييده بما دل على الجواز فيما بين سبع آية اعنى الطائفة الثالثة فمعناه عدم كون قرأته سبع منهيا عنه فلا دليل على كراهته فنقول بعدم كراهة قرأته القرآن الى سبع آية للجنب.

و اما الى السبعين فحيث لم يثبت كون ما روى عن سماعة روايتين و احتمال كونه رواية واحدة و لا ندرى ان ما صدر هو السبع او السبعين فقدر المتقين من التخصيص او تقييد ما دلّ على الحرمة هو السبع فقط لا ازيد هذا ما يأتى بنظرى القاصر فى المقام.

الأمر الثالث: فى كراهة مسّ ما عدا خط المصحف

من الجلد و الاوراق و الحواشى و ما بين السطور على الجنب بعد ما عرفت من حرمة مسّ خطّه عليه.

اعلم ان مختار المشهور هو الكراهة و المحكى عن السيد المرتضى قدّس سرّه القول بالحرمة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 156

اما النص فما يمكن ان يستدل به على الحرمة قوله تعالى لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «1».

و فيه ان هذا بناء على كون المراد من مرجع الضمير فى قوله عزّ من قائل (لا يمسّه) هو لا المصحف و لم يثبت بل المراد من مرجع الضمير هو القرآن باعتبار كتابته.

و رواية ابراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام (قال المصحف لا تمسّه على غير طهر و لا جنبا و لا تمسّ خطه و لا تعلّقه ان اللّه تعالى يقول لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) «2» بناء على كون المراد من المصحف ما بين الدفتين من القرآن او كون الصادر (خيطه) لا (خطه).

او ان يقال بانه بعد كون تعليق المصحف منهيا عنه للجنب فمسّ جلد المصحف منهى بالاولوية و كذا اوراقه و حواشيه و ما بين سطوره.

او من باب ان النهى عن التعليق يكون

من باب ملازمته الغالبية مع المس باعضاء البدن فلا يجوز مسّه بالبدن.

و رواية محمد بن مسلم (قال قال ابو جعفر عليه السّلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقران من القرآن ما شاء الا السجدة) «3» بدعوى ان الامر بفتح المصحف من وراء الثوب يدلّ على حرمة مسّ المصحف من جلده و اوراقه و حواشيه و ما بين سطوره.

اقول اما رواية محمد بن مسلم فلا يدل الا على الامر بان الجنب يفتح المصحف من وراء الثوب حين يريد قراءة القرآن و ليس فيها ما يدل على ان الامر

______________________________

(1) سورة الواقعة، الآية 79.

(2) الرواية 3 من الباب 12 من ابواب الوضوء من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 20 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 157

بفتحه من وراء الثوب يكون لاجل حرمة مسّ اوراق المصحف بل ربما يكون الامر بفتحه من وراء ثوبه حين قراءته لاجل التحفظ من ان لا يصيب يده او غيرها من اعضاء بدنه بكتابة القرآن و الاقرب هذا الاحتمال فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على حرمة مسّ ورق القرآن او جلده.

و اما رواية ابراهيم بن عبد الحميد فمضافا الى ما يمكن من الخدشة فى دلالتها.

توهن الرواية باعتبار ضعف سندها لانّ من يروى الرواية عن ابراهيم هو جعفر بن محمد بن حكيم و جعفر بن محمد بن ابى الصباح فالاول ليس بحيث يحصل الوثوق بسبب نقله بصدور الرواية على ما يستفاد من كلمات اهل الرجال و ان جعله بعض من الحسان.

و الثانى ليس ذكر منه فى كتب الرجال مضافا الى ما فى ابراهيم بن عبد الحميد من وضع حاله و ان ابراهيم بن

عبد الحميد واحد او متعدد و على فرض التعدد ايهما موثوق به و على كل حال ليست الرواية بحيث تقام حجة على حرمة مسّ غير كتابة القرآن من جلده و ورقه و غير ذلك على خلاف المشهور القائل بالكراهة.

بل يشكل على هذا جعلها دليلا على الكراهة الا من باب قاعدة التسامح او اعتضادها بفتوى المشهور بل ربما كانت هذه الرواية منشأ فتواهم.

و ان ابيت عما قلنا فيما استدل به على الحرمة من الاشكال و قبلنا بان مقتضى الرواية هو الحرمة و لا اشكال فيها من حيث السند و الدلالة لا بدّ من الالتزام بحرمة مسّ المذكورات من المصحف.

ان قلت ان مقتضى بعض الروايات جواز مسّ متعلقات المصحف غير كتابته.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 158

مثل ما رواها حريز عمن أخبره عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال كان إسماعيل بن ابي عبد اللّه عليه السّلام عنده فقال يا بنى اقرأ المصحف فقال انى لست على وضوء فقال لا تمسّ الكتابة و مسّ الورق و أقرأه) «1».

و مثل ما رواها ابو بصير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمن قرأ فى المصحف و هو على غير وضوء قال لا بأس و لا يمسّ الكتاب) «2».

و مقتضاهما جواز مسّ غير كتابة القرآن بلا وضوء سواء كان ورقه او غيره من متعلقاته و المذكور فى رواية حريز و ان كان تجويز مس الورق و كذلك فى الثانية تجويز مسّ المصحف لكن بعد كون النهى فى كل منهما عن مسّ كتابة المصحف فتدلان على جواز مسّ الجنب جلد المصحف و ورقه و بين مسطور كتابته و خيطه.

و الروايتان و ان كان موردهما الوضوء لكن يتعدّى

من الوضوء بالجنابة لعدم الفصل بين الحدث الاصغر و الاكبر فكما يجوز فى الاول يجوز فى الثانى.

و اذا صارت الروايتان دليلين على جواز مسّ متعلقات المصحف ما عدا كتابته يقال بقرينة هاتين الروايتين الدالتين على الجواز بحمل النهى فى الرواية الظاهرة فى الحرمة لاجلهما على الكراهة.

و تكون مقتضى الجمع بين الطائفتين الطائفة الدالة على الحرمة و الطائفة الدالة على الجواز القول بالكراهة.

قلت انه كما ترى مورد الروايتين كون الشخص بلا وضوء و مبتلى بالحدث الاصغر فلا وجه للتعدى من مورده بالحدث الاكبر فلا وجه لاسراء الحكم من

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 12 من ابواب الوضوء من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 159

الحدث الاصغر الى الحدث الاكبر نعم لو كان ما ورد ورد فى المورد الحدث الاكبر كان للتعدى منه الى الحدث الاصغر مجال لكون امره أهون من الحدث الاكبر.

فالعمدة فى رد القول بالحرمة و اثبات الكراهة هو ما قلنا.

الأمر الرابع: فى كراهة النوم للجنب

الّا ان يتوضأ او يتيمم ان لم يكن له الماء بدلا عن الغسل اعلم ان لسان الاخبار مختلفة.

فبعضها يدل على جواز النوم على الجنب و هى الطائفة الاولى.

و فيها روايات:

الرواية الاولى: ما رواها سعيد الاعرج (قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول ينام الرجل و هو جنب تنام المرأة و هى جنب) «1».

الرواية الثانية: ما رواها سماعة (قال سألته عن الجنب يجنب ثم يريد النوم قال ان احبّ ان يتوضأ فيفعل و الغسل احبّ إليّ و افضل من ذلك و ان هو نام و لم يتوضأ و لم يغتسل فليس عليه شي ء) «2».

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق رحمه اللّه (قال و

فى حديث آخر انا أنام على ذلك حتى أصبح و ذلك أنى أريد ان أعود) «3».

و بعضها يدلّ على كراهة النوم على الجنب حتى توضأ و هى الطائفة الثانية.

و هى ما رواها عبيد اللّه بن على الحلبى (قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل أ ينبغي له ان ينام و هو جنب فقال يكره ذلك حتى يتوضأ) «4».

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 1 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 160

و بعضها يدلّ على عدم جواز النوم الاعلى طهور و ان لم يجد الماء فليتيمم و هى الطائفة الثالثة.

و هى ما رواها ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام عن ابيه عن آبائه عن امير المؤمنين عليه السّلام (قال لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الاعلى طهور فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد الحديث) «1».

و بعضها يدلّ على وجوب الغسل على الجنب قبل ان ينام و هى الطائفة الرابعة.

و هى ما رواها عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يواقع اهله أ ينام على ذلك قال ان اللّه يتوفى الانفس فى منامها و ما يدرى ما يطرقه من البلية اذا فرغ فليغتسل الحديث) «2».

اذا عرفت لسان الروايات نقول بعونه تعالى.

انّ مقتضى الجمع بين الروايات هو جواز نوم الجنب فى حال جنابته يعنى بدون الغسل و التيمم على كراهية لان بعد جمع ما يدل على جواز

نوم الجنب جنبا و هى الطائفة الاولى و مع ما يدل على النهى عن نومه الاعلى طهور و هو الطائفة الثالثة يكون مقتضاه القول بكراهة نومه جنبا لحمل ظاهر النهى فى الطائفة الثالثة على النص فى الطائفة الاولى.

و لا بدّ من حمل الطائفة الرابعة الظاهرة فى الامر بالغسل قبل ان ينام بقرينة الطائفة الاولى النص فى جواز النوم على استحباب الغسل قبل ان ينام.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 161

فلو لم تكن الطائفة الثانية اعنى ما يدلّ على كراهة النوم عليه حتى يتوضأ كان مقتضى الجمع بين الطائفة الاولى و الثالثة الحمل على الكراهة.

مضافا الى أنّ الطائفة الثانية يدلّ على كراهة النوم قبل ان يتوضأ و معناه ان مع الوضوء ترفع الكراهة.

و الحال ان مقتضى الطائفة الثالثة الحرمة الا مع الطهور و لو حملت على الكراهة فمقتضاها كراهة النوم قبل حصول الطهارة و من المعلوم ان الطهارة مع الجنابة لا تحصل الا بالغسل و مع العجز عنه فبالتيمم لا بالوضوء فتكون الطائفة الثانية بمدلولها معارض مع الطائفة الثالثة.

الا ان يجمع بين الطائفة الثالثة و بين الطائفة الثانية بحمل الثالثة على نفى تمام مراتب الكراهة بالطهور و هو الغسل و التيمم مع العجز عن الغسل و حمل الطائفة الثانية على ذهاب مرتبة من الكراهة بالوضوء.

و الشاهد على ان النهى للكراهة و ان بالوضوء يذهب مرتبة من الكراهة و بالغسل تمام مراتبه.

الرواية الثانية من الطائفة الاولى و هى رواية سماعة (قال سالته عن الجنب يجنب ثم يريد النوم قال ان احب ان يتوضأ فليفعل

و الغسل احب الى و افضل من ذلك و ان هو نام و لم يتوضأ و لم يغتسل فليس عليه شي ء إن شاء اللّه).

فان الظاهر منها و ان كان الامر بفعل الوضوء و افضلية الغسل و ربما يتوهم ان الرواية تدل على استحباب الوضوء و تعجيل الغسل لا على كراهة النوم مع الجنابة. لكن بقرينة ما دل على النهى من النوم للجنب او كراهته نفهم ان استحباب الوضوء يكون لاجل رفع مرتبة من الكراهة به و التعجيل فى الغسل او ما يقوم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 162

مقامه حال العجز و هو التيمم يوجب رفع تمام مراتب الكراهة.

فتلخص من كل ذلك بانه يجوز للجنب ان ينام قبل الغسل و التيمم و الوضوء غاية الامر مكروه ذلك و ان غسل مع الوصلة الى الماء و نام تزول الكراهة بمراتبها.

كما انه تزول بالتيمم مع العجز عن الماء و الاغتسال كما انه مع القدرة على الماء و الغسل او مع عدم وجدان الماء بقدر الغسل فترك الغسل فى الاول و التيمم فى الثانى او مع القدرة على كل منهما لو توضأ و نام يرتفع بوضوئه مرتبة من مراتب الكراهة.

الأمر الرابع: فى كراهة الخضاب للجنب

رجلا كان او امرأة و فى كراهة ان يجنب المختضب نفسه قبل ان يأخذ اللون فأقول اما الروايات فلسان بعضها الجواز.

مثل ما رواها ابو جميله عن ابى الحسن الاول عليه السّلام (قال لا بأس بان يختضب الجنب و يجنب المختضب و يطلى بالنورة) «1» و غير ذلك و المستفاد منها جواز الخضاب مع الجنابة و ان يجنب مع الخضاب و لا فرق فى الجنب بين الرجل و المرأة فيشمل الجواز كل منهما.

و لسان بعضها عدم

الجواز.

مثل ما رواها عامر بن جذاعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سمعته يقول لا تختضب الحائض و لا الجنب و لا تجنب و عليها خضاب و لا يجنب هو و عليه خضاب و لا يختضب و هو جنب) «2».

و مثل ما رواها كردين المسمعى (قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لا يختضب

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 22 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 22 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 163

الرجل و هو جنب و لا يغتسل و هو مختضب) «1».

و مثل ما رواها جعفر بن محمد بن يونس (أنّ أباه كتب الى أبى الحسن الاوّل عليه السّلام يسأله عن الجنب يختضب او بجنب و هو مختضب فكتب لا احبّ له ذلك) «2».

فنقول مضافا الى ان التعبير بقوله عليه السّلام (لا احب) شاهد على كون النهى فى الاخبار محمول على الكراهة.

مقتضى الجمع بين الاخبار الدالة على الجواز و قد ذكرنا واحدة منها هو حمل النهى فى الاخبار الناهية على الكراهة بمقتضى حمل الظاهر على النص فتكون النتيجة هو القول بكراهة الخضاب للجنب رجلا كان او امرأة و كراهة أجناب النفس و هو مختضب.

و اما وجه اختصاص الكراهة بما قبل أن يأخذ اللون فلما رواها ابو سعيد (قال قلت لابى ابراهيم عليه السّلام أ يختضب الرجل و هو جنب قال لا قلت فيجنب و هو مختضب قال لا ثم مكث قليلا ثم قال يا أبا سعيد ألا ادلّك على شي ء تفعله قلت بلى قال اذا اختضبت بالحناء و أخذ الحناء مأخذه و بلغ فحينئذ فجامع) «3».

الأمر السادس: فى كراهة التدهين للجنب

و وجهها ما رواها حريز

(قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام الجنب يدهن ثم يغتسل قال لا) «4».

اقول لم أر ذكر وجه لحمل النهى على الكراهة و يحتمل كون السؤال عن

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 22 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 8 من الباب 22 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 22 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 1 من الباب 21 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 164

وجوب التدهين قبل الغسل فقال لا يعنى لا يجب فحينئذ لا يدلّ النهى لا على الحرمة و لا على كراهة التدهين.

الأمر السابع: كراهة الجماع للجنب

اذا كانت جنابته بالاحتلام و وجهها ما رواها عبد اللّه بن الحسين بن زيد عن ابيه عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فى حديث و كره ان يغشى الرجل امرأته و قد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الّذي راى فان فعل و خرج الولد مجنونا فلا يلو منّ الا نفسه) «1».

الأمر الثامن: فى كراهة حمل المصحف للجنب

لم أر وجها لها الا ان تعليق المصحف منهى عنه كما فى رواية ابراهيم بن عبد الحميد المتقدمة ذكرها فى الامر الثالث من الامور التى بيّنا فى هذا الفصل فيقال ان التعليق مستلزم للحمل و بعد كون النهى عن التعليق للكراهة فيكون حمل المصحف للجنب مكروها.

الأمر التاسع: فى كراهة تعليق المصحف للجنب

و يدل عليها النهى الوارد فى رواية ابراهيم بن عبد الحميد (و لا تعلّقه) المذكورة فى الامر الثالث من هذا الفصل بناء على حمل النهى على الكراهة. (و قد فرغت من البحث يوم الخامس و العشرين و من الكتابة يوم السادس و العشرين من ذى حجة الحرام 1397 من الحجرة و الحمد للّه و الصلاة على رسول اللّه و على آله و أنا العبد على الصافى الكلبايكاني.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 70 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 165

فصل: فى كيفية الغسل و أحكامه
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 167

قوله رحمه اللّه

فصل فى كيفية الغسل و أحكامه

غسل الجنابة مستحب نفسى و واجب غيرى للغايات الواجبة، و مستحب غيرى للغايات المستحبة، و القول بوجوبه النفس ضعيف، و لا يجب فيه قصد الوجوب و الندب، بل لو قصد الخلاف لا يبطل اذا كان مع الجهل بل مع العلم اذا لم يكن بقصد التشريع و تحقق منه قصد القربة فلو كان قبل الوقت و أعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلا و كذا العكس و مع الشك فى دخوله يكفى الإتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسى او بقصد أحدى غايات المندوبة او بقصد ما فى الواقع من الامر الوجوبى او الندبى.

و الواجب فيه بعد النية غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه فلا يجب غسل باطن العين و الأنف و الأذن و الفم و نحوها و لا يجب غسل الشعر مثل اللحية بل يجب غسل ما تحته من البشرة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 168

و لا يجزى غسله من غسلها نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار

المحسوبة جزءا من البدن مع البشرة و الثقبة التى في الاذن او الانف للحلقة ان كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها و ان كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر وجب غسلها.

و له كيفيتان:

الاولى: الترتيب و هو ان يغسل الرأس و الرقبة أوّلا ثم الطرف الايمن من البدن ثم الطرف الايسر و الأحوط ان يغسل النصف الايمن من الرقبة ثانيا مع الايمن و النصف الايسر مع الايسر و السرة و العورة يغسل نصفهما الايمن مع الايمن و نصفهما الايسر مع الايسر و الاولى ان يغسل تمامهما مع كل من الطرفين و الترتيب المذكور شرط واقعى فلو عكس و لو جهلا او سهوا بطل و لا يجب البدأة بالاعلى فى كل عضو و لا الاعلى فالاعلى و لا الموالاة العرفية بمعنى التتابع و لا بمعنى عدم الجفاف فلو غسل راسه و رقبته فى اوّل النهار و الايمن فى وسطه و الايسر فى آخره صحّ و كذا لا يجب الموالاة فى اجزاء عضو واحد و لو تذكّر بعد الغسل ترك جزء من احد الاعضاء رجع و غسل ذلك الجزء فان كان فى الايسر كفاه ذلك و ان كان فى الايمن وجب غسل الباقى على الترتيب و لو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب.

الثانية: الارتماس و هو غمس تمام البدن فى الماء دفعة واحدة عرفيّة و اللازم ان يكون تمام البدن تحت الماء فى آن واحد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 169

و ان كان غمسه على التدريج فلو خرج بعض بدنه قبل ان ينغمس البعض الآخر لم يكف كما اذا خرجت رجله او دخلت فى الطين قبل ان يدخل راسه

فى الماء او بالعكس بان خرج رأسه من الماء قبل ان تدخل رجله و لا يلزم ان يكون تمام بدنه او معظمه خارج الماء بل لو كان بعضه خارجا فارتمس كفى بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل و حرّك بدنه كفى على الاقوى و لو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الاعادة و لا يكفى غسل ذلك الجزء فقط و يجب تخليل الشعر اذا شك فى وصول الماء الى البشرة التى تحته و لا فرق فى كيفيّة الغسل باحد النحوين بين غسل الجنابة و غيره من سائر الاغسال الواجبة و المندوبة نعم فى غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع بخلاف سائر الاغسال كما سيأتي ان شاء اللّه.

(1)

اقول يقع الكلام فى الفصل بطوله فى طى ثلاثة مباحث إن شاء اللّه.

المبحث الاول: فى ان غسل الجنابة واجب نفسى او مستحب نفسى او انه ليس بواجب و لا مستحب نفسى بل هو واجب غيرى للغايات الواجبة و مستحب غيرى للغايات المستحبة و بعض ما يتفرع عليه.

المبحث الثانى: فى الواجب فى غسل الجنابة بعد النية.

المبحث الثالث: فى ان الغسل الجنابة كيفيتين.

اما الكلام فى المبحث الاول فيقع الكلام فيه فى مواضع:
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 170

الموضع الاول: فى انه هل يجب غسل الجنابة بالوجوب النفسى
اشارة

او يستحب بالاستحباب النفسى أولا بل يجب غسل الجنابة للغايات الواجبة و يستحب للغايات المستحبة و منها الكون على الطهارة.

الاقوى عدم وجوبه و عدم استحبابه نفسيا لان ما يستدل به على وجوبه او استحبابه النفسى غير تمام نذكر وجه القول بوجوبه النفسى او استحبابه النفسى و ما فيه من الاشكال فنقول بعونه تعالى.

حكى عن جمع من الفقهاء القول بوجوب غسل الجنابة نفسيا كابن شهرآشوب و ابن حمزه و من تحرير العلامة و مختلفه و الاردبيلى و غيرهم رضوان اللّه تعالى عليهم و

ما يمكن ان يستدل لهذا القول أمور:
الأمر الاول: الآية الشريفة

وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا «1» وجه الاستدلال هو الامر بالتطهير اذا حصلت الجنابة و الظاهر من الامر الوجوب و الظاهر من الوجوب هو الوجوب النفسى.

و فيه أنّ المراجع بصدر الآية الشريفة يرى كون الامر بالطهارة اذا اجنب للصلاة نذكر الآية قال اللّه تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ مٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 6.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 171

فترى ان وجوب الوضوء على ما يقتضيه ظاهر الآية يكون لاجل الصلاة و قوله تعالى و ان كنتم جنبا. عطف بقوله فاغسلوا كما ان الامر بالتيمم فى مورده يكون للصلاة فمقتضى الآية الشريفة كون كل من الامر بالوضوء و الغسل و التيمم غيريا لا نفسيّا فلا

يتم الاستدلال بها على الوجوب النفسى.

الأمر الثانى: بعض الروايات المدعى دلالته على وجوب غسل الجنابة بالدخول او بالانزال

بدون تعليق وجوبه بامر آخر.

مثل ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام (قال سألته متى يجب الغسل على الرجل و المرأة قال اذا ادخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم) «1».

و مثل ما رواها محمد بن الفضيل (قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المراء تعانق زوجها من خلفه فتحرك على ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها الغسل أو لا يجب عليها الغسل قال اذا جاءتها الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل) «2».

و فيه ان ظاهر هذين الخبرين و نظائرهما ليس الا بيان سببية الدخول او الانزال للجنابة و وجوب الغسل و ليسا فى مقام بيان نحوة وجوبه من انه بالنحو الوجوب النفسى او الغيرى و لهذا لو دل دليل على ان وجوب غسل الجنابة غيرى مثلا يجب للصلاة فلا يعارض امثال هذه الاخبار و مما بينا فى الجواب يظهر الجواب عن الاستدلال ببعض الاخبار الواردة فى بيان علة وجوب غسل الجنابة او حكمته و انه ليس الا فيقام بيان سببية علل الجنابة للغسل فى الجملة لا فيقام نحو وجوبه.

الأمر الثالث: بعض الاخبار الواردة فى وجوب غسل الجنابة على الميت الجنب

و بما دل على ان غسل الميت يجب لجنابته لخروج النطفة فهذا يدل على كون

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 6 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 7 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 172

غسل الجنابة واجبا بالوجوب النفسى.

مثل ما رواها محمد بن سليمان الديلمى عن ابيه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال فى حديث ان رجلا سأل أبا جعفر عليه السّلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة قال اذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التى خلق منها بعينها منه

كائنا ما كان صغيرا او كبيرا ذكرا او أنثى فلذلك يغسل غسل الجنابة) «1».

و فيه أولا لا يعمل بمثل هذه الرواية في مورده فلا يوجبون على الميت غسل الجنابة و ان حصل سببها له حال حياته.

و ثانيا لا دلالة للرواية و نظائرها كون وجوب غسل الجنابة لاستدراك الواجب الفائت عن الميت حال حياته بل ربما كان لعلة اخرى مثل خروج النطفة منه فيجب الغسل لان تلاقيه الملائكة و هو طاهر كما يستفاد من بعض اخبار الباب مثل رواية 6 من هذا الباب.

الأمر الرابع: ما رواها عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه

(قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يواقع اهله ا ينام على ذلك قال ان اللّه يتوفى الانفس فى منامها و لا يدرى ما يطرقه من البلية اذا فرغ فليغتسل الحديث) «2».

بدعوى ان ظاهرها وجوب الغسل نفسيا.

و فيه انه قد مر فى الامر الرابع من الامور التى ذكرناها فى فصل ما يكره على الجنب من انه لا بدّ بقرينة ساير الروايات من حمل الامر بالغسل قبل ان ينام فى رواية عبد الرحمن المتقدمة على الاستحباب.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 25 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 173

مضافا الى ان الرواية ان كان مفادها وجوب الغسل قبل ان ينام فلا يصح الاستدلال بها على كون الغسل عن الجنابة واجبا بالوجوب النفسى لان مقتضى الوجوب النفسى وجوب الغسل بعد خروج المنى او الجماع فورا و ان كان مفادها وجوب الغسل فورا فهو مما لا أظن ان يقول به القائل بوجوبه النفسى.

الأمر الخامس: ما رواها معاذ بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام

(انه سئل عن الدين الّذي لا يقبل اللّه من العباد غيره و لا يعذرهم على جهله فقال شهادة ان لا إله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه و الصلاة الخمس و صيام شهر رمضان و الغسل من الجنابة و حجّ البيت و الاقرار بما جاء من عند اللّه جملة و الايتمام بأئمة الحق من آل محمد صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم الحديث) «1».

و فيه انه مع قطع النظر عن ضعف سندها لا يستفاد الا كون الغسل من الجنابة من جملة الدين و اما كونه باى كيفية من الدين بالنحو الوجوب النفسى او الغيرى فالرواية

عنه ساكتة.

الأمر السادس: انه لو لم يكن غسل الجنابة واجبا نفسيا

لما يجب تقديمه على الواجب المضيق المشروط بالطهارة كصوم شهر رمضان و لا يفرض كون وجوبه وجوبا غيريا مقدميا للغير و هو الصوم لان وجوب الواجب المضيّق مشروط بدخول وقته فما لم يدخل وقته لا يجب مقدمته فليس وجوب الغسل عن الجنابة قبل الفجر فى شهر رمضان وجوبا غيريا مترشّحا عن وجوب الصوم لعدم وجوب الصوم قبل مجي ء الفجر فلا يكون وجوب غسل الجنابة قبل الفجر الا وجوبا نفسيا.

و فيه أولا ان هذا الاشكال على تقدير وروده مشترك الورود بين القائل

______________________________

(1) الرواية 38 من الباب 1 من ابواب مقدمات العبادات.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 174

بعدمه لان القائل بالوجوب النفسى قائل بوجوب الغيرى أيضا لاجل الغايات الواجبة و من جملة هذه الغايات التى تجب لها غسل الجنابة يكون صوم شهر رمضان فكيف يتصور وجوب الغيرى لغسل الجنابة لصوم شهر رمضان قبل دخول الفجر فكلما قال هو نقول نحن به أيضا.

و ثانيا نقول بانه أمّا عند من يقول بالواجب المعلّق فيكون الوجوب حتى قبل وقت الواجب فعليا فلا مانع من وجوب مقدمته فعلا قبل دخول وقت ذيها فلا مانع من وجوب غسل الجنابة قبل الفجر بالوجوب الغيرى المترشح من وجوب الصوم و اما عند من لا يقول بتصوير الواجب المعلّق فلا بد من الالتزام بوجوب بعض مقدمات الواجب قبل وجوب الواجب بخطاب مستقل و هو ما لو لم يقدّمها المكلف على وقت الواجب الموقت يوجب تفويت هذا الواجب الموقت فيجب بخطاب مستقل فبهذا النحو يدفع الاشكال.

فتلخّص بعد ما عرفت من الامور و الاشكال فيها عدم وجه تام للقول بوجوب غسل الجنابة وجوبا نفسيّا.

الموضع الثانى: فى ان غسل الجنابة هل يستحب بالاستحباب النفسى أم لا.

ما يمكن ان يستدل به على الاستحباب النفسى الآية

الشريفة و بعض الروايات- اما الآية.

قوله تعالى وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسٰاءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰى يَطْهُرْنَ فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّٰهُ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «1».

______________________________

(1) آيه 222 سورة 2، البقرة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 175

و فيه ان المستفاد من الآية محبوبية الكون على الطهارة عند اللّه تعالى فالآية تدل على استحباب الوضوء و الغسل بداعى الكون على الطهارة للّه تعالى لا على استحبابه حتى فيما لم يقصد الغاسل الا الغسل لا الكون على الطهارة فالآية الشريفة تدل على استحباب غسل الجنابة بقصد الكون على الطهارة.

اما بعض الروايات:

منها رواية عبد الرحمن المتقدمة ذكرها فى الامر الرابع من الامور التى تعرضناها فى فصل ما يكره على الجنب و فى الموضع الاول من شرح هذا الفصل و بنيّا ان مقتضى الجمع بينها و بين ما يدل من الرواية على الجواز هو حمل الامر فيها على الاستحباب فتدل الرواية على استحباب غسل الجنابة نفسيّا.

و فيه ان الظاهر منها ان لم يكن استحباب غسل الجنابة لغاية و هى كونه على الطهارة لانه ان اصابه موت يلاقى ربه تعالى مع الطهارة فلا أقل من عدم ظهورها فى استحبابه نفسيا.

منها ما رواها محمد بن النعمان المفيد فى الامالى باسناده عن انس فى حديث قال (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا أنس اكثر من الطهور يزيد اللّه فى عمرك و ان استطعت ان تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل فانك تكون إذا متّ على طهارة شهيدا) «1».

و فيه ان الظاهر من الرواية مطلوبيته الكون على الطهارة فى الليل و النهار

فالرواية تدل على استحباب الغسل و الوضوء للكون على الطهارة لا على استحبابهما نفسيّا بحيث لو لم يقصد الكون على الطهارة كان مستحبا.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 11 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 176

و منها ما رواها احمد بن على بن ابى طالب الطبرسى فى الاحتجاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث (ان زنديقا قال له اخبرنى عن المجوس كانوا اقرب الى الصواب فى دينهم أم العرب قال العرب فى الجاهلية كانت اقرب الى الدين الحنفى من المجوس و ذلك ان المجوس كفرت بكل الأنبياء الى ان قال و كانت المجوس لا تغتسل من الجنابة و العرب كانت تغتسل و الاغتسال من خالص شرايع الحنفية الخ) «1».

وجه الاستدلال دلالة الرواية على كون الاغتسال من الجنابة بنفسه من خالص شرايع الحنفية لا من باب كونه مستحبا او واجبا لغاية من الغايات.

و فيه ان الرواية ليست الا في مقام بيان كون الغسل عن الجنابة من شرايع الحنفية و اما كونه منها لاجل نفسها او لغاية حاصلة منه و هى الكون على الطهارة او غيرها من الغايات فليست الرواية في مقام بيانها.

الموضع الثالث: قد ظهر لك مما قلنا فى رد ما تمسك به على استحباب غسل الجنابة نفسيا

ان من الغايات التى يستحب غسل الجنابة لها هى الكون على الطهارة فان اراد باستحباب غسل الجنابة نفسيا استحبابه بقصد الكون على الطهارة للّه تعالى صحّ ما اراد و ان اراد من استحبابه نفسيا استحبابه حتى فيما لم يقصد غاية من الغايات حتى الكون على الطهارة فغير تمام لعدم دليل عليه و أيضا قد عرفت فى الفصل المنعقد لما يتوقف على غسل الجنابة وجوبه لبعض الغايات الواجبة كما يستحب لبعض الغايات المستحبة.

الموضع الرابع: لا يجب فى غسل الجنابة قصد الوجوب و الندب

لما مضى فى الامر الثامن من الامور التى تعرضنا لها فى نيته الوضوء فراجع.

______________________________

(1) الرواية 14 من الباب 1 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 177

الموضع الخامس: لو نوى الخلاف فقصد الوجوب مكان الاستحباب او بالعكس

هل لا يبطل الغسل مطلقا حتى مع العلم اذا لم يكن بقصد التشريع بل و لو مع قصد التشريع.

او لا يبطل فى خصوص ما كان نيته الخلاف مع الجهل.

او لا يبطل فيما كان نيته الخلاف مع العلم و لكن لا يكون بقصد التشريع او يبطل مطلقا حتى مع الجهل احتمالات.

اقول قد مضى منّا فى الامر التاسع من الامور التى ذكرناها فى نية الوضوء من ان نية الخلاف ان كانت على وجه التقييد فلا تصحّ العبادة و ان كانت على غير وجه التقييد فلا تضر نيّة الخلاف و ان كانت على وجه التشريع.

الموضع السادس: لو شك فى دخول الوقت يكفى فى صحة غسل الجنابة إتيانه بداعى غير الصلاة

من الغايات الواجبة ان كان فعل الغاية واجبا او بداعى بعض الغايات المستحبة و منها الكون على الطهارة و اما إتيانه بداعى استحبابه نفسيا فلا تصح لما بيّنا من عدم الدليل على استحباب غسل الجنابة نفسيا خلافا لما اختاره المؤلف رحمه اللّه فى المقام.

المبحث الثانى: فى الواجب فى غسل الجنابة
اشارة

فنقول بعونه تعالى يقع الكلام فى مواضع:

الموضع الاول: يعتبر فى غسل الجنابة النية

بمعنى إتيانه بداعى القربة و العمدة فى وجه اعتبارها هو الاجماع لعدم تمامية ما يستدل به من الآيات و الاخبار كما مضى الكلام فى نية الوضوء فراجع.

الموضع الثانى: يجب فى غسل الجنابة غسل ظاهر تمام البدن

و قد ادعى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 178

عليه الاجماع كما هو المحكى عن بعض الفقهاء رحمه اللّه و يستدل من الآيات بقوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا «1» بدعوى ان فى صدر الآية بيّن الوضوء و محله و اما فى غسل الجنابة فلم يبيّن موردا من الجسد بل امر بالطهارة على الاطلاق و هذا يدل على وجوب تطهير تمام البدن و فيه ان الامر ليس الا بالطهارة و لم يذكر موردها فالآية من حيث المورد تكون مهملة و ليست فى مقام بيانه.

و يستدل عليه ببعض الاخبار.

الاولى: ما رواها محمد بن سنان عن الرضا عليه السّلام (انه كتب إليه فى جواب مسائله علة غسل الجنابة النظافة و لتطهير الانسان مما أصابه من اذاه و تطهير ساير جسده لان الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله الخ) «2» و هذه الرواية تدل على وجوب غسل كل الجسد فى غسل الجنابة الا ان الاشكال فى سندها باعتبار محمد بن سنان.

الثانية: ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه) «3»، تدل على ان الجريان اذا كان من جسده يجزى و الظاهر من (جسده) هو تمام الجسد و مثلها من حيث الدلالة على الاجزاء لو غسل الجسد بعض روايات آخر راجع الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

الثالثة: ما رواها حجر بن زائدة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام

(قال من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو فى النار) «4»، بناء على كون المراد من الشعرة التى لو ترك غسلها

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 6.

(2) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 31 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 5 من الباب 1 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 179

يستحق النار هو محل الشعرة من الجسد و يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه.

الرابعة: ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهم السّلام (قال سألته عن المرأة عليها السوار و الدملج فى بعض ذراعها لا تدرى يجرى الماء تحته أم لا كيف تصنع اذا توضأت او اغتسلت قال تحرّكه حتى يدخل الماء تحته او تنزعه و عن الخاتم الضيق لا يدرى هل تجرى الماء تحته اذا توضأ أم لا كيف تصنع قال ان علم ان الماء لا يدخله فليخرجه اذا توضأ) «1».

هذا كله فيما يستدل به او يمكن الاستدلال به من القرآن الكريم و الاخبار على وجوب غسل ظاهر البدن بتمامه و فى قبال ذلك قد يقال كما نسب الى المحقق الخوانساري رحمه اللّه انه لا يبعد القول بعدم الاعتناء ببقاء شي ء يسير لا يخلّ عرفا بغسل جميع البدن اما مطلقا او مع النسيان لبعض الروايات.

مثل ما رواها ابراهيم بن ابى محمود (قال قلت للرضا عليه السّلام الرجل يجنب فيصيب جسده و راسه الخلوق و الطيب و الشي ء اللكد (اللزق خ) مثل علك الروم و الظرب و ما اشبهه فيغتسل فاذا فرغ وجد شيئا قد بقى فى جسده من اثر الخلوق و الطيب و غيره

قال لا بأس) «2» بدعوى دلالتها على انه مع كون بعض هذه الاشياء فى جسده حال الغسل قال عليه السّلام لا بأس و موردها اما يشمل حال العمد و النسيان كليهما او يكون مورده خصوص النسيان.

و فيه ان ظاهر الرواية بقاء اثر الطيب و الخلوق لانفسهما و الاثر عرض لا يكون له جسمية يمنع عن وصول الماء بالبشرة مثل بقاء اثر النورة و الطين و غيرهما.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 41 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 30 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 180

و مثل ما رواها إسماعيل بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عليهم السّلام (قال كنّ نساء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اذا اغتسلن من الجنابة يبقين (بقيت خ ه) صفرة الطيب على اجسادهنّ و ذلك ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمرهنّ ان يصيبنّ الماء صبا على اجسادهنّ) «1».

و فيه كما قلنا فى الرواية السابقة بان الظاهر منها بقاء صفرة الطيب على اجسادهن و هى لا يمنع عن وصول الماء بالبشرة.

هذا مضافا الى ما يقال فى كل من الروايتين بانهما مما اعرض عنه الاصحاب فليس فيهما مقتضى الحجية.

لكن بعد احتمال كون عدم عملهم للاشكال فى دلالتهما على عدم الاعتناء ببقاء شي ء يسير غير مخلّ عرفا بغسل جميع البدن كما اشكلنا لا انهم مع دلالتهما على ذلك لم يعملوا بهما و اعرضوا عنهما فلم يثبت الاعراض.

الموضع الثالث: و لا يجب غسل البواطن من البدن

فلا يجب غسل باطن العين و الانف و الاذن و الفم و نحوهما بلا خلاف كما حكى عن الحدائق و عن المنتهى و يدلّ عليه مضافا

الى ان ما استدل به على وجوب غسل ظاهر البدن دالّ عليه لأن المنسبق منه الى الذهن الاجزاء الظاهرة. بعض الروايات نذكره إن شاء اللّه و بعونه.

الرواية الاولى: ما رواها عبد اللّه بن سنان (قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام لا يجنب الانف و الفم لانهما سائلان) «2» و يستفاد من الرواية عدم وجوب غسل الانف و الفم و الظاهر عدم الفرق بينهما و بين غيرهما من البواطن.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 30 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 181

الرواية الثانية: ما رواها ابو يحيى الواسطى عن بعض اصحابه (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الجنب يتمضمض و يستنشق قال لا انما يجنب الظاهر) «1».

الرواية الثالثة: ما رواها ابو يحيى الواسطى عمن حدثه (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام الجنب يتمضمض فقال لا انما يجنب الظاهر و لا يجنب الباطن) «2».

الرواية الرابعة: مرسلة الصدوق و لا يخفى ضعف سند الثانية و الثالثة و الرابعة لعدم معلومية بعض الاصحاب الّذي روى عنه ابو يحيى فى الاولى و عدم معلومية من حدّث أبا يحيى فى الثانية) و كون الرابعة مرسلة الّا أن يدعى جبر ضعف سند الخبرين بعمل القدماء رحمه اللّه بهما و مع قطع النظر عن الروايات.

فالعمدة فى المسألة دعوى عدم الخلاف فى عدم وجوب غسل الباطن و لقصور الادلة الدالة على وجوب غسل البدن عن شمولها للباطن بل كما قلنا يجزى غسل الظاهر لانسباق ذلك و أن أبيت عن ذلك و شككنا فى وجوب غسل الباطن و تصل النوبة بالاصل العملى فالاصل البراءة لكون الشك

فى جزئية الشي ء و شرطيته الا عند من يقول باصالة الاحتياط فى المورد لكون الشك فى المحصل من باب ان الواجب الطهارة و الغسل محصّلها.

الموضع الرابع: و لا يجب غسل الشعر مثل اللحية
اشارة

بل يجب غسل ما تحته من البشرة و لا يجزى غسله عن غسلها كذا قال المؤلف رحمه اللّه.

أقول يقع الكلام في الموردين:

المورد الاول: فى وجوب غسل البشرة و عدم اجزاء غسل الشعر المحيط

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 182

عليها كاللحية عن غسل البشرة.

المورد الثانى: فى وجوب غسل الشعر مضافا الى غسل البشرة و عدمه.

اما الكلام فى المورد الاول

فنقول يجب غسل نفس البشرة و لا يكتفى بغسل الشعر المحيط عليها منها امّا فتوى فادعى عليه الاجماع كما حكى عن الغنية و غيرها و عن بعض الفقهاء كونه مذهب الاصحاب و عن بعض دعوى عدم خلاف فيه و اما من حيث النص.

يدل عليه الروايات الواردة فى وجوب غسل الجسد على اختلاف ألسنتها راجع الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل و لا يخفى ان من يغسل الشعر المحيط على الجسد لم يغسل جسده.

مثل ما رواها زرارة (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفّيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و استنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك ليس قبله و لا بعده وضوء و كل شي ء امسسته الماء فقد أنقيته و لو ان رجلا ارتمس فى الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده) «1».

و الرواية التى رواها عبد اللّه بن يحيى الكاهلى (قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام ان النساء اليوم احدثن مشطا تعمّد احداهنّ الى القرامل من الصّوف تفعله الماشطة تصنعه مع الشعر ثمّ تحشوه بالرياحين

ثم تجعل عليه خرقة رقيقة ثم تخيطه بمسلة ثم تجعلها فى راسها ثم تصيبها الجنابة فقال كان النساء الاوّل انما يتمشّطن المقاديم فاذا أصابهنّ الغسل تغدر مرها ان تروّى رأسها من الماء و تعصره حتى يروى فاذا

______________________________

(1) الرواية 5 من 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 183

روّى فلا بأس عليها قال قلت فالحائض قال تنقض المشطة نقضا) «1».

قال صاحب المنتقى قوله تغدر معناه تترك الشعر على حاله و لا تنقضه و قال فى القاموس اغدره تركه و ابقاه كغادره.

قال فى الوافى التروية المبالغة في ايصال الماء من الرّى بدعوى دلالة قوله تروّى راسها الخ على وجوب ايصال الماء به الى ان يروى به الرأس.

و على هذا لا اشكال فى وجوب غسل الجسد بتمامه حتى الجزء الّذي احاطه الشعر.

المورد الثانى: هل يجب غسل الشعر مطلقا

سواء كان كثيفا كاللحية و شعور رءوس النساء او كان رقيقا كالشعور الصغار التى ربما يعدّ جزء من البدن أو لا يجب غسله مطلقا فى غسل الجنابة او يفصّل بين الشعور الكثيفة فلا يجب غسلها و بين الشعور الرقاق فيجب غسلها.

وجه الاحتمال الاول ان الظاهر من الادلة وجوب غسل الجسد فى غسل الجنابة و الجسد يشمل ظاهر البدن من الجلد و الشعر الواقع على البشرة اما من باب كون البشرة و الشعر الواقع عليها كليهما داخلين فى الجسد الموضوع للغسل و اما من باب ان الجسد و ان كان المراد منه البشرة لكن الشعر الواقع عليها داخل فى الجسد لكونه من توابعه و ملحقاته كما استظهرنا ذلك فى الوضوء و قلنا بان الظاهر من اليد الواجب غسله هو البشرة مع الشعور الواقعة عليها و لم يكن دليل

فى البين غير الاجماع يدل على وجوب غسل اليد من الذراع الى اطراف الاصابع من البشرة و الشعور الواقعة عليها غير هذا الظاهر.

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 38 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 184

و ان قلنا فى غسل الوجه فى الوضوء بكفاية غسل ما أحاط البشرة من الشعر فكان للدليل الخاص فعلى هذا نقول ان نفس الأدلّة الدالة على غسل ظاهر الجسد فى الغسل و كذا بعض الروايات الدالة على غسل الرأس و طرف الايمن و الايسر فى غسل الترتيبى يشمل ظاهر البشرة مع الشعور الواقعة عليها.

و لدلالة بعض الروايات عليه مثل ما رواها حجر بن زائدة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (قال من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو فى النار) «1»، بناء على حملها على نفس الشعرة لا على موضع الشعرة كما هو احد احتماليه ذكرنا فى الموضع الاول.

اقول و احتمل ان يكون المراد من قوله عليه السّلام من ترك شعرة هو المقدار من الشعرة بمعنى ان من ترك مقدار شعرة ممّا وجب غسله فى الجنابة فهو فى النار فلا يصح الاستدلال بها لوجوب غسل البشرة بتمامها كما استدل بها على ذلك فى الموضع الاول و لا على وجوب غسل الشعر من البشرة كما استدل بها فى هذا الموضع لانها في مقام بيان أمر آخر و هو أن ما وجب غسله لا يترك غسله و ان كان بمقدار شعرة و اما ما وجب غسله هل هو البشرة أو الشعر أو كليهما فهى ليست في مقام بيانه و يناسب ذلك بيان ذكر العقوبة عليها.

و مثل الرواية التى ذكرناها فى الموضع الرابع و هى ما

رواها عبد اللّه بن يحيى الكاهلى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها قال عليه السّلام (مرها ان تروّى راسها من الماء و تعصره حتى يروّى فاذا روّى فلا بأس عليها الخ).

بدعوى دلالتها على وجوب التروية اعنى المبالغة فى ايصال الماء بالرأس و الرأس يشمل بشرة الرأس و الشعر المحيط بها.

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 1 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 185

و مثل ما رواها محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام (قال حدثتني سلمى (سلّمه) خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالت كانت أشعار نساء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قرون رءوسهن مقدّم رءوسهن فكان يكفيهنّ من الماء شي ء قليل فأما النساء الآن فقد ينبغى لهنّ ان يبالغن فى الماء) «1» و فى هذا الباب بعض الاخبار الاخر يدل على وجوب المبالغة فى الغسل مثل الثاني و الخامس. «2»

اقول و عمدة الاشكال فى ما رواه الكاهلى و ما بعدها من الروايات هو ان الامر بالروية و المبالغة فى الماء او فى الغسل هل يكون لاجل وصول الماء بالبشرة و الشعر المحيط بها حتى يكون دليلا على وجوب غسل كل من البشرة و الشعر فى غسل الجنابة.

او ان الامر بهذه الامور يكون من باب ايصال الماء بالبشرة و يكون غسل الشعر او كيفية و ضعه يكون مقدمة لايصال الماء بالبشرة و رفع مانعية الشعر عن ايصال الماء بالبشرة لا لموضوعية الشعر بنفسه فى مقام الغسل.

او ان ما يجب غسله في مقام الغسل معلوم عند السائل و المسئول عنه و انه البشرة او الشعر المحيط بها او

كليهما فلا يكون النظر فى هذه الروايات الى بيان ما يجب غسله بل النظر فيها يكون الى ان المكلف في مقام الغسل يؤدى العمل بنحو يغسل ما يعلم بوجوب غسله فيؤدّي على طبق وظيفته.

و الاحتمال الثالث هو ما يأتى بنظرى القاصر و لم أر من ذكره و هذا الاحتمال لو لم يكن اقوى الاحتمالات بمقتضى ظاهر الروايات فلا اقل من تساويه مع الاحتمالين الاولين فلا يمكن الاستدلال بهذه الاخبار على احد الاحتمالات

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 38 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 و 5 من الباب 38 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 186

الثلاثة التى ذكرنا فى صدر المسألة.

و ان ابيت عن الاخذ بما احتملنا و هو الاحتمال الثالث يبقى الاحتمالان الاولان و لا يعلم اقوائية الاحتمال الاول على الثانى فأيضا لا يمكن الاستدلال بهذه الاخبار على وجوب غسل الشعر.

و مثل ما رواها الصدوق رحمه اللّه باسناده (قال جاء نفر من اليهود الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسأله أعلمهم عن مسائل و كان فيما سأله أن قال لاى شي ء امر اللّه تعالى بالاغتسال من الجنابة و لم يأمر بالغسل من الغائط و البول فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان آدم عليه السّلام لما اكل من الشجرة دبّ ذلك فى عروقه و شعره و بشره فاذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق و شعرة فى جسده فأوجب اللّه عزّ و جلّ على ذريّته الاغتسال من الجنابة الى يوم القيامة و البول يخرج من فضلة الشراب الّذي يشربه الانسان و الغائط يخرج من فضلة الطعام

الّذي يأكله الانسان فعليه فى ذلك الوضوء قال اليهودى صدقت يا محمد) «1» و هذه الرواية لا يخلو عن أشعار على وجوب غسل الشعر مع البشرة.

و مع قطع النظر عن كل ذلك يقال و لو شككنا فى وجوب غسل الشعر و عدمه فى غسل الجنابة و لم نجد الدليل اللفظي على اعتباره و لا على عدم اعتباره لا بدّ من الاحتياط بغسل الشعر لان المورد و ان كان من جملة موارد الشك فى الجزئية و الشرطية لكن يكون مجرى الاشتغال لا البراءة لكونه من الشك في المحصّل لان الواجب كما هو ظاهر قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا هو الطهارة و غسل البدن محصّل الطهارة فيكون مورد أصالة الاحتياط و مقتضاها وجوب غسل الشعر مع البشرة كى يعلم بالبراءة.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 2 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 187

وجه الاحتمال الثانى و هو وجوب غسل البشرة فقط فى غسل الجنابة و عدم وجوب غسل الشعر سواء كان كثيفا او رقيقا امور:

الأمر الاول: ما عرفت فى الموضع الاول فى وجوب غسل تمام البشرة فى غسل الجنابة ان المذكور فى الروايات وجوب غسل الجسد و المراد منه البشرة و ليست الشعور من الجسد.

و فيه انه كيف يمكن ان يقال بخروج الشعر عن الجسد الموضوع لوجوب الغسل او عن الرأس او عن الايمن و الايسر الموضوع للغسل مطلقا او للغسل الترتيبى كما مر فى الوضوء.

الأمر الثانى: ما رواها غياث بن ابراهيم عن ابي عبد اللّه عن ابيه عن على عليهم السّلام (قال لا تنقض المرأة شعرها اذا اغتسلت من الجنابة) «1» بدعوى ان عدم وجوب نقض الشعر

يكون لاجل عدم وجوب غسله.

و فيه ان عدم وجوب نقض الشعر ربما يكون لعدم الحاجة فى وصول الماء بالشعر على نقضه فلم يجبه فلا يدلّ على عدم وجوب غسل الشعر.

الأمر الثالث: البراءة لأنّه بعد عدم الدليل على وجوب غسل الشعر فان شككنا فى وجوبه و فرض عدم الدليل على عدم وجوبه يكفى لعدم الوجوب البراءة لكون الشك فى جزئية شي ء للمأمور به و عدمه فالشك فى الاقل و الاكثر و يكون على التحقيق مجرى البراءة.

و فيه أولا وصول النوبة بالاصل العملى غير معلوم و ثانيا على تقدير وصول النوبة بالاصل العملى كون المورد البراءة غير معلوم لان الواجب ان كانت الطهارة

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 38 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 188

و كان غسل البدن محصّلها فمع الشك يكون مورد الاحتياط. فينبغى التكلم فى ان المورد من الشك فى المحصّل أم لا.

وجه الاحتمال الثالث اعنى التفصيل بين الشعر الكثيف مثل شعر رأس المرأة و لحية الرجل و بين الشعر الدقيق فلا يجب غسل الاول و يجب غسل الثانى لان الشعر الدقيق يعدّ عرفا من الجسد الّذي امر بغسله فى روايات الباب كما مرّ فى الوضوء بخلاف الشعر الكثيف فانه لا يعدّ من الجسد و من توابعه.

اذا عرفت المحتملات فى المسألة و وجوهها نقول بعونه تعالى.

اما الاحتمال الثالث و هو التفصيل فى وجوب غسل الشعور بين كثيفها و دقيقها فلا وجه له يمكن الذهاب إليه لانه ان عدّ الشعور الدقاق جزء من الجسد الّذي موضوع للغسل فى غسل الجنابة فكذلك الشعور الكثيفة و اى فرق بين الرأس و غير الرأس فكما ان غير الرأس من البدن يشمل

الجسد بشعورها الواقعة عليه كذلك الرأس خصوصا فى مثل الغسل و الغسل المبنى على نظافة البدن و غسله لحصول الطهارة.

و اما الاحتمال الثانى و هو عدم وجوب غسل الشعر مطلقا كثيفه و دقيقه فقد عرفت عدم تمامية ما ذكر وجها له نعم لو لم يكن دليل لفظى فى البين و وصلت النوبة بالاصل العملى يكون الاصل البراءة لا الاحتياط لان الشك لا يكون فى المحصّل لان المطلوب و الغرض من الغسل و ان كان حصول الطهارة لكن الواجب هو محصّلها و هو غسل البدن كما هو ظاهر النصوص لكن لا تصل النوبة بالاصل العملى.

و يبقى الاحتمال الاول و ما هو العمدة فى وجه هذا الاحتمال عدّ الشعر من الجسد لصدق الجسد الموضوع للغسل على البشرة و الشعور الواقعة عليها خصوصا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 189

فى مقام الغسل و لهذا نقول بان الاحوط لو لم يكن الاقوى هو الاحتمال الاول و هو وجوب غسل البشرة مع الشعر.

و اما الاخبار المستدلة بها على هذا الوجه فهى قابلة الحمل على كون وجوب غسل الشعر وجوبا مقدميّا لان يصل الماء بالبشرة لا وجوبا نفسيّا هذا ما عندنا فى هذه المسألة و الحمد له و الصلاة و السلام على رسوله و آله.

الموضع الخامس: و هل الثقبة التى فى الاذن او فى الانف للحلقة يجب غسلها

او لا يجب غسلها.

قال المؤلف رحمه اللّه ان كانت الثقبة ضيقه لا يرى باطنها لا يجب غسلها و ان كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر وجب غسلها.

اقول: الظاهر من كلامه رحمه اللّه ايكال الامر فيما هو الباطن و الظاهر الى العرف لان بعد إفتائه بان الثقبة ان كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها) قال و ان كانت واسعة بحيث تعدّ من

الظاهر وجب غسلها) يعنى تعدّ عند العرف من الظاهر فحكمه بعدم وجوب غسلها فيما كانت ضيقة لا يرى باطنها يكون من باب عدها عرفا من الباطن.

لا ما توهمه بعض الشراح من ان ما لا يرى باطنها تعدّ من الباطن و ما يرى باطنها تعدّ من الظاهر لان الضابط فى كون الشي ء ظاهرا ليس امكان رؤيته و كونه من الباطن عدم رؤيته.

و على كل حال ان كانت الثقبة ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها لعدها عرفا من الباطن و اما ان كانت واسعة يعدّها العرف من الظاهر فافهم.

المبحث الثالث: فى كيفية الغسل الجنابة اعلم ان له كيفيتين:
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 190

الكيفية الاولى: الترتيبى.

الكيفية الثانية: الارتماسى.

و لا اشكال فى صحة الغسل بكل واحد من الترتيبى و الارتماسى كما يظهر من النصوص التى نتعرض بعضها إن شاء اللّه فى ضمن المسائل الآتية و قد ادعى عليه الاجماع فنقول بعونه تعالى.

الكيفية الاولى فى غسل الجنابة الترتيبى
اشارة

و الكلام فى الغسل الترتيبى فى جهات:

الجهة الاولى: كيفية الغسل الترتيبى
اشارة

هى ان يبدأ الشخص أولا بغسل الرأس ثم الجانب الايمن ثم الجانب الايسر فالكلام يقع أولا فى وجوب تقديم غسل الرأس على غسل الايمن و الايسر و ثانيا فى وجوب تقديم غسل الايمن على الايسر فمورد البحث فى مقامين:

المقام الاول: فى وجوب تقديم غسل الرأس
اشارة

على غسل الأيمن و الأيسر فى مقام الغسل يستدل على ذلك بروايات و كونه المشهور بل الاجماع و لم يحك الخلاف الا عن ظاهر الصدوقين رحمه اللّه و ابن الجنيد فالمستند أمر ان الاوّل الاجماع.

[الروايات الدالة على وجوب الترتيب]

الأمر الثانى: بعض الروايات:

الاولى: ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام (قال سالته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفّيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم تصبّ على راسك ثلاثا ثم تصبّ على سائر جسدك مرّتين فما جرى عليه الماء فقد طهر) «1».

و قد يوهن ظهورها فى وجوب تقديم غسل الرأس على الجانبين باشتمال

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 191

الرواية على بعض المستحبات مثل غسل الكفين و الفرج و الامر بصب الماء على الرأس ثلاث مرّات و صب الماء على ساير الجسد مرّتين و الحال ان كل ذلك ليس بواجب بل يكون مستحبا فالترتيب يكون مستحبا ففي الحقيقة يكون الاشكال من جهتين الاولى من جهة الامر بغسل الفرج و الكفين مع كون الامر مستحبا و الثانية من جهة الأمر بصبّ الماء على الرأس ثلاث مرّات و بسائر الجسد مرّتين مع كون صبّ الماء ثلاثا و مرّتين يكون مستحبا.

و يدفع ذلك اما بالنسبة الى غسل الكف و الفرج فنقول:

أولا يكون الامر بغسلهما من باب ابتلائهما بالنجاسة غالبا حين الجنابة و يشهد بذلك عدم الامر بغسل الكفين فى الرواية الثانية الآتية لعدم إصابة كفه شيئا.

و ثانيا لو ثبت استحبابهما من الخارج فلا يضر بظهور الامر فى الوجوب بالنسبة الى الرأس و تأخير غسل ساير الجسد عن الرأس و الترتيب بينهما خصوصا مع كون افادة طلب هذه الامور بأوامر

متعددة لانه قال تبدأ بكفيك فتغسلها ثم تغسل فرجك) بأمرين متعددين ثم قال ثم تصب على راسك ثلاثا (بامر مستقل ثم قال ثم تصب على سائر جسدك) بامر مستقل فلا يوجب حمل الأمرين الأولين على الاستحباب و هنا لحمل الامر الثالث و الرابع على الوجوب.

و اما بالنسبة الى صب الماء ثلاثا على الرأس و مرّتين على ساير الجسد فنقول يمكن ان يكون ذلك من باب حصول العلم بوصول الماء على بشرة او الشعر الواقع عليه على الكلام المتقدم فى وجوب غسل الشعر و عدمه فكان الامر بثلاث مرات فى الرأس لاجل كثرة الشعر فيه بخلاف ساير الجسد فأمر بمرتين من باب المقدمة العلمية الحاكم عليها العقل أيضا فارتفع الاشكال فى كل من الجهتين.

الثانية: ما رواها زرارة (قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال ان لم يكن أصاب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 192

كفه شي ء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صبّ على راسه ثلث أكفّ ثم صبّ على منكبه الايمن مرّتين و على منكبه الايسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه) «1».

و الاشكال فى الرواية بما اشكل فى الرواية الاولى فجوابه تقدم فى الرواية الاولى و اما الاشكال بكون الرواية مضمرة لعدم ذكر من سئل عنه زرارة.

ففيه انه بعد ملاحظه وضع زرارة و موقعيته فكيف يسأل عن الحكم الشرعى عن غير المعصوم عليه السّلام.

الثالثة: ما رواها حريز فى الوضوء يجفّ (قال قلت فان جفّ الاول قبل ان أغسل الّذي يليه قال جفّ او لم يجفّ اغسل ما بقى قلت و كذلك غسل الجنابة قال هو بتلك المنزلة و أبدأ بالرأس ثم أفض على ساير جسدك قلت و

ان كان بعض يوم قال نعم) «2».

و هذه الرواية و ان رواه الشيخ رحمه اللّه مضمرة كما ترى لكن كما نقل صاحب الوسائل رحمه اللّه رواه الصدوق رحمه اللّه فى مدينة العلم مسندا عن حريز عن ابي عبد اللّه عليه السّلام كما ذكره الشهيد رحمه اللّه فى الذكرى.

الرابعة: ما رواها حريز عن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له ان يغسل راسه لم يجد بدّا من اعادة الغسل) «3».

الخامسة: ما رواها حريز عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال من اغتسل من جنابة و لم

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 33 من ابواب الوضوء من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 28 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 193

يغسل راسه ثم بدا له ان يغسل راسه لم يجد بدّا من إعادة الغسل) «1» و هاتان الروايتان سواء كانتا روايتين او رواية واحدة تدلان على وجوب اعادة الغسل لو نسى تقديم الرأس على الايمن و الايسر فيغسل راسه ثم الايمن و الايسر بتقديم الايمن على الايسر ان قلنا به و يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه.

و الاشكال فيهما تارة بان موردهما العمد فترك غسل الرأس عمدا و تشريعا صار موجبا لاعادة الغسل لا فوت الترتيب.

و تارة بان وجه البطلان و وجوب اعادة الغسل لعلّه كان من باب تقديم غسل اليمين و اليسار على غسل الرأس و هو غير جائز و هذا لا ينافى مع عدم وجوب تأخر غسلهما عن الرأس فيجوز غسل الرأس و الايمن و الايسر

معا فلا تدل الروايتان على وجوب الترتيب بل تدلّان على عدم جواز تقديم غسل الأيمن و الأيسر على غسل الرأس فلا يصح الاستدلال بهما على ما نحن فيه و هو وجوب الترتيب بتقديم غسل الرأس على اليمين و اليسار و تأخر غسلهما عن غسله.

غير وارد اما احتمال كونهما متعرضة لصورة العمد فبعيد فى الغاية لان من يكون فى مقام إتيان العمل مقربا الى اللّه تعالى كيف يشرّع فى عمله و يبطل عمله.

و اما ما قيل من ان الروايتين تدلّان على عدم جواز تقديم الجانبين على الرأس و هذا غير وجوب تاخيرهما عنه لامكان غسلها معا ففيه ان من يقول بعدم جواز تقديمهما على غسل الرأس يقول بوجوب تاخيرهما عن غسله و لا يجوز مقارنة غسلهما مع غسل الرأس فلا فصل بين القول بوجوب التأخير مع القول بعدم جواز تقديم غسلهما على غسل الرأس لانه لم أر فى الاقوال قولا بعدم جواز التقديم

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 28 ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 194

فقط الملازم مع جواز مقارنة غسلهما مع غسل الرأس بل ليس فى المسألة الا القولان: قول بوجوب تقديم الرأس و تاخير غسل الجانبين عن غسل الرأس، و قول بعدم وجوب التأخير، فعلى هذا يصح الاستدلال بالروايتين على القول المشهور و هو تقديم غسل الرأس على الجانبين.

السادسة: ما رواها هشام بن سالم عن محمد بن مسلم (قال دخلت على ابي عبد اللّه عليه السّلام فسطاطه و هو يكلّم امرأة فأبطأت عليه فقال ادنه هذه أمّ إسماعيل جاءت و أنا أزعم أنّ هذا المكان الّذي أحبط اللّه فيه حجها عام أوّل كنت أردت الاحرام فقلت ضعوا

إليّ الماء فى الخباء فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها فقلت اغسلي رأسك و امسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فاذا أردت الاحرام فاغسلى جسدك و لا تغسلى راسك فتستريب مولاتك فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا فمسّت مولاتها راسها فاذا لزوجة الماء فحلقت رأسها و ضربتها فقلت لها هذا المكان الّذي احبط اللّه فيه حجك) «1».

وجه الاستدلال أمر الامام عليه السّلام ابتداء بغسل الرأس و تأخير غسل ساير الجسد و غسله بعد ذلك و فيه ان مجرد امر الامام عليه السّلام بغسل الرأس لا يدل على وجوب الترتيب لانه لا اشكال فى جواز تقديم غسله فكما يمكن له امره بغسل ساير جسده أوّلا يمكن له الامر بغسل الرأس أوّلا من باب جواز كل منهما فلا تدل الرواية على وجوب الترتيب لان نقل ما امرها بفعله لا يدل الا على جوازه لا على وجوبه.

و مع ما قلنا لا حاجة فى ردّ هذه الرواية من حيث الاستدلال بها على وجوب الترتيب بمعارضتها مع رواية اخرى رواها هشام بن سالم مع ما فيها من الاشكال

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 29 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 195

نذكرها إن شاء اللّه فى طى الاخبار المتعارضة مع هذه الاخبار.

[الروايات الدالة على عدم وجوب الترتيب]

و فى قبال هذه الاخبار بعض الاخبار يمكن ان يقال بدلالته على عدم وجوب الترتيب بين الرأس و ساير الجسد و معارضته مع هذه الاخبار المتقدمة ذكرها فنذكره لبيان حقيقة الحال.

الاولى: ما رواها احمد بن محمد يعنى ابن ابي نصر (قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين الى اصابعك و تبول

ان قدرت على البول ثمّ تدخل يدك فى الإناء ثم أغسل ما أصابك منه ثمّ افض على راسك و يدك و لا وضوء فيه) «1».

وجه الاستدلال الامر بافاضة الماء على الرأس و الجسد معا فى قوله (ثم أفض على راسك و جسدك الخ) و المعيّة تدلّ على نفى الترتيب.

و فيه ان الرواية ليست الا فى مقام بيان افاضة الماء على الرأس و الجسد فغاية ما يمكن ان يقال هو عدم دلالته على وجوب الترتيب لا دلالته على عدم وجوب الترتيب لان الواو تدلّ على الجمع المطلق المتحقق مع الترتيب و مع المعيّة فلو دلّ الخبر الآخر على وجوب الترتيب لا يكون معارضا مع هذه الرواية.

الثانية: مرسلة محمد بن ابى حمزة عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى رجل أصابته جنابة فقام فى المطر حتى سال على جسده أ يجزيه ذلك من الغسل قال نعم) «2» وجه الاستدلال ان جواز الغسل تحت المطر و الحال انه لا يراعى فيه الترتيب بين غسل الرأس و ساير الجسد دليل على عدم الترتيب بينهما.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 14 من باب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 196

و فيه أولا ان الرواية مرسلة فتكون ضعيفة السند.

و ثانيا ان الرواية تكون فى مقام بيان الاكتفاء بالغسل فى الغسل باجراء المطر على الجسد و ليست فى مقام بيان كيفية الاجراء بعين الرواية السابقة المتعرضة لوجوب افاضة الماء على الرأس و الجسد و ليست فى مقام بيان كيفية افاضة الماء فلو دلت راية اخرى على ان اوقع الشخص راسه أولا تحت المطر ثم يمينه

ثم شماله لا تكون معارضة مع هذه الرواية.

أن قلت أن ترك الاستفصال يقتضي للعموم حيث ان فى سؤال السائل لا يكون بيان لكيفية سيلان المطر حين سئل عن أجزاء سيلانه على الجسد للغسل فجواب الامام عليه السّلام نعم مع ترك استفصاله عن كيفية سيلان المطر من انه راعى الترتيب أم لا دليل على عدم اعتبار الترتيب.

قلت كما بيّنا حيث يكون سؤال السائل عن حيث الاكتفاء في مقام الغسل بالقيام في المطر كان الجواب عن هذا الحيث لا حيثيات اخرى فلا يكون ترك الاستفصال دليلا على عدم وجوب الترتيب).

الثالثة: ما رواها هشام بن سالم (قال كان ابو عبد اللّه عليه السّلام فيما بين مكّه و المدينة و معه أم إسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها و تركت رأسها و قال لها اذا أردت ان تركبى فاغسلى رأسك ففعلت ذلك فعلمت بذلك أمّ إسماعيل فحلقت رأسها فلما كان من قابل انتهى ابو عبد اللّه عليه السّلام الى ذلك المكان فقالت له أم اسماعيل أىّ موضع هذا فقال لها هذا الموضع الّذي أحبط اللّه فيه حجّك عام أوّل) «1».

وجه الاستدلال امره عليه السّلام الجارية فى مقام غسل الجنابة بتقديم غسل ساير

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 28 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 197

جسدها على راسها.

و فيه أولا قد ذكرنا فى طى الروايات المستدلة بها على وجوب الترتيب رواية عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام، و هى كانت الرواية السادسة نقل فيها هذه الواقعة، و فيها كان امره عليه السّلام بالجارية بغسل الرأس أولا ثمّ ساير الجسد، و من القريب الظاهران

الروايتين ليستا الا رواية واحدة فى واقعة واحدة لبعد تعدد الواقعة غاية البعد غاية الامر الراوى عن محمد بن مسلم رواها تارة بواسطة محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و تارة بنفسه عنه عليه السّلام فلو لم نقل بكون الصادر عنه عليه السّلام هو ما روى هشام عن محمد بن مسلم الدالة على الامر بتقديم الرأس مسلما فلا اقل من عدم امكان القول بكون الصادر هو ما رواها هشام بدون توسيط محمد بن مسلم الدالة على تقديم ساير الجسد على الرأس و يصير الشك فى ان الصادر هو الاولى او الثانية فلا يمكن الاستدلال بها لا على وجوب الترتيب و لا على عدم وجوبه.

و لو فرض كونهما روايتين و الواقعة كانت متعددة فلا يقع التعارض بين الروايتين كما توهم لان ما رواها محمد بن مسلم تدل على تقديم الرأس على الجانبين و ما رواها هشام بن سالم تدل على تقديم الجانبين اعنى سائر الجسد على الرأس فلا منافاة بينهما لان النتيجة جواز الابتداء بأى من الرأس و ساير الجسد اذا شاء و تكون النتيجة عدم اعتبار الترتيب ان قلنا بان التخيير من الجمع العرفى و أنّ العرف بعد الامر بالشيئين يحكم بالتخيير بينهما و ان لم نقل بكون التخير من الجمع العرفى فمع وجود مقتضى الحجية فى كل منهما بعد تعارضهما لا بدّ من الاخذ بما فيه الترجيح منهما و الترجيح مع رواية محمد بن مسلم لكون الشهرة المرجحة سواء كانت الفتوائى او الروائى تكون مع رواية محمد بن مسلم لكونها موافقة للشهرة الروائى و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 198

الفتوائى كليهما فلا بد من الاخذ بالرواية الدالة

على تقديم الرأس اعنى رواية محمد بن مسلم لكن كما قلنا فى ذيل رواية محمد بن مسلم لا يستفاد منها وجوب تقديم الرأس لان مجرد الامر بغسل الرأس لا يدل على وجوب الترتيب لكن العمدة بعد كونهما روايتين فلا يمكن الاستدلال لاحد القولين بهما و ان القريب كون ما صدر عن المعصوم عليه السّلام هو ما رواها محمد بن مسلم الدالة على الامر أولا بغسل الرأس لكن عرفت عدم دلالتها على الترتيب.

فتلخص من كل ذلك عدم وجود نصّ يدلّ على عدم اعتبار الترتيب بين غسل الرأس و ساير الجسد فى الغسل.

اذا عرفت ذلك نقول بانه ان تمّت دلالة تمام النصوص المستدلة بها على وجوب الترتيب او بعضها فهو و لا يبعد دلالة بعضها كما بيّنا و الا فالاجماع المدعى على اعتبار الترتيب و لا اقل من الشهرة بين القدماء و هى تكفى دليلا على المسألة و الّا تصل النوبة بالاصل العملى و هو أما البراءة بناء على عدم كون المورد من الشك فى المحصّل و الّا يكون مجرى اصالة الاشتغال.

المقام الثانى: فى وجوب الترتيب بين الجانبين
اشارة

بتقديم جانب الايمن على الايسر و هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع.

فالدليل على وجوبه على ما قيل او يمكن ان يقال امور:
الامر الاول: الشهرة بين القدماء من الاصحاب

رضوان اللّه تعالى عليهم او الاجماع.

الامر الثانى: الروايات:

الرواية الاولى: منها النبوى و هو انه صلّى اللّه عليه و آله كان اذا أغتسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 199

بدء بالشق الأيمن ثمّ الايسر.

و فيه انه ضعيف السند و دعوى انجبار ضعف السند بالشهرة لا يعتنى به لعدم معلوميته كون فتوى المشهور مستندا إليه حتى يصير عملهم جابرا لضعف السند.

الرواية الثانية: الروايات الدالة على اعتبار الترتيب بين الجانبين فى غسل الميت بضميمة ما ورد من ان غسل الميت مثل غسل الجنابة او انه غسل الجنابة و ان العلة فى وجوبه خروج النطفة التى خلق منها راجع الباب الثانى و الثالث من ابواب غسل الميت من الوسائل.

فكما يعتبر الترتيب بين الجانب الايمن و الايسر فى غسل الميت يجب و يعتبر فى غسل الجنابة.

و فيه أمّا ما يدل على كون غسل الميت مثل غسل الجنابة فان كان التنزيل فى جميع الامور فمفاده اعتبار كل ما يعتبر فى غسل الجنابة فى غسل الميت لان مفاده كون غسل الميت مثل غسل الجنابة لا كون غسل الجنابة مثل غسل الميت و الّا فلا بد ان يلتزم باعتبار كون الغسل مع السدر و الكافور فى غسل الجنابة و لا يقال به.

و اما ما دلّ على ان حكمة تشريع غسل الميت خروج النطفة منه فغاية ما يستفاد منه هو ان وجوب غسل الميت يكون لاجل صيرورة الميت جنبا و اما كون كيفية غسله و ما يعتبر فيه من الترتيب و غير ذلك يكون لاجل جنابته غير معلوم بل يمكن ان يكون لاجل علّة اخرى مثلا تعظيم الميت.

الرواية الثالثة: ما رواها زرارة قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال ان لم يكن اصاب

كفه شي ء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثمّ صبّ على راسه ثلاث أكفّ ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين و على منكبه الايسر مرّتين فما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 200

جرى عليه الماء فقد أجزأه «1». (ذكرنا الرواية فى المقام الاول).

و الاستدلال بالرواية على وجوب الترتيب بين الجانبين أمّا بدعوى ان المستفاد من الرواية وجوب غسلات ثلاث على المواضع الثلاثة الرأس و الأيمن و الايسر و كل من قال بوجوب ذلك يقول بوجوب الترتيب بين الجانبين.

و فيه أولا ان هذا ليس استدلالا بالرواية بل بادعاء خارجى و هو دعوى اعتبار الملازمة فى الفتوى بين قول من يقول بوجوب ثلاث غسلات و بين الترتيب بين الجانبين.

و ثانيا ما قال من الملازمة بين الفتوى بوجوب الغسلات عند كل من يقول به و بين الترتيب بين الجانبين غير معلوم.

و اما دعوى ان الواد فى قوله عليه السّلام (و على منكبه الايسر) الخ للترتيب على قول الفراء فيكون مفاد الرواية ثم صب على منكبه الايمن مرتين ثم على منكبه الايسر مرتين فيستفاد من الرواية الترتيب بين الجانبين.

و فيه انه لا وجه لحمل الواو على خلاف ظاهرها لقول نحوى بذلك مع قول غيره على خلافه.

و اما دعوى الاجماع المركب و هو ان كل من يقول بالترتيب بين الرأس و اليمين يقول بالترتيب بين اليمين و اليسار أيضا.

و فيه ان هذا ليس التمسك بالرواية بل بالاجماع مع ان نفس تحقق هذا الاجماع المركب غير معلوم.

فتلخص عدم تمامية الاستدلال بالرواية على وجوب الترتيب بين الجانبين.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 201

الثالث: السيرة على اتيان الغسل بالكيفية المعهودة

بتقديم الرأس ثم الايمن ثم الايسر من المتشرعة.

و فيه انه لو ثبت وجود سيرة من المتشرعة على ذلك بما هم متشرعة المنتهية الى زمن المعصوم عليه السّلام فلا يدل على ازيد من رجحان هذه الكيفيّة فربما كانت مستحبة فلا تدل على وجوبها.

مضافا الى أنّ تحقق السيرة بالنحو الّذي ذكرنا غير معلوم فلا تيم الاستدلال بها.

الرابع: ان البحث عن صحة تداخل الاغسال و عدمها يكون بعد الفراغ عن اتحاد الاغسال

من حيث الكيفية و بعد معلومية اعتبار الترتيب فى بعض الاغسال فلو لم يكن هذا الترتيب معتبرا فى البعض الآخر من الاغسال مثل غسل الجنابة فلا معنى لتداخل غيرها فيها.

و فيه أولا كما يمكن ان يكون البحث عن تداخل الاغسال بعد الفراغ عن وجوب الكيفية و الترتيب المشهور فى كل الاغسال. كذلك يمكن ان يكون البحث عن التداخل بعد الفراغ عن عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين.

و ثانيا البحث عن التداخل بحث عن حيث صحة تداخل الاغسال و عدمها لا من الحيثيات الاخرى و لا اشكال فى وجود المجال لصحة البحث على كل حال سواء نقول بوجوب الترتيب بين الجانبين فى بعض الاغسال او لم نقل به فى البعض الآخر لانه لو لم يجب فى البعض الآخر فلا اقل من جواز اتيانه بالترتيب المعهود فيبقى للبحث عن صحة التداخل و عدمها مجال.

الخامس: انه لو لم نتقبل أنّ وجوب الترتيب يستفاد من الادلة اللفظية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 202

فحيث لا يكون دليل لفظى فى النصوص يقتضي عدم وجوب الترتيب بين الجانب الايمن و جانب الايسر.

و تصل النوبة بالاصل العملى نقول بان مقتضى الاصل العملى هو الاحتياط لانه بعد كون المطلوب هو الطهارة كما هو ظاهر قوله تعالى و أن كنتم جنبا فاطّهروا) يكون فى مورد الشك فى دخل شي ء فيه شرطا او شطرا هو الاحتياط.

و ان قلنا فى الشك بين الاقل و الاكثر بالبراءة لان الشك فى المورد يكون من الشك فى المحصّل و قد بيّن فى محله من ان الشك بين الاقل و الاكثر ان كان من الشك فى المحصل لا مجال لاصالة البراءة بل هو مجرى اصالة الاحتياط و المورد كذلك لانه بعد كون الامر بالطهارة و المطلوب الطهارة فالتكليف مبيّن

معلوم و انما الشك فى محصلها و انه هل هو الغسل مع الترتيب بين الجانبين او هو الغسل بلا دخل ترتيب بينهما فمقتضى القاعدة هو الاحتياط فلو وصلت النوبة بالاصل العملى يكون مقتضاه الاحتياط برعاية الترتيب.

و فيه أولا وصول النوبة بالاصل العملى غير معلوم لان من لا يجب الترتيب يستدل على مدعاه ببعض النصوص فان تمّ فلا مجال للأصل العملى مع الدليل اللفظى.

و ثانيا على فرض الوصول بالاصل العملى فكون المورد مورد اصالة الاحتياط غير معلوم لان ظاهر النصوص هو وجوب الغسل للجنابة و الامر به و ان كان وجوبه للغير و هو الطهارة للغايات المعتبرة فيها الطهارة كما مر فى غاياته الواجبة فالواجب هو الغسل و هو محصلها و الشك في شرطية الترتيب فيه بين الأيمن و الأيسر يكون مجرى البراءة.

اذا عرفت ما يمكن الاستدلال به على وجوب الترتيب بين الجانبين فى غسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 203

الجنابة ما فيه من الاشكال.

نذكر لك بعض ما يستدلّ او يمكن ان يستدل به على عدم وجوب الترتيب
اشارة

بين الجانبين فى غسل الجنابة.

الاول: ما رواها حكم بن حكيم

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال أفض على كفّك اليمنى من الماء فاغسلها ثم اغسل ما اصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك و أفض على راسك و جسدك فاغتسل فان كنت فى مكان نظيف فلا يضرّك ان لا تغسل رجليك و ان كنت فى مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك قلت ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال أى وضوء انقى من الغسل و ابلغ. «1»

وجه الاستدلال أنه عليه السّلام أوجب غسل الرجلين اذا لم يكن فى المكان النظيف و ظاهره وجوب غسل الرجلين بعد الفراغ عن الغسل و هو لا يساعد الا مع عدم وجوب الترتيب بين الجانبين و ان كان الترتيب واجبا كان اللازم ان يأمره بغسل الرجل الايمن ثم غسل الايسر مع رجله.

و لا تفاوت فى صحة الاستدلال بين كون الامر بغسل الرجلين لرفع القذارة المعتبرة فى الغسل او لنفس الغسل لانه على كل حال يتوقف الغسل على طهارتهما عن الخبث و غسلهما.

اقول و ربما ينكر ظهور الرواية فى كون الامر بغسل الرجلين بعد الفراغ عن غسل ساير الجسد بل هو عليه السّلام ليس الا فى مقام بيان وجوب رفع القذارة و غسل الرجلين للغسل فلا تدلّ الرواية على عدم وجوب الترتيب بين الجانبين.

______________________________

(1) الرواية 11 من الباب 2 من ابواب الغسل و احكامه من جامع الاحاديث الشيعة و تقطعها صاحب الوسائل فذكرها فى باب 26 ح 7 و فى باب 27 ح 1 و فى باب 34 ح 4.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 204

ان قلت أن ظاهر الرواية الامر بغسل الرجلين معا فى

صورة كون المكان قذرا فلو غسل الرجل اليمنى حال غسل اليمنى و كذلك الرجل اليسرى يغسله حال غسل اليمنى فيصير الرجل اليسرى قذرا لمكان قذارة المكان فلا تساعد الرواية الا مع كون غسل الرجلين بعد غسل ساير الاعضاء من الايمن و الايسر فيستفاد من الرواية عدم وجوب الترتيب.

قلت ان ظهور كون الامر بغسل الرجلين معا ممنوع بل الرواية ليست الا في مقام غسل الرجلين فى صورة قذارة المكان الواقع فيه الرجل اليمنى و اليسرى لا في مقام بيان وجوب معيّة غسلهما فيوهن الاستدلال بالرواية.

الثاني: ما رواها سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام

(قال اذا اصاب الرجل جنابة فاراد الغسل فليفرغ على كفّيه و ليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده فى إنائه تمّ يغسل فرجه ثم ليصبّ على رأسه ثلث مرّات ملاء كفّيه ثمّ يضرب بكفّ من ماء على صدره و كف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كلّه فما انتضح من مائه فى إنائه بعد ما صنع ما وصفت فلا بأس) «1».

وجه الاستدلال إمّا قوله عليه السّلام بعد الامر باصابة الماء على راسه ثلاث مرّات ثمّ يضرب بكف من ماء على صدره و كف بين كتفيه فظاهر الامر بضرب كف من الماء على صدره و كف بين كتفيه كون غسل الصدر و الكتف من باب غسل المعتبر فى الغسل و بعد عدم ايجابه الترتيب بين الكتفين و كذا الصدر الداخل فى اليمين و اليسار من الجسد نكشف عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين.

و أمّا انه لو فرض كون الامر بغسل الصدر و الكتف لا من باب كون غسلهما

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 205

جزء للغسل بل من المستحبات فقوله

عليه السّلام بعد الامر بغسلهما (ثم يفيض الماء على جسده كله) يدل على عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين لكفاية افاضة الماء على اليمين و اليسار عرضا لكون كل منهما من جملة الجسد المامور غسله.

و فيه اما قوله عليه السّلام ثم يضرب بكف من ماء على صدره و كف بين كتفيه) يحتمل كونه من استحباب ذلك قبل غسل الجسد فلا يكون جزء الغسل ان لم نقل بكون ظاهره هذا.

و ا ما قوله عليه السّلام ثم يفيض الماء على جسده كله) فالمحتمل بل الظاهر منه كونه في مقام بيان افاضة الماء على كل الجسد مثل بعض الروايات الآخر يدل على ذلك فليس فى مقام بيان كيفية الافاضة فلو دلّ دليل على وجوب كيفية خاصة من تقديم الجانب الأيمن على الأيسر فلا يعارض مع ما قاله عليه السّلام فى هذه الرواية.

فتلخّص عدم وجود دليل لفظى يدلّ على عدم وجوب الترتيب بين الجانبين فى غسل الجنابة.

اذا عرفت ما ذكرنا من ادلة الطرفين اقول ان الاحوط لو لم يكن الاقوى هو وجوب الترتيب للاجماع و لا اقل من الشهرة و لم أر حكاية مخالف الا ما حكى عن صاحب المدارك و ذكره اعتراض المحقق رحمه اللّه ببعض ما استدل به على وجوب الترتيب فافهم.

تبصرة اعلم ان الترتيب المذكور فى المقامين اعنى غسل الرأس أولا ثم الايمن ثم الايسر واقعى بمعنى اعتباره حال العلم و الجهل و النسيان فلو ترك جهلا او نسيانا بطل لان موضوع الحكم نفس الطبيعة و العلم و الجهل و النسيان كلها خارج عنها فلا معنى لتقييد الحكم ببعضها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 206

الجهة الثانية: هل الرقبة داخلة فى الرأس

فكان الواجب غسلها مع الرأس او داخلة فى الجسد

ففى غسل الترتيبى يجب غسل نصفها الايمن مع الايمن و نصفها الايسر مع الايسر المشهور بين القدماء بل المتاخرين هو وجوب غسلها مع الرأس لكونها جزء الرأس.

و يستدل على وجوب غسلها مع الرأس بما رواها زرارة و فيها (قال عليه السّلام ثم صب على راسه ثلث أكفّ ثم صب على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه) «1».

بدعوى دلالتها على ان الامر بصب الماء مرتين على منكب الأيمن و الأيسر بعد الرأس يدلّ على جعله عليه السّلام الرقبة جزء الرأس فى مقام الغسل.

اقول و لا يبعد ظهور الرواية فيما ادعى.

و فى قبال ذلك يستدل على كونها فى الغسل جزء الايمن و الايسر بما رواها ابو بصير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تصب على يديك الماء فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تتمضمض و تستنشق و تصب الماء على راسك ثلاث مرات و تغسل وجهك و تفيض على جسدك الماء) «2».

وجه الاستدلال جعل الوجه مغايرا للرأس للامر بغسله بعد غسل فتشعر الرواية او تدل على كون الرقبة خارجة عن الرأس اذ بعد خروج الوجه عن الرأس فالرقبة خارجة عن الرأس بالطريق الاولى.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 206

و فيه أولا لازم هذا الاستدلال خروج الوجه عن الرأس فى الغسل و لا

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 26 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى،

ج 7، ص: 207

يلتزم به احد حتى من يتوهم خروج الرقبة عن الرأس فى مقام الغسل الترتيبى.

و ثانيا الظاهر كون الامر بغسل الوجه بعد الامر بغسل الرأس لاجل تتميم غسل الرأس و يكون غسل الوجه بالماء المصبوب على الرأس فلا يكون الامر بغسل الوجه من باب كون غسل الوجه خارجا عن حد الرأس الواجب غسله.

فالاقوى كون الرقبة داخلة فى الرأس فى غسل الترتيبى و ان كان الاحوط غسلها أولا مع الرأس ثم غسل نصفها الايمن مع الطرف الايمن ثم غسل نصفها الايسر مع الطرف الايسر.

الجهة الثالثة: و اما السرة و العورة

فهل يكتفى فى مقام الغسل بغسل نصف كل منهما مع الأيمن و نصف الآخر من كل منهما مع الأيسر.

او يجب غسل تمامهما مع كل من الطرفين إمّا من باب احتمال كون كل منهما بتمامهما و جزء للأيمن جزء للأيسر و إمّا لاحتمال كونهما عضوين مستقلين لا يكونان داخلين لا فى الأيسر و لا فى الايمن.

فعلى الاحتمال الاول يجب غسلهما مرّة مع الأيمن و مرّة مع الأيسر و على الاحتمال الثانى يجب غسل كل منهما مرّة مستقلة لا جزء الأيمن و لا جزء الأيسر كلها محتمل.

اقول اما احتمال كون السرة و العورة عضوين مستقلين خارجين عن طرف الأيمن و الأيسر فى مقام الغسل الترتيبى.

فبعيد فى الغاية بل احتماله موهون جدا لان المراجع فى اخبار الباب و قد بيّنا بعضها فى بعض المباحث المتقدمة يرى انه قد قسّم مواضع الغسل فى الغسل الترتيبى على ثلاثة الرأس و الأيمن و الأيسر و لا يكون له رابع حتى يقال انه السرة و العورة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 208

كما ان نفس الترتيب بين الرأس و اليمين و اليسار شاهد على

ذلك لان احتمال كون محل غسلهما قبل غسل الرأس او قبل غسل احد الطرفين احتمال ينافى الترتيب المذكور كما ان احتمال كون محل وجوب غسلهما بعد الفراغ عن الجوانب الثلاثة مدفوع بأن بغسل المواضع الثلاثة يتمّ الغسل.

و بعد بطلان القول بهذا الاحتمال يبقى احتمالان الاول كون نصفهما الأيمن جزء الأيمن و نصفها الأيسر جزء الايسر و الثانى كون غسل كل منهما بتمامهما جزء للأيمن و جزء للايسر و الظاهر هو الاحتمال الاوّل لانّه بعد قسمة ما عدا الرأس قسمان الأيمن و الايسر فالظاهر منها قسمة تمام اجزاء الجسد ما عد الرأس قسمان متساويان و مقتضى ذلك كون نصف كل منهما جزء الايمن و نصف كل منهما جزء الايسر فى مقام الغسل فمقتضى ذلك كفاية غسل نصف طرف الايمن منهما مع الايمن و نصف طرف الايسر منهما مع الايسر على الاقوى و ان كان الاولى و الاحوط غسل تمام كل منهما مع الايمن ثم غسل تمام كل منهما مع الايسر.

الجهة الرابعة: هل يجب الابتداء بالاعلى فى كل عضو
اشارة

بان يبدأ من اعلى الرأس و كذا من اعلى طرف الأيمن و كذا من اعلى طرف الأيسر أو لا يجب ذلك و هكذا يقع الكلام فى انه هل يجب بعد وجوب الابتداء باعلى كل عضو كون الغسل من الاعلى فالاعلى مثل الوضوء أو لا يجب ذلك فالكلام فى الموردين المورد الاول فى وجوب الابتداء بالاعلى فى كل عضو و عدمه.

يستدل على الوجوب

بما رواها زرارة (قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال ان لم يكن اصاب كفه شي ء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب على راسه ثلاث اكف ثم صبّ على منكبه الايمن مرّتين و على منكبه الأيسر مرّتين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 209

فما جرى عليه الماء فقد أجزأه) «1» بدعوى دلالتها على كون الابتداء فى الأيمن و الأيسر من المنكب و هو اعلى العضو من كل الطرفين.

و فيه مع قطع النظر عن اضمار الرواية لعدم ذكر زرارة المسئول عنه و ان امكن ان يقال بان مثله لا يروى الا عن المعصوم عليه السّلام.

ان الرواية لا تدلّ على اعتبار الابتداء من اعلى العضو فى الرأس و يشكل الالتزام باعتباره فى الأيمن و الأيسر و عدم اعتباره فى الرأس كما انه لم يقل به احد فعلى هذا نقول يحتمل كون الامر بالصبّ من المنكب من باب كون ذلك المتعارف حين الانصباب و لا يكون امرا مولويا وجوبيا و على فرض كون الامر مولويا فهو محمول على الاستحباب لعدم كون الصب مرّتين واجبا بل الواجب غسل الأيمن و الأيسر و ان حصل بمرة و كذا لا يكتفى بالمرّتين لو لم يحصل الغسل بالمرتين. نعم استحباب المرتين يمكن ان يكون من

باب حصول الغسل بهما غالبا و على كل حال لا يستفاد من الامر الوجوب.

مضافا الى ان المنكب ليس اعلى الجانبين بل بعض الاعلى منهما كما قال فى المستمسك لكن فيه انه و ان كان بعض الاعلى لكن حيث لا ترتيب بينه و بين بعض الآخر لمساواته معه فلا ينافى ذلك اعتبار كون الابتداء بالاعلى.

فالعمدة ما قلنا من انه بعد عدم ايجاب الابتداء بالاعلى بالنسبة الى الرأس فى الرواية و بعد عدم وجوب صبّ الماء مرتين على المنكب فلا يمكن القول بوجوب الابتداء بالاعلى مع كون اعتبار المرّتين و الابتداء من المنكب بامر واحد و هو قوله عليه السّلام (صب على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين الخ) فلا يستفاد

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 210

من الرواية وجوب كون الابتداء باعلى كل عضو من الاعضاء الثلاثة الرأس و الايمن و الايسر الواجب غسلها فى الغسل.

و ما رواها زرارة (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفّيك ثمّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و أستنشق ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك الخ) «1».

بدعوى دلالتها على كون الابتداء من اعلى الرأس الى قدمه لان القرن اعلى الرأس و يدّعى دلالتها على وجوب كون الابتداء من الاعلى فالاعلى لقوله عليه السّلام ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك) و هذا يقتضي كون الابتداء من اعلى الرأس ثم الاعلى فالاعلى الى القدم.

و فيه ان ظاهر الرواية وجوب غسل تمام الجسد بحيث لم يبق منه شيئا لا في مقام كون الابتداء

من اعلى الرأس الى اسفل القدم هذا النحو من البيان يكون متعارفا فى العربية و الفارسية مثلا يقال ستر من رأسه الى قدمه او اصابه المطر من راسه الى قدمه و بعد ما عرفت من عدم الدليل على وجوب الابتداء من اعلى العضو نقول بانه.

يستدل على عدم وجوبه ببعض الروايات:

الرواية الاولى: ما رواها عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال أغتسل أبى من الجنابة فقيل له قد أبقيت لمعة فى ظهرك لم يصبها الماء فقال له ما كان عليك لو سكتّ ثم مسح تلك اللمعة بيده) «2» لدلالتها على مسحه اللمعة الباقية غسلها من ظهره و من المعلوم كون الظهر اى موضع منه اعلى من اسفل القدم و ان كان الواجب

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 41 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 211

الابتداء بالاعلى ثم ما يكون اسفل منه كان اللازم ان يغسل ما بقى من الجسد الواقع اسفل من الموضع الّذي لم يغسله أيضا فمن عدم غسله نفهم عدم وجوب كون الابتداء من الاعلى.

و فيه ان الرواية على تقدير دلالتها تدل على عدم وجوب الابتداء بالاعلى فالاعلى.

الرواية الثانية: ما رواها فى الجعفريّات باسناده عن على عليه السّلام (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اغتسل من جنابة فاذا لمعة من جسده لم يصبها ماء فاخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بلل شعره فمسح ذلك الموضع ثم صلى بالناس) «1» ك. 7- السيد فضل اللّه الراوندى فى نوادره بالاسناد عنه مثله). «2»

لدلالتهما على غسل ما بقى من الجسد فقط

كلما كان و حيث انّه يمكن كون اللمعة التى لم يصبها الماء فى الموضع الاعلى من الجسد تدل الرواية على عدم وجوب الابتداء باعلى العضو و لا تقديم الاعلى النسبي اعنى الاعلى فالاعلى.

و فيه ان فى هذه الرواية نقل على عليه السّلام فعل رسول اللّه عليه و آله و لا يمكن استفادة الاطلاق منه او الغاء الخصوصية فيمكن ان يكون الموضع الباقى من جسده الشريف فى اسفل جسده.

مضافا الى أن الرواية تنسب السهو به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لا يمكن القول به حتى قيل فى حق من رضى بنسبة السهو إليه فى الموضوعات بان نسبة السهو إليه اولى من نسبته الى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هذا الاشكال وارد بالرواية الاولى أيضا.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 10 من ابواب الغسل من جامع احاديث الشيعة.

(2) الرواية 2 من الباب 10 من ابواب الغسل من جامع احاديث الشيعة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 212

اذا عرفت مما بينا عدم دلالة ما ذكرنا من الاخبار على وجوب الابتداء باعلى كل عضو من الاعضاء الثلاثة الرأس و الأيمن و الأيسر كما عرفت الاشكال فى دلالة ما ذكرنا من الاخبار على عدم الوجوب نقول بانه يكفى فى عدم الوجوب إطلاق بعض الروايات مثل رواية محمد بن مسلم «1» من هذا الحيث و كفى دليلا على المطلب و أن لم أر من يستدل به فى المقام.

ثم بعد ذلك و أن وصلت النوبة بالاصل العملى لانه بعد الشك فى اعتباره و عدمه و عدم وجود الدليل عليه فلا بد من الاخذ بما يقتضيه الاصل العملى و هو كما قلنا فى طى بعض

المباحث السابقة غير مرة.

ان قلنا بكون المورد من الشك فى المحصّل لان الواجب هو الطهارة كما هو ظاهر قول اللّه تعالى و أن كنتم جنبا فاطّهروا و الغسل محصّلها فحيث نعلم بالتكليف و هو الطهارة و اشتغال الذمة بها فيكون المورد مورد الاحتياط لان الاشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية فالمورد مورد أصالة الاحتياط و الاشتغال.

و ان قلنا بان الواجب على المكلف هو الغسل و ان كان وجوبه لحصول الطهارة كما ينادى به ظاهر الروايات فيكون الواجب نفس الغسل فمع الشك فى جزئية شي ء او شرطيته فى الغسل تجرى اصالة البراءة لكون الشك من صغريات الشك فى الاقل و الاكثر الارتباطين و الحق فيه البراءة كما أمضينا فى الاصول و لا يكون الشك من الشك فى المحصل حتى يكون مجرى اصالة الاحتياط.

و حيث انّه وقع الكلام فى الاصل العملى فى مبحث الجنابة مكررا ينبغى ان نتعرض بنحو الاجمال لما هو الحق فى المقام من انه اذا بلغ الامر فى مسئلة من المسائل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 213

مثلا اعتبار الترتيب بين الرأس و الايمن و الايسر او فى كل عضو من هذه الاعضاء الثلاثة و لم يكن دليل لفظى يقتضي اعتباره او عدم اعتباره و تصل النوبة بالاصل العملى فهل الاصل العملى هو الاحتياط او البراءة.

فنقول بعونه تعالى أنّ من يراجع أخبار الباب اعنى الأخبار المربوطة بغسل الجنابة يرى ان ما تعرض فيه لوجوب غسل الجنابة ظاهرها بل صريح بعضها هو وجوب الغسل و ليس فيها ما يدل على كون الواجب او المستحب بسبب حصول سببى الجنابة و هو انزال المنى و

الجماع هو الطهارة الحاصلة من الغسل و لهذا ترى ان حصول الطهارة فى كلام الفقهاء جعل من لغايات المستحبة لغسل الجنابة.

و ليس فى البين ما يمكن ان يصير سببا لتوهم كون الواجب هو الطهارة و الغسل يكون محصّل هذا الواجب.

الا قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا المتقدم ذكر تمام الآية فى بعض المباحث المتقدمة بدعوى ان الامر بالتطهّر فالواجب هو التطهّر و بعبادة اخرى الطهارة و ان الشرط فى الصلاة و غيرها هو الطهارة كما ينادى بذلك قول ابي جعفر عليه السّلام فيما رواه زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال اذا ادخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا صلاة الا بطهور) «1»، و غير ذلك، فيدّعى ان ظاهرا الخبر كون الشرط هو الطهور و بعد كون الشرط و الواجب الطهارة فيكون الشك فى كل مورد شك فى دخل شي ء فى الغسل و عدمه من الشك فى المحصل.

اقول كما يظهر من كلام بعض ما رايته من المفسرين يكون قوله تعالى (فاطّهروا) الامر بالتطهر و لم يبيّن فى الآية الشريفة ما هو الطهور و الطهارة التى

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 14 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 214

يجب تحصيله فقد بين فى الروايات الصادرة عن المعصومين عليهم الصلاة و السلام ان المراد هو الغسل فيما كان الشخص جنبا كما ترى فى لسان الروايات من جعل الوضوء او الغسل او الماء و التراب مصداق الطهور لا محصل الطهور او الطهارة فعلى هذا ليس الواجب الا الوضوء و الغسل لا ما يحصل منهما و هو الطهارة و من هنا يظهر ما هو المراد من الطهور فى رواية زرارة

المتقدمة و غيرها و ان المراد هو الوضوء او الغسل او التيمم على القول بكونه مطهّرا لا مبيحا.

فتحصّل انه في مورد الشك فى دخل شي ء فى الغسل شطرا و شرطا يكون المرجع هو اصالة البراءة.

المورد الثانى: فى انه على القول بوجوب الابتداء فى كل عضو من الاعضاء الثلاثة الرأس و الأيمن و الأيسر هل يجب الابتداء بالاعلى فالاعلى فى كل عضو كما يقال فى الوضوء أو لا يجب ذلك.

اقول لم أر فى النصوص نصّا يدل على اعتبار ذلك نعم كما اشرنا فى طى رواية عبد اللّه بن سنان المتقدمة فى المورد الاول يمكن ان يقال بدلالة هذه الرواية على عدم وجوب كون الغسل بالاعلى فالاعلى و بعد عدم الدليل على وجوب اعتباره يكفى فى عدم اعتباره اطلاق بعض الاخبار الواردة فى المقام كما بينا فى المورد الاول فتلخص عدم وجوب الترتيب فى كل عضو من الاعضاء الثلاثة بالابتداء باعلى العضو و لا بالاعلى فالاعلى.

الجهة الخامسة: و لا يجب الموالاة العرفية

بمعنى التتابع و لا بمعنى عدم الجفاف فلو غسل راسه و رقبته فى اوّل النهار و الايمن فى وسطه و الايسر فى آخر صح و يدل عليه بعض النصوص.

الاولى: رواية محمد بن مسلم المتقدمة ذكرها فى قصة أم اسماعيل و كذا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 215

رواية هشام فى القصة المذكورة سواء كانتا روايتين او رواية واحدة مضى الكلام فيه فى الجهة الاولى و معارضتهما و دفع المعارضة فقال فى الاولى منهما (فقلت اغسلى راسك و امسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فاذا اردت الاحرام فاغسلى جسدك و لا تغسلى راسك الخ «1».

و قال فى الثانية (فأمرها فغسلت جسدها و تركت راسها و قال لها اذا

اردت ان تركبى فاغسلى راسك الخ) «2».

الثانية: ما رواها ابراهيم بن عمر اليمانى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال ان عليّا عليه السّلام لم ير بأسا ان يغسل الجنب رأسه غدوّة و يغسل ساير جسده عند الصلاة) «3».

الثالثة: ما روى السيد محمد بن ابى الحسن الموسوى العاملى في كتاب (المدارك) نقلا من كتاب عرض المجالس للصدوق بن بابويه عن الصادق عليه السّلام (قال لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك و فرجك و راسك و تؤخّر غسل جسدك الى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك اذا اردت ذلك فان احدثت حدثا من بول او غائط او ريح او منى بعد ما غسلت راسك من قبل ان تغسل جسدك فاعد الغسل من اوله) «4».

قال صاحب الوسائل و رواه الشهيدان او غيرهما من الاصحاب.

الرابعة: ما رواها حريز فى الوضوء يجفّ (قال قلت فان جفّ الاول قبل ان اغسل الّذي يليه قال جفّ او لم يجفّ اغسل ما بقى قلت و كذلك غسل الجنابة قال

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 29 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 28 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 29 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب 29 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 216

هو بتلك المنزلة و ابدأ بالرأس ثم افض على سائر جسدك قلت و ان كان بعض يوم قال نعم) «1» قال فى صاحب الوسائل و رواه الصدوق فى مدينة العلم مسندا عن حريز عن ابى عبد اللّه عليه السّلام كما ذكره الشهيد فى الذكرى).

فلا اشكال من حيث الحكم و ان كان بعض هذه الروايات ضعيفة

السند.

الجهة السادسة: و كذا لا يجب الموالات فى اجزاء عضو واحد

يستدل عليه بإطلاق الاخبار المذكورة فى الجهة الخامسة.

و فيه انه لا اطلاق لغير الرابعة فى الروايات من هذا الحيث لان موردها هو عدم الموالات بين كل عضو من الاعضاء الثلاثة الرأس و الايمن و الايسر، فلا يتعدى بالنسبة الى كل عضو منها الا بدعوى الغاء الخصوصية و هو مشكل، و اما الرابعة فهى ضعيفة السند لعدم ذكر المسئول عنه بل الرواية تكون عن حريز.

و اما ما حكى فى الوسائل عن ذكرى الشهيد عن مدينة العلم فان رأينا سندها و الوثوق به تكون حجة، و الا فلا مع عدم معلومية اطلاق لها من هذا الحيث لقرب كون الفصل بعض يوم بين الرأس و سائر الجسد لا فى عضو واحد و يستدل برواية عبد اللّه بن سنان «2» و الجعفريات «3» المتقدمة ذكرهما فى الجهة الرابعة لدلالتهما على بقاء لمعة من الجسد بعد الفراغ عن الغسل فغسل هذا اللمعة بعد الغسل و من المعلوم عدم بقاء الموالاة بين غسل ساير الاعضاء و بين اللمعة الباقية.

و فيه ان المذكور فى الروايتين ليس الا نقل فعل المعصوم عليه السّلام فلا يمكن له اخذ

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 29 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 41 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 10 من ابواب الغسل من كتاب جامع احاديث الشيعة ج 2 ص 416.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 217

الاطلاق من حيث بقاء الموالاة و عدمه كما لا يمكن استفادة الاطلاق من ساير الجهات.

و يمكن ان يستدل بما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (فى حديث قال قلت له رجل ترك بعض ذراعه او بعض جسده من

غسل الجنابة فقال اذا شك و كانت به بلة و هو فى صلاته مسح بها عليه و ان كان أستيقن رجع فاعاد عليهما ما لم يصب بلة فان دخله الشك و قد دخل فى صلاته فليمض فى صلاته و لا شي ء عليه و ان أستيقن رجع فاعاد عليه الماء و ان رآه و به بلة مسح عليه و اعاد الصلاة باستيقان و ان كان شاكا فليس عليه فى شكه شي ء فليمض فى صلاته) «1».

و هذه الرواية و ان كانت مضطربة المتن لكن يستفاد منه عدم وجوب الموالاة فى الغسل حتى بالنسبة الى بعض العضو من الاعضاء الثلاثة الرأس و اليمين و اليسار لانه مع الاخلال بالموالاة امر باعادة غسل ما ترك غسله من بعض الذراع او بعض الجسد فتصير الرواية دليلا على الحكم.

و مع قطع النظر عن هذه الرواية يكفى فيعدم وجوبه اطلاق بعض الاخبار الواردة فى المقام فلا يجب الموالاة بكلا معنييه بين الاعضاء الثلاثة و لا بين العضو الواحد منها.

الجهة السابعة: و لو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الاعضاء رجع

و غسل ذلك الجزء فان كان الأيسر كفاه ذلك و ان كان فى الرأس او الايمن وجب غسل الباقى على الترتيب.

اما وجوب الرجوع و غسل ما تركه نسيانا فلوجوب غسله و كونه الجزء

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 41 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 218

الواقعى لا الذكرى فمع النسيان لا ترتفع جزئيته مضافا الى دلالة رواية زرارة المتقدمة فى الجهة السادسة عليه.

و اما وجوب رعاية الترتيب مثلا ان كان المتروك من الرأس او الايمن وجب غسله و غسل الباقى على الترتيب فلوجوب الترتيب بين الاعضاء الثلاثة و كون شرطية الترتيب شرطية واقعية.

الجهة الثامنة: و لو اشتبه ذلك الجزء المتروك نسيانا

وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب للعلم الاجمالى بوجوب غسل المتروك المحتمل بين المحتملات فيجب غسل جميع المحتملات مع رعاية الترتيب.

مثلا لو علم اجمالا بانه اما ترك جزء من الرأس او من الايمن او من الاسر يجب غسل كلها بتقديم الرأس ثم الايمن ثم الايسر.

هذا تمام الكلام فى الكيفية الاولى فى الغسل و هى الترتيبى.

***

الكيفيّة الثانية فى غسل الجنابة الارتماسى
اشارة

(1)

و الكلام فى الغسل الارتماسى يقع فى جهات يأتى الكلام فيها ان شاء اللّه:

الجهة الاولى: [الجمع بين الطائفة الدالة على الترتيبى و الطائفة الدالة على الارتماسى]

كما عرفت فى طى البحث عن الكيفية الاولى فى غسل الجنابة و هى الترتيبى دلت روايات على الامر بهذه الكيفيّة و الاكتفاء بها فى مقام الغسل كما تدلّ روايات على اجزاء الغسل بنحو الارتماس فيقع الكلام فى كيفية الجمع بين الطائفتين من الاخبار اعنى الطائفة الدالة على الترتيبى و الطائفة الدالة على الارتماسى من باب توهم تعارضهما فلا بد من التوفيق بينهما.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 219

فنقول بان الحق حكومة ما دل على اجزاء الارتماس فى الغسل من الاخبار على ما فيه الامر بالغسل ترتيبا لان مقتضى الاخبار الدالّة على الترتيب ليس الّا الأمر بغسل الرأس و الأيمن و الأيسر فى مقام الغسل بان يصبّ الماء على الرأس ثم على الأيمن ثم على الأيسر على القول بوجوب الترتيب بين الاعضاء الثلاثة على ما مرّ الكلام فيه) و بعد دلالة عدة من الاخبار على اجزاء الارتماس فى الماء اعنى ارتماس البدن فى الماء كما نذكر الاخبار إن شاء اللّه فى الجهة الثانية فلو عرضنا الطائفتين من الاخبار على العرف يرى حكومة الطائفة الثانية الدالة على اجزاء الغسل بنحو الارتماس على الطائفة الاولى الدالة على وجوب الغسل على الترتيب المعهود و كون الثانية شارحة للاولى فلا تعارض بينها.

الجهة الثانية: فى ما هو المراد من الارتماس

نذكر الأخبار المربوطة فى المقام ثم نذكر الاحتمالات ثم ما ينبغى ان يقال إن شاء اللّه.

الرواية الاولى: ما رواها زرارة (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفّيك ثمّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و أستنشق ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك ليس قبله و لا بعده وضوء و كلّ شي ء أمسسته

الماء فقد أنقيته و لو أنّ رجلا جنبا ارتمس فى الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك و ان لم يد لك) «1».

الرواية الثانية: ما رواها الحلبى (قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول اذا ارتمس الجنب فى الماء ارتماسة واحده أجزأه ذلك من غسله) «2».

الرواية الثالثة: ما رواها السكونى عن أبى عبد اللّه عليه السّلام (قال قلت له الرجل

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 12 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 220

يجنب فيرتمس فى الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله قال نعم) «3».

الرواية الرابعة: مضمرة عبيد اللّه بن على الحلبى (قال حدّثني من سمعه يقول اذا اغتمس الجنب فى الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله) «4».

و حيث ان المذكور فى الاخبار المذكورة هو اجزاء ارتماسة واحدة وقع الكلام فيما هو المراد منها و قد ذكر احتمالات فى كلامهم مثل صاحب الجواهر و غيره الاحتمال الاول و هو المنسوب الى المشهور هو ان يرتمس فى الماء دفعة عرفية من دون تراخ و فصل بين اعضاء الجسد بل يوقع ارتماس اعضاء الجسد متواليا حتى يحصل بها الوحدة الاتصالية المساوغة للوحدة الشخصية فتحصل به ارتماسة واحدة و ذلك يحصل بارتماس كل عضو من اعضاء البدن بارتماس ما يليه الى ان ينتهى الى آخر الاعضاء فينتهى الارتماس بتغطية جميع البدن فى الماء من ناحية اتصال بعضه ببعض و عدم حصول الفصل بين غمس الاعضاء و يعدّ غمسا واحدا من الارتماس فحدوث الارتماس يكون تدريجيا بمقتضى العادة نعم بقائه مرتمسا فى الماء بعد الحدوث و تحقق ارتماس تمام البدن

فى الماء يكون فى زمان واحد بمعنى انه ارتماس جميع البدن بعد وقوع تمام البدن مرتمسا فى الماء، يحصل فى زمان واحد لكن الغسل شروعه يكون من اوّل رمس جزء البدن الى تمام الرمس و لهذا يجب ان يكون مع النية من اوّل الرمس الى آخره فتحصل الدفعة العرفية من الارتماس بهذا النحو و أن كان تدريجى الحصول و مبنى اعتبار ذلك النحو من الارتماس هو زعم أن المراد من (ارتماسة واحدة) يكون ارتماسة دفعية فبما ذكر يحصل الارتماس الدفعى عرفا لعدم امكان الارتماس الدفعى الحقيقى.

______________________________

(3) الرواية 13 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 15 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 221

الاحتمال الثانى: توالى غمس البدن فى الماء مع عدم اعتبار الواحدة العرفية فيحصل بما اذا اوقع عضوا من اعضاء بدنه مثلا رجله فى الماء ثم صبر مدة فيوقع عضوا آخر يلى ذلك العضو فى الماء الى آخر الاعضاء فيكون ارتماسا تدريجيا و يكون هذه الغمسات من اولها الى آخرها ارتماسا.

و فرقه مع الاحتمال الاول تحقق الوحدة العرفية الحاصلة من الوحدة الاتصاليّة المساوغة للوحدة الشخصية فيه و عدم تحقق الوحدة العرفية فى الاحتمال الثانى.

و متحد مع الأول من حيث كون شروع الغسل من اوّل حصول ارتماس الجزء الاول و آخره بحصول تمام اجزاء البدن مرتمسا فى الماء و لزوم كونه مع النية من اوّل الارتماس الى حصول ارتماس تمام البدن.

الاحتمال الثالث: هو ان المراد من الارتماس استيلاء الماء على جميع البدن و تغطية البدن بالماء فى آن واحد حقيقة ففى حال استيلاء الماء على جميع البدن فى هذا الآن يتحقق الارتماس و

لهذا يجب كون الشخص قاصدا للغسل و ناويا فى هذه الآن و قد ذكر بعض الاحتمالات الآخر فى المقام لا حاجة لنا فى ذكره.

و العمدة هو البحث فى أنّ مفاد الاخبار المذكورة ينطبق مع اىّ من الاحتمالات الثلاثة المتقدمة.

فنقول بعونه تعالى أن الوجه فى الذهاب الى الاحتمال الاول هو ان الارتماس عبارة عن الاغتماس فارتماس البدن فى الماء اغتماس تمام اجزاء البدن فيه و حيث ان المعتبر على ما يستفاد من روايات الباب هو الارتماس المقيّد بالوحدة فمعناه كون الارتماس ارتماسا واحدا بمعنى ارتماس جميع البدن تحت الماء ارتماسا واحدا و المراد بالوحدة العرفية فلا بد من صدق الارتماس الواحد عرفا بالنسبة الى جميع اجزاء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 222

البدن و هو يحصل بما قلنا و هو كون الارتماس بالجزء الثانى من البدن متواليا.

بالجزء الاول منه الى ان يحصل ارتماس جميع اجزاء البدن بدون تراخ و فصل بينها حتى يحصل بذلك الوحدة الاتصالية المساوقة للوحدة الشخصية الصادقة عند العرف انه ارتماس واحد هذا حاصل ما يقال وجها للاحتمال الاول.

اقول ما يأتى بالنظر كما اختاره بعض الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم هو ملاحظة اخبار الباب و قد عرفت أنّ مدلول الاخبار أجزاء (ارتماسة واحدة).

اما الارتماس فهو كما عرفت عبارة عن غمس الشى فى الشي ء فمعنى ارتماس الشي ء فى الماء غمس الشى فى الماء.

و اما قيد الوحدة فالظاهر كونها فى مقابل المتعدد بمعنى ان الغسل فى الترتيبى حيث يكون متعددا مرّة غسل الرأس و اخرى غسل الأيمن و ثالثة غسل الايسر ففى قبال الغسل الترتيبى المأخوذ فيه تعدد الغسلات يكون المأخوذ فى الغسل الارتماسى الواحدة يعنى غسل تمام الجسد بغسل واحد لا

بأغسال متعددة فالمراد من الوحدة فى قابل المتعدد و لا يكون المراد من الوحدة الدفعة كما توهم من ذهب الى الاحتمال الاول فان كان المذكور فى لسان الروايات (ارتماسة دفعة) كان للذهاب الى الاحتمال الاول أو إلى الاحتمال الثالث وجه لكن المذكور هو (الوحدة) و الوحدة مقابل المتعدد يعنى كما ان الغسل يصح بصب الماء مرة على الرأس و مرّة اخرى على الايمن و مرّة ثالثه على الأيسر يحصل بارتماس جميع البدن فى الماء مره واحدة.

فعلى هذا كما تحصل ارتماسة واحدة بالمذكور فى الاحتمال الاول تحصل بالنحو المذكور فى الاحتمال الثانى بل تحصل لو تحقق الارتماس بالنحو المذكور فى الاحتمال الثالث فيما احدث الانغماس و استيلاء الماء على بدنه بقصد الغسل لحصول ارتماسة واحدة بهذا النحو بل تحصل بمجرد الارتماس و استيلاء الماء على البدن و لو كان بقاء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 223

ان قلنا بعدم وجوب احداث الارتماس و يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه فلا وجه لاختصاص اجزاء الغسل الارتماس بصورة وقوعه بالنحو المذكور فى الاحتمال الدول الّا أن يدّعى كون الشهرة على طبقه و لكن لا يعتنى بها لأن الظاهر أنّهم فهموا من الروايات الاحتمال الاول و فهمهم رضوان اللّه تعالى عليهم ليس حجة لنا و أن كان الأحوط رعاية ما ذهب إليه المشهور.

الجهة الثالثة: بعد ما عرفت من أنّ مفاد اخبار الباب ليس الا حصول ارتماسة واحدة

فى مقام الاجزاء بالغسل بنحو الارتماس و هى كون غسل جميع اجزاء البدن بغمس و غسل واحد فى مقابل الغسل المتعدد المعتبر فى الغسل بنحو الترتيب.

يقع الكلام فى أنه لو خرج بعض بدنه قبل ان يغمس البعض الآخر هل يكتفى به مطلقا كما اذا خرجت رجله او دخلت فى الطين قبل ان يدخل

رأسه فى الماء او بالعكس بان خرج راسه من الماء قبل ان تدخل رجله أو لا يكتفى بذلك مطلقا سواء كان بخروج رجله من الماء او بدخول رجله فى الطين او التفصيل بين ما اذا خرج رجله من الماء فلا يكتفى به فى مقام الغسل و بين ما دخل رجله فى الطين فيكتفى به وجه الاكتفاء مطلقا هو أنّه بعد ما عرفت من أنه لا يجب كون الارتماس بجميع البدن دفعة لعدم كون المراد من ارتماس واحد هو الدفعة بل المراد من الوحدة هو المرّة بمعنى كون ارتماس جميع البدن واحد لا بارتماسات متعددة و غسلات متعددة كما فى الغسل الترتيبى فعلى هذا فى المورد بعد كون الارتماس واحدا فيجزى فى الارتماس و ان خرج الجزء المرتمس أولا من البدن خارجا عن الماء عند ارتماس الجزء الآخر او دخل فى الطين عند ارتماس الجزء الاخر من البدن لان ذلك لا يخرج الارتماس عن كونه ارتماسا واحدا لانه مع ذلك ارتمس اعضاء البدن فى الماء بارتماس واحد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 224

لا المتعدد.

وجه عدم الاكتفاء مطلقا هو ان الواجب الارتماس الدفعى كما ذهب إليه المشهور هو لا يحصل الا بكون جميع اجزاء البدن تحت الماء دفعة و ان حصل هذا الارتماس تدريجا كما بيّنا فى الاحتمال الاول من الاحتمالات فى المراد من الارتماس فى الجهة الثانية.

وجه التفصيل هو أنه فى صورة خروج بعض البدن عن الماء قبل ان ينغمس البعض الآخر من البدن فى الماء لم يحصل ارتماس جميع البدن دفعة فى الماء كما عرفت فى مقام ذكر وجه عدم الاكتفاء مطلقا أما فى صورة دخول بعض البدن فى الطين قبل

انغماس بعض الآخر منه فى الماء بصدق ارتماس جميع البدن و لكن لا بصدق استيلاء الماء على جميع البدن فعلى هذا يكتفى به.

اقول اما ما ذكر وجها لعدم الاكتفاء فقد عرفت عدم صحة المبنى فى الجهة الثانية و أما وجه التفصيل فبعد فرض دخول بعض البدن فى الطين قبل ارتماس البعض الآخر لا يصدق ارتماس جميع البدن دفعة عرفا لكون بعض البدن على الفرض داخلا فى الطين.

و بعد عدم تماميه وجه عدم الاجزاء مطلقا و وجه التفصيل نقول بانه على ما اخترنا فى المراد من (ارتماسة واحدة) المذكور فى الروايات المتعلقة بالمقام ما نحتاج إليه فى حصول الاجزاء بالغسل الارتماسى هو كون ارتماس جميع اجزاء البدن ارتماسا واحدا فى مقابل المتعدد و بعد كون الارتماس الواحد حاصلا بشروع الارتماس بقصد الغسل بارتماس جزء من البدن ثم ما يليه حتى ينغمس جميع اجزاء البدن بهذا الارتماس الّذي شرع فيه باول جزء من البدن و تماميته بآخر جزء من البدن و يعدّ باعتبار اتصال بعضه ببعض فعل واحد و ارتماس واحد لا المتعدد و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 225

باعتبار تعلق النية بارتماس البدن بهذه الكيفية بقصد الغسل يعدّ غسلا ارتماسيا.

فبعد ذلك نقول اذا خرج بعض البدن عن الماء قبل انغماس بعض الآخر من البدن او دخله فى الطين قبل انغماس البعض الآخر فى الماء حيث يكون عدّ هذا الارتماس ارتماسا واحدا لجميع البدن و مع فرض كون شروع ارتماس البدن بجزء و اختتامه بجزء آخر من باب اتصال غمس اجزاء البدن بعضه ببعض و عدم فصل شي ء بينها و عدم اعتبار أزيد من ذلك فى حصول ارتماس جميع البدن بارتماس واحد لا

المتعدد فمع خروج جزء من البدن بعد ارتماسه فى الماء او دخوله فى الطين بعد ارتماسه قبل ارتماس ساير اجزاء البدن لا يضرّ بالوحدة الارتماس اذا ارتمس كل الاعضاء بهذا الارتماس الّذي شرع فيه و ان خرج بعض الاجزاء قبل تحقق ارتماس ساير الاعضاء لان هذا لا يضر بكون ارتماس جميع البدن بارتماس واحد فى مقابل الارتماسات المتعددة فعلى هذا الاقوى بالنظر الاكتفاء و اجزاء الغسل الارتماسى بهذا النحو و ان كان الاحوط فى مقام العمل ابقاء اجزاء المرتمسة من البدن فى الماء الى ان يرتمس كل اجزاء فى الماء فينغمس فى الماء كل اجزاء البدن فى حال واحد.

الجهة الرابعة: و هل يلزم فى الغسل الارتماسى ان يكون تمام بدنه خارج الماء

او يكفى كون معظم بدنه خارجا عن الماء.

او يكفى خروج بعض بدنه من الماء مثلا رأسه و ان لم يكن بدنه خارجا عن الماء او يكفى و ان كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل و حرّك بدنه تحت الماء بنية الغسل او يكفى بقائه تحت الماء بنية الغسل و لو لم يحرّك بدنه اصلا احتمالات:

وجه الاحتمال الاول و هو لزوم خروج جميع البدن من الماء فيرتمس فى الماء بقصد الغسل بعد خروج جميع اجزاء البدن هو ان ظاهر الاخبار اجزاء الارتماس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 226

بقصد الغسل و هو ظاهر فى أحداث الارتماس و احداث ارتماس جميع البدن لا يحصل الا بعد ان يكون جميع البدن خارجا عن الماء حتى يحصل الارتماس.

وجه كفاية خروج معظم البدن و هو الاحتمال الثانى هو ان ارتماس البدن يصدق عرفا على من يكون معظم بدنه خارج الماء فيرتمس فى الماء بتمام بدنه كما يصدق على من يكون تمام بدنه خارج الماء فيرتمس فيه.

وجه كفاية

خروج جزء البدن و هو الاحتمال الثالث ما ذكر فى الاحتمال الثانى و هو صدق العرفى فى الارتماس على من يكون بعض بدنه و لو لم يكن معظمه خارج الماء فيرتمس فى الماء بجميع بدنه.

وجه كفاية تحريك البدن بعد الانغماس فى الماء مع النية و عدم لزوم احداث الارتماس لا بخروج تمام البدن و لا بخروج بعضه مطلقا سواء كان معظم بدنه او لا هو ان الارتماس عبارة عن انغماس جميع البدن فى الماء فمع حصوله و لو بقاء يكفى فيحصل بالتحريك تحت الماء الارتماس المطلوب فى الغسل و هذا لمن ارتمس فى الماء بلا قصد الغسل و الا لو ارتمس فى الماء فى آن ارتماس جميع جزاء البدن بقصد الغسل كفى و لا حاجة الى تحريك البدن لصدق الارتماس.

وجه كفاية ارتماس البدن و لو بوجوده البقائى تحت الماء فى الغسل الارتماسى و لو لم يحرّك بدنه تحت الماء و هو الاحتمال الخامس هو أيضا دعوى صدق العرفى فى حصول الارتماس على الارتماس بوجوده بقاء.

اقول تارة نقول بان الواجب فى صدق الارتماس هو احداث الارتماس لان مفاد الاخبار هو ان يرتمس ارتماسة واحدة و هو إيجاد الارتماس و أحداثه مثلا اذا قال قم معنى ذلك ايجاد القيام كذلك فى الارتماس فعلى هذا لا اشكال فى عدم امكان الذهاب الى القول الرابع و الخامس الّذي لازمهما عدم احداث الارتماس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 227

و اما بالنسبة الى الاحتمال الاول و الثانى و الثالث فيدور القول مدار أنه هل يعتبر عرفا فى صدق احداث ارتماس جميع البدن خروج تمام البدن او يكفى خروج معظمه او يكفى خروج بعضه و ان لم يكن معظمه

فعلى الاول نقول بالاحتمال الاول و على الثانى باحتمال الثانى و على الثالث بالاحتمال الثالث.

و تارة نقول بانه ليس المعتبر عند العرف فى صدق الارتماس الا تغطية جميع البدن فى الماء و لا يعتبر احداث التغطية عند العرف و الشارع لم يبيّن موضوع حكمه فالمرجع هو العرف بالإطلاق المقامى.

فان قلنا بذلك فيجزى الغسل الارتماسى اذا نوى الغسل فى آن ارتماس جميع بدنه فى الماء و لو لم يقصده حال الشروع فى الارتماس.

و اما بعد تحقق ارتماس جميع البدن هل يجزى الغسل بتحريك تمام البدن تحت الماء بقصد الغسل او و لو بلا تحريك البدن بل بمجرد ابقاء بدنه فى الماء بقصد الغسل او لا يجزى أما فيما تحرك بدنه بقصد الغسل بعد تحقق الارتماس فمبنى على كفاية الوجود البقائى فى صدق الارتماس عرفا مع فرض حصول جريان الماء على المحل بالتحريك أن قلت ان معنى الجريان اجراء الماء على المحل لان اجراء الماء عبارة عن انتقال الماء من محل الى محل و فى ما نحن فيه لا يتحقق ذلك.

قلت أنّ في موردنا يجرى الماء على المحل و ينتقل الماء عن محل الى محل آخر غاية الأمر هذا الجريان قد يتحقق بسكون المحل و اجراء الماء عليه و قد يتحقق بتحريك المحل و يجرى الماء عليه و كلاهما فى صدق الجريان.

و اما مع عدم تحرك البدن بعد الارتماس فى الماء و قصد الغسل بمجرد البقاء فى الماء مرتمسا مع كون البقاء بقصد الغسل فاجزاء هذا الغسل مبنى على عدم اعتبار جريان الماء على البدن فى الغسل بكلا معنييه الّذي ذكرناهما فى مبنى كفاية الغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 228

بالارتماس بقاء مع

حركة البدن فى الماء بقصد الغسل حال كونه مرتمسا فى الماء بل يكفى مجرد وصول الماء بالبدن و ان لم يكن جاريا على البدن.

اذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى اما بناء على ما اخترنا فى المراد من (الواحدة) فى قول المعصوم عليه السّلام (ارتماسة واحدة) فى الجهة الثانية من ان المراد الوحدة فى مقابل المتعدد لا الدفعة ففيما أحدث الارتماس سواء كان قصد الغسل بعد خروج جميع بدنه او بعد خروج معظم بدنه او بعد خروج بعض بدنه و ان لم يكن معظمه او حين ارتماس بدنه و آن وقوع جميع بدنه فى الماء بان بقصد الغسل فى هذا الآن اعنى حال حصول ارتماس جميع البدن فى الماء يجزى الغسل لحصول الوحدة المعتبرة فى كل هذه الفروض و كون الارتماس باحداثه فى الماء لا بابقائه فى الماء لو فرض كون المعتبر احداث الارتماس.

و اما فيما قصد الغسل بعد حصول ارتماس بدنه فى الماء بإبقائه بقصد الارتماس و قلنا بكون المراد من الوحدة هو الوحدة فى قبال المتعدد لا الدفعة فوجه عدم الاجزاء ليس الا دعوى كون ظاهر الاخبار المتقدمة الواردة فى غسل الارتماسى هو احداث الارتماس و لا يصدق ببقائه فى الماء مرتمسا و ان حرّك بدنه فى الماء بقصد الغسل بانه ارتمس فى الماء يعنى احدث الارتماس للغسل.

و يمكن ان يقال جوابا عن ذلك بأن فى الغسل الارتماسى على ما يستفاد ليس الا وقوع الارتماس بقصد الغسل و كون الارتماس بجميع البدن بارتماسة واحدة فى قبال الارتماسات المتعددة كما اخترنا ذلك و مع البقاء مرتمسا فى الماء بقصد الغسل يصدق أنه ارتمس ارتماسة واحدة فيجزى عن الغسل و لا يبعد ذلك و ان كان

الأحوط اعتبار احداث الارتماس بقصد الغسل.

و على فرض كفاية الارتماس بوجوده البقائى هل يجب تحريك البدن فى الماء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 229

حين يقصد الغسل أو لا.

وجه الاعتبار هو اعتبار جريان الماء على البدن كما يستفاد من بعض اخبار الباب مثل رواية محمد بن مسلم «1» و زرارة «2».

و فيه أولا ان ما دل من الروايات على ان ما جرى عليه الماء فقد طهر واردة فى الغسل الترتيبى فلا يكون مربوطا بالغسل الارتماسى الّذي لا يعتبر فيه ألّا الارتماس فى الماء.

و ثانيا ما ذكر فى بعض الروايات لا يدلّ الا على ان ما جرى عليه الماء فقد طهر و لا يدلّ على انه مع عدم الجريان لا يطهر لعدم مفهوم له فيكفى مجرد مسّ الماء حتى الترتيبى كما فى رواية «3» اخرى من زرارة (و كل شي ء أمسسته الماء فقد أنقيته) المذكور فى ذيلها اجزاء الغسل بنحو الارتماس فيكفى فى عدم وجوب تحريك البدن اطلاق الاخبار المتقدمة الواردة فى الغسل الارتماسى لانّ مفادها اجزاء ارتماسة واحدة سواء تحرّك بدنه فى الماء أو لا هذا كله بناء على كون المراد من الواحدة فى قوله عليه السّلام (ارتماسة واحدة) هو ما اخترنا من كونها الوحدة فى مقابل المتعدد لا الدفعة.

و اما ان كان المراد من الواحدة الدفعة فيكون المراد ارتماسة دفعية فأيضا تكون النتيجة ما قلنا على القول بكون المراد من الواحدة الواحدة فى مقابل المتعددة من اختلاف الحكم من حيث القول بوجوب احداث الارتماس و عدمه و كذا من حيث القول بكفاية الارتماس البقائى و عدمه و كذا من حيث لزوم حركة البدن فى

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 26 من

ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 230

الماء حين يقصد الغسل ببقائه مرتمسا فى الماء و عدمه.

الجهة الخامسة: لو تبيّن بعد الغسل الارتماسى عدم انغسال جزء من بدنه

فهل تجب اعادة الغسل مطلقا او تجب اعادة المتروك فقط او لا تجب اعاده الغسل مطلقا او يفصّل بين طول الزمان و قصره ففى الاول يجب اعادته و فى الثانى لا تجب اعادته او يفصّل بين ما اذا كان الجزء المتروك غسله فى الجانب الايسر فلا يجب الا غسل المتروك غسله و بين ما اذا كان فى الرأس او الجانب الايمن فيجب غسل الجزء المتروك غسله و غسل ما بعده من الاعضاء فان كان فى الرأس يغسله و يغسل الأيمن و الايسر و ان كان المتروك غسله جزء للايمن يغسل المتروك ثم يغسل الايسر.

وجه الاحتمال الاول هو ان الغسل الارتماسى يتحقق بارتماس جميع البدن بارتماسة واحدة بمقتضى النصوص الدالة عليه و مع فرض بقاء جزء من بدنه لم يتحقق غسل جميع البدن بارتماسته واحدة فلا يكفى غسل الجزء المتروك لانه بغسله لا يتحقق ارتماسته واحدة سواء كان المراد من الواحدة الدفعة او الواحدة فى مقابل المتعددة بلا فرق بين طول الزمان و قصره و لا بين كون المتروك فى الأيسر او فى الرأس او الأيمن.

وجه الاحتمال الثانى هو عدّ المغسول من البدن غسل جميع البدن و ان بقى جزء منه لتسامح العرف فى ذلك و لدلالة رواية زرارة و فيها قال عليه السّلام (و كلّ شي ء أمسسته فقد أنقيته) تدل على حصول الغسل بالنسبة الى ما غسل من البدن فلا يجب ألا غسل

المتروك.

و فيه أولا عدم تسامح العرف مطلقا مثل ما اذا كان قطعة من البدن مثلا بعض رجله و لا يقول غسل جميع البدن مع عدم غسل هذه القطعة من البدن.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 231

و ثانيا لا أثر لتسامح العرف لأنّه لا عبرة بمسامحات العرف فى تطبيق المفهوم على المصداق بعد تبيّن المفهوم و عدم كون المصداق مصداقا للمفهوم الّذي ثبت له الحكم و من الواضع ان الواجب غسل جميع البدن و ان بقى منه نقطة لم يتحقق الواجب.

و ثالثا لازم هذا الاحتمال عدم وجوب غسل الجزء الباقى أيضا لانه مع صدق غسل جميع البدن عرفا.

و اما رواية زرارة فمع كون موردها الغسل الترتيبى و عدم ارتباطها بالغسل الارتماسى لا يكون مفادها الا ان كل شي ء أمسسته الماء فقد أنقيته لا ما لا يمسه فليس مفادها وجوب غسل الجزء المتروك و الحال أن مقتضى هذا الاحتمال عدم وجوب غسل الجزء المتروك اصلا ان كان دليله مسامحه العرف كما عرفت.

وجه التفصيل بين طول الزمان و قصره فما يحتمل كونه و جهاله هو ان قصر الزمان لا يضر بالوحدة المعتبرة لو غسل الجزء المتروك بخلاف صورة طول الزمان حيث يكون الفصل بين غسل ساير البدن و الجزء المتروك طويلا.

و فيه ان المعتبر تحقق الارتماس الواحد بالنسبة الى جميع البدن فالفصل و ان كان قصيرا يضرّ بهذه الوحدة المعتبرة.

وجه التفصيل بين كون الجزء المتروك فى الجزء الأخير اعنى فى جانب الايسر فيكفى غسل المتروك فقط و بين ما يكون المتروك من الرأس او من جانب الايمن فيجب غسله و غسل ما يليه هو دعوى كون الغسل الارتماسى هو الغسل الترتيبى حكما فكما انه لو

ترك جزء من الايسر فى الترتيبى يجب غسل هذا الجزء فقط و ان كان فى الرأس او جانب الايمن يجب غسل الجزء المتروك و ما يليه فكهذا فى الغسل الارتماسى لكونه بحكم الغسل الترتيبى فالغسل الارتماسى غسل ترتيبى حكما.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 232

و فيه انه لم أجدد ليلا على كون الغسل الارتماسى هو الغسل الترتيبى حكما فالاقوى هو الاحتمال الاول من بين الاحتمالات المذكورة.

الجهة السادسة: و يجب تخليل الشعر اذا شك فى وصول الماء الى البشرة

التى تحته لانه بعد كون الواجب غسل البشرة فمع الشك فى وصول الماء بها بلا تخليل الشعر يجب تخليله لان الاشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية و لا تحصل البراءة اليقينية الا بالتخليل لكن ينبغى التكلم فى ان التخليل يكون من مقدمات الغسل فلا بد ان يقع قبل الارتماس او يكفى وقوعه حال الارتماس و لا يبعد كفاية وقوعه حال الغسل لانّه لا ينافى مع حصول الارتماس بارتماسة واحدة.

الجهة السابعة: هل يجوز الغسل بنحو الارتماس فى ساير الاغسال
اشارة

غير غسل الجنابة مطلقا حتى فى غسل الميّت او لا يجوز مطلقا او التفصيل فيجوز فى غير غسل الميّت من الاغسال و لا يجوز الغسل الارتماسى فى غسل الميّت فينبغى الكلام في الموردين:

المورد الاول: فى إجزاء الغسل الارتماسى فى ساير الاغسال

مثل غسل الجنابة ما عدا غسل الميّت فنقول بعونه تعالى ما يمكن ان يستدل به الاجماع المدعى عليه و الاتفاق على كونها مثل غسل الجنابة.

و انه بعد كون الغسل من الماهيات التى اخترعها الشارع و ان كان مورد مسلّمه هو غسل الجنابة لكن بعد اختراعه ذلك اذا اوجب الغسل فى غير مورد الجنابة و لم يبيّن ما هو مراده من الغسل من حيث كيفيته مثلا قال أغسل للجمعة او لمس الميّت او غيرهما و لم يبين الكيفية لا بدّ من حمله على الغسل المجعول منه فى غسل الجنابة و لا مجال للرجوع فى فهم موضوع حكمه الى العرف بل يقال انه بعد كون مخترع له فى الغسل فى مورد و لم يبين مورد حكمه فى مورد آخر فالاطلاق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 233

المقامى يقتضي حمل كلامه على مخترعه لأنّه لو أوكل الشارع الامر الى ما اخترعه من الغسل و لم يبيّن مراده و اطلق كلامه ما أخلّ بالحكمة و لا بدّ من تنزيل كلامه على ما اخترعه.

و يمكن ان يستشهد على كون كيفية غسل الحيض كيفية غسل الجنابة بما رواها محمد بن على بن الحلى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال غسل الجنابة و الحيض واحد (قال و سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض عليها غسل مثل غسل الجنب قال نعم) «1».

فلا ينبغى الاشكال فى كون كيفية ساير الاغسال غير غسل الميت بكيفية غسل

الجنابة.

المورد الثانى: هل الغسل الميّت يكون من حيث الكيفية مثل غسل الجنابة

فيقع ترتيبا و ارتماسا كما قلنا فى غسل الجنابة او لا يصح الا ترتيبا الحق عدم وقوعه الا ترتيبا لانه بيّن فى الاخبار كيفيته راجع الباب الاول من ابواب غسل الميّت من الوسائل.

الجهة الثامنة: فى عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة
اشارة

بل عدمه مشروعيته اعلم ان الكلام فى وجوب الوضوء و عدمه او فى مشروعية الوضوء و عدمها مع الغسل يكون فى موردين:

المورد الاول: فى عدم وجوبه بل عدم مشروعيته مع غسل الجنابة.

المورد الثانى: فى عدم وجوبه او فى عدم مشروعيته فى ساير الاغسال و البحث فى المورد الثانى و ان ذكر فى الجواهر و مصباح الفقيه و فى كلام بعض آخر فى مبحث غسل الحيض عند التعرض عن اجزاء غسله عن الوضوء و عدمه لكن نحن

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 1 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 234

نذكره إن شاء اللّه فى المقام لشدة المناسبة.

المورد الاول: فى عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة
اشارة

بل و عدم مشروعيته فالكلام يقع فى مقامين:

المقام الاول: فى عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة

و هو كما ذكر مورد اتفاق الاصحاب قديما و حديثا و ادعى عليه الاجماع و ظاهر بعضهم الاجماع عليه محصّلا و منقولا مستفيضا.

استدل عليه من الكتاب بقوله تعالى «1» وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا حيث ان المقابلة مع صدر الآية إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الدال على وجوب الوضوء يقتضي كون الامر بالتطهر هو الغسل فقط ففى الحدث الأصغر أوجب الوضوء و فى الحدث الاكبر أوجب الغسل فلو كان الواجب فى الجنابة الوضوء أيضا كان المناسب ان يامر به أيضا فى صورة حدوث الجنابة.

كما يدل على ذلك استشهاد الامام عليه السّلام بالآية الشريفة كما ورد فيما رواه يعقوب بن شعيب عن حريز او عمّن رواه عن محمد بن مسلم قال قلت لابي جعفر عليه السّلام ان اهل الكوفة يروون عن على عليه السّلام انه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة قال كذبوا على على عليه السّلام ما وجدوا ذلك فى كتاب عليّ عليه السّلام قال اللّه تعالى و أن كنتم جنبا فاطّهروا) «2».

و استدل عليه بروايات:

الرواية الاولى: الرواية المتقدمة التى استشهد عليه السّلام فيها بالآية الشريفة و

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 6.

(2) الرواية 5 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 235

الرواية ضعيفة السند لما فى طريقها عن حريز او عمّن رواه عن محمد بن مسلم) لعدم معلومية كون الراوى حريزا او عمّن رواه عن محمد بن مسلم.

الرواية الثانية: ما رواها زرارة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثمّ

تمضمض و استنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك ليس قبله و لا بعده وضوء الخ «1».

الرواية الثالثة: ما رواها يعقوب بن يقطين عن ابى الحسن عليه السّلام (قال سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السّلام قال الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يديه الى المرفقين قبل ان يغمسهما فى الماء ثم يغسل ما أصابه من أذى ثمّ يصبّ على راسه و على وجهه و على جسده كلّه ثمّ قد قضى الغسل و لا وضوء عليه) «2».

الرواية الرابعة: ما رواها احمد بن محمد يعنى ابن ابى نصر (قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين الى أصابعك و تبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك فى الاناء ثم اغسل ما اصابك منه ثم أفض على راسك و جسدك و لا وضوء فيه) «3».

بناء على حمل قوله عليه السّلام (ليس قيله و لا بعده وضوء) فى الرواية الثانية و (لا وضوء فيه) فى الرواية الثالثة و الرابعة على عدم الوضوء فيه على نحو الوجوب لا عدم المشروعية و الّا يصير دليلا على عدم المشروعية و الظاهر هو الاحتمال الاول

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 236

و بعض الاخبار نذكره فى المقام الثانى و فى المورد الثانى إن شاء اللّه.

و اما رواها ابو بكر الحضرمى عن ابى جعفر عليه السّلام (قال سألته كيف اصنع اذا اجنبت قال اغسل

كفّك و فرجك و توضأ وضوء الصلاة ثمّ اغتسل) «1».

و ما رواها محمد بن ميسّر (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل الجنب ينتهى الى الماء القليل فى الطريق يريد أن يغتسل منه و ليس معه أناء يغرف به و يداه قذرتان قال يضع يده و يتوضأ ثمّ يغتسل هذا مما قال اللّه عزّ و جل مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «2».

فلا تعارض الروايات الدالة على عدم الوجوب لأنه على فرض حجية رواية ابي بكر و محمد بن ميسّر يحمل الأمر بالوضوء فيهما على الاستحباب مضافا الى ما يأتى إن شاء اللّه فى المقام الثانى من عدم حجيتهما.

فالقدر المسلّم عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة على الجنب.

المقام الثانى: فى عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة

و عدم مشروعيته و كونه بدعة و هو المشهور و عن الشيخ فى التهذيب استجابه و ما يمكن ان يكون وجها له طائفتان من الاخبار.

الطائفة الاولى: ما يكون موردها غسل الجنابة.

الاولى: ما رواها ابن ابى عمير عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال كل غسل قبله وضوء الا غسل الجنابة) «3».

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 25، ح 14.

(3) الرواية 1 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 237

الثانية: ما رواها ابن ابى عمير عن حماد بن عثمان او غيره عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال فى كل غسل وضوء الا الجنابة) «1».

و هل هما روايتان او انهما رواية واحدة يمكن كونهما رواية واحدة لكون المرسل فى كل منها ابن ابى عمير و يمكن كونهما روايتين لاختلاف متنهما.

اما الروايتان من حيث

السند فضعيفتان لكونهما مرسلتين الّا ان يدّعى كون مرسلهما ابن ابى عمير و هو الّذي قالوا بان مراسيله بحكم المسانيد.

و اما دعوى انجبار ضعف سندهما على فرض ضعفهما بفتوى المشهور فيقبل ان علم كون استناد المشهور بهما فى افتائهم بعدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة.

و اما دلالتهما على المدعى فيتوقف على كون المراد من قوله الّا غسل الجنابة هو عدم مشروعية الوضوء فى غسل الجنابة كما لا يبعد ذلك لان مراده من قوله (كل غسل قبله وضوء) او (فى كل غسل وضوء) بمقتضى شارعيته هو تشريع الوضوء فى كل غسل غير غسل الجنابة.

الثالثة: ما روى عن غوالى اللئالى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (كل غسل لا بدّ فيه من الوضوء الّا الجنابة) «2».

و هى مضافة الى ضعف سندها لا تدل الا على عدم لابدية الوضوء مع غسل الجنابة لا على عدم جواز و عدم مشروعيته.

الطائفة الثانية: بعض الاخبار الدالة على عدم مشروعية الوضوء فى مطلق الاغسال او اجزاء كل غسل من الاغسال عن الوضوء و المتيقن منها هو الجنابة

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 25 من ابواب الجنابة من مستدرك الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 238

نذكرها ان شاء اللّه فى المورد الثانى اعنى عند التكلم فى وجوب الوضوء فى ساير الاغسال و عدمه و هذا على القول بحجية هذه الطائفة من الاخبار و الّا لو قلنا بعدم حجيتها لاعراض المشهور عنها فلا يمكن الاستدلال بها على ما نحن فيه أيضا فتبقى دليلا الآية الشريفة و الطائفة الاولى من الاخبار فعلى كلّ حال لا اشكال فى الحكم.

و فى

قبال الطائفتين من الاخبار ليس فى البين ما يدل على جواز الوضوء او استحبابه الا رواية ابو بكر الحضرمى و محمد بن مسير ذكرنا هما فى المقام الاول و هما و ان كانتا تدلّان على جواز الوضوء او استجابه او وجوبه لظاهر الأمر فلا مجال للاشكال فى دلالتهما الا انهما ليستا بحجة لعدم وجود مقتضى لحجيته فيهما لاعراض الاصحاب عنهما من باب صدورهما تقية كما ينادى بذلك روايتا حكم بن حكيم و محمد بن مسلم لدلالتهما على ان العامة قائلون بالوضوء فصدرت الروايتان المذكورتان اعنى رواية ابى بكر و محمد بن مسير تقيه و نذكر لك روايتى حكم و محمد بن مسلم روى حكم بن حكيم (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة الى ان قال قلت ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال و أىّ وضوء انقى من الغسل و ابلغ) «1».

و روى يعقوب من شعيب عن حريز او عمّن رواه عن محمد بن مسلم (قال قلت لابى جعفر عليه السّلام ان اهل الكوفة يروون عن على عليه السّلام انه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة فقال كذبوا على على عليه السّلام ما وجدوا ذلك فى كتاب على عليه السّلام قال اللّه تعالى و ان كنتم جنبا فاطّهروا) «2».

و هاتان الروايتان تدلان على ان ما صدر من الاخبار متضمنا للامر

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 34 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 239

بالوضوء مع غسل الجنابة صدر تقية من العامة و ان أشكل فى سند الرواية الثانية من حيث

عدم معلومية من يروى عن محمد بن مسلم يكفى الاولى و هى رواية حكم بن حيكم فلا اشكال فى عدم مشروعية الوضوء مع غسل الجنابة.

المورد الثانى: فى إجزاء ما عدا غسل الجنابة عن الوضوء

و المحكى من الاقوال ثلاثة:

القول الاول: عدم اجزاء الغسل عن الوضوء فى غير غسل الجنابة مطلقا واجبا كان الغسل مثل غسل الحيض او مستحبا مثل غسل الجمعة.

القول الثانى: هو عدم اجزاء الاغسال المستحبة عن الوضوء و أجزاء الاغسال الواجبة عنه.

القول الثالث: اجتزاء الغسل عن الوضوء مطلقا كان الغسل من الاغسال الواجبة او من المستحبة و هو منسوب الى السيد ره و المحكى عن الاردبيلى و بعض آخر رحمهم اللّه.

و استدل للقول الاول

الّذي هو المشهور بروايتى ابن ابى عمير بناء على كونهما روايتين و النبوى المذكور فى غوالى اللئالى المتقدمة ذكرها فى المقام الثانى من المورد الاول اعنى عند التكلم فى عدم مشروعية الوضوء مع غسل الجنابة لان مفادها وجوب الوضوء فى كل غسل الا غسل الجنابة فتصير دليلا على مدعى القول الاول اعنى المشهور.

و بما رواه محمد بن الحسن الطوسى باسناده عن على بن يقطين عن ابى الحسن الاول عليه السّلام (قال اذا اردت ان تغسل للجمعة فتوضأ و اغتسل) «1».

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 240

فيقال ان الرواية و ان وردت فى غسل الجمعة لكن يقال فى غيره من الاغسال بعدم القول بالفصل الا فى غسل الجنابة.

و فيه انه لو قيل بعدم القول بالفصل بين غسل الجمعة و بين ساير الأغسال المستحبة كان انسب للقول بالفصل بين الاغسال الواجبة و المستحبة كما هو مقتضى القول الثانى من الاقوال الثلاثة فى المسألة.

و استدل أيضا بعموم ما دل على ايجاب البول و غيره من النواقض او اطلاقه للوضوء فان عمومه او اطلاقه يقتضي موجبته سواء غسل احد الاغسال أو لا نعم نقول بعدم مشروعيته فى

خصوص غسل الجنابة للنص.

و يستدل بقوله تعالى إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الى آخر الآية فان الآية اطلاقها يقتضي وجوب الوضوء و ان غسل و تدل الآية على ما ذكر و ان فسّر القيام بالقيام من النوم لانه مع هذا تدل على وجوب الوضوء بعد القيام من النوم و ان غسل احد الاغسال خرج خصوص غسل الجنابة فلا يجب الوضوء معه يبقى وجوبه فى ساير الاغسال.

و لا مجال للاشكال فى كفاية بعض ما ذكر من الادلّة لعدم اجتزاء ساير الاغسال غير غسل الجنابة عن الوضوء و ان اشكل فى بعضها الآخر فى حدّ ذاته بحيث لو لم يكن معارض له يؤخذ به.

و فى قبال ذلك روى روايات تدل على الاحتمال الثالث و هو عدم وجوب الوضوء مع الغسل كان الغسل جناية او غير غسل الجنابة واجبا او مستحبا و روى ما يدلّ على كون الوضوء مع الغسل بدعة نذكرها لك إن شاء اللّه.

اما ما يدل على عدم الوجوب و اجزاء الغسل عن الوضوء مطلقا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 241

روايات:

الاولى: ما رواها محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام (قال الغسل يجزى عن الوضوء و اى وضوء أطهر من الغسل) «1».

الثانية: مكاتبة محمد بن عبد الرحمن الهمدانى كتب الى أبى الحسن الثالث عليه السّلام (يسأله عن الوضوء للصلاة فى غسل الجمعة فكتب لا وضوء للصلاة فى غسل يوم الجمعة و لا غيره) «2»، بناء على حملها على مجرد عدم الوجوب لا على عدم الجواز لانه على هذا تكون من جملة ما يدل على عدم الجواز.

الثالثة: ما رواها عمار الساباطى (قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل اذا

اغتسل من جنابته او يوم جمعة او يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك او بعده فقال لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض او غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد اجزاها الغسل) «3».

الرابعة: ما رواها حماد بن عثمان عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى الرجل يغتسل للجمعة او غير ذلك أ يجزيه عن الوضوء فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام و أىّ وضوء أطهر من الغسل) «4» و الرواية مرسلة و فى غيرها غنى و كفاية فى الدلالة على اجزاء مطلق الاغسال عن الوضوء.

و اما يدلّ على عدم جواز الوضوء و كونه بدعة مع الغسل.

الاولى: ما رواها يحيى بن طلحة عن أبيه عن عبد اللّه بن سليمان (قال سمعت

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 242

أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول الوضوء بعد الغسل بدعة) «1».

الثانية: ما رواها سليمان بن خالد عن أبى جعفر عليه السّلام (قال الوضوء بعد الغسل بدعة) «2».

و يدل على الاحتمال الثالث

و هو التفصيل بين الاغسال الواجبة فلا وضوء فيها و بين الاغتسال المستحبة فيجب الوضوء.

رواية على بن يقطين عن ابى الحسن الاول عليه السّلام (قال اذا اردت ان تغتسل للجمعة فتوضأ و اغتسل) «3» بان يقال بان مورد الرواية و ان كان غسل الجمعة لكن لا خصوصية له فيتعدى منه الى مطلق الاغسال المستحبة (ذكرنا الرواية قبل ذلك أيضا فى طى الروايات المتمسكة بها على القول الاول).

هذا كله فيما يمكن ان يكون وجها للاحتمالات الثلاثة و بعد ذلك ينبغى أن نتكلّم فيما هو الحق من بين هذه الأقوال بعونه تعالى.

فنقول اما الجمع بين الروايات بحمل ما دل على الامر بالوضوء على ساير الاغسال و ما دل على عدم الوضوء او قوله عليه السّلام الوضوء بعد الغسل بدعة على خصوص غسل الجنابة فلا يمكن القول به أولا للزوم حمل العموم فى قوله عليه السّلام الغسل يجزى عن الوضوء او قوله عليه السّلام الوضوء بعد الغسل بدعة على خصوص غسل الجنابة و هذا يوجب تخصيص الاكثر و لا يمكن الذهاب إليه و ثانيا مع التصريح فى

بعض الروايات المتقدمة على اجزاء الغسل عن الوضوء فى غير غسل الجنابة مثل غسل الجمعة او غسل يوم العيد او غير ذلك لا يمكن الجمع المذكور.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 33 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 243

و ليس فى البين جمع آخر يمكن القول به فيقع التعارض بين الطائفتين اعنى ما يدل على وجوب الوضوء فى غير غسل الجنابة و ما يدل على عدم الوضوء فيه و بعد التعارض ان قلنا بان المرجح هو الشهرة الفتوائى فلا بد من الاخذ بما يدل على وجوب الوضوء و عدم أجزاء غير غسل الجنابة عنه و اما ان قلنا بان المرجح هو الشهرة الروائى كما اخترنا ذلك فى الاصول خلافا لنظر شريف سيدنا الاعظم آية اللّه العظمى البروجردي اعلى اللّه مقامه فربما يكون الترجيح مع الاحتمال الثالث و هو اجزاء مطلق الغسل عن الوضوء لكون رواياته اكثر و ان لم يحصل الترجيح فرضا بالشهرة تصل النوبة بسائر المرجحات بالترتيب و النحو الّذي ذكرنا فى الاصول و بيّناه و نفخناه فى كتابنا فى الاصول.

و لكن العمدة فى المقام هو ان كلما قلنا من التعارض بين الاخبار و الترجيح ان كان ترجيحا لبعضها على بعض او الجمع بينها ان وجد وجه الجمع فيما ثبت مقتضى الحجية لكل من الطائفتين و اما لو لم يكن لاحدى الطائفتين مقتضى الحجية فالتعارض يكون بين الحجة و اللاحجة و بعد عدم مقتضى الحجية لإحداهما يكون الاخذ بالطائفة الاخرى الموجود فيها مقتضى الحجية محكما.

و فى المقام يكون

كذلك لانّ الاخبار المتضمنة لاجزاء الغسل عن الوضوء مما اعرض عنها المشهور.

نعم عند من لا يرى اعراض الاصحاب عن الرواية موجبا للوهن فى صدورها او جهة صدورها لا بدّ من أن يأخذ بما هو مقتضى الجمع الدلالى بينهما ان كان وجه الجمع موجودا و الّا يقع بينهما التعارض و مع التعارض يؤخذ بما فيه المرجح ان كان مرجح فى إحداهما و الّا فتكون النتيجة التخير او التساقط على الكلام فيه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 244

نحن و ان لم نقل بسقوط حجية الاخبار الدالة على عدم الوضوء من باب اعراض الاصحاب عنها و لم نفت بوجوب الوضوء فى الاغسال غير غسل الجنابة فلا اقلّ من ان نقول بان الاحوط وجوبا هو الوضوء مع الاغسال غير غسل الجنابة.

ثم انّه بناء على وجوب الوضوء فى غير الغسل الجنابة من الاغسال و عدم أجزائه عن الوضوء يقع الكلام فى انه هل يتخير بين تقديم الوضوء على الغسل و بين تأخيره عنه و بين اتيانه فى أثناء الغسل بناء على عدم وجوب الموالات بين اعضاء الغسل او يجب تقديمه و على القول بوجوب تقديمه على الغسل هل الوجوب يكون شرطيّا او يكون نفسيا احتمالات بل اقوال فى المقام كما ذكر بعض الاحتمالات الاخر مثل كون التقديم افضل فلا بد من ملاحظة الاخبار الواردة فى المقام.

فنقول بعونه تعالى مقتضى الآية الشريفة (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) هو التخير لاطلاق الأمر فى الآية من هذا الحيث كما ان رواية حماد اعنى مرسلة ابن ابى عمير المتقدمة عن عمار او غيره (فى كل غسل وضوء الا غسل الجنابة «1») مطلقة من حيث التقدم و التأخر و فى قبال

ذلك مرسلة اخرى عن ابن ابى عمير ذكرناها مع مرسلته الاخرى فى المورد الاول فى الكلام فى اجزاء غسل الجنابة عن الوضوء و فيها قال (كل غسل قبله وضوء الا الجنابة «2») تدل على تقديم الوضوء على الغسل كما ان رواية على بن يقطين المتقدّمة ذكرها فى المورد الثانى اعنى عند البحث عن اجزاء ساير الاغسال عن الوضوء تقتضى تقديم الوضوء لان فيها

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 245

قال عليه السّلام (اذا اردت ان تغسل للجمعة فتوضأ و أغتسل «1») فأمر فيها بالوضوء أولا ثم الغسل بعده.

اذا عرفت ذلك فنقول اما مرسلتى ابن ابى عمير مضافا الى ارسالهما و مضى الكلام فيهما ان كانتا رواية واحده كما لا يبعد لا يمكن الاستشهاد بهما على التخيير و لا على وجوب التقديم لانا لا ندرى ان الصادر اىّ منهما. نعم لو كانتا روايتين فيمكن الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد.

و اما رواية على بن يقطين فنقول أولا موردها غسل الجمعة و عدم الخصوصة له غير معلوم.

و ثانيا لا يستفاد منها الترتيب لان قوله عليه السّلام فتوضأ و اغتسل يساعد مع المعية أيضا لان الواو لا تدل على الترتيب فعلى هذا لم ار وجها يمكن الافتاء بلزوم تقديم الوضوء نعم الاحوط التقديم خصوصا فى غسل الجمعة فافهم)

***

[مسئلة 1: الغسل الترتيبى افضل من الارتماسى]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: الغسل الترتيبى افضل من الارتماسى

(1)

اقول و لعل ذلك من باب الامر الوارد فى الاخبار المتعرضة لغسل الترتيبى المحمول على الاستحباب جمعا بينها و بين بعض الاخبار الدالة على اجزاء غسل الارتماسى فما هو

المستحب يكون افضل مما لا يكون الا مجزيا.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 35 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 246

و اما التمسك بأفضلية الترتيبى بمداومة النبي و الائمة صلوات اللّه عليهم اجمعين بذلك فيمكن الاشكال فيه من باب احتمال كون وجه اختيار الترتيبى عدم وجود ماء يرتمس من الحياض و غيرها غالبا.

***

[مسأله 2: قد يتعين الارتماسى]

قوله رحمه اللّه

مسأله 2: قد يتعين الارتماسى كما اذا ضاق الوقت عن الترتيبى و قد يتعين الترتيبى كما فى يوم الصوم الواجب و حال الاحرام و كذا اذا كان الماء للغير و لم يرض بالارتماس فيه

(1)

اقول اما تعين الارتماسى فيما ضاق وقت عن الترتيبى لان مقتضى القاعدة فى الواجب التخييرى بحكم العقل تعيين وجوب بعض افراده اذا تعذر بعض الآخر و على الفرض بعد ضيق الوقت عن الترتيبى يتعذر عن اتيانه فان المتعذر الشرعى كالمتعذر العقلى.

و لو غسل فى ضيق الوقت الغسل الترتيبى فتارة يأتى به بقصد الصلاة التى ضاق وقتها فلا شكال فى فساد غسله لانه لا يكون مقرّبا.

و تارة يأتى به بقصد بعض الآخر من غايات الغسل مثلا بقصد الكون على الطهارة يقع صحيحا و ان كان فعلا مأمورا بالغسل الارتماسى و الصلاة لان الامر بالشي ء لا يقتضي النهى عن ضده مضافا الى كفاية ملاك الامر و مضافا الى تصوير الامر به بنحو الترتّب على الكلام فيه.

و اما تعين الترتيبى فى بعض الموارد مثل يوم الصوم فلحرمة الارتماس فى الماء نعم فيما ارتمس ففى فساد غسله بقصده حال الدخول و صحته حال الخروج كلام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 247

يأتى فى محلّه إن شاء اللّه و كذا حال الاحرام لحرمة

الارتماس فى الماء فى حاله و كذا فيما لم يرض صاحب الماء بالارتماس لحرمة التصرف فى ملك الغير بغير اذنه كما انه لو لم يرض بالغسل الترتيبى لا يجوز الّا الارتماسى فلا فرق فى عدم الجواز فى صورة عدم رضى المالك بين الارتماسى و الترتيبى و ان مثّل المؤلف رحمه اللّه صورة عدم رضى المالك بالارتماس فى مائه.

***

[مسئلة 3: يجوز فى الترتيبى ان يغسل كل عضو من اعضائه الثلاثة بنحو الارتماس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: يجوز فى الترتيبى ان يغسل كل عضو من اعضائه الثلاثة بنحو الارتماس بل لو ارتمس فى الماء ثلاث مرّات

مرّة بقصد غسل الرأس و مرّة بقصد الايمن و مرّة بقصد الايسر كفى و كذا لو حرّك بدنه تحت الماء ثلاث مرّات او قصد بالارتماس غسل الرأس و حرّك بدنه تحت الماء بقصد الايمن و خرج بقصد الايسر و يجوز غسل واحد من الاعضاء بالارتماس و البقية بالترتيب بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس و بعضه الآخر بامرار اليد.

(1)

اقول اعلم ان مقتضى اطلاق ما ورد من الاخبار فى الغسل الترتيبى هو كفايته بنحو الارتماس لصدق الغسل عرفا به فكما يحصل بصب الماء على الاعضاء يحصل بارتماس كل عضو من الاعضاء الثلاثة فى الماء و كذا لو ارتمس جميع بدنه فى الماء ثلاث مرّات مرّة بقصد غسل الرأس و مرّة بقصد الأيمن و مرّة بقصد الايسر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 248

كفى و كذا لو قصد بارتماسه فى الماء غسل الرأس و حرك بدنه تحت الماء مرّة بقصد الأيمن و اخرى بقصد الايسر كفى و كذا يجوز غسل بعض من الاعضاء الثلاثة بل بعض عضو من الاعضاء الثلاثة بالارتماس و بعضه الآخر بامرار اليد كل ذلك من باب ما اشرنا من

ان اطلاق الادلة و عدم اعتبار شي ء غير غسل الاعضاء يقتضي جواز اتيان المطلق فى ضمن اىّ فرد شاء المكلف فيما حصل به الغسل.

نعم قد يتوهم عدم الكفاية بالارتماس اما من باب اعتبار صب الماء على البدن بمقتضى بعض الروايات و مع الارتماس فى الماء لا يحصل الصب.

و فيه أولا يحتمل كون الامر بالصب من باب كون الغالب جريه على هذا النحو لعدم وجود ماء يرتمس فيه حين صدور الروايات فكان ذكره من باب كونه طريق المتعارف فى الغسل لا من باب وجوب هذه الكيفية.

و ثانيا مع دلالة بعض الروايات مثل قوله عليه السّلام فى رواية زرارة المتقدم ذكرها (و كل شي ء امسته الماء فقد انقيته «1» و مثل قوله عليه السّلام فى رواية محمد بن مسلم (ما جرى عليه الماء فقد طهر «2» الواردتان فى كيفيته الغسل الترتيبى من غسل الجنابة على كفاية مجرد جريان الماء على البدن بل كفاية مجرد مس الماء البدن نكشف عدم وجوب الصب فى صدق الغسل الترتيب.

و اما من باب توهم اعتبار احداث الارتماس فى الارتماسى و لهذا لا يصح بعض الاقسام الّذي ليس فيه الاحداث مثل قصده بتحريك البدن فى الماء.

ففيه ان هذا اشكال فى الغسل الارتماسى تقدم الكلام فيه و انه يعتبر فيه الاحداث أو لا و قد بيّنا عدم اعتباره فلا اشكال نعم فرض آخر لم يذكره المؤلف رحمه اللّه

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 249

و هو انه هل يتحقق الغسل الترتيبى بالابقاء تحت الماء بدون حركة فيقصد حين كونه مرتمسا فى

الماء أولا ان يكون وقوفه بقصد غسل الرأس ثم بعد ذلك يقصد بوقوفه غسل الايمن ثم فى الآن الثالث يقصد بوقوفه تحت الماء غسل الايسر بدون ان يحرّك بدنه أو لا يتحقق قد امضينا عند ذكر الصور التى يحصل به الغسل الارتماسى كفاية هذا الفرض و ان كان الاحوط تركه فكذلك نقول فى المقام.

***

[مسئلة 4: الغسل الارتماسى يتصور على وجهين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: الغسل الارتماسى يتصور على وجهين احدهما ان يقصد الغسل باول جزء دخل فى الماء و هكذا الى الآخر فيكون حاصلا على وجه التدريج.

و الثانى ان يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه و حينئذ يكون آنيا و كلاهما صحيح و يختلف باعتبار القصد و لو لم يقصد احد الوجهين صحّ أيضا و انصرف الى التدريجى.

(1)

اقول مر الكلام فى المسألة و فى صحة الغسل الارتماسى بالنحوين المذكورين فى الجهة الرابعة من الجهات المتعلقة بكيفية الغسل الارتماسى و يتخلف باعتبار القصد و لو لم يقصد احدهما بل قاصدا لصرف الوجود ينصرف الى التدريجى لانه بعد كون كل من الارتماسى الحدوثى و البقائى يكون مصداقا للارتماس و يكونان مترتبين فى الوجود لان الاول يتحقق بالتدريج من اوّل الارتماس الى حصول انغماس تمام البدن و الثانى يتحصل من ابتداء التغطية و الارتماس فيقدم مصداق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 250

الحدوثى على البقائى و ينصرف الى الوجه الاول.

***

[مسئلة 5: يشترط فى كل عضو ان يكون طاهرا حين غسله]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: يشترط فى كل عضو ان يكون طاهرا حين غسله فلو كان نجسا طهره أولا و لا يكفى غسل واحد لرفع الخبث و الحدث كما مرّ فى الوضوء و لا يلزم طهارة جميع الاعضاء قبل الشروع فى الغسل و ان كان احوط.

(1)

اقول

فى المسألة احتمالات بل اقوال:

الاحتمالات الاول: اشتراط طهارة جميع اعضاء الغسل قبل الشروع فى الغسل.

الاحتمال الثانى: اشتراط طهارة كل عضو عند الشروع فى غسل هذا العضو فلو طهّر راسه ان كان نجسا قبل الشروع فى غسله كفى و ان كان طرفه الايمن نجسا حين غسل راسه و هكذا بخلاف الاحتمال الاول ففى المثال بطل غسله لنجاسة الطرف الايمن حين غسل راسه.

الاحتمال الثالث: كفاية عدم بقاء كل عضو على النجاسة بعد غسله فلا يشترط طهارته قبله فيصح اجراء الماء على العضو النجس بنية الغسل و يطهر من الخبت أيضا باجراء الماء عليه فيحصل باجراء واحد الغسل بالفتح و الغسل بالضم.

الاحتمال الرابع: التفصيل بين الاغتسال بالماء الكثير و ما اذا كان الموضع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 251

النجس آخر الاعضاء و بين ما اذا كان الماء ماء قليلا و ما اذا لم يكن محل النجس آخر الاعضاء مثلا اذا كان النجس باطن الرجلين يكتفى بغسل واحد و اما اذا كان غيره من الاعضاء فلا يكتفى به.

الاحتمال الخامس: عدم اشتراط طهارة محال الغسل قبل غسله و لا طهارة كل عضو قبل غسله و لا طهارته مع غسله بل يصح الغسل مع نجاسة محله و لو يبقى على النجاسة بعد الغسل.

ما يمكن ان يستدل به على الاحتمال الاول وجوه:

الوجه الاول: قاعدة الاشتغال لانه مع اليقين باشتغال الذمة بالغسل فشكه بانه هل تحصل البراءة اليقينية بخصوص كون جميع محال الغسل طاهرا قبل الشروع فى الغسل او تحصل باحد الانحاء الاخر حتى مع الاحتمال الاخير فحيث ان اشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية لا بدّ من تطهير محال الغسل قبل الشروع فيه و هو الاحتمال الاول.

الوجه الثانى: استصحاب الحدث فيما لم يطهر محل النجس من محال الغسل قبل الشروع

فيه لانه يشك بانه هل حصلت الطهارة و رفع الحدث بغير النحو الاول أم لا فيستصحب الحدث.

اقول و هذان الوجهان يفيد ان لصورة عدم وجود دليل اللفظى على الاشتراط بالنحو المذكور فى الاحتمال الاول او فيما بقي من الاحتمالات و الا فمع الدليل اللفظى لا تصل النوبة بالاصل العملى مع انه ان وصلت النوبة بالاصل العملي ينبغي ان يتكلم في ان المورد مورد اصالة الاشتغال او استصحاب الحدث او يكون المورد مورد اصالة البراءة.

الوجه الثالث: دلالة بعض الروايات الواردة في كيفية غسل الجنابة التى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 252

ذكرنا جلّها او كلّها في المباحث المتقدمة على وجوب طهارة جميع محال الغسل قبل الشروع فيه.

مثل قوله رحمه اللّه فى رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام (قال سالته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم تصب على راسك ثلاثا) «1».

و مثل قوله رحمه اللّه فى رواية زرارة (قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال ان لم يكن اصاب كفه شي ء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثم صب على رأسه ثلاث اكف الخ) «2».

و مثل ما رواها حكم بن حكيم (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال افض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثم اغسل ما اصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك و أفض على راسك و جسدك فاغتسل الحديث) «3» (مضى تمام الرواية بنقل جامع احاديث الشيعة فى المقام الثانى من الجهة الاولى من غسل الجنابة و هى الترتيبى و نذكرها بعد ذلك فى المقام إن شاء اللّه أيضا و غير ذلك من الروايات فى الباب 26 من ابواب الجنابة

من الوسائل يمكن الاستدلال به لهذا الاحتمال اعنى الاحتمال الاول و كل ذلك تدل على ان يغسل الجنب بدنه من النجاسة الخبثية قبل الشروع فى الغسل.

و فيه أولا يمكن ان يكون غسل الفرج او الكف او الجسد مستحبا لا لنجاستها فلا تدل الروايات على وجوب غسل موضع النجس قبل الغسل و بعبارة اخرى الامر بغسل الفرج حيث ذكر فى طى بعض الامور المستحبّة كما يأتى فى مستحبات غسل الجنابة لا يدل الا على الاستحباب فان غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق قبل الغسل مستحب.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 253

و ثانيا يمكن ان يكون الامر بطهارة الفرج او الجسد من الاذى من باب سهولة غسل مواضع النجس قبل الغسل فى قبال ان يطهر كل موضع من النجس قبل غسل هذا العضو لا على سبيل الوجوب او لجريه مجرى العادة من اشتغال الانسان بتطهير محال الغسل قبل الشروع فيه.

و فى قبال ذلك بعض الاخبار يستدل به على بطلان الاحتمال الاول مثل ما رواها حكم بن حكيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى حديث كيفية غسل الجنابة قال فان كنت فى مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجلك و ان كنت فى مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك) «1».

اقول هذه الرواية نذكر صدرها و ذيلها فترى بانه هل يمكن ان يقال باشعارها على عدم وجوب طهارة جميع محال الغسل قبل الشروع فى الغسل كما قال بعض «2» بدعوى ان غسل الرجل مع كون

المكان غير نضيف لا يمكن قبل الشروع فى الغسل بل يمكن حين غسل الرجل لانه بعده لو وقع فى المكان الغير النظيف لا يضر بالغسل او دلالته على ذلك كما قال بعض «3» و انه ان كان يلاحظ الرواية بتمامها ترى ان دلالتها على المدعى غير معلوم بل معلوم العدم و حيث ان صاحب الوسائل تقطع الرواية فذكرها فى ابواب متفرقه استدل بهذه الفقرة.

و اما فى جامع احاديث الشيعة الّذي الّف بامر سيدنا الاعظم آية اللّه البروجردي رحمه اللّه و باشرافه و باتعاب نفسه النفيسة فى اخرج هذا الاثر العلمى الدينى فى الملأ العلمى و فيه مزايا شتى ممتازة عن غيره من كتب الحديث و من جملتها عدم التقصيعات الواقعة فى الوسائل اخرج الرواية بجميعها فى موضع واحد نذكرها كى

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 27 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) مصباح الهدى، ج 4، ص 245، العلامة الآملى.

(3) مصباح الفقيه، ج 3، ص 386، للفقيه الهمدانى.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 254

يظهر انه ما هو مفاد الرواية فنقول بعونه تعالى روى حكم بن حكيم (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثم اغسل ما اصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك و أفض على رأسك و جسدك فاغتسل فان كنت فى مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجليك و ان كنت فى مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك قلت ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال اىّ وضوء انقى من الغسل و ابلغ) «1».

وجه عدم الدلالة هو ان الرواية بعد ما امر بغسل ما اصاب الجسد

من الاذى و غسل الفرج بيّن حكما آخرا و هو ان رجله ان كانت نجسة غسلها من باب كونه فى مكان ليس بنظيف و ليست فى مقام بيان زمان تطهيره و انه يكون اوّل الغسل او عند غسل الرجل.

ان قلت مع فرض كون المكان غير نظيف و لو طهّر رجله قبل غسله ينجس ثانيا بوضعها على المكان الغير النظيف فالمراد تطهيرها حين غسلها و هو المطلوب.

قلت كما قلت ليس النظر الا بيان وجوب تطهير الرجل على فرض عدم كونه نظيفا لا فى مقام بيان وقته و انه قبل الشروع فى الغسل او قبل الشروع فى غسل العضو الّذي ليس بنظيف و قولك بانه لو فرض ان يطهر الرجل اوّل الغسل ينجس مجدّدا لملاقاته مع الوضع الغير النظيف اقول بانه هذا لا يوجب حمل الامر بتطهيرها على تطهيره حين غسله بل مع فرض وجوب غسلها قبل الشروع فى الغسل فيحصّل المكلّف اما موضعا طاهرا او خفّا او نعلا طاهرا او يغسل الموضع فلا يوجب ذلك حمل الكلام على خصوص ما اذا وقع التطهير قبل غسل الموضع الغير النظيف و لكن الانصاف ظهور الرواية فى الامر بغسل الرجل فى فرض نجاسته

______________________________

(1) جامع الاحاديث الشيعة، ج 2، ص 394، ح 11، باب 2 من ابواب كيفية الغسل و آدابه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 255

بعد الشروع فى الغسل لانه قال فاغتسل فان كنت فى مكان نظيف فلا يضرّك ان لا تغسل رجليك و ان كنت فى مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك).

و يستدلّ على الاحتمال الثانى

و هو اشتراط طهارة كل عضو حين اجراء الماء عليه لا قبل الشروع فى الغسل بوجهين:

الوجه الاول: هو ان مقتضى ظاهر بعض الاخبار

و الجمود عليه و ان كان طهارة محال الغسل قبل الشروع فى الغسل لكن شدة المناسبة بين تطهير الموضع النجس و بين غسله و بعد كون شرطية طهارته مقدمة لغير هذا الموضع من مواضع الغسل يقتضي كون المراد من الاخبار هو هذا لعدم وجوب التطهير تعبدا و الشرطية تناسب كون محله قبل غسل الموضع النجس حتى حكى عن الحدائق انه قال بعدم معقولية وجوب التطهير قبل الشروع فى الغسل و يكون الامر بغسل الموضع النجس قبل الشروع فى الغسل جريا مجرى العادة لا على سبيل الدخل و الاشتراط فلهذا ما يكون واجبا هو طهارة كل عضو قبل غسله.

و فيه انه تارة يقال بعدم استفادة الوجوب من الاخبار الآمرة بغسل الفرج او غسل الجسد بل هو من المستحبات قبل الغسل فعلى هذا لا تكون الاخبار دليلا على وجوب طهارة محل الغسل نفسيا او شرطيا كما ذكر فى جواب الاحتمال الاول.

و تارة يقال بان ظاهر الاوامر الوجوب سواء كان الوجوب نفسيا او شرطيا (و ان كان الظاهر كونه شرطيا) فعلى هذا لم ار وجها لحمل ظاهر الروايات على كون المراد وجوب تطهير كل عضو قبل غسله لاحتمال كون تطهير الاعضاء شرطا للغسل لا لخصوص العضو بناء على كون الوجوب شرطيا.

و اما بناء على كونه نفسيا و ان كان خلاف الظاهر فأيضا لا وجه لحمل الاخبار على وجوب غسل الموضع النجس قبل غسله مع كون ظاهرها الوجوب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 256

قبل الشروع فى الغسل.

ان قلت انه لا كلام فى وجوب تطهير النجس بل نقول بان الامر بتقديم الغسل قبل الغسل يكون من باب جريه مجرى العادة من الاقدام به قبل الغسل و

سهولة ذلك لا لوجوبه.

قلت ان كان دليل على وجوب طهارة محل الغسل غير هذه الروايات كان لما قلت مجال و لكن المفروض استفاده الوجوب من هذه الروايات فكيف يمكن القول بان الامر فيها يدل على الوجوب لكن الترتيب المستفاد منها لا يدل على وجوب تقديم الطهارة على الغسل.

الوجه الثانى: الرواية المتقدّمة ذكرها فى الاحتمال الاول و هو ما رواها حكم بن حكيم بدعوى دلالتها على وجوب غسل الرجل قبل غسله لا قبل الشروع فى الغسل.

و فيه انه كما قلت فى طى الكلام فى الرواية بانه يشكل دلالتها على كون الامر بغسل الرجل حين غسلها بل ليست الرواية الا فى مقام بيان غسل الرجل ان لم يكن فى الموضع النظيف.

و لكن ما خطر بالبال و اشرنا إليه هو ظهور الرواية فى ان الامر بغسل الرجل يكون بعد الشروع فى الغسل فعلى هذا يستفاد اقلا من الرواية جواز تطهير العضو و كفايته فى الغسل و ان كان قبل الشروع فى غسل الموضع لا قبل الشروع فى اصل الغسل.

و يستدل على الاحتمال الثالث

و هو اعتبار عدم بقاء محل الغسل نجسا بعد الغسل فيكتفى بغسل واحد لازالة النجاسة و للغسل:

اما اعتبار ازالة الخبت و طهارة محال الغسل فبالاخبار المتقدمة المستفادة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 257

منها وجوب طهارة محل الغسل و اما كفاية غسل واحد للغسل (بالفتح) و للغسل (بالضم) فلان ظاهر ما دل على ازاله النجاسات و الطهارة عن الخبث لا يقتضي الا تحقق ماهية الغسل بماء طاهر بدون اشتراطه بشي ء آخر و ما دل على وجوب طهارة محل الغسل فى الاخبار لا يدل على وجوب سبق ازالة النجاسة عن المحل النجس قبل الغسل زمانا لان الشرط

من اجزاء العلة فتقدم العلة على معلولها يكون التقدم بالرتبة لا التقدم بالزمان بل ربما يكون الشرط مقارنا زمانا مع وجود مشروطه و ان كان مقدما عليه رتبة.

فعلى هذا لا مانع من صيرورة الموجود الخارجى مصداقا للشرط و المشروط كما ترى فى الالقاء و الاحراق حيث ان الموجود الخارجى يكون مصداقا لكل من الاحراق و الالقاء مع تقدم الالقاء على الاحراق رتبة لان الالقاء علّة و الاحراق معلول فكذلك نقول فى المقام من انه بعد ما لا يطلب الامر بازالة الخبث بالماء الا حصول ذلك كيف اتفق و حيث ان الامر بطهارة محل الغسل لا يقتضي الا طهارة المحل حال الغسل و وقوع الغسل على المحل الطاهر فاجراء الماء على المحل مصداق لكل منهما من حيث أنّه به زال الخبث شرط و من حيث انه غسل مشروط.

و اما التعبير فى الاخبار المذكورة بكلمة (ثم) المتوهم دلالته على طهارة المحل و وجوب تقديمه على الغسل فيمكن ان يكون من باب كون تقديم الامور المذكورة من جملة مستحبات الغسل او من باب الجرى على العادة من اشتغال الانسان بتطهير المحل و ازالة النجاسة عن المحل قبل الشروع لا من باب وجوبه و ذهب الى هذا الاحتمال صاحب الجواهر «1» رحمه اللّه و أجاب عما اورد على هذا الاحتمال نذكر.

الا يراد ثم ما اجاب عنه ثم ما ينبغى ان يقال.

______________________________

(1) الجواهر، ج 3، ص 103.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 258

قد اورد عليه بامور:

الأمر الاول: ان ذلك يصح على القول بتداخل الاسباب و اما مع عدم القول به فلا يتم لان كلا من الخبث و الحدث سبب مستقل يقتضي مسبّبا مستقلا فلا يكتفى بغسل واحد

لهما على القول بعدم التداخل.

الأمر الثانى: ان الماء القليل ينفعل بملاقات النجاسة سواء كانت عينية او حكمية و ماء الطهارة اعنى ماء الغسل يشترط ان يكون طاهرا فبمجرد اجراء الماء القليل على المحل النجس ينجس الماء فلا يقبل لان يطّهر به و يغتسل به.

الأمر الثالث: ان ماء الغسل لا بد و ان يقع على المحل الطاهر و الّا يلزم أجزاء الغسل مع بقاء عين النجاسة و مع كون المحل نجسا لا يقع الماء على المحل الطاهر فلا يجزى الغسل.

و اجيب عن الاشكالات أما عن الاشكال الاول فبما ظهر فى ضمن الاستدلال و هو انه على فرض القول بعدم تداخل الاسباب بان المدار فى ازالة النجاسات على تحقق ماهية الغسل بماء طاهر من غير اشتراط بشي ء آخر فبأىّ كيفية حصل الغسل تزيل النجاسة فيكون المورد خارجا عن بحث تداخل الاسباب لان محل البحث ما اذا كان يقتضي كل سبب مسببا مستقلا.

و اجيب عن الاشكال الثانى أولا بان الاشكال لا يجرى فى الاغتسال فى الماء الكثير لعدم نجاسة الغسالة.

و ثانيا بان القول بانفعال الماء القليل بملاقاته للمحل النجس و استلزامه لنجاسة الماء و الحال انه يشترط طهارة ماء الغسل يتوقف على القول بنجاسة الغسالة مطلقا حتى قبل انفصاله عن محل النجس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 259

و اما على القول بنجاسة الغسالة بعد الانفصال و خروجها عن المحل المغسول بالماء فلا تمنع القول بنجاسة الغسالة بعد الانفصال عن حصول الطهارة من الحدث بالماء المغسول به لازالة الخبث اذ حصلت الطهارة من الحدث قبل نجاسة الغسالة.

مضافا الى انه لو قلنا بنجاسة الغسالة حتى قبل انفصالها عن المحل نقول بان القدر المتقين من الاجماع على وجوب

طهارة ماء الوضوء و الغسل هو اعتبار طهارته من غير النجاسة العارضة للماء من قبل ملاقاته للمحل النجس مثل الماء المستعمل فى رفع الخبث فكما انه يختص الحكم بطهارة الماء المستعمل فى رفع الخبث طهارته من غير حيث ملاقاته لمحل النجس الّذي يجرى الماء عليه لرفع نجاسته كذلك نقول فى طهارة الماء المعتبر فى رفع الحدث.

اجيب عن الاشكال الثالث بان حاصل الاشكال دعوى الملازمة بين وقوع الماء على المحل النجس و بين اجزاء الغسل مع بقاء عين النجاسة فلو التزمت بجواز وقوع الغسل على المحل النجس يلزم عليك الالتزام باجزاء الغسل مع بقاء عين النجاسة و لا يمكن الالتزام به لان معنى الالتزام به هو عدم اشتراط طهارة محل الغسل و كيف يمكن الالتزام به مع فرض اشتراط طهارة المحل.

فنقول فى جوابه بمنع الملازمة لانه بعد الفراغ عن اشتراط طهارة المحل يكون الكلام فى انه هل يمكن ايقاع كل من الطهارتين الخبث و الحدث و بعبارة اخرى الشرط و المشروط باجراء الماء على المحل و بهذا الفعل الواحد او لا بد من تقدم الطهارة الخبثية زمانا على الطهارة الحدثية فلو قلنا بكفايته فمعناه جواز وقوع الغسل على المحل النجس و ذهاب النجاسة و حصول الغسل كليهما فكيف تقول بالملازمة بين وقوع الغسل على المحل النجس و بين اجزاء الغسل مع بقاء عين النجاسة و بعد عدم مانع من وقوعهما بفعل واحد فيحصل الغسل عن الخبث و لا يبقى نجاسته و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 260

الغسل عن الحدث كليهما.

اقول و الانصاف عدم صحة الاحتمال الثالث اعنى كفاية الغسل (بالفتح) و الغسل (بالضم) بفعل واحد.

اما أولا فلان ركن استدلاله امران:

الأمر الاول: هو

ان اشتراط المحل بالطهارة دليله الاخبار الدالة على اشتراطها و قد تلونا عليك بعضها.

الأمر الثانى: كفاية تحقق الشرط و هو الطهارة عن الخبث و المشروط و هو الطهارة عن الحدث بفعل واحد فباجراء الماء و قصد الغسل يتحقق كل منهما.

فعلى هذا نقول بعد ما اعترفت بان الدليل على اشتراط طهارة محل الغسل هو الاخبار المذكورة فلا بد من ان تعترف بما هو مفاد هذه الاخبار و مفادها كما رايت هو اشتراط الطهارة قبل الغسل لما ترى من الامر بغسل الفرج او الجسد ثم الامر بالغسل و التعبير بكلمه (ثم) يدل على الترتيب و وجوب ترتب الغسل (بالضم) على الغسل بالفتح.

و ثانيا عدم تمامية كلما ذكر فى رد الاشكالات مثلا ما قاله من انه لو قلنا بنجاسة الغسالة حتى قبل الانفصال عن المحل فتقول بان القدر المتيقن من الاجماع على اشتراط طهارة محل الغسل غير مورد نجاسة الماء بالمحل المغسول كما قلنا فى الخبث.

ففيه ان الالتزام باغتفار نجاسته الماء بملاقات المحل المغسول به كان من باب ان قدر المتقين من مورد الأدلة الدالة على كون الماء مطهرا هو صورة غسل النجس بالماء القليل لعدم غير الماء القليل غالبا حين صدور الروايات فمع كون الماء المغسول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 261

به مطهرا و مع كون المحل نجسا و مع كون ملاقات الماء القليل للنجس موجبا لنجاسة الماء فلا بد من الالتزام باغتفار ذلك فى صيرورة نجاسة الماء المطهر بملاقات المحل النجس بالتصرف فى بعض من العمومات اما كل نجس ينجس و اما ماء القليل ينجس بملاقات النجاسة.

و اما فى الغسل فليس اضطرار الى ذلك للامكان غسل المحل أولا ثم الغسل.

و ان قلت

ان الاجماع قائم على اشتراط طهارة المحل فقدر المتيقن منه غير صورة صيرورة الماء نجسا بالمحل النجس.

قلت هذا ينافى مع ما قلت من ان دليل اشتراط طهارة محل الغسل هو الاخبار كما هو كذلك و الاخبار مطلق من هذا الحيث فلا يمكن تقييده بغير مورد نجاسته الماء بالمحل النجس فافهم.

و يستدل على الاحتمال الرابع

و هو التفصيل بين ما اذا كان الماء كثيرا او كان محل النجس اسفل الاعضاء فيكتفى فيه بغسل واحد و بين ما اذا كان قليلا و كان الموضع النجس غير أسفل أعضاء البدن.

اما فيما كان الماء كثيرا فلعدم انفعال الماء بملاقات النجاسة و لو بالمحل النجس لان الماء الكثير لا ينفل بملاقات النجاسة و اما بالنسبة الى ما كان محل الجنس اسفل الاعضاء فلانه على القول بنجاسة الغسالة بعد الانفصال عن المحل فاذا كان محل النجس اسفل الاعضاء فحيث ان انفصال الغسالة يكون بخروجه عن البدن لا تسرى الى بعض بدنه حتى ينجسه فيكفى الغسل الواحد لازالة الخبث و الحدث.

و اما اذا لم يكن الماء كثيرا و كان محل النجس من البدن غير اسفل الاعضاء فلا يكتفى بغسل واحد لان الغسالة نجس لكون الماء المطهر قليلا و ينجس ساير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 262

البدن بملاقات الغسالة النجسة.

[ما يستدل على] الاحتمال الخامس:

و هو المحكى عن الشيخ فى المبسوط قال (و ان كان على بدنه نجاسة ازالها ثم اغتسل و ان خالف و اغتسل أو لا ارتفع حدث الجنابة و عليه ان يزيل النجاسة ان كانت لم تزل و ان زالت بالاغتسال فقد أجزأه عن غسلها انتهى)

اقول و قد يقال فى ان نظره الشريف هو كون طهارة محل الغسل واجبا بالوجوب النفسى لا الوجوب الشرطى.

فان كان هذا مراده فجوابه ان الظاهر من الاخبار هو كون وجوب طهارة المحل وجوبا شرطيا و دخلها فى الغسل.

و هذا كله فى الاحتمالات فى المسألة و الوجوه التى يمكن ان يستدل بها لكل منها او قيل لها.

اذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى قد مضى بعض الكلام فى المسألة فى باب

احكام الوضوء عند التعرض لشرطية طهارة ماء الوضوء و محالّ الوضوء و ذكرنا الاحتمالات و اخترنا الاحتمال الاول من بين الاحتمالات.

و هنا نقول بان الكلام تارة يقع فيما يقتضيه النصوص و بعبارة اخرى يقتضيه الاصل اللفظي و تارة فيها يقتضيه الاصل العملى بعد فرض عدم الاصل اللفظي.

اما الكلام فى المورد الاول فنقول بنحو الاختصار بانه مرة نقول بان الدليل على اعتبار طهارة محل الغسل هو الاخبار التى ذكرنا بعضها فى صدر المسألة معنى ذلك انّ وجوب طهارة محل الغسل يستفاد من هذه الاخبار لا الاجماع فما ينبغى ان يقال هو وجوب غسل موضع النجس من البدن قبل الشروع فى الغسل اعنى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 263

الاحتمال الاول لظهور النصوص فى ترتب الغسل (بالضم) على الغسل (بالفتح) للامر فيها بغسل الفرج ثم صب الماء على الرأس و ساير الجسد للغسل و كلمة ثم يدل على الترتيب و ما ذكر وجها للاحتمال الثانى و ساير الاحتمالات عرفت ما فيه من الاشكال و عدم تماميته الا ما فى رواية حكم بن حكيم المتقدّمة ذكرها من ظهورها فى الاحتمال الثانى.

و اخرى نقول بان الدليل الدال على وجوب طهارة محل الغسل هو الاجماع لا الاخبار و انه لا يستفاد من الاخبار وجوبها لعدّ ما ذكر فيها من غسل الفرج او غيره فى عداد المستحبات فيوهن ظهور الامر بغسل الفرج فيها فى الوجوب لاحتمال كون الامر بغسله مثل غسل اليدين او المضمضة و الاستنشاق من الآداب المستحبة قبل الغسل لا لنجاسته.

فعلى هذا ينبغى ان يختار الاحتمال الثالث و هو كفاية حصول طهارة المحل النجس من البدن و غسله (بالضم) بغسل واحد بحيث يكون غسل واحد مصداقا

لكل منهما و يجاب عما اشكلنا على هذا الاحتمال.

أما عمّا قلنا من انه ان قلت بان دليل وجوب طهارة محل الغسل هو الاخبار فالاخبار ظاهرة فى الاحتمال الاول.

فبانا نقول بان دليله الاجماع و معقد الاجماع و متيقنه لا يتكفل لكون الاجماع على وجوب طهارة المحل هو قبل الشروع فى الغسل او قبل الشروع فى غسل جزء النجس او غيرها.

و اما الاشكال بانه بعد الدليل على أن كل نجس ينجّس و ان الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة فينجس الماء المصبوب على المحل النجس فينجس فلا يصح الغسل لاشتراط طهارة ماء الغسل و نجاسة المحل به و لا يقاس ازالة الحدث بازالة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 264

الخبث لان التزامنا بازالة الخبث بالماء القليل مع القول بان كان نجس ينجّس و ان الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة يكون من باب دلالة النصوص على مطهرية الماء القليل فلا بد بهذه النصوص من التصرف فى بعض العمومات المقتضى لنجاسة الماء القليل و اما فى ازالة الحدث فليست هذه الضرورة لامكان الغسل بعد ازاله الخبث على المحل الطاهر.

فيمكن الجواب عنه بانه بعد اغتفار نجاسة الماء المستعمل لازالة الخبث و طهارة المحل به و تصوير كون الفعل الواحد اعنى اجراء الماء مصداقا للغسل و الغسل فيقع الغسل و ازالة الحدث على المحل الطاهر فلا اشكال.

اقول و لكن الاشكال فى المبنى لان كون الدليل على وجوب طهارة محل الغسل هو الاجماع غير معلوم ان لم يكن معلوم العدم لانه لو فرض تحقق الاتفاق يحمل قويا كون منشأه الاخبار لا الاجماع التعبدى هذا بناء على كون المسند الدليل اللفظي.

و قد عرفت بانه بعد ظهور رواية حكم بن حكيم المتقدّمة

فى القول الثانى فمقتضى ذلك كفاية غسل كل عضو عن النجاسة قبل غسله و ان كان الاحوط غسل كل الاعضاء ان كان نجسا قبل الشروع فى الغسل.

و اما لو وصلت النوبة بالاصل العملى فلا بد من بيان انه يساعد مع اىّ من الاحتمالات الخمسة المتقدمة فنقول بعونه تعالى.

اما الكلام فى ان الاصل فى المقام مع الشك فى وجوب طهارة محل الغسل قبل الشروع فيه او قبل غسل موضع النجس او الاكتفاء بغسل واحد لكل من طهارة المحل و غسله بعد الفراغ عن وجوب تطهير المحل هل هو البراءة او الاشتغال فقد مضى الكلام فيه من الخلاف فى انه فى موارد الشك فى دخل شي ء فى الغسل شطرا او

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 265

شرطا تجرى البراءة او الاشتغال فان قلنا بان الشك فيها من صغريات الشك فى الاقل و الاكثر الارتباطى تجرى البراءة و ان قلنا بكونها من قبيل الشك فى المحصّل و صغرياته تجرى اصالة الاحتياط و الاشتغال و نحن اخترنا الاول فان وصلت النوبة فى المورد بالاصل العملى فالاصل هو البراءة.

و اما ما قيل من استصحاب الحدث و قد بيّنا بانه من جملة الوجوه المتمسكة بها على الاحتمال الاول و هو وجوب تطهير محل الغسل من البدن ان كان نجسا قبل الشروع فى الغسل فلو لم يغسله قبل الشروع و شك فى صحة الغسل و رافعيته للحدث و عدمه فاستصحاب الحدث محكم.

ففيه ان استصحاب الحدث مسبب عن صحة الغسل و عدمها و الصحة مسبب عن وجوب طهارة محل الغسل قبل الشروع فيه او قبل الشروع فى غسل محل النجس من موضع الغسل و بعد جريان البراءة و هو الاصل

السببى لا مجال لاجراء الاصل المسببى و هو استصحاب الحدث فلا مجال لجريان استصحاب الحدث كما انه لو كان المورد مورد اصالة الاشتغال فمع كون استصحاب الحدث اصلا موافقا لها لا مجال لاجرائه لانّ نفس الشك فى صحة الغسل و عدمها كاف لوجوب الغسل بمقتضى اصالة الاشتغال به و لا حاجة الى اجراء استصحاب الحدث ثم الحكم بوجوب الغسل لان الشك فى بقاء الحدث مسبب عن الشك فى صحة الغسل و عدمها فالاصل السببى مقدم عليه و هو اصالة الاشتغال هذا تمام الكلام بحمد اللّه فى هذه المسألة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 266

[مسئلة 6: يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء فلو كان حائل وجب رفعه و يجب اليقين بزواله مع سبق وجوده و مع عدم سبق وجوده يكفى الاطمئنان بعدمه بعد الفحص.

(1)

اقول اما وجوب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء فلقاعدة الاشتغال لان الاشتغال اليقينى بوجوب غسل البشرة يقتضي البراءة اليقينية.

و يمكن الاستدلال بوجوب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء بما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام (قال سالته عن المرأة عليها السوار و الدملج فى بعض ذرعها لا تدرى يجرى الماء تحته أم لا كيف تصنع اذا توضأت او اغتسلت قال تحرّكه حتى يدخل الماء تحته او تنزعه و عن الخاتم الضيق لا يدرى هل تجرى الماء تحته اذا توضأ أم لا كيف تصنع قال ان علم ان الماء لا يدخله فليخرجه اذا توضأ) «1».

و قد بيّنا فى طى المسألة (9) من المسائل المتعلقة بافعال الوضوء ما اورد على الاستدلال بالرواية و جوابه فراجع فلو كان حاجب يجب رفعه لحصول اليقين

بوصول الماء بالاعضاء و يستفاد من الرواية المذكورة و كذا لو كان مسبوقا بوجوده.

لو كان شاكا فى وجود الحاجب يجب اليقين او الاطمينان او ما يقوم مقام اليقين بزواله و قد مضى الكلام فيه و فى وجهه فى طى المسألة المذكورة اعنى المسألة

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 41 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 267

من المسائل المتعلقة بافعال الوضوء.

***

[مسئلة 7: اذا شك فى شي ء انه من الظاهر او الباطن]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: اذا شك فى شي ء انه من الظاهر او الباطن يجب غسله على خلاف ما مرّ فى غسل النجاسات حيث قلنا بعدم وجوب غسله و الفرق ان هناك الشك يرجع الى الشك فى تنجسه بخلافه هنا حيث ان التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ نعم لو كان ذلك الشي ء باطنا سابقا و شك فى انه صار ظاهرا أم لا فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب.

(1)

اقول فى المسألة مسئلتان:

المسألة الاولى: فيما شك فى شي ء انه من الظاهر فيجب غسله

او من الباطن فلا يجب غسله فوجوب غسله و عدمه مبنى على القول بان المورد مورد اصالة البراءة او اصالة الاحتياط لانه بعد عدم وجود اصل لفظى دال على وجوب غسله او عدم وجوبه تصل النوبة بالاصل العملى.

و قد مرّ فى بعض المباحث السابقة وجه الذهاب الى جريان اصالة الاحتياط و هو تخيّل كونه من الشك فى المحصل من باب كون الواجب الطهارة و الغسل محصّلها و اختار المؤلف رحمه اللّه هذا و لهذا قال يجب غسله و وجه الذهاب الى جريان اصالة البراءة لان الشك ليس فى المحصّل بل المورد من صغريات الشك فى جزئية الشي ء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 268

للمأمور به او شرطيته و المامور به نفس الغسل فيكون من الشك فى الاقل و الاكثر فتجرى البراءة سواء كان من باب الشك فى المفهوم او فى المصداق و لا مجال للقول بوجوب غسله لاستصحاب الحدث لانه كما نقول إن شاء اللّه فى المسألة الثانية يكون الاستصحاب مثبتا فتجرى البراءة و قد اخترنا نحن سابقا عدم كون الشك فى المحصل بل كون الشك فى الجزئية و الشرطية اعنى الاحتمال الثانى فعلى هذا نقول فيما نحن

فيه لا يجب غسل المشكوك كونه من الظاهر او الباطن و المؤلف رحمة اللّه مع اختياره كون متعلق الوجوب الغسل لا الطهارة كيف قال بالاحتياط الّا ان يكون نظره من الغسل الطهارة فيكون من الشك فى المحصل لكن عرفت عدم كون المورد من الشك فى المحصل.

المسألة الثانية: اذا كان الشي ء من الباطن سابقا

و شك بعد ذلك فى انه صار من الظاهر أم لا فهل. يقال بعدم وجوب غسله عملا بالاستصحاب مطلقا سواء كان منشأ الشك الشبهة المفهومية او مصداقية كما هو مقتضى اطلاق كلام المؤلف رحمه اللّه.

او يقال بوجوب غسله مطلقا سواء كانت الشبهة مفهومية او مصداقية من باب ان استصحاب عدم وجوبه لا يثبت حصول الطهارة بغسل ما سوى المورد المشكوك الاعلى القول بالاصل المثبت و بعد عدم جريان الاستصحاب نقول بوجوب غسله من باب ان التكليف بالغسل معلوم فيجب اليقين بالفراغ كما اختاره المؤلف رحمه اللّه.

او يقال بالتفصيل بين الشبهة المفهومية و المصداقية فيجب غسل المشكوك فى الاولى لعدم كون شك فى الخارج فلا يجرى الاستصحاب و يجب فى الثانية لجريان استصحاب عدم وجوب غسله.

اقول اما ان كان منشأ الشك الشك فى المفهوم و لا يكون عموم او اطلاق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 269

يقتضي وجوب غسل المشكوك او عدم وجوبه فيكون حكمه بعين حكم المسألة الاولى من حيث جريان الاصل بمعنى انه ان قلنا بكون الشك فى دخل شي ء جزءا و شرطا فى الغسل من الشك فى المحصل لان الواجب الطهارة و الغسل محصّلها يكون مورد اصالة الاحتياط و ان قلنا بعدم كون الشك فى المحصل يكون مورد اصالة البراءة و الاقوى عندنا هذا.

و لا مجال لاستصحاب الحدث لانه مسبب عن صحة الغسل و

عدمها المسبب من وجوب غسل المشكوك و عدمه فمع جريان الاصل فى السبب مخالفا كان او موافقا لا يجرى الاصل فى المسبب.

كما لا مجال لاستصحاب الحكمى و هو.

عدم وجوب غسلها بقاء لكونه سابقا من الباطن فلا يجب غسله وجه عدم المجال للاستصحاب اما من باب عدم كون شك فى الخارج و اما من باب ان استصحاب عدم وجوبه لا يثبت حصول المأمور به اعنى الغسل بغسل ما سوى المشكوك وجوب غسله.

و اما ان كان الشك من جهة الشك فى المصداق بمعنى كون الشبهة مصداقية فبعد ما أمضينا فى الاصول عدم جواز التمسك بالعموم فيها وصلت النوبة بالاصل العلمى.

فتارة الكلام فى جريان الاستصحاب فنقول لا يجرى الاستصحاب لا استصحاب بقاء الحدث مع عدم غسل المشكوك لكونه مسبّبا عن الشك فى اعتبار غسل المشكوك و عدمه فالاصل فى السبب و هو البراءة او الاحتياط يغنى عن الاصل فى المسبب بل لا مجال معه له.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 270

و لا استصحاب عدم وجوب غسله سابقا من باب كون المشكوك من الباطن سابقا من باب ان استصحاب عدم وجوب المشكوك لا يثبت حصول المأمور به و هو الغسل بغسل ما سوى هذا المشكوك فلا يجرى الاستصحاب الا على القول بالاصول المثبتة.

و تارة يقع الكلام فى ان المورد بعد عدم الدليل اللفظى هل هو مورد البراءة او الاحتياط فنقول كما قلنا غير مرة انه ان قلنا بكون المورد من الشك فى المحصل يكون مورد اصالة الاحتياط و ان لم نقل بذلك كما اخترنا يكون مورد اصالة البراءة فنحن نقول فى المسألة الثانية بعدم وجوب غسل المشكوك كونه من الظاهر او الباطن مع سبق كونه من

الباطن لكن لا لاستصحاب عدم وجوبه كما قال المؤلف رحمه اللّه بل نقول به لاصالة البراءة.

***

[مسئلة 8: الموالاة معتبرة فى الغسل الترتيبى فى غسل المستحاضة و المسلوس و المبطون]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: ما مرّ من انه لا يعتبر الموالاة فى الغسل الترتيبى انما هو فيما عدا غسل المستحاضة و المسلوس و المبطون فانه يجب فيه المبادرة إليه و الى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث.

(1)

اقول ما قلنا من عدم اعتبار الموالاة فى الغسل يكون من حيث الغسل فباعتبار نفس الغسل لا يعتبر الموالاة فلا ينافى ذلك رجحان رعاية الموالاة من حيث آخر مثلا نذر قراءة القرآن مع الطهارة و لا يقيّده بوقت معيّن و لكن يريد اتيانه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 271

لحسن المسارعة الى الخير فيكون الغسل مع حفظ الموالاة فيه أيضا راجحا.

او وجوب رعاية الموالاة مثل مورد ضيق الوقت و مثل حدوث الحدث الاكبر فى أثناء الغسل لو لم يراع الموالاة او وقوع حدث الاصغر مثل المسلوس و المبطون.

و القدر المسلم من وجوب رعاية الموالاة يكون فيما حصل للمستحاضة او المسلوس او المبطون فترة بقدر اتيان الغسل بموالاة.

و اما فيما لم تكن فترة لهم بقدر الغسل حتى مع رعاية الموالاة فهل يجب الموالاة أو لا فكلامه فى محله فان قلنا بلزوم تقليل الحدث و المبادرة الى الغسل و الصلاة بعده يجب الغسل بموالاة.

او قلنا بان المستفاد مما دلّ على لزوم الجمع بين الصلاة فى المستحاضة لزوم المبادرة الى الغسل فأيضا يجب الغسل بموالاة.

***

[مسأله 9: يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسأله 9: يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا نعم اذا كان نهر كبير جاريا من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضا اذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء.

(1)

اقول و الكلام تارة يقع فى جواز الغسل الترتيبى تحت المطر و الميزاب

فالظاهر عدم الاشكال فى جوازه بل هو القدر المسلم من مورد الجواز و ما فى بعض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 272

اخبار الباب من الامر بصب الماء على البدن لا يدل على وجوب الغسل بنحو الصب لان الظاهر ان الامر به يكون بحسب ما يقتضيه من تعارف الماء القليل و كون الغسل فيه بنحو الصب و اجراء الماء على المحل و لهذا قلنا تكفى و لو بنحو الارتماس خصوصا مع ما فى بعض روايات المتقدمة الواردة فى الغسل (كل شي ء امسسته الماء فقد انقيته) «1» فلا نحتاج الا الى مسّ الماء البدن.

و تارة يقع الكلام فى اجزاء الغسل الارتماسى تحت المطر و تحت الميزاب و

ينبغى جعل الكلام فى موارد:
اشارة

المورد الاول: فى اجزاء الغسل الارتماسى تحت المطر لورود بعض الاخبار فى خصوص الغسل تحت المطر.

المورد الثانى: فى اجزائه تحت الميزاب.

المورد الثالث: فيما يغتسل فى النهر الجارى من فوق.

اما الكلام فى المورد الاول

فيستدلّ على صحة الغسل الارتماسى تحت المطر بوجهين:

الوجه الاول: ان ما يستفاد من النص الدال على كون الغسل الارتماسى مجزيا مثل الغسل الترتيبى هو اجزاء الغسل بارتماسة واحدة ففى كل مورد يصدق الارتماس يجزى الغسل فيقال بانه مع وقوع الشخص تحت المطر و نزول المطر عليه يصدق الارتماس عرفا.

الوجه الثانى: بعض الاخبار و هو على طائفتين الطائفة الاولى بعض المطلقات الواردة فى كيفية غسل الجنابة.

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 273

مثل ما رواها محمد بن مسلم عن احدها فيها قال (ثمّ تصبّ على راسك ثلاثا ثم تصب على ساير جسدك مرّتين فما جرى عليه الما فقد طهر) «1».

و مثل ما رواها زرارة فقيها قال (ثم صبّ على راسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه) «2».

و مثل ما رواها زرارة قال سألت (أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة الى ان قال) ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك ليس قبله و لا بعده وضوء و كل شي ء أمسسته الماء فقد انقيته و لو ان رجلا جنبا ارتمس فى الماء ارتماسته واحدة أجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده) «3».

الطائفة الثانية: بعض الاخبار الواردة فى غسل الجنابة تحت المطر.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة

العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 273

منها ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام (أنّه سأله عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة ان يقوم فى المطر حتى يغسل راسه و جسده و هو يقدر على ما سوى ذلك فقال ان كان يغسله اغتساله بالماء أجزاء ذلك) «4».

منها ما رواها محمد بن ابى حمزة عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى رجل اصابته جنابة فقام فى المطر حتى سال على جسده أ يجزيه ذلك عن الغسل قال نعم) «5».

اقول اما الوجه الاول فصدق الارتماس فى الماء على مطلق من احاطه الماء

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 10 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(5) الرواية 14 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 274

و ان كان بصورة جريان الماء عليه عرفا ممنوع بل الظاهر من الارتماس عند العرف الغمس فى الشي ء فلا يتم الوجه الاول.

و اما الوجه الثانى اما الطائفة الاولى من الاخبار فموردها كما قال بعض الشراح أيضا هو الغسل الترتيبى كما يظهر من صدرها و خصوصا الرواية الثالثة منها فان فيها بعد قوله عليه السّلام بكفاية كل ما امسسته الماء بيّن أجزاء الغسل بنحو الارتماس فصدرها غير مربوط بالغسل الارتماسى فلا اطلاق لهذه الروايات يشمل الارتماسى.

و اما الطائفة الثانية فالرواية الثانية منها مرسلة و لا تدل على ازيد مما تدل الاولى منهما و الرواية الاولى منها و هى رواية

على بن جعفر عليه السّلام فقد يدّعى اطلاقها فيشمل كل من الغسل الترتيبى و الارتماسى.

و اورد «1» على الاستدلال بالرواية:

أولا بانه لا اطلاق لها يشمل للارتماسى لعدم كونها الا فى مقام بيان الحاق المطر بسائر المياه فى صحة الغسل به و كونه بحد ساير المياه فلا ينافى كون كيفية الغسل فى الغسل به لها خصوصيات و منها وقوعها على نحو الترتيب او بالارتماس فى الماء.

و ثانيا على فرض اطلاقها و كون النسبة بينها و بين ما دل على وجوب الترتيب من الاخبار عموما من وجه لان اطلاق هذه الرواية يشمل كلا من الترتيبى و الارتماسى من الغسل فيعم من هذا الحيث و يخص من حيث كونه مطرا و ماء خاصا.

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 100.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 275

و الاخبار الدالّة على الترتيب تعمّ المطر و غير المطر و يخص من حيث كون مفادها خصوص الترتيبى فتتعارضان فى مورد الغسل الارتماسى فى المطر لان المقتضى اطلاق اعتبار الترتيب هو عدم كفاية الغسل تحت المطر بنحو الارتماس و الحال ان مقتضى اطلاق ما دلّ على جواز الغسل تحت المطر عدم وجوب الترتيب و كفاية الغسل تحت المطر بنحو الارتماس.

و لا بدّ من الاخذ بالاخبار الدالة على وجوب الترتيب فى مورد التعارض لكون ظهورها اقوى فى اعتبار الترتيب من رواية على بن جعفر الدالّة على الترتيب بمقتضى اطلاقها فتكون النتيجة عدم جواز الغسل بنحو الارتماس تحت المطر.

اقول ما اورده أولا صحيح لان ما يأتى بالنظر ان رواية على بن جعفر ان لم يكن ظاهر مراد سائلها الغسل الترتيبى لانه سئل عن الرجل يجنب هل يجريه من غسل الجنابة ان يقوم فى المطر

حتى يغسل راسه و جسده الى آخرها فكيفية السؤال من غسل الرأس و الجسد يناسب مع الغسل الترتيبى فلا اقلّ من عدم اطلاق لها يشمل الارتماسى لان جواب الامام عليه السّلام فيها ان كان يغسله اغتساله بالماء اجراه ذلك) يدل على ان مورد جواز الغسل تحت المطر ما يمكن الغسل تحته بنحو اغتساله بالماء.

و بعد ما عرفت من النصوص ان المعتبر فى الغسل الارتماسى هو الارتماس فى الماء فاغتساله بالماء يكون بالارتماس فيه و بعد فرض عدم صدق الارتماس عرفا على من اوقع جسده تحت المطر و احاط المطر به فلا يتمكن من الغسل بنحو اغتساله فى الماء فلا يجرى الغسل تحت المطر بنحو الارتماس.

و اما ما اورد ثانيا فدعوى أظهرية ادلة الترتب فى مورد الاجتماع بالنسبة الى رواية على بن جعفر الدالة على جواز الغسل تحت المطر ممنوع فمع عدم اظهرية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 276

احدهما عن الاخرى لا بد من الرجوع الى عموم او اطلاق النصوص الدالة على اصل الغسل خالية عن اعتبار الترتيب ان كان لها عموم او اطلاق.

المورد الثانى: هل يصح الغسل الارتماسى تحت الميزاب او لا يصح.

وجه الجواز صدق الارتماس عليه و بعض الاخبار المدعى ان اطلاقها يشمل الغسل الترتيبى و الارتماسى مثل رواية محمد بن مسلم و رواية زرارة التى ذكرناهما فى المورد الاول.

و فيه كما مرّ فى المورد الاول لا يصدق الارتماس عرفا و عدم اطلاق للاخبار لان موردها الغسل الترتيبى و اما بعض الاخبار الواردة فى الغسل تحت المطر فقد عرفت عدم امكان التمسك به على صحة الغسل ارتماسا تحت المطر فضلا عن التعدى عن المطر بالماء الجارى عن الميزاب او الجارى من فوق.

المورد الثالث: فيما اذا كان نهر كبير جاريا من فوق نحو الميزاب

اعلم ان المستفاد من كلام المؤلف رحمه اللّه فرض صورتين له لانه قال لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضا اذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء فهذا فرض و الفرض الآخر صورة عدم استيعاب الماء جميع بدنه بنحو تحت الماء فاختار صحة الغسل ارتماسا فى الفرض الاول و عدم صحته فى الفرض الثانى.

اقول ان هنا كلاما فى ان المؤلف رحمه اللّه لم افتى بعدم جواز الغسل ارتماسا تحت الميزاب مطلقا و لم يقيّده بما اذا لم يكن الماء الجاري مستوعبا لجميع البدن على نحو كونه تحت الماء لانه اذا استوعب جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء فهو مثل الماء الجارى من الفوق نحو الميزاب الّذي جوّز الغسل ارتماسا تحته بل كان المناسب ان يقول و لا يجوز الغسل بنحو الارتماس تحت المطر و الميزاب و الماء الجارى من فوق الّا اذا استوعب الماء جميع البدن نحو كونه تحت الماء.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 277

و كلاما آخر فى انه اذا جرى الماء من الميزاب او من الماء الجارى من فوق بل من المطر و استوعب الماء جميع

البدن نحو كونه تحت الماء هل يصح الغسل الارتماسى فيه أولا.

فالاقوى بالنظر عدم الجواز لانه مع هذا لا يصدق الارتماس و احاطة الماء عليه و ان كان يصدق لكن لا يصدق عرفا الارتماس فلا يصح ما قاله (على نحو كونه تحت الماء) مطلقا على ماء المطر و الميزاب و النهر الجارى من فوق.

***

[مسئلة 10: يجوز العدول عن الترتيب الى الارتماس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: يجوز العدول عن الترتيب الى الارتماس فى الاثناء و بالعكس لكن بمعنى رفع اليد عنه و الاستئناف على النحو الآخر.

(1)

اقول لان مقتضى اطلاق ادلّه الدالة على صحة وقوع الغسل ترتيبا و ارتماسا هو صحته حتى بعد الشروع بقصد احدهما فيجوز له رفع اليد عما شرع فيه و اختيار الفرد الآخر فيجوز العدول من الترتيب الى الارتماس و بالعكس فى الاثناء.

***

[مسئلة 11: اذا كان حوض اقل من الكر يجوز الاغتسال فيه بالارتماس]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: اذا كان حوض اقل من الكر يجوز الاغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن لكن بعده يكون من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 278

المستعمل فى رفع الحدث الاكبر فبناء على الاشكال فيه يشكل الوضوء و الغسل منه بعد ذلك و كذا اذا قام فيه و اغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فيه و اما اذا كان كرّا او ازيد فليس كذلك نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه اذا كان بقدر الكر لا ازيد و اغتسل فيه مرارا عديدا لكن الاقوى كما مرّ جواز الاغتسال و الوضوء من المستعمل.

(1)

اقول فى المسألة مسائل:

المسألة الاولى: فى جواز الاغتسال فى الحوض الّذي يكون مائه اقل من الكر

مع فرض طهارة البدن و عدمه.

اعلم انه لا ينبغى الاشكال فى الجواز لان مائه ماء طاهر و على الفرض يكون بدنه طاهر فيجوز الاغتسال فيه ارتماسا.

و اما بعد الغسل فيه فماؤه يكون من المستعمل فى رفع الحدث الاكبر فان قلنا بان الماء المستعمل فى رفع الحدث الاكبر لا يجوز استعماله فى رفع الحدث فلا يجوز الغسل او الوضوء منه و ان قلنا بجواز استعماله فى رفع الحدث كما قوّينا ذلك عند تعرض المؤلف رحمه اللّه للمسألة فى فصل الماء المستعمل فنقول بجواز الوضوء و الغسل من هذا الماء.

المسألة الثانية: اذا قام فى الماء المفروض فى المسألة الاولى

اعنى القليل و اغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فى هذا الحوض القليل مائه فلا اشكال فى صحة الغسل و جواز الاغتسال بعده و الوضوء منه بناء على مختارنا من جواز

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 279

استعمال الماء المستعمل فى رفع الحدث الاكبر فى رفع الحدث سواء كان ما يرجع من الماء فى الحوض يكون قطرات يستهلك فى ماء الحوض او مقدارا لا يستهلك فى ماء الحوض.

و اما بناء على القول بعدم جواز استعماله فى رفع الحدث فصحة الغسل ترتيبا فلا اشكال فيه لعدم صيرورة الماء مستعملا فى رفع الحدث الاكبر الا بعد تمام الغسل.

و اما رفع الحدث به بعد الغسل فيه ترتيبا فان كان ما يرجع فى الحوض من الماء عند الغسل يكون قطرات تسقط فى الحوض عند الغسل خصوصا فيما تستهلك القطرات فى ماء الحوض القليل فلا اشكال فيه لما مر وجهه فى طى مسئلة (1) من المسائل المتعلقة بفصل الماء المستمل.

و اما ان كان ازيد من ذلك و على خلاف ما هو مقتضى وضع الغسل من تقاطر قطرات من

الماء، فيشكل رفع الحدث بهذا الماء بناء على عدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل فى الحدث الاكبر.

المسألة الثالثة: ما اذا كان الماء الواقع فى الحوض اكثر من الكر

فاغتسل فيه ارتماسا او ترتيبا و لم ينقص عن الكر بالاغتسال فلا اشكال فى صحة الغسل و كذا جواز رفع الحدث بهذا الماء المستعمل فى رفع الحدث الاكبر لما مر فى طى المسألة 8 من فصل الماء المستعمل عدم صدق الماء المستعمل على الماء الكر كخزانة الحمام و غيرها.

المسألة الرابعة: ما اذا كان الماء الواقع فى الحوض مثلا بقدر الكر

فلا اشكال فى صحة الغسل فيه انما الكلام فى كون هذا الماء المغتسل فيه من المستعمل فى رفع الحدث الاكبر فلا يجوز رفع الحدث به بناء على القول بعدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل فى رفع الحدث و لو لم ينقص من الكر بسبب استعماله فى رفع الحدث

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 280

الاكبر او يجوز رفع الحدث به مطلقا و ان نقص عن الكر بسبب استعماله فى الغسل و رفع الحدث الاكبر به.

او التفصيل بين ما اذا لم ينقص عن الكر بسبب استعماله فى رفع الحدث الاكبر فيجوز استعماله فى رفع الحدث حتى عند من لا يجوّز رفع الحدث بالماء المستعمل فى رفع الحدث الاكبر.

و بين ما ينقص عن الكر بسبب استعماله فى الغسل فلا يجوز رفع الحدث به احتمالات و الحق التفصيل و هو الاحتمال الثالث لانه فيما لم ينقص الماء عن الكريه باستعماله فى رفع الحدث الاكبر يكون خارجا عن الماء المستعمل لما قلنا فى الماء المستعمل و اشرنا فى المسألة الثالثة من هذه المسألة التى نحن فيها.

و اما فيما نقص الماء باستعماله فى رفع الحدث الاكبر عن الكرية فيكون من الماء المستعمل فى الحدث الاكبر فلا يجوز رفع الحدث به بناء على القول بعدم جواز رفع الحدث به.

و ما قال المؤلف رحمه اللّه (نعم لا يبعد صدق المستعمل

عليه اذا كان بقدر الكر لا ازيد و اغتسل فيه مرارا عديدة) ان كان نظره الشريف الى ان الاغتسال به مرارا صار موجبا لصيرورة الماء انقص من الكر بسبب كثرة الاستعمال فيصح كلامه و يرجع الى ما قلنا من التفصيل.

و ان كان نظره الى مجرد التفصيل فى جواز رفع الحدث به و عدمه بين ما اغتسل فيه مرة و بين ما اغتسل فيه مرارا و لو لم ينقص عن الكر فيما اغتسل فيه مرارا فلم أر له وجها و الظاهر كون نظره الى ما قلنا.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 281

[مسئلة 12: يشترط فى صحة الغسل ما مرّ من الشرائط فى الوضوء]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: يشترط فى صحة الغسل ما مرّ من الشرائط فى الوضوء من النية و استدامتها الى الفراغ و اطلاق الماء و طهارته و عدم كونه ماء الغسالة و عدم الضرر فى استعماله و اباحته و إباحة طرفه و عدم كونه من الذهب و الفضة و إباحة مكان الغسل و مصبّ مائه و طهارة البدن و عدم ضيق الوقت و الترتيب فى الترتيبى و عدم حرمة الارتماس فى الارتماسى كيوم الصوم و فى حال الاحرام و المباشرة فى حال الاختيار و ما عدا الاباحة و عدم كون الظرف من الذهب و الفضة و عدم الارتماس من الشرائط واقعى لا فرق فيها بين العمد و العلم و الجهل و النسيان بخلاف المذكورات فان شرائطها مقصورة على حال العمد و العلم.

(1)

اقول ذكر المؤلف رحمه اللّه فى هذه المسألة شرائط الغسل و انه يشترط فى صحته ما مر من الشرائط فى الوضوء و الكلام يقع فى موردين الاول فى الشرائط:

الشرط الاول: النية

و المراد اتيان الغسل بداعى القربة و العمدة فى اعتبار النية بالمعنى المذكور الاجماع لعدم تمامية بعض ما استدل به من الآيات و الاخبار كما مر فى نية الوضوء مفصلا و بنحو الاجمال فى الفصل الّذي ذكره المؤلف رحمه اللّه (غسل الجنابة مستحب) الخ و كما يشترط النية فى الغسل يشترط استدامتها الى آخر الغسل لكون النية معتبرة فى تمام العمل بالتفصيل المتقدم فى الوضوء.

الشرط الثانى: اطلاق ماء الغسل

و عليه الاتفاق و لم يذكر الخلاف الا الى الصدوق فى المحكى عنه من تجويزه الوضوء و الغسل بماء الورد و الى ابن ابى عقيل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 282

من افتائه بصحته بالماء المضاف و قد مضى ما تمسكا به على إفتائها عند الكلام فى اعتبار اطلاق الماء فى الوضوء مع جوابهما.

و يدلّ على اشتراطه قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «1»

و قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضىٰ أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «2».

لدلالتهما على أنّ ما يوجب الانتقال عن الغسل و الوضوء الى التيمم هو عدم وجدان الماء و المضاف ليس بماء كما يدل على ذلك الاخبار الدالة على انه مع عدم الماء يجب التيمم فلا يكتفى بالمضاف للوضوء و الغسل.

الشرط الثالث: طهارة ماء الغسل

و لا اشكال فى اعتبارها فتوى و نصا يظهر للمراجع فى الاخبار الواردة فى المياه نذكر واحدة منها تبركا و هى ما رواها عمار الساباطى (انه سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يجد فى إنائه فارة و قد توضّأ من ذلك الإناء مرارا او اغتسل منه او غسل ثيابه و قد كانت الفارة متسلّخة فقال ان كان رآها فى الإناء قبل ان يغتسل او يتوضأ او يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها فى الإناء فعليه ان يغسل ثيابه و يغسل كل ما اصابه ذلك الماء و يعيد الوضوء و الصلاة و أن كان انّما رآها بعد ما فرغ من ذلك و فعله فلا

يمس من ذلك الماء شيئا و ليس عليه شي ء لانه لا يعلم متى سقطت فيه ثم قال لعلّه ان يكون انما سقطت فيه تلك الساعة التى رآها) «3».

______________________________

(1) سورة النساء، الآية 43.

(2) سورة المائدة، الآية 6.

(3) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 283

الشرط الرابع: عدم كون ماء الغسل ماء الغسالة

و المراد منه اعم من الماء المستعمل فى الاستنجاء و المستعمل فى ازالة الخبث غير الاستنجاء و قد تعرضنا لحكمها من حيث النجاسة و الطهارة و من حيث رافعيتها للحدث و عدم رافعيتها عند تعرض المؤلف رحمه اللّه فى فصل الماء المستعمل.

فلو التزمنا بنجاستها فلا اشكال فى عدم صحة الاغتسال بها لما عرفت من اشتراط طهارة ماء الغسل.

و لو التزمنا بطهارتها فنقول بان الاحوط وجوبا هو عدم جواز الاغتسال بها لأنّ العمدة فى القول بعدم جواز الاغتسال بها الاجماع و رواية عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السّلام «1» قد بيّنا عدم تمامية الاستدلال بهما اما رواية عبد اللّه بن سنان فلضعف سندها و الاشكال فى دلالتها اما الاجماع فلا يمكن التعويل على الاجماعات المنقولة كما حكى عن صاحب الجواهر بحيث نفتى عدم الجواز نعم كما قلنا فى محله الاحوط عدم الاغتسال بماء الغسالة.

الشرط الخامس: عدم الضرر فى استعمال الماء

و لا اشكال فى الجملة فى عدم صحة الغسل مع الضرر نعم بعد ثبوت الضرر قد ينتقل الامر الى الغسل على الجبيرة و قد ينتقل الامر الى التيمم و قد تقدم بعض الكلام فيه فى الوضوء و يأتى الكلام فيه أيضا إن شاء اللّه فى مبحث التيمم و لا حاجّة الى ذكر الروايات الدالة عليه فراجع.

الشرط السادس: إباحة ماء الغسل و إباحة ظرفه و إباحة مكان الغسل

و مصبّ مائه بالتفصيل المتقدم فى شرائط الوضوء فراجع حتى تعرف مورده و خصوصياته و دليله.

______________________________

(1) الرواية 13 من الباب 9 من ابواب الماء المضاف من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 284

الشرط السابع: عدم كون ظرفه من اوانى الذهب و الفضة بالتفصيل المتقدم فى مبحث الاوانى فى شرائط الوضوء مع دليله فراجع كى تقف على خصوصياته و احكامه.

الشرط الثامن: طهارة البدن

و قد بينا وجهه و مسائله فى طى المسألة الخامسة من المسائل المتعرضة فى هذا الفصل.

الشرط التاسع: عدم ضيق الوقت

من تحصيل الماء او استعماله.

الشرط العاشر: الترتيب فى الغسل الترتيبى

و قد تقدم الكلام فيه فى الكيفية الاولى من الغسل و هى الترتيبى عند تعرض المؤلف رحمه اللّه و قد بيّن كون شرط الترتيب شرطا واقعيا فلو عكس و لو جهلا او سهوا لبطل الغسل.

الشرط الحادي عشر: يشترط فى الغسل الارتماسى ان لا يكون الارتماس فى الماء حراما

كيوم الصوم و فى حال الاحرام فقد مضى الكلام فيه فى المسألة الثانية من هذا الفصل.

الشرط الثانى عشر: يشترط المباشرة فى الغسل حال الاختيار

و قد مضى الكلام فى هذا الشرط فى شرائط الوضوء مع ما استدل به على اشتراطه و العمدة هو الاجماع و ظهور الامر بالوضوء و الغسل فى اتيانهما بالمباشرة و يدل على سقوط شرطية المباشرة حال الاضطرار بعض الاخبار الواردة فى الغسل.

مثل ما رواها هشام بن سالم عن سليمان بن خالد و عن حمّاد بن عيسى عن شعيب عن ابى بصير و عن فضالة عن حسين عثمان عن ابن مسكان عن عبد اللّه سليمان جميعا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (فى حديث انه كان وجعا شديد الوجع فاصابته جنابة و هو فى مكان بارد قال فدعوت الغلمة فقلت لهم احملونى فاغسلونى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 285

فحملونى و وضعونى على خشبات ثم صبّوا عليّ الماء فغسّلوني) «1».

المورد الثانى: يقع الكلام فى ان شرطية أىّ شرط من الشروط المتقدمة تكون واقعيا

بمعنى اشتراطها فى الغسل حال العمد و غير العمد و اى شرط من الشروط تكون شرطيته مقصورة بحال العمد و العلم.

فنقول بعونه تعالى بانه قد مضى الكلام فى هذه الجهة فى طى مباحث شرائط الوضوء و نقول هنا بنحو الاختصار.

بان كل الشروط المتقدمة شروط واقعية ما عدا عدم الضرر و ما عدا الاباحة و ما عدا عدم كون الظرف من الذهب او الفضة و ما عدا عدم حرمة الارتماس فان شرطيتها مقصورة بحال العمد و العلم لان مع احد هذه الامور لا يمكن التقرب بالعمل و هذا يختص بصورة العمد و العلم كما مرّ تفصيله عند التعرض لشرطيتها فى مبحث شرائط الوضوء و المؤلف رحمه اللّه جعل شرطية عدم الضرر من الشروط الواقعية و لكن نحن قوّينا فى البحث عن شرطيتها فى شرائط الوضوء عدم كون الضرر شرطا واقعيا و لهذا يصح الوضوء

و الغسل مع الجهل بالضرر.

نعم قلنا بان الاقوى و ان كان ذلك لكن الاحوط اشتراطه حتى حال الجهل للاحتمال عدم وجود ملاك الغسل حتى فى صورة الجهل بالضرر او لان الاحتياط حسن على حال.

***

[مسئلة 13: اذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13: اذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 48 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 286

فيه فاغتسل بالداعى الاول لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس فى الماء ما تفعل يقول اغتسل فغسله صحيح و اما اذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له ما تفعل يبقى متحيّرا فغسله ليس بصحيح.

(1)

اقول اما الصحة فى الفرض الاول فلكفاية وجود الداعى فى النية بحيث لو سئل عنه يجيب عما هو داعيه على الفعل و اما عدم الصحة فى الفرض الثانى فلعدم وجود الداعى المعتبر فى النية و قد مضى الكلام مستوفى فى مبحث النية من الوضوء عند تعرض المؤلف رحمه اللّه لها.

***

[مسئلة 14: اذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: اذا ذهب الى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك فى انّه اغتسل أم لا يبنى على العدم و لو علم انّه اغتسل لكن شك فى انّه على الوجه الصحيح أم لا يبنى على الصحة.

(2)

اقول اما فى الصورة الاولى قال يبنى على العدم و قيل فى وجهه انه مع الشك فى انه اغتسل أم لا مقتضى الاستصحاب البناء على العدم و اتيان الغسل.

و عندى فى ذلك نظر لان استصحاب العدم ان كان اثره الشرعى نفس عدم الغسل فمع انه ليس عدم الغسل اثرا شرعيا لا حاجة لنا لاثبات العدم التمسك بالاستصحاب لان نفس الشك فى الاتيان يقتضي بحكم العقل وجوب اتيان الغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 287

لان اشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية بحكم العقل.

و ان اريد ان اثره وجوب اتيان الغسل فليس هذا اثرا شرعيا له فنقول انه مع الشك

يبنى على العدم و يأتى به لقاعدة الاشتغال فانها تقتضى البراءة اليقينية.

و اما فى الصورة الثانية و هى ما اذا علم انه اغتسل و لكن شك فى صحته فحكم بصحته لاصالة الصحة المعبر عنها بقاعدة الفراغ.

***

[مسئلة 15: اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقة و ان وظيفته كانت هو التيمم فان كان على وجه الداعى يكون صحيحا و ان كان على وجه التقييد يكون باطلا و لو تيمّم باعتقاد الضيق فتبين سعة ففى صحته و صحة صلاته اشكال.

(1)

اقول اما فيما اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه فكما قال المؤلف رحمه اللّه تارة يكون قصده و داعيه الى الغسل امره الفعلى و يكون داعيه الى اتيانه بقصد الامر الوجوبى الغيرى تخيله كون الامر الفعلى المتعلق به هو هذا الامر الوجوبى الغيرى ففى هذه الصورة يصح الغسل لان ما نحتاج إليه فى صحة الغسل ليس الا وقوع الغسل بداعى التقرب و هو حاصل و مجرد خطائه فى ان لامر الّذي يريد اطاعته هو الأمر الغيرى لا يضرّ بما هو معتبر فى اطاعة الامر و صحة الفعل.

و تارة يقصد الامر الوجوبى الغيرى بتخيل كون هذا الامر متوجها إليه بحيث لو لم يكن هذا الامر لا يكون له الداعى الى الغسل و بعبارة اخرى يكون داعيه نحو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 288

الغسل هذا الامر الغيرى بنحو التقييد بحيث لو لم يكن هذا الامر لا يتمشى منه القصد و الداعى الى الغسل ففى هذه الصورة لا يصح الغسل لانتفاء الامر الّذي قصده على الفرض لضيق الوقت و عدم قصده الا هذا الامر.

و اما فيما تيمم باعتقاد ضيق الوقت فتبيّن سعته فصحة التيمم

و فساده مبنى على ان مشروعية التيمم فى صورة الاعتقاد بضيق الوقت و ان لم يكن مضيقا واقعا فيصح التيمم او يكون مشروعيته فى صورة ضيق الوقت واقعا فلا يصح و تمام الكلام يأتى إن شاء اللّه فى مبحث التيمم.

***

[مسئلة 16: اذا كان من قصده عدم اعطاء الاجرة للحمامى]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: اذا كان من قصده عدم اعطاء الاجرة للحمامى فغسله باطل و كذا اذا كان بنائه على النسيئة من غير احراز رضى الحمامى بذلك و ان استرضاه بعد الغسل و لو كان بنائهما على النسيئة و لكن كان بانيا على عدم اعطاء الاجرة او على اعطاء الفلوس الحرام ففى صحته اشكال.

(1)

اقول فى المسألة مسائل:

المسألة الاولى: ما اذا كان من قصده عدم اعطاء الاجرة للحمامى

فلا يصح غسله لانه بعد ما لا يحل التصرف فى مال امرئ الا باذنه فهو يتصرف بغير اذن الحمامى فى مائه و مكانه و غيرهما ففى كل من التصرفات المتحدة مع الغسل حيث يكون غاصبا يفسد الغسل لان اذنه مقيد بصورة اعطاء الاجرة و لا يرضى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 289

بالتصرف بغير اجرة.

المسألة الثانية: مثل المسألة الاولى حكما

اذا كان بنائه على النسية مع عدم احراز رضى الحمامى باذن صريح او ما يقوم مقامه فأيضا حيث لا يجوز التصرف الا برضاه يكون غسله باطلا و لا يكفى استرضائه بعد الغسل فى صحته لان المعتبر رضى المقارن للغسل و هو على الفرض غير حاصل لعدم احرازه على الفرض.

المسألة الثالثة: ما اذا كان المغتسل و الحمامى كلاهما بانيين على النسية

لكن يكون المغتسل بانيا على عدم اعطاء الاجرة او كان بانيا على اعطاء الفلوس الحرام لاجرة الحمام ففى صحة الغسل و فساده وجهان.

وجه الصحة هو انه بعد فرض رضى الحمامى بالنسية فهو ملتزم على وقوع الاجرة فى ذمة المغتسل و المغتسل على الفرض بان على ذلك فيصح الغسل لرضاء الحمامى بالغسل على كون الاجرة فى ذمة المغتسل فيكون التصرف بالغسل مأذونا فيصح الغسل.

و اما بناء المغتسل على عدم اعطاء ما يأتى بذمته من الاجرة او اعطائه من الحرام فهو خارج عن بنائهما و التزامهما و رضى المالك بما التزم مع المغتسل.

وجه عدم صحة الغسل هو ان الحمامى و ان كان بنائه على النسية و راضيا فى هذه الصورة لكن رضائه بالنسية مقيد بان يعطى المغتسل الاجرة و يعطيه من الفلوس الحلال و لا يكون رضائه مطلق يشمل حتى صورة بناء المغتسل عدم اعطاء الاجرة او ان يعطى من الفلوس الحرام فالاقوى بالنظر عدم صحة الغسل فى هذه الفرض أيضا.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 290

[مسئلة 17: اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه لان صاحب الحطب يستحق عوض حطبه و لا يصير شريكا فى الماء و لا صاحب حق فيه.

(1)

اقول وجه عدم المانع من الغسل فى الماء المسخن بالحطب المغصوب هو ان شيئا من اجزاء الحطب لا يدخل فى الماء لا عقلا و لا عرفا و ان كان يكفى عدم الدخول عرفا لان الاحكام الشرعية منزّلة على النظر العرفى لا على النظر الدقى العقلى فلا يكون التصرف فى الماء تصرفا فى الحطب حتى لا يكون التصرف فى الماء قابلا لان يتقرّب به

فيصير الغسل باطلا حتى لو استشكلنا فى الصلاة فى الثوب المصبوغ بالصبغ المغصوب لا وجه للاشكال فى صحة الغسل فيما نحن فيه لان الصبغ مرتبة من وجود الشي ء بنظر العرف بخلاف الحرارة الحاصلة من الحطب المغصوب فى الماء و فلا يعد التصرف فى الماء الحار تصرفا فيما صار سبيا لحرارته.

***

[مسألة 18: الغسل فى حوض المدرسة لغير اهله]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 18: الغسل فى حوض المدرسة لغير اهله مشكل بل غير صحيح بل و كذا لاهله الا اذا علم عموم الوقفية او الاباحة.

(2)

اقول اما الغسل فى حوض المدرسة لغير اهله فلظهور كونه وقفا على خصوص اهل المدرسة و الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها فلا يجوز التصرف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 291

لغير اهله فيما وقف على اهل المدرسة.

و اما الغسل فيه لاهل المدرسة فان علم عموم الوقفية او الاباحة فلا اشكال فى صحة غسلهم كما انه لو علم عموم الوقفية او الاباحة لغير اهل المدرسة يجوز اغتسالهم فى حوضها.

و اما لو لم يعلم عموم الوقفية او الاباحة فقد يقال بعدم صحة الغسل كما اختاره رحمه اللّه المؤلف لانتفاء الامارة على العموم فلا يجوز التصرف ما لم يحرز جوازه و لا يكفى فى الجواز عدم ثبوت المنع.

و قد يقال بجواز الغسل فيه لهم لان طبع الوقف على اهل المدرسة تقتضى جواز كل تصرف فيها لهم ما لم يثبت المنع فيكون الفرق بين اهل المدرسة و بين غير اهل المدرسة فيجوز لاهلها كل تصرف الا فيما ثبت المنع لان بعد كون طبع الوقف عليهم جواز كل تصرف لهم فيها فالمنع عن التصرف محتاج الى الاحراز و لا يجوز لغير اهلها مع الشك فى الجواز لانه لا يجوز التصرف فجواز التصرف

محتاج الى الاحراز و لا يبعد الاحتمال الثانى اذا كان طبع الوقف يقتضي هذا التصرف بنظر العرف.

***

[مسئلة 19: الماء الّذي يسبلونه يشكل الوضوء و الغسل منه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 19: الماء الّذي يسبلونه يشكل الوضوء و الغسل منه الا مع العلم بعموم الاذن.

(1)

اقول بل لا يجوز لانه لا بد من احراز رضى المالك اما بالعلم او ما يقوم مقامه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 292

من الاذن بالفحوى او شاهد الحال فمع الشك فى رضاه لا يجوز التصرف.

***

[مسئلة 20: الغسل بالمئزر الغصبى باطل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 20: الغسل بالمئزر الغصبى باطل.

(1)

اقول هذا فيما كان التصرف فى المئزر متحدا مع الغسل و الا فمع عدم الاتحاد فلا وجه لبطلان الغسل فيقال بان الغسل حقيقة جرى الماء على الجسد و هو غير متحد مع التصرف فى المئزر بل الاتحاد بينه و بين مقدمة الغسل و هو ايصال الماء على الجسد فاذا اراد ايصال الماء الى الجسد يتوقف على حركة المئزر فيتحد معه و هذا خارج عن حقيقة الغسل.

اقول و لكن قد يتفق ان نفس الجرى يوجب حركة المئزر و يكون تصرفا فيه فيفسد الغسل فالميزان فى بطلان الغسل ان يتحد التصرف بالغسل مع التصرف فى المئزر.

***

[مسئلة 21: ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 21: ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا اجرة تسخينه اذا احتاج إليه على زوجها على الاظهر لانه يعدّ جزء من نفقتها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 293

(1)

اقول وجوب كون الماء و كذا اجرة التسخين فى غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس بل غيرها من الاغسال كغسل الاستحاضة و مسّ الميت و كذا ماء الوضوء على الزوج و عدم وجوبه مبنى على كونه من النفقة الواجبة و عدمه فان انحصرت بالاطعام و الكسوة و السكنى كما فى بعض الروايات التعرض لها او تعدّينا عنها لاطلاق النفقة، فى القرآن الكريم و للاجماع بغيرها مما هو مربوط بالمعاش فلا تشمل المورد و ان تعدّينا عنها بمطلق ما يحتاج إليه المرأة و لو فى معاده مثل المورد و الكفارات و غيرهما نقول بوجوبه على الزوج فيما نحن فيه و تمام الكلام فى كتاب النفقات.

***

[مسئلة 22: اذا اغتسل المجنب فى شهر رمضان]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 22: اذا اغتسل المجنب فى شهر رمضان او صوم غيره او فى حال الاحرام ارتماسا نسيانا لا يبطل صومه و لا غسله و ان كان متعمدا بطلا معا و لكن لا يبطل احرامه و ان كان آثما و ربما يقال لو نوى الغسل حال الخروج من الماء صح غسله و هو فى صوم رمضان مشكل لحرمة اتيان المفطر بعد البطلان أيضا فخروجه من الماء أيضا حرام كمكثه تحت الماء بل يمكن ان يقال ان الارتماس فعل واحد مركب من الغمس و الخروج فكله حرام و عليه يشكل فى غير شهر رمضان أيضا نعم لو تاب ثم خرج بقصد الغسل صحّ.

(2)

اقول فى المسألة مسائل:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7،

ص: 294

المسألة الاولى: لو اغتسل الجنب فى صوم شهر رمضان

او صوم غيره او فى حال الاحرام ارتماسا ناسيا لا يبطل صومه و غسله و إحرامه اما عدم بطلان صومه لان الارتماس فى الماء على تقدير كونه مفطرا لا يكون مفطرا فى حال النسيان لان مفطريته مختصة بحال العمد أو ما بحكمه و كذا لا يكون الارتماس فى الماء ناسيا حراما حال الاحرام فلا يبطل غسله لعدم كوم الارتماس حراما و لا يضر بالاحرام لعدم فساد احرام بالارتماس فى الماء حتى فى صورة العمد و أن كان آثما فى صورة العمد و تجب الكفارة عليه بالتفصيل المذكور فى كتاب الحج.

و كذا لو قلنا بكون الارتماس فى الماء حراما فى حال الصوم بالحرمة التكليفية و ان لم يكن مفطرا لعدم حرمته حال النسيان فلا يبطل الغسل.

المسألة الثانية: و لو اغتسل ارتماسا فى حال الصوم عامدا

فتارة يكون الصوم صوما يجوز ابطاله كصوم المندوب او الواجب الموسّع الّذي يجوز ابطاله فبالغسل ارتماسا يبطل صومه و لا يبطل الغسل لانه بعد جواز ابطال الصوم لا يكون الارتماس حراما و مبطلا فلا مانع من صحة الغسل.

و تارة يكون الصوم صوما لا يجوز ابطاله كصوم شهر رمضان فان قلنا بكون الارتماس حراما لكن لا يفسد به الصوم فلا يبطل الصوم و ان قلنا بكون مفطرا يفسد الصوم و اما ان لم يكن حراما و لا مفطرا فلا يفسد الصوم.

و اما الغسل فيبطل بناء على حرمة الارتماس سواء كان مفطرا أيضا أو لا لكون الارتماس حراما فلا يصح ان يتقرب به حتى بناء على جواز الاجتماع و اما لو لم نقل بحرمة الارتماس و مفطريته فلا يبطل الغسل أيضا.

المسألة الثالثة: لو اغتسل ارتماسا عامدا حال الاحرام فلا يفسد الاحرام لعدم كون الارتماس مفسدا له و ان كان آثما و يجب

عليه الكفارة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 295

و اما الغسل فباطل لكون الارتماس محرما فلا يصير مقرّبا كما مر.

المسألة الرابعة: هذا كله فيما اغتسل ارتماسا حال الورود فى الماء

حال الصوم او حال الاحرام و فى هذه المسألة يقع الكلام فى صحة غسله اذا اغتسل حال المكث فى الماء او حال الخروج عن الماء فنقول بعونه تعالى.

اما الكلام فى الصوم فيما كان ارتماسه بالدخول فى الماء عامدا فقد بطل الصوم بناء على كون الارتماس مفطرا سواء كان الصوم صوما يجوز ابطاله كالصوم المستحب او لا يجوز كصوم شهر رمضان.

و اما فيما كان ارتماسه بدخوله فى الماء ساهيا فلا يبطل صومه لان الارتماس على فرض مفطريته لا يكون مفطرا حال النسيان و يجب عليه اخراج نفسه عن الماء بمجرد تذكر ارتماسه فى الماء و اما غسله فيما كان ارتماسه حراما مثل ما كان صائما بالصوم الّذي لا يجوز افطاره و ارتمس فى الماء عامدا و قلنا بانه مع فرض بطلان صومه بالارتماس يحرم ايجاد المفطر عليه كما فى صوم شهر رمضان فلا يصح اغتساله حال المكث فى الماء و لا حال الخروج عن الماء اما حال المكث لكون المكث حراما عليه على الفرض و ان بطل صومه.

و اما حال الخروج لعدم كون خروجه مقرّبا بل يكون مبعّدا و ان لم يكن منهيا عنه فعلا لكفاية ملاك المبغوضية الموجودة فيه و لو بالنهى السابق.

و كذا لو قلنا بما قال المؤلف رحمه اللّه (بل يمكن ان يقال ان الارتماس فعل واحد مركب من الغمس و الخروج فكله حرام) و ان لم يمكن القول بمقالته لان الارتماس يتحقق عن الرسوب فى الماء الى ان ينتهى الى تمام ما يريد ارتماسه لانه على هذا يكون الارتماس بدخوله

تحت الماء و مكثه و خروجه حراما واحدا فالمكث و الخروج جزء آن من الحرام الواحد فصار بتمامه محرما واحدا على الصائم فلا يصح

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 296

الغسل دخولا و مكثا و خروجا لكونه حراما واحدا فلو لم نقل بحرمة المضطرات على الصائم بعد تناوله المفطر نقول بحرمة المكث و الخروج عن الماء لاجل كون الارتماس عبارة عن فعل واحد مركب عن الغمس و الخروج فيبطل الغسل الواقع حال المكث و الخروج مثل حال الدخول.

هذا كله فيما لم يتب و اما لو تاب و قصد الغسل حال الخروج صح غسله حيث لا يقع الخروج مبعّدا لمسبوقيته بالتوبّة.

المسألة الخامسة: فى صحة غسل من ارتمس فى الماء حال الاحرام

فى حال المكث فى الماء او حال الخروج.

فنقول اما احرامه فلا يفسد بالارتماس كما مرّ و ان كان عامدا فى الارتماس نعم يكون آثما فى صورة العمد و عليه الكفارة بالتفصيل المذكر فى كتاب الحج.

و اما غسله حال الدخول و الارتماس فقد مضى الكلام فيه.

و اما غسله حال المكث و الخروج مع فرض علمه بحرمة الارتماس اما حال المكث فلا يصح لانه لا يجوز ابقائه مرتمسا حال الاحرام فمع حرمته لا يصح الغسل سواء كان ارتماسه عامدا او ساهيا لان مع عمله بحرمة المكث لا يكون الغسل قابلا لان يتقرب به.

و اما حال الخروج فيصح الغسل فيما كان ارتماسه ناسيا لعدم مبغوضية الخروج بل مطلوبيته لتقليل الارتماس.

و كذا لو كان ارتماسه تحت الماء حال الاحرام عامدا لكن بعد الارتماس تاب عن ذنبه فانه لا يكون الخروج مبعّدا.

و اما فيما كان ارتماسه فى الماء عامدا و لم يتب بعد الارتماس فلا يصح الغسل حال الخروج لكون الخروج مبغوض المولى اما بالنهى الفعلى او

بالنهى السابق.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 297

فصل: في مستحبات غسل الجنابة
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 299

قوله رحمه اللّه

فصل فى مستحبات غسل الجنابة و هي امور:

احدها: الاستبراء من المنى بالبول قبل الغسل

الثاني: غسل اليدين ثلاثا الى المرفقين او الى نصف الذراع او الى الزندين من غير فرق بين الارتماس و الترتيب.

الثالث: المضمضة و الاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاث مرّات و يكفى مرّة أيضا.

الرابع: ان يكون ماؤه فى الترتيبى بمقدار صاع و هو ستّمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال.

الخامس: امرار اليد على الاعضاء لزيادة الاستظهار

السادس: تخليل الحاجب الغير المانع لزيادة الاستظهار.

السابع: غسل كل من الاعضاء الثلاثة ثلاثا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 300

الثامن: التسمية بان يقول (بسم اللّه) و الاولى ان يقول بسم اللّه الرحمن الرحيم.

التاسع: الدعاء بالمأثور فى حال الاشتغال و هو (اللهم طهر قلبى و تقبل سعيى و اجعل ما عندك خيرا لى اللهم اجعلني من التوابين و اجعلنى من المتطهرين) او يقول (اللهم طهر قلبى و اشرح صدرى و أجر على لسانى مدحتك و الثناء عليك اللهم اجعله لى طهورا و شفاء و نورا إنّك على كل شي ء قدير) و لو قرأ هذا الدعاء بعد الفراغ أيضا كان اولى.

العاشر: الموالاة و الابتداء بالاعلى فى كل من الاعضاء فى الترتيبى.

(1)

اقول ذكر المؤلف رحمه اللّه فى هذا الفصل مستحبات غسل الجنابة و هى امور نتعرض لها بعونه تعالى.

الأمر الاول: استحباب الاستبراء من المنى بالبول قبل الغسل
اشارة

و الكلام فيه فى جهات:

الجهة الاولى: فى وجوب الاستبراء او استحبابه

فى الجملة فنقول فى المسألة قولان قول بالوجوب و هو المحكى عن المبسوط و الاستبصار و المراسم و غيرها.

و قول بالاستحباب و هو المشهور بين المتاخرين.

ما يستدل به على القول الاول اصالة الاشتغال و الاحتياط لان الاشتغال بالغسل معلوم و يشك فى دخل الاستبراء بالبول فيه و عدمه فمقتضى الاشتغال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 301

اليقينى هو البراءة اليقينية و هى لا تحصل الا بالاستبراء من المنى بالبول و لزوم محافظة الغسل عن طريان المزيل عليه.

و بعض الاخبار منها ما رواها احمد بن محمد يعنى ابن ابى نصر قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام (عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين الى اصابعك و تبول ان قدرت على البول الخ) «1».

و منها مضمرة احمد بن هلال (قال سألته عن رجل اغتسل قبل ان يبول فكتب ان الغسل بعد البول الا ان يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل) «2».

و فيه اما اصالة الاشتغال فقد ذكرنا غير مرّة انه لو شك فى دخل شي ء شطرا او شرطا فى الغسل و وصلت النوبة بالاصل فالاصل العملى هو البراءة.

مضافا الى انه لو قلنا فيما شك فى دخل شي ء فى الغسل بكونه من الشك فى المحصل و يكون مجرى اصالة الاحتياط كما قال بعض يكون مورده ما شك فى وجوبه بالوجوب الغيرى و من باب احتمال دخله فى صحة الغسل و فى المورد ان قيل بوجوب الاستبراء لا يقال بوجوبه الغيرى بمعنى دخله فى صحة الغسل بل يقال بوجوبه النفسى فعلى هذا فيما شك فى وجوبه النفسى و عدمه فالاصل هو البراءة حتى عند من يقول بكون الشك

فى دخل الشي ء فى الغسل مجرى اصالة الاحتياط لكون الشك فى المحصل و يأتى إن شاء اللّه تعالى الكلام فى عدم شرطية الاستبراء بالبول لصحة الغسل فى المسألة الثانية.

و اما ما يقال من لزوم المحافظة لعدم طريان المزيل ففيه انه لا دليل على وجوبها بل على رجحان ذلك فى حد ذاته.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 12 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 302

و اما الكلام فى الروايتين:

اما رواية احمد بن ابى نصر البزنطى فمضافا الى دعوى عدم ظهور الامر فيها فى الوجوب بل كونه من المستحبات نظير غسل اليد المذكور فى الرواية لا بد من حمل الامر بالبول قبل الغسل بقرينة ما نتلو عليك من الروايات على الاستحباب.

و اما رواية احمد بن هلال العبرتائى ففيها او لا انه مطعون غير موثق.

و ثانيا أنها مضمرة لعدم ذكر من يروى عنه احمد.

و ثالثا لما قلنا فى رواية البزنطي لا بد من حمل الامر بالبول على الاستحباب بقرينة ما نذكر إن شاء اللّه من الروايات.

و ما يمكن ان يستدل به على استحباب الاستبراء بالبول قبل الغسل روايات الاولى و الثانية روايتا البزنطى و احمد بن هلال المتقدمتين بعد حمل الامر فيهما بقرينة بعض ما نذكر من الروايات على الاستحباب و عدم امكان حمل الامر على الوجوب الشرطى و كون حمل الامر على الوجوب التعبدى خلاف الظاهر.

الثالثة ما رواها فى الجعفريات باسناده عن على عليه السّلام (قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول مخافة ان يتردّد بقية المنى فيكون منه داء

لا دواء له) «1».

فان الظاهر منها و ان كان النهى عن الاغتسال قبل ان يبول لكن ما ذكر من ان الحكمة فى النهى مخافة تردد بقية المنهى شاهد على كون النهى للكراهة لا للتحريم فمع كراهة ترك البول فلا يستفاد من الامر به الا الاستحباب.

الرابعة ما رواها فى الجعفريات باسناده عن جعفر بن محمد عليهما السّلام (قال كثيرا ما

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 452، ح 14.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 303

كنت اسمع ابى يقول يعجبنى اذا اجنب الرجل ان يفصل بين غسله ببول فانه احرى ان لا يبقى منه شي ء) «1».

و هذه الرواية اوضح من الاولى فى كون البول قبل الغسل مستحبا (ان لم نقل بان المستفاد منها ليس الا الارشاد الى عدم بقاء شي ء من المنى و ليس فيها اعمال مولويّة اصلا كما احتمل بعض فى مطلق الاخبار الواردة فى المقام من ان مفادها الارشاد الى ان البول قبل الغسل يصير سببا لعدم بقاء شي ء من المنى فى المخرج حتى يوجب خروجه بعد الغسل انتقاض الغسل فليس فيها اعمال مولوية و ان كان هذا خلاف الظّاهر بنظرى القاصر لان الظاهر من الشارع فى اوامره اعمال المولوية و ان ذكر فى اوامره او نواهيه بعض حكمه او مفاسده.

فعلى هذا لا مانع من القول باستحباب الاستبراء بالبول) وجه اوضحية دلالتها على الاستحباب هو ان قوله عليه السّلام (يعجبنى) ظاهر فى الاستحباب.

اقول ان الاخبار فى المسألة لسانها مختلف منها ما فيه الامر بالاستبراء بالبول بعد المنى قبل الغسل مثل رواية البزنطي و احمد بن هلال.

و منها ما ذكر فيه فائدة الاستبراء بانه اذا استبرء بالبول بعد المنى لا يبقى شي ء

من المنى فى المخرج مثل روايتى الجعفريات.

و منها ما يدل على انه اذا استبرء الشخص بعد المنى قبل الغسل بالبول فلا يجب عليه اعادة الغسل اذا خرج بلل منه و لا ينتقض غسله و اما اذا لم يستبرأ يجب بخروج البلل المشتبه و هذه الروايات كثيرة راجع الباب 36 من ابواب غسل الجنابة من الوسائل نذكر بعضها تيمنا.

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 452، ح 15.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 304

منها ما رواها الحلبى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام (عن الرجل يغتسل يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل ان يغتسل قال ليتوضأ و ان لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل) «1».

اذا عرفت لسان الروايات المربوطة بالباب نقول اما الطائفة الثانية فغاية ما يستفاد منها استحباب الاستبراء بالبول و اما الطائفة الثالثة فلا يستفاد حتى استحباب الاستبراء بل تدل على وجوب الغسل فى صورة البلبل الخارج بعد الاغتسال مع عدم الاستبراء بالبول و عدم وجوبه فى صورة الاستبراء بالبول.

و اما الطائفة الاولى ففيها الامر بالبول و ليست الا رواية البزنطى لان رواية احمد بن هلال كما بينّا لم تكن حجة و على كل حال فى الامر فيها بالبول احتمالات احتمال كون الامر فيها للوجوب النفسى احتمال كون الامر فيها للوجوب الغيرى اعنى كون البول قبل الغسل شرطا لصحة الغسل احتمال كون الامر للاستحباب احتمال كون الامر ارشاديا فلا يكون مستحبا و فائدته عدم بقاء شي ء فى المخرج يوجب خروجه بعد الغسل لاعادة الغسل.

اما احتمال كون الامر لوجوب النفسى التعبدى بمعنى كون وجوبه لنفسه بدون النظر فى الامر به الى صحة الغسل أو إلى ما يترتب

عليه من الفائدة فمدفوع بما ترى من ظهور الطائفة الثانية و الثالثة فى كون الامر بلحاظ ما يترتب عليه من عدم بقاء البول فى المخرج يوجب خروجه بعد الغسل انتقاض الغسل مضافا الى ظهور الطائفة الثانية فى استحباب البول فيحمل الامر فى الطائفة الاولى بقرينتها على الاستحباب.

و اما احتمال كون البول واجبا بالوجوب الشرطى اعنى اشتراطه فى صحة

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 305

الغسل فمدفوع أولا بما فى الطائفة الثانية من الدلالة الظاهرة على استحباب البول قبل الغسل.

و ثانيا ظهور ما فى رواية محمد بن مسلم على عدم كون وجوبه شرطيا دخيلا فى صحة الغسل لان فيها قال عليه السّلام (من اغتسل و هو جنب قبل ان يبول فقد انتقص غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثمّ وجد بللا فليس ينتقض غسله و لكن الوضوء لان البول لم يدع شيئا) «1».

فان التعبير ينقض الغسل لو لم يبل و عدم نقض الغسل ان بال قبل الغسل شاهد صريح على عدم اشتراط البول فى صحة الغسل لان النقص يطلق على ذهاب الامر الموجود لا ما لا يوجد اصلا فليس البول واجبا بالوجوب الشرطى.

و لا ينافى ذلك ما فى رواية محمد بن مسلم.

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال يغتسل و يعيد الصلاة الا ان يكون بال قبل ان يغتسل فانه لا يعيد غسله) «2» لانه مع صراحة رواية الاولى فى ان الغسل ينتقض بخروج البلل المشتبهة لا يمكن القول بعدم صحة الغسل من رأس، و يحمل الرواية الثانية على صورة كان صلاته

بعد خروج البلل فأمر بالغسل و الصلاة فلا تدل هذه الرواية على شرطية الاستبراء فى صحة الغسل و بعد عدم وجه لاحتمال الوجوب النفسى و الغيرى و دوران الامر بين الاحتمال الثالث و هو الاستحباب و احتمال الرابع و هو كون الامر ارشاديا صرفا فالظاهر هو الاحتمال الثالث لظهور الامر فى المولوية.

فالاقوى هو استحباب الاستبراء بالبول قبل الغسل كما قاله المؤلف رحمه اللّه و عدم

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 306

كونه شرطا لصحة الغسل كما يأتى إن شاء اللّه فى المسألة الثانية من هذا الفصل.

الجهة الثانية: هل يكون استحباب الاستبراء بالبول

او وجوبه على القول به مخصوص بصورة كون الجنابة الحاصلة بانزال المنى او يعمّ لصورة كون الجنابة بالايلاج و الجماع بدون انزال المنى.

وجه الاختصاص دعوى كون مورد الادلة هو صورة الانزال فلا وجه للتعدى الى غيره و عدم الفائدة فى الاستبراء لان فائدة الاستبراء هو عدم بقاء المنى فى المخرج و على الفرض لم ينزل منه المنى حتى تحصل الفائدة بالاستبراء بالبول.

و فيه اما دعوى اختصاص النصوص بصورة حصول الجنابة بالانزال فغير صحيح لان روايتى البزنطى و احمد بن هلال يكون مورد السؤال فيهما غسل الجنابة ففى الاولى قال (سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين الى اصابعك و تبول ان قدرت على البول) «1» و فى الثانية (قال سألته عن رجل اغتسل قبل ان يبول «2» فكلتا بها مطلقتان من هذا الحيث.

و اما عدم الفائدة فيمكن ان يقال كما قيل بان فى صورة الجماع بلا انزال تجد

الفائدة اذ ربما انزل و لم يلتف به و قد بقى فى المجرى منه شي ء.

و العمدة فى الجواب هو ان الظاهر كون الفائدة و هو خروج بقية المنى بالبول يكون حكمة لا علّة فلا يوجب ذكر الحكمة رفع اليد عن اطلاق ما دل على الاستبراء بالبول وجوبا او استحبابا على الكلام فيه فعلى هذا ما يأتى بالنظر استحبابه فى كل من الصورتين و ان حكى ان المشهور اختصاص الحكم بصورة الانزال نعم يحصل الاحتياط بالبول رجاء و تحصل به الفائدة و هو عدم محكومية البلل الخارج بعد

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 12 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 307

البول و الغسل بكونه منيّا فلا يجب الغسل.

الجهة الثالثة: هل الحكم مختص بالرجل او يشمل المرأة

نسب الى المشهور اختصاص الحكم بالرجل فلا يعم المرأة و ان كانت مجتنبة بالانزال.

و قد يقال فى وجهه بعدم الفائدة المترتّبة على البول بالنسبة الى المنى لان مخرج البول فى المرأة غير مخرج المنى.

و ان كان الوجه هذا فيمكن جوابه بانه كما قلنا ما ذكر من الفائدة فى لسان الروايات للاستبراء بالبول و هو خروج بقية المنى تكون حكمة لا علّة.

او يقال بدلالة رواية سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن رجل اجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه شي ء قال يعيد الغسل قلت فالمرأة يخرج منها شي ء بعد الغسل قال لا تعيد قلت فما الفرق فيما بينهما قال لان ما يخرج من المرأة انما هو من ماء الرجل) «1» على اختصاص الحكم بالرجل.

و فيه ان هذه الرواية لا تدلّ الّا على عدم ترتب اثر عدم

البول قبل الغسل الثابت للرجل على المرأة و هو وجوب الغسل لو لم تبل كما يأتى فى المسألة من مسائل هذا الفصل إن شاء اللّه و هذا لا ينافى مع استحباب البول قبل الغسل للمرأة بدليل بعض المطلقات الآمرة بالبول مثل رواية البزنطى المتقدمة الشاملة للرجل و المرأة نعم مع حكاية الاختصاص عن المشهور بالرجل فالاحوط ان لا تبول المرأة بقصد الورد و الاستحباب بل يأتى به رجاء.

الامر الثاني: من الامور المستحبة فى غسل الجنابة
اشارة

غسل اليدين لا اشكال فى استحبابه فى الجملة يظهر عند الكلام فى بعض جهاته فنقول بعونه تعالى

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 308

الجهة الاولى يقع الكلام فى مقدار ما يغتسل منهما
اشارة

و انه هل هو الى المرفقين او الى نصف الزراع او الزراع او الى الزندين او الكفين و منشأ ذلك اختلاف الاخبار فى ذلك فنذكر الاخبار إن شاء اللّه ثم ما ينبغى ان يقال فى المقام و هى على طوائف:

الطائفة الاولى: ما يدل على الامر بغسل الكفين

منها ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليه السّلام (قال سالته عن الجنابة فقال تبدأ بكفيك فتغسلهما) «1».

منها ما رواها زرارة (قال سألت أبا عبد اللّه عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمنك على شمالك فتغسل فرجك الخ) «2» بناء على عدم كون النظر فى قوله رحمه اللّه بيمينك الى الغسل اليد الى المرافق فيكون الخبر من الاخبار الدالة على الغسل من المرفق و هى الطائفة الثانية.

و منها ما رواها ابو بصير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تصب على يديك الماء فتغسل كفيك الخ) «3».

و هذه الطائفة بظاهرها تدل على الامر بغسل الكفين قبل الغسل لكن يمكن ان يكون الامر بغسل الكفين من باب ابتلائهما غالبا بالنجاسة كما يشهد به ما رواها حريز عن زرارة (قال: قلت كيف تغتسل الجنب فقال ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فانقاه) «4».

فانّها تدل على عدم غسل الكف ان لم يكن اصابه شي ء من القذارة فلا يكون الامر بغسلهما استحبابيا و لعل لذلك لم يذكره المؤلف رحمه اللّه فى جمله ما ذكره فى غسل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 9 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة

من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 309

اليدين لانه رحمه اللّه قال الثانى غسل اليدين ثلاثا الى المرفقين او الى نصف الزارع أو إلى الزندين و لم يذكر الكفين و على كل حال بعد احتمال كون الامر بغسل الكفين لاجل ابتلائهما بالنجاسة فلا يمكن حمل الامر فى الاخبار المذكورة على الاستحباب.

الطائفة الثانية: ما يدل على الغسل اليدين من المرفقين

الى الأصابع منها ما رواها احمد بن محمد يعنى ابن ابى نصر قال (سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين (المرفق) الى اصابعك و تبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك فى الاناء ثم اغسل ما اصابك منه «1»).

اقول و يحتمل كون الامر بغسل اليد لاجل رفع النجاسة ان كانت نجسة و الشاهد عليه ان الامر بغسل خصوص اليد اليمنى مضافا الى ما قال عليه السّلام بعد ذلك (ثم تدخل يدك فى الاناء ثم اغسل ما اصابك منه) فالامر بغسل اليد لازالة النجاسة عنها حتى يتمكن من ادخالها فى الاناء لغسل ما اصابه منه.

نعم بناء على ما قد يقال من انه فى بعض النسخ نقل (يديك) فى موضع (يدك فتكون الرواية تغسل يديك) تكون الرواية دليلا على استحباب غسل اليدين من المرفقين لكن مع اختلاف النقل لا يمكن القول باستحباب الزائد على اليد اليمنى كما ان ما روى فى قرب الاسناد عن احمد بن محمد ابى نصر يكون المذكور فيها (فقال تغسل يدك اليمنى الخ «2» فلم نجد رواية تدل على الامر بغسل كل من اليدين من المرفقين نعم يمكن التمسك بما رواه زرارة «3»، و قد بيناها من الطائفة الاولى بناء لعلى كون قوله عليه السّلام و (مرافقك) بعد قوله (فتغسل

فرجك) الامر بغسل اليدين الى المرافق

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 16 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 310

الطائفة الثالثة: ما يدلّ على الغسل من نصف الذراع

منها ما رواها سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (اذا اصاب الرجل جنابة فاراد الغسل فليفرغ على كفيه و ليغسلهما دون المرفق الخ) «1» بناء على حمل قوله عليه السّلام و ليغسلهما دون المرفق على نصف الذراع.

و منها ما رواها على بن ابراهيم عن أبيه عن رجاله عن يونس عنهم عليهم السّلام (قال اذا اردت غسل الميت (الى ان قال) ثم اغسل يديه ثلاث مرّات كما يغسل الانسان من الجنابة الى نصف الذراع) «2» و هذه الرواية مع قطع النظر عن ارسالها تدل على استحباب غسل نصف الذراع.

الطائفة الرابعة: ما تدلّ على استحباب غسل اليد من الذراعين

و هى ما رواها فى الخصال باسناده عن على عليه السّلام (فى حديث الأربعمائة قال اذا اراد احدكم الغسل فليبدأ بذراعيه فليغسلها) «3».

الطائفة الخامسة: ما يستدل به على استحباب غسل اليدين من الزندين

فهو دعوى كون اليد فيما يستحب غسله قبل الوضوء هو الزندان فكذلك الغسل.

اقول لم أجد ما يدل على كون المراد من اليد المستحبة غسله قبل الوضوء عبارة عن الزند الى اطراف الاصابع.

فعلى هذا ما فى بعض الروايات من غسل اليد للنوم مرة و للغائط و البول مرّتان و للجنابة ثلاثا مثل ما رواها حريز عن ابى جعفر عليه السّلام (قال يغسل الرجل يده من النوم مرّة و من الغائط و البول مرّتين و من الجنابة ثلاثا) «4»، لا وجه لحمل اليد

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 44 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 44 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 2 من الباب 27 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 311

فيها على اليد من الزندين بل يمكن ان يقال بان المستفاد من هذه الرواية و امثالها استحباب غسل اليدين فى الجنابة بتمامهما لان الظاهر من اليد هو تمامه او يقال ان المراد منهما من المرفقين بمناسبة ان المطلوب فى الوضوء هو الغسل من المرفقين و هما المراد من اليد فى الغسل فتأمل او يقال بان كل المذكورات يد فيكتفى بكل منها غاية الامر يحمل الاختلاف على الاختلاف فى الفضل.

هذا حال الروايات.

و ما ينبغى ان يقال فى المقام انه فى كل من الموارد المذكورة من الكف او الزند او نصف الذراع او المرفق او اليد مما دل نص على استجابه لا مانع من

القول باستجابة و لا تعارض بينها فانه يحمل على اختلاف مراتب الفضل مثلا نصف الذرع فيه الفضل و تمام الذراع افضل و ما لم نجد نصا عليه مثل الزند مثلا لا بأس بغسله رجاء و باحتمال مطلوبيته.

ثم اعلم ان ما قلنا فى صدر المسألة من انه يستفاد استحباب غسل اليدين عند الكلام فى بعض جهاته فقد ظهر لك فى هذه الجهة حيث أن نفس الاختلافات فى موضع الغسل من اليدين شاهد على عدم كون الأمر بغسلهما للوجوب.

الجهة الثانية: يقع الكلام فى عدد الغسلات

و انه هل يتأدى الاستحباب بمرّة واحدة او يحصل بتثليث الغسلات كما اختار المؤلف رحمه اللّه او يقال بانه فيما يغسل الكفين بناء على استجاب غسلهما او يغسلهما من المرفقين او يغسلهما من الذراعين يتأدى الاستحباب بغسل مرة واحدة بمقتضى النص الدال عليه و اما فيما بغسل من نصف الذراع او من الزندين بناء على استحبابه من الزندين يتأدى الاستحباب بثلاث غسلات بمقتضى دليلهما من النص او يقال يحصل بمرّه من باب حمل الاختلاف على مراتب الفضل كما يحصل بثلاث من باب كونه افضل خصوصا بقرينة رواية حريز

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 312

المتقدّمة فى الطائفة الرابعة فكما يكون الاختلاف فى مقدار اليد المستحب غسلها محمول على مراتب الفضل كذلك الاختلاف فى العدد يحمل على ذلك.

الجهة الثالثة: هل استحباب غسل اليد مخصوص بصورة كون الغسل ترتيبيا

او يستحب حتى فى الغسل ارتماسا قد يقال الانحصار بالصورة الاولى لظهور الروايات بحب المورد فى هذه الصورة اقول و لا يبعد التعميم و الا فلا بد من الاختصار بصورة كون الماء المغتسل به قليلا واقعا مثلا فى الاناء فلو غسل بالاغتراف من الماء الكثير و غسل ترتيبا لا يشمله الحكم مثل نفس الغسل فان الاوامر الوردة فى الاغتراف من الاناء فهل يكون مجال فى انه ان كان بالاغتراف من الماء الكر او الجارى و صب على الرأس و الايمن و الايسر لا يكفى للغسل الترتيبى فكذلك فى غسل اليد المستحب قبله.

و على كل حال لو اراد حفظ الواقع فلو اراد الغسل ارتماسا يغسل يده رجاء و باحتمال مطلوبيته.

الأمر الثالث: من الامور المستحبة الاستنشاق و المضمضة.

اعلم ان لسان الاخبار المتعرضة لهما مختلف نذكر الاخبار ثم ما ينبغى ان يقال فى اصل استحبابها و فى كونهما من حيث العدد ثلاثة او يكفى مرّة و من حيث كون محلهما بعد غسل اليدين.

فنقول بعونه تعالى طائفة منها تشتمل على الامر بهما منها ما رواها زرارة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و استنشق الخ «1».

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 313

منها ما رواها ابو بصير (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تصب على يديك فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تمضمض و تستنشق) «1».

و طائفة منها تشتمل على النهى عن المضمضة و الاستنشاق فى غسل الجنابة منها ما رواها ابو يحيى الواسطى عن بعض اصحابه

قال (قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام الجنب يتمضمض و يستنشق قال لا انما يجنب الظاهر) «2».

منها ما رواها ابو يحيى الواسطى عمن حدّثه (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام الجنب يتمضمض فقال لا انما يجنب الظاهر و لا يجنب الباطن و الفم من الباطن) «3».

و قد يقال بالجمع بين الطائفتين بحمل الامر فى الطائفة الاولى على الاستحباب بقرينة النهى عنهما فى الطائفة الثانية بعد حمل النهى على مجرد عدم الوجوب فى الطائفة الثانية لكون ظاهر السؤال فيها عن الوجوب فالنهى لا يدلّ الا على نفى الوجوب.

و فيه ان كلا من الروايتين من الطائفة الثانية تكون مرسلة فتكونان ضعيفتين من حيث السند.

الطائفة الثالثة: ما يدل على مجرد استحبابهما و كونهما سنتين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منها ما فى رواية على بن جعفر فى كتابه عن اخيه موسى جعفر عليهما السّلام و فيها قال (ينبغى له ان يتمضمض و يستنشق) «4».

______________________________

(1) الرواية 9 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 11 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 314

منها ما رواها عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليهما السّلام (قال المضمضة و الاستنشاق مما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) «1».

و ان اشكل فى دلالة رواية عبد اللّه بن سنان من الطائفة الثالثة على الاستحباب بدعوى ان كونهما ما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يدلّ على

الاستحباب بل يساعد مع الوجوب أيضا فيكفى للدلالة على الاستحباب رواية على بن جعفر عليهما السّلام لان الظاهر من قوله عليه السّلام (ينبغى) هو استحبابهما فتصير الرواية شاهدة للجمع بين الطائفة الاولى و الثانية فتكون النتيجة استحباب المضمضة و الاستنشاق.

ثم بعد استحبابهما يقع الكلام مرة فى انه يستحب ثلاثا او يكتفى بالمرّة فنقول ان ظاهر بعض الاخبار الآمرة بهما فى الطائفة الاولى و ظاهر بعض ما يدل على استحبابهما و هو الطائفة الثالثة من الاخبار عدم التعرض للعدد و بعد عدم التعرض يحصل الاستحباب بمرّة واحدة بل لا دليل على استحباب ازيد من المرّة.

نعم بعد ما روى فى فقه الرضا عليه السّلام من انه يتمضمض و يستنشق ثلاثا لا مانع من اتيان ثلاث رجاء و اما بعنوان الاستحباب فلا لعدم الوثوق بكون الكتاب المذكور من حضرته عليه السّلام.

و اخرى فى محلهما و محلهما كما يظهر من الطائفة الاولى بعد غسل الكفين و غسل الفرج فان كان المستفاد من هذه الطائفة من ذكرهما بعد غسل الكفين تأخرهما عن غسلهما فكذلك كان المناسب ان يقول المؤلف رحمه اللّه من بعد غسل الفرج لان المذكور فى الروايتين المضمضة و الاستنشاق بعد غسل الفرج.

الأمر الرابع: من الامور المذكورة من مستحبات غسل الجنابة

ان يكون ماء

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 24 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 315

الغسل فى الترتيبى بمقدار صاع و هو ستّمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال و وجه استحباب كون مائه بقدر الصاع مقتضى الجمع بين ما رواها (زرارة قال ابو جعفر عليه السّلام فى حديث من انفرد بالغسل فلا بد له من صاع) «1» و يدلّ عليه غيره من الروايات راجع الباب 50

من ابواب الوضوء من الوسائل و 32 من ابواب الجنابة من الوسائل.

و بين ما دل من النصوص على الاكتفاء بمجرد حصول مسمى الغسل مثل ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام (قال ان الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله و كثيره فقد أجزأه) «2».

و مثل ما فى رواية زرارة (قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن غسل الجنابة قال افض على رأسك ثلاث اكف و عن يمينك و عن يسارك انما يكفيك مثل الدهن) «3»، و غير ذلك لانه بعد كفاية مسمى الغسل و ان كان مثل التدهين كما فى روايتى زرارة و غيرهما فلا بد من حمل اللابدية فى الرواية المتعرضة للصاع على الاستحباب.

الأمر الخامس: من الامور المذكورة من المستحبات امرار اليد على الاعضاء

لزيادة الاستظهار اعلم ان ما يمكن ان يتمسك مع قطع النظر عن دعوى الاجماع بعض الاخبار.

منها ما روى على بن جعفر عليهما السّلام عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام فى باب الغسل فى المطر و فيها (قال الا انه ينبغى ان يتمضمض و يستنشق و يمرّ على ما نالت

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 31 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 31 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 31 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 316

من جسده) «1» و لا يبعد دلالة الرواية على الحكم.

الأمر السادس: من الامور المذكورة من المستحبّات تخليل الحاجب

الغير المانع لزيادة الاستظهار تدل عليه الروايات.

منها ما روى محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام و فيها قال (فأما النساء الآن فقد ينبغى لهن ان يبالغن فى الماء «2»).

و منها ما روى جميل قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام (و فيها قال ثم (يبالغن فى الغسل) «3».

و الانصاف ان ما استدل به على الحكم المذكور فى غير محله و غير مربوطة بما نحن فيه نعم لا مانع من التخليل رجاء.

الأمر السابع: من الامور المذكورة من المستحبات غسل كل من الاعضاء الثلاثة ثلاثا

اعلم انه لم ار وجها لاستحباب ذلك لان الامر بالصب فى الرأس ثلاثا او ثلاث مرّات لا يدل على تثليث الغسل لان تثليث الغسل غير تثليث الصب لامكان كون الصب مع تعدده يكون غسلا واحدا ثم ان الظاهر كون مورد الاستحباب الغسل الترتيبى لعدم مجال لذلك فى الغسل الارتماسى.

الأمر الثامن: من الامور المذكورة من المستحبات التسمية

بان يقول بسم اللّه و لم أجد نصا يدل على ذلك الا ما فى فقه الرضا عليه السّلام (و تذكر اللّه فانه من ذكر اللّه على غسله و عند وضوئه فقد طهر جسده كله) «4». و ما فى لب اللباب عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

______________________________

(1) الرواية 11 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 38 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 38 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(4) الرواية 1 من الباب 26 من ابواب الجنابة من المستدرك الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 317

(اذا اغتسلتم فقولوا بسم اللّه اللهم استرنا بسترك) «1».

فان بسم اللّه ذكر اللّه فهو حسن على كل حال و من الحالات حال الغسل و الاولى ان يقول بسم اللّه الرحمن الرحيم فكذلك هو ذكر و يكون حسنا فى كل حال.

الأمر التاسع: من الامور المذكورة من المستحبات الدعاء المأثور

حال الاشتغال و هو اللهم طهّر قلبى و تقبّل سعى و اجعل ما عندك خيرا لى اللهم اجعلنى من التوابين و اجعلنى من المتطهرين يدل عليه ما رواها عمار الساباطى (قال ابو عبد اللّه عليه السّلام اذا اغتسلت من جنابة فقل اللهم الخ) «2» و هل تدل الرواية على استحباب الدعاء حال الاشتغال بالغسل او بعد الفراغ عنه الظاهر الثانى.

او يقول (اللهم طهّر قلبى و اشرح صدرى و اجر على لسانى مدحتك و الثناء عليك اللهم اجعله لى طهورا و شفاء و نورا انك على كل شي ء قدير) «3» منقول فى المستدرك من نفلية الشهيد لكن بزيادة (لى) بين (اشرح) و (صدرى).

الأمر العاشر: من الامور المذكورة من المستحبات الموالاة

و الابتداء بالاعلى فى كل من الاعضاء فى الترتيبى ما ذكر وجه لاستحباب الموالاة الا ما يدل على المسارعة على الخير و الاستباق نحوه و الكون على الطهارة و هذا يقتضي استحباب الموالات حتى يحصل الخير سريعا و يكون الكون على الطهارة الاكثر.

و يدل على استحباب الابتداء بالاعلى فى كل من الاعضاء فى الترتيبى ما فيها امر من الصب على الرأس و المنكبين من النصوص.

***

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 26 من ابواب الجنابة من المستدرك الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 37 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من المستدرك الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 318

[مسئلة 1: يكره الاستعانة بالغير فى المقدمات القريبة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: يكره الاستعانة بالغير فى المقدمات القريبة على ما مر فى الوضوء

(1)

اقول و مرّ الكلام فيه و فى وجهه فى الوضوء فلا نطيل.

***

[مسئلة 2: الاستبراء بالبول قبل الغسل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطا فى صحته و انما فائدته عدم وجوب الغسل اذا خرج منه رطوبة مشتبهة بالمنى فلو لم يستبرأ و اغتسل و صلى ثم خرج منه المنى او الرطوبة المشتبه لا تبطل صلاته و يجب عليه الغسل لما سيأتي.

(2)

اقول تقدم فى فصل مستحبات غسل الجنابة عدم كون الاستبراء بالبول من شرائط صحة الغسل و انما فائدته انه لو استبرء بالبول قبل الغسل فالرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل لا يوجب الغسل و لو لم يستبرأ يجب الغسل بسبها و حيث ان الاستبراء بالبول ليس شرطا فى صحة الغسل فلو لم يستبرأ و اغتسل و صلى ثمّ خرج منه المنى او الرطوبة المشتبهة لا تبطل صلاته و يجب عليه الغسل فقط كما يدل عليه الروايات ذكرنا بعضها حين البحث عن استحباب الاستبراء بالبول.

و اما رواية حريز عن محمد يعنى ابن مسلم (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال يغتسل و يعيد الصلاة الا ان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 319

يكون بال قبل ان يغتسل فانه لا يعيد غسله) «1».

فكلما بيّنا عند التّكلم عن استحباب الاستبراء يحتمل كون الامر باعادة الصلاة من باب وقوعها بعد خروج البلل المشتبهة لا قبله حتّى يقال بدلالتها على شرطية الاستبراء لصحة الغسل و خصوصا لما ذكرنا من رواية «2» اخرى عن محمد بن مسلم الدالة على عدم الاشتراط لان المصرح فيها انتقاض الغسل بخروج

البلل المشتبهة لو لم يستبرأ قبل الغسل و عدم انتقاص الغسل بخروج البلل المشتبهة مع الاستبراء و التعبير بالانتقاض شاهد على ان البلل المشتبهة مع عدم الاستبراء بالبول قبل الغسل ينتقض الغسل فالغسل وقع صحيحا و البلل المشتبهة ناقضة مع عدم الاستبراء فلا يكون شرطا لصحة الغسل.

***

[مسئلة 3: اذا اغتسل بعد الجنابة بالانزال ثم خرج منه رطوبة مشتبهة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: اذا اغتسل بعد الجنابة بالانزال ثم خرج منه رطوبة مشتبهة بين البول و المنى فمع عدم الاستبراء قبل الغسل بالبول يحكم عليها بأنّها منى فيجب الغسل و مع الاستبراء بالبول و عدم الاستبراء بالخرطات بعده يحكم بانه بول فيوجب الوضوء و مع عدم الامرين يجب الاحتياط بالجمع بين الغسل و الوضوء. ان لم يحتمل غيرهما و ان احتمل كونها مذيا مثلا بان يدور الامر بين البول و المنى و المذى فلا يجب عليه شي ء و كذا حال الرطوبة الخارجة بدوا من غير سبق جنابة فانها

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 320

مع دورانها بين المنى و البول يجب الاحتياط بالوضوء الغسل و مع دورانها بين الثلاثة او بين كونها منيا او مذيا او بولا او مذيا لا شي ء عليه.

(1)

اقول بعد ما لا اشكال فى انه من اغتسل بعد الجنابة بالانزال ثم خرج منه رطوبة يعلم أنها منى يجب عليه الغسل سواء استبرأ قبل الغسل بالبول أو لا و سواء يعلم بانه من بقايا المنى السابق على الغسل او يعلم بكونه حادثا او يكون شاكا فى كونه من بقايا السابق او هو الحادث و سواء استبرء عن البول بالخرطات أو لا لانه مع

العلم بخروج المنى يجب الغسل فالكلام يقع فى مسائل:

المسألة الاولى: اذا اغتسل بعد الجنابة بالانزال ثم خرج منه رطوبة مشتبهة
اشارة

بين البول و المنى فمع عدم الاستبراء قبل الغسل بالبول يحكم عليها بانها منى فيجب الغسل و مع الاستبراء بالبول و عدم الاستبراء بالخرطات بعده يحكم بانه بول فيوجب الوضوء لدلالة بعض الاخبار على ذلك نذكره لك إن شاء اللّه و ان ذكرناه فى بعض المباحث السابقة.

[بعض الاخبار]

الاولى: ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سئل عن الرجل ثم يغتسل يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل ان يغتسل قال ان كان بال قبل ان يغتسل فلا يعيد الغسل) «1».

الثانية: ما رواها محمد يعنى ابن مسلم (قال أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال يغتسل و يعبد الصلاة الا ان يكون بال قبل أن

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 321

يغتسل فانه لا يعيد غسله) «1».

و قد بيّنا حمل اعادة الصلاة على صورة صلى بعد رؤية الشي ء بقرينة رواية اخرى منه دالة على عدم شرطية الاستبراء بالبول فى صحة الغسل و هى هذه الرواية الثالثة.

الثالثة: قال محمد و (قال ابو جعفر عليه السّلام من اغتسل و هو جنب قبل ان يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثمّ وجد بللا فليس ينتقض غسله و لكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا) «2» و غير ذلك من الروايات راجع الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

اقول اما فى هذه الرواية و روايات اخر المذكورة فى هذا الباب المذكور فيها فى صورة البول قبل الغسل عدم وجوب الغسل و لكن عليه الوضوء فيحمل الامر

بالوضوء على صورة عدم الاستبراء بعد البول بالخرطات كما هو مقتضى الجمع بين الرويات و قد مضى الكلام فيه فى الاستبراء عن البول بالخرطات.

و قد تحصل لنا ان مقتضى الروايات الثلاثة و نظائرها وجوب الغسل بخروج البلل المشتبه بعد الغسل فيما لم يبل و عدم وجوب الغسل فيما بال قبل الغسل.

و فى قبال هذه الروايات بعض الروايات الظاهرة فى عدم وجوب الغسل بخروج البلل المشتبه فيما لم يبل قبل الغسل اما فى خصوص صورة نسيان البول و اما مطلقا حتى فى حال ترك البول عمدا نذكر لك بعض هذه الروايات لعدم حاجة بذكر كلها.

فنقول بعونه تعالى منها ما رواها عبد اللّه بن هلال (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 322

عن الرجل يجامع اهله ثم يغتسل قبل ان يبول ثم يخرج منه شي ء بعد الغسل قال لا شي ء عليه ان ذلك وضعه اللّه عنه) «1».

منها ما رواها زيد الشّحام عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سالته عن رجل اجنب ثم اغتسل قبل ان يبول ثم راى شيئا قال لا يعيد الغسل ليس ذلك الّذي رأى شيئا) «2».

منها ما رواها جميل بن دراج (قال سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يصبه الجنابة فينسى ان يبول حتى يغتسل ثم يرى بعد الغسل شيئا أ يغتسل أيضا قال لا قد تعصرت و نزل من الحبائل) «3» و غير ذلك من بعض المراسيل لا حاجة الى ذكرها.

فيقع التعارض بين الطائفة الاولى و هذه الطائفة لان مقتضى الطائفة الاولى وجوب

الغسل بخروج البلل المشتبهة فيما لم يستبرأ قبل الغسل بالبول و مقتضى الطائفة الثانية عدم وجوب الغسل عليه فى هذه الصورة.

و قد يقال فى مقام دفع التعارض بعض الوجوه:
الوجه الاول: حمل الامر بالغسل فى الطائفة الاولى

بقرينة الطائفة الثانية على الاستحباب فتكون النتيجة استحباب الغسل.

و فيه ان كانت الطائفة الاولى مشتملة على الامر بالغسل يمكن الجمع بحمل ظاهر الامر فيها فى الوجوب بقرينة نصوصيته الطائفة الثانية فى عدم وجوب الغسل على الاستحباب.

و لكن لا يمكن القول بذلك فى رواية محمد بن مسلم من الطائفة الاولى المعبّر

______________________________

(1) الرواية 13 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 14 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(3) الرواية 11 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 323

فيها بنقض الغسل فيما خرج البلل المشتبه و لم يبل قبل الغسل لانه قال عليه السّلام فيها فقد انتقض غسله و ليس انتقاض الغسل قابلا للحمل على نقضه استحبابا فلا يمكن الجمع بهذا النحو و هذا الاشكال بهذا الجمع خطر ببالى (و لم ار من خطر بباله و الحمد للّه).

الوجه الثاني: فى الجمع بينهما

بحمل ما دل على وجوب الغسل لو لم يستبرأ بالبول و خرج بعد الغسل بلل و هو الطائفة الاولى على صورة ترك الاستبراء بالبول عمدا و ما دل على عدم وجوب الغسل على صورة نسيان البول قبل الغسل بقرينة الرواية الثالثة من الطائفة الثانية و هى رواية جميل الفارقة بين نسيان البول و عدمه.

و فيه ان رواية جميل يكون موردها صورة نسيان البول قبل الغسل لكن حيث لا مفهوم لها فلا دلالة لها على وجوب الغسل فى صورة ترك البول الغير المستند الى النسيان حتى تعارض الرواية الاولى و الثانية من الطائفة الثانية التى يشمل اطلاقها صورة العمد و النسيان فى عدم وجوب الغسل و ان ترك البول قبل الغسل فتعارض مع الطائفة الاولى مثل الاولى

و الثانية من الطائفة الثانية و ليست قابلة لان تصير شاهد الجمع بين الطائفتين.

الوجه الثالث: ما قاله العلامة الهمداني

فى الكتاب الطهارة من مصباح الفقيه «1» و حاصله حمل الطائفة الثانية من الاخبار الدالة على عدم وجوب الغسل بخروج البلل مع فرض عدم الاستبراء بالبول قبل الغسل على صورة لا يخرج البلل من بين الصلب و الترائب حتى يكون منيا فتكون هذا الطائفة في مقام بيان الحكم الواقعى و هو عدم كون الخارج منيّا لا فى مقام بيان حكم الشبهة المصداقية و هو بيان حكم البلل المردد بين كونه من بقية المنى السابق او غيره بل تكون فى مقام

______________________________

(1) مصباح الفقيه، ج 3، ص 419- 418.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 324

بيان ان الخارج ليس منيا واقعا بل هو نزل من الحبائل فمورد هذه الطائفة بيان حكم الشبهة فى المفهوم و ان المشتبه ليس منيا واقعا.

و مورد الطائفة الاولى حكم الشبهة المصداقية و انه مع عدم البول يكون المشتبه مصداق المنى الباقى فى الطريق و مع البول لم يكن الخارج مصداق المنى لان البول لم يدع شئنا فلا تعارض بين الطائفتين.

و فيه ان مجرد احتمال كون النظر فى الطائفة الاول الى الشبهة المصداقية و فى الثانية الى الشبهة المفهومية لا يوجب حمل الاولى على الاولى و الثانية على الثانية بل محتاج الى شاهد الحمل فكما ان الطائفة الاولى قابلة للحمل على الشبهة المصداقية اعنى كون السؤال عن حكم البلل المشتبه من حيث كونه مصداق المنى و بقائه فى المجرى كذلك الطائفة الثانية و الشاهد هو ان السؤال فى كل من الطائفتين عن صورة البول او عدم البول قبل الغسل فيكون فى نظر السائل الشك فى المصداق

و انه حيث بال مثلا لم يبق شي ء من المنى او بقى منه او حيث لم يبل هل يكون الخارج من المنى السابق او لا و مجرد قوله عليه السّلام فى رواية جميل من الطائفة (قد تعصّرت و نزل من الحبائل) لا يوجب حمل الرواية و اختيها على صورة عدم كون البلل منيا واقعا مع اطلاق اختيها الشاملتين لصورة الشبهة المصداقية و كونها فى مقام حكم الواقعى.

بل هذا الكلام نظير قوله (فليس شكك بشك) مع فرض وجود الشك و معناه ان تحكم بكون البلل المشتبه من الحبائل فهذا الجمع ليس بتمام.

و بعد عدم امكان الجمع العرفى بين الطائفتين و وقوع التعارض بينهما فيحث انه لو كان لاحد المتعارضين مرجح على الآخر من احد المرجحات لا بد من الاخذ بما فيه المرجح.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 325

نقول فيما نحن فيه بانه لا بد من الاخذ بالطائفة الاولى من الاخبار المفصلة فى وجوب الغسل و عدمه بين عدم البول قبل الغسل و بين البول قبله لان اوّل المرجحات الشهرة و الشهرة المرجحة سواء كانت الشهرة الفتوائية او الروائية مع هذه الطائفة فعلى هذا لا بد من الاخذ بها و القول بوجوب الغسل بخروج البلل المشتبه بعد الغسل لو لم يبل قبل الغسل و عدم وجوبه لو بال قبل الغسل.

المسألة الثانية: لو استبرء بعد انزال المنى قبل الغسل بالبول و كذا بالخرطات ثم خروج عنه بعد الغسل بلل و يحتمل كونه منيا كما يحتمل كونه بولا و كما يحتمل كونه غيرهما مثلا مذيا فلا يحكم بكون البلل الخارج عنه منيّا و لا بولا.

و لهذا لا يجب عليه الغسل و الوضوء لما دل على انه

بعد الاستبراء بالخرطات بعد البول لا يحكم على البلل المشتبه بكون بولا كما عرفت من انه بعد الاستبراء بالبول بعد الجنابة قبل الغسل لا يحكم بكون المشتبه منيا و على الفرض يحتمل غير هما فلا يجب الغسل و الوضوء.

المسألة الثالثة: لو استبرء بعد الجنابة

بكل واحد من البول و الخرطات فاغتسل ثم خرج بلل يحتمل كونه منيا و يحتمل كونه بولا و لا يحتمل غيرهما يحب عليه الجمع بين الغسل و الوضوء للعلم الاجمالى بكون البلل المشتبه اما بولا او منيا فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء و ما دل من النصوص على ان المشتبه بالبول بول و المشتبه بالمنى منى لا يشمل الورد لان مورد الاولى كل مورد لم يستبرأ بالخرطات و مورد الثانى كل مورد لم يستبرأ بالبول و فى الفرض استبرء بكل منهما.

المسألة الرابعة: الرطوبة الخارجة من الشخص بدوا

من غير سبق الجنابة أيضا لا يخلو من ان يدور احتماله بين ان يكون منيّا او بولا.

و لا غير فيجب عليه الجمع بين الغسل و الوضوء اذا كانت حالته السّابقة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 326

الطهارة و اما ان كانت الحالة السابقة الحدث الاصغر فيكتفى بالوضوء فقط لان وجوبه معلوم تفصيلا فيكون الشك بالنسبة الى الغسل بدويا.

و بين ان يدور احتمال البلل المشكوك الخارج عنه بين المنى و البول و غيرهما كالوذى مثلا او بين المنى و الوذى او بين البول و الوذى ففى كلها لا يجب الغسل مع كون الحالة السابقة الطهارة او الحدث الاصغر لعدم تنجز العلم الاجمالى مع كون بعض الاطراف بلا اثر لعدم اثر لو كان المعلوم ما لا اثر له فاحتمال كونه مذيا يكفى لعدم وجوب الغسل و كذلك لا يجب الوضوء فيما لم تكن الحالة السابقة الحدث الاصغر بل كانت الحالة السابقة الطهارة بعين ما قلنا فى الغسل لعدم تنجز العلم الاجمالى فيما لم يكن جميع الاطراف فيه الاثر بحيث لو كان هو المعلوم يترتب عليه الأثر الشرعى و مع كون بعض الاطراف

هو الوذى لاحتمال كون الخارج الوذى و هو من بعض اطراف العلم الاجمالى و مع فرض كون المعلوم واقعا هو الوذى فلا اثر له فلا يتنجز العلم الاجمالى هذا فيما كانت الحالة السابقة الطهارة و اما لو كانت الحالة السابقة الحدث الاصغر يجب الوضوء لاستصحاب الحدث هذا تمام الكلام فى هذه المسألة.

***

[مسئلة 4: اذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: اذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك فى انه استبرأ بالبول أم لا بنى على عدمه فيجب عليه الغسل و الاحوط ضم الوضوء أيضا.

(1)

اقول وجه وجوب الغسل هو انه بعد ما عرفت من النص على وجوب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 327

الغسل بعد خروج البلل المشتبه بين كونه بولا او منيّا لو لم يستبرأ قبل الغسل بالبول فوجوب الغسل اثر عدم البول قبل الغسل و يترتب عليه فمع الشك فى استبرائه بالبول و عدمه قبل الغسل يجرى استصحاب عدم الاستبراء فيترب عليه اثره و هو وجوب الغسل.

و اما وجه احتياطه بضم الوضوء أيضا فلم اروجها وجيها الا حسن الاحتياط لان ما ذكره بعض الشراح فى وجه الاحتياط من ان الدليل المتكفّل لوجوب الغسل فى صورة خروج البلل المشتبه مع عدم الاستبراء قبل الغسل و عدم وجوبه فى صورة الاستبراء ليس متكفلا لصورة الشك فى الاستبراء و مع عدم الشمول لا بد من الجرى على طبق القاعدة و هو وجوب الغسل و الوضوء في صورة العلم الاجمالى بكون البلل المشتبه اما منيّا او بولا ليس بوجيه.

اذ مع استصحاب عدم الاستبراء يحرز موضوع الدليل و هو عدم الاستبراء فيترتب الحكم و هو وجوب الغسل.

و اعلم ان ما قلنا من وجوب الغسل فقط يكون فيما ترددت

الرطوبة المشتبهة بين البول و المنى كامر فى المسألة الثالثة فليس اطلاق كلامه فى محله.

***

[مسئلة 5: لا فرق فى جريان حكم الرطوبة المشتبهة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: لا فرق فى جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين ان يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار او لأجل عدم امكان الاختبار من جهة العمى او الظلمة او نحو ذلك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 328

(1)

اقول وجه عدم الفرق اطلاق الادلة الواردة فى الرطوبة المشتبهة و قد تلونا بعضها عليك.

***

[مسئلة 6: الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها و ان كانت قبل استبرائها فيحكم عليها بعدم الناقضية و عدم النجاسة الا اذا علم أنها اما بول او منى.

(2)

اقول النظر فى المسألة الى ان المرأة لا تشارك الرجل فيما مرّ من انه لو اجنب فاغتسل فخرج بعده منه رطوبة مشتبهة بين البول و المنى فان كان استبرء قبل الغسل لا يحكم بكونه منيّا و ان لم يستبرأ بالبول قبل غسله يحكم بكونه منيا.

بل المرأة سواء استبرأت بعد جنابتها بالبول قبل الغسل او لم تستبرئ اذا خرجت منها رطوبة فان كانت مشتبهة بين البول و المنى يجب عليها الجمع بين الغسل و الوضوء ان كانت حالتها السابقة الطهارة و ان كانت حالتها السابقة الحدث الاصغر يكفى الوضوء فقط لعلمها تفصيلا بوجوب الوضوء فيكون الشك بالنسبة الى الغسل بدويا.

و الحاصل ان الحكم المذكور الثابت للرجل و هو وجوب الغسل بخروج البلل المشتبه بعد الغسل المردد بين البول و المنى لو لم يستبرأ بعد الجنابة قبل الغسل لا يكون هذا الحكم للمراة بل حكمها ما تقتضيه القاعدة.

و لا وجه لكون الحكم المذكور ثابتا للمراة أيضا بلا دعوى اشتراكها مع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 329

الرجل فى التكليف.

و كون مورد السؤال و الجواب الرجل لا يوجب اختصاص

الحكم به لانه ورد فى المورد ما يدلّ من عدم كون المرأة مثل الرجل فى هذا الحكم و هو ما رواها سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن رجل اجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه شي ء قال يعيد الغسل قلت فالمرأة يخرج منها شي ء بعد الغسل قال لا تعيد قلت فما الفرق فيما بينهما قال لان ما يخرج من المرأة انّما هو من ماء الرجل) «1».

***

[مسئلة 7: لا فرق فى ناقضية الرطوبة المشتبهة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: لا فرق فى ناقضية الرطوبة المشتبهة الخارجة قبل البول بين ان يكون مستبرئا بالخرطات أم لا و ربما يقال اذا لم يمكنه البول تقوم الخرطات مقامه و هو ضعيف.

(1)

اقول وجه عدم الفرق اطلاق الادلّة و شمول اطلاقها لصورة الاستبراء بالخرطات و عدمه فمع عدم الاستبراء بالبول يجب الغسل بخروج الرطوبة المشتبهة بين البول و المنى فى كلتا الصورتين.

و ما حكى عن التهذيب من ان قوله عليه السّلام فى رواية البزنطى المتقدمة ذكرها فى الامر الاول من المستحبات (و تبول ان قدرت على البول) «2» يدل على نفى الغسل مع عدم البول لاجل عدم الفدرة عليه.

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 36 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 330

ففيه ان الرواية تدل على ان الامر بالبول مقيد بالقدرة عليه لا ان فائدة البول المستفادة من روايات اخر و هى عدم وجوب الغسل مع البول مقيدة بصورة القدرة على البول.

نعم ربما يقال بان قوله عليه السّلام فى رواية محمد بن مسلم (بعد قوله بان خروج البلل المشتبه ينتقض الغسل لو لم يبل و لا ينتقض

الغسل مع الاستبراء بالبول (لان البول لم يدع شيئا) «1» يدل على ان العلة فى كون الاستبراء بالبول موجبا لعدم وجوب الغسل بخروج البلل المشتبه هو أنّ البول لم يدع شيئا فكلما يوجب لان لم يدع شيئا كاف لعدم وجوب الغسل سواء كان هو البول او كان الاستبراء بالخرطات او كان خروج المذى الكثير لان كلا منها لم يدع شيئا فى المحل فتأمل.

***

[مسئلة 8: اذا احدث بالأصغر فى أثناء غسل الجنابة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: اذا احدث بالأصغر فى أثناء غسل الجنابة الاقوى عدم بطلانه نعم يجب عليه الوضوء بعده لكن الاحوط اعادة الغسل بعد اتمامه و الوضوء بعده او الاستئناف و الوضوء بعده و كذا اذا احدث فى سائر الأغسال و لا فرق بين ان يكون الغسل ترتيبيا او ارتماسيا اذا كان على وجه التدريج و اما اذا كان على وجه الآنيّة فلا يتصور فيه حدوث الحدث فى اثنائه.

(1)

اقول

فى المسألة اقوال ثلاثة:

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 331

القول الاول: عدم بطلان الغسل نعم يجب عليه الوضوء بعده و هو محكى عن المرتضى و المحقق و غيرهما و اختاره المؤلف رحمه اللّه.

القول الثاني: وجوب اعادة الغسل من راس كما حكى عن الهداية و الفقيه و المبسوط و عن جملة من المتاخرين.

القول الثالث: وجوب اتمام الغسل من غير حاجة الى الوضوء كما عن بعض.

يستدل للقول الاول اما بالنسبة الى عدم بطلان الغسل بوجوه:
الوجه الاول: عدم الدليل على بطلان الغسل

اقول ان كان الوجه مجرد ذلك فلا يتم الاستدلال لانه مبنى على كون عدم الدليل دليل العدم و هذا غير تمام.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 331

و لكن الظاهر كما فى كلمات بعضهم هو انه بعد ما يكون منشأ الشك فى بطلان الغسل المشتغل به هو مانعية الحدث الاصغر او قاطعيته للغسل و حيث انه مع الشك فى مانعية شي ء لشي ء او قاطعيته يكون المورد اصالة البراءة.

ففيما نحن فيه بعد عدم الدليل اللفظى على بطلان الغسل بحدوث الحدث الاصغر و الشك فى بطلانه به يكون مجرى البراءة فلا اشكال فى صحة الغسل.

فالوجه الاول كون المورد من صغريات الشك فى المانعية و القاطعية و يكون مجرى اصالة البراءة.

الوجه الثاني: اطلاق الادلة البيانية

فيشمل ما طرأ الحدث فى اثناء الغسل فانّها مع كونها في مقام بيان ما يعتبر فى الغسل لم يبين فيها فساد الغسل بطر و الحدث فمع كونه فى مقام ذلك لم يذكر فساده بطر و الحدث فبالاطلاق المقامى نكشف عدم دخله.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 332

و فيه أولا لم نجد بين اخبار الباب رواية او روايات تكون في مقام بيان تمام الاجزاء و الشرائط و الموانع للغسل حتى يقال نكشف من عدم ذكر مانعية الحدث له عدم مانعيته بالإطلاق المقامى.

و لهذا كما رايت فى كثير من الموارد الّذي شككنا فى جزئية شي ء للغسل او شرطيته كنا نحتاج الى ما يقتضيه الاصل العملى من الاشتغال او البراءة كلّ على مبناه.

و ثانيا لو فرض وجود الأخبار البيانيّة تبيّن كل ما يعتبر فى الغسل جزء

او شرطا بل كلما كان مانعا له فمع ذلك لا يمكن بذلك نفى مبطلية الحدث الحادث فى اثناء الغسل لان الحدث الأصغر لا يكون من موانع الغسل بحيث يكون عدمه دخيلا فى صحته.

و انّما الكلام فى انه هل يكون ناقضا للغسل فى الاثناء كالحدث الاكبر الواقع فى الاثناء او بعد الفراغ أم لا (هكذا قال فى المستمسك «1»).

ثم ان بعض الاعاظم رحمه اللّه قال فى المستمسك «2» بان المدعى ان كان يدّعى ان الحدث الاصغر يكون من الموانع للغسل فينفى دعواه بالاخبار البيانية.

و ان ادعى كونه ناقضا لاثر الاجزاء المأتى بها فيجاب عنه باستصحاب عدم الانتقاض لانه نشك فى نقض اثر الاجزاء السابقة بطرو الحدث الاصغر او لا فيستصحب عدم الانتقاض.

اقول اما ما قال فى جواب دعوى كونه من الموانع فقد ذكرنا فى قولنا الوجه

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 125.

(2) المستمسك، ج 3، ص 125.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 333

الثانى و أجبنا عنه بانه لم ار خبرا او أخبارا بيانية متكفلة لبيان تمام ما يعتبر فى الغسل وجودا او عدما حتى يقال بانه من عدم ذكر الحدث الأصغر من الموانع عدم كونه مانعا بالإطلاق المقامى.

و اما ما قال رحمه اللّه فى جواب دعوى كونه ناقضا فنقول بعونه تعالى ان كان نظره الشريف من استصحاب عدم انتقاض الأثر من الاجزاء السابقة من الغسل قبل طرو الحدث فى اثنائه استصحاب القابلية التى كانت فى الاجزاء السابقة و اهليتها بمعنى الصحة التأهلية، و هو ما قال به العلامة الهمدانى «1» رحمه اللّه فى المقام، و قال بحكومة هذا الاستصحاب على استصحاب اثر الجنابة و اصالة الاشتغال، و المراد القابلية لان يلحق بها الاجزاء

اللاحقة باقية بعد طرو الحدث بمقتضى الاستصحاب.

فنقول ان النظر ان كان الى استصحاب القابلية التى كانت للأجزاء السابقة فهذا و ان كان يثبت بالاستصحاب بل لا حاجة الى الاستصحاب لان هذه القابلية متيقنة لكن استصحاب القابلية لا يكون كافيا للصحة الفعلية فالصحة الفعلية لا تكون متيقنة لانها توقفت على تماميته العمل و تحقق الاجزاء فهى مشكوكة و لا تثبت باستصحاب عدم انتقاض الاثر من الاجزاء السابقة او باستصحاب الصحة التأهلية الصحة الفعلية لان الصحة الفعلية تتوقف على اثبات عدم مانعية الحدث و استصحاب بقاء الصحة التأهلية او عدم انتقاض الاثر لا يثبت عدم مانعية الحدث الاعلى القول بالاصل المثبت فلا أثر لاستصحاب الصحة التأهلية التى قال به العلامة الهمداني رحمه اللّه او استصحاب عدم انتقاض الّذي قال فى المستمسك.

نعم لو استفدنا من الادلة اعتبار هيئة اتصاليّة فى المركب كما استفدنا فى الصلاة من التعبير عن بعض الامور بالقاطع يمكن ان يقال ان طرو القاطع يقطع

______________________________

(1) مصباح الفقيه، ج 3، ص 418.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 334

حتى هذه القابلية عن الاجزاء لكن لم تثبت ذلك فى الغسل.

و ان فرض اعتبار الهيئة الاتصالية فى المركب فمع الشك فى حدوث القاطع او الشك في قاطعية الموجود يصح استصحاب الهيئة الاتصالية و لكن قد ذكرنا انه لا دليل فى الغسل يدل على اعتبارها حتى انه مع الشك فى بقائها يستصحب الهيئة الاتصالية.

ثم انه على فرض جريان استصحاب عدم انتقاض الاثر من الاجزاء السابقة او استصحاب الصحة التأهلية فحيث أنّ الشك فى بقاء الاثر للاجزاء السابقة او الصحة التأهلية لها مسبب عن الشك فى كون الحدث الأصغر مبطلا للغسل أو لا و بعبارة اخرى يكون

عدمه معتبرا فى الغسل أو لا و تكون المسألة من صغريات الشك فى المانعية و القاطعية و قد أمضينا فى الاصول كونه مجرى البراءة فباجراء الاصل فى السبب يزيل الشك عن المسبب و ان كان الاصلان موافقين فتكون النتيجة كون المورد مورد اصالة البراءة لا الاستصحاب.

كما انه نقول إن شاء اللّه في جواب من يتمسك باستصحاب اثر الجنابة او بقاء الحدث مع الشك فى مبطلية الحدث الاصغر فى اثناء الغسل أنّ هذا الاستصحاب حيث يكون مسببا عن مبطلية الحدث و عدمها فالاصل يجرى فى السبب و هو البراءة و معه يزيل الشك فى المسبّب.

فتلخص ان الوجه فى عدم بطلان الغسل هو اصالة البراءة و نفى مانعية الحدث الاصغر فى اثناء الغسل للغسل هذا بالنسبة الى احد جزئى القول الاول و هو عدم بطلان الغسل.

و اما بالنسبة الى جزئه الثانى و هو وجوب الوضوء بعد الغسل فلعموم ما دل على وجوب الوضوء باسباب خاصة من البول و اخواته او اطلاقها فانه لا فرق بين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 335

كون حدوث واحد من الاسباب المذكورة فى حال الغسل و الاشتغال به او فى غير الغسل فلهذا يقال بعدم بطلان الغسل و وجوب الوضوء و لم يخصّص او يقيّد عمومها او اطلاقها الا باحداث احد النواقض قبل الغسل من الجنابة فان غسل الجنابة مجز عنه و فى غيره يجب الاخذ به.

ان قلت انه قد مرّ فى بحث تداخل الوضوء عدم الدليل على وجوب الوضوء لكل فرد وجب من اسبابه بل ما يدل عليه الدليل كون الامور المذكورة نواقض للوضوء و بعد كونها نواقض فاذا حصل سبب فقد نقض الوضوء و لو حصل بسبب

آخر فلا يؤثر بعد السبب الاول لان النقض ليس قابلا للتكرار فعلى هذا نقول ان الاثر يكون للاول و ليس لما بعده اثر بل الاول ناقض و لا غير فاذا كان الامر كذلك فلا دليل على وجوب الوضوء فى المقام مثلا لو بال فى اثناء الغسل فحيث ان الوضوء نقض بالجنابة فيتمنع ان يكون البول فى اثناء الغسل ناقضا أيضا لانّه ما دام لم يفرغ من غسله بقى النقض الحاصل من الجنابة لاسناد الانتقاض إليه حال حدوثه فلا اثر للحدث الأصغر الحاصل فى اثناء الغسل.

قلت ما قلت من ان النقض يصدق على السبب الاول و ما دام هو باقيا لا يطلق النقض على الثانى صحيح لكن كما ترى فى الوضوء بان ما يدلّ على ناقضية النواقض لتمام الوضوء يدلّ على ناقضيتها لأبعاضه فكما انه لو فرغ عن الوضوء و نام ينقض وضوئه بالنوم كذلك لو كان فى اثناء الوضوء مثلا غسل وجهه فنام ينقض وضوئه لان ناقضية النواقض لكل جزء من اجزاء الوضوء.

فهكذا فى الغسل فانه لو فرغ عن الغسل ثم نام فيقضي غسله كذلك لو غسل مثلا رأسه ثم نام فينقض غسله و ان صحّ غسله اذا تمّه لانه لا منافاة بين صحة غسله و بين انتقاض وضوئه فلهذا بطر و الحدث الاصغر فى الاثناء يجب الوضوء.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 336

و اما ذكر وجها للقول الثانى
اشارة

و هو وجوب اعادة الغسل من رأس بطر و الحدث الاصغر فى اثنائه فأمور:

الأمر الاول: بعض الروايات:

الاولى: ما روى فى فقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام (و لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يديك و فرجك و راسك و تؤخّر غسل جسدك الى وقت الصلاة ثم تغسل ان اردت ذلك فان احدثت حدثا من بول او غائط او ريح بعد ما غسلت راسك من قبل ان تغسل جسدك فاعد الغسل من اوله) «1».

الثانية: ما فى المدارك نقلا من كتاب عرض المجالس للصدوق ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام (قال لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك ذكر مثله ثم قال و رواه الشهيدان و غيرهما من الاصحاب) «2».

و فيه ان الروايتين ضعيفتان من حيث السند لعدم ثبوت حجية كتاب فقه الرضا عليه السّلام و ضعف سند ما حكي عن عرض المجالس فلا يمكن التعويل عليهما و عدم الشهرة على العمل على طبقهما كى يقال بجبر ضعف سندهما بها.

الأمر الثاني: انه اذا وقع الحدث الاصغر بعد تمام الغسل ابطل إباحة الغسل للصلاة

فاذا وقع الحدث الاصغر فى اثناء الغسل يبطل إباحة الغسل للصلاة بطريق الاولى لانّه ما يبطل إباحة الغسل بتمامه للصلاة فابطاله لبعض الغسل يكون بطريق الاولى غاية الامر ان الحدث الاصغر اذا طرأ بعد اتمام الغسل حيث لا يكون المحدث جنبا يكفيه الوضوء فقط لرفع الحدث الاصغر و اما اذا طرأ فى اثناء الغسل فحيث يكون المحدث جنبا بعد لعدم تمامية غسله فلا يجب عليه الوضوء بل الواجب عليه

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 4 من ابواب الغسل من كتاب جامع احاديث الشيعة ج 2.

(2) الرواية 7 من الباب 4 من ابواب الغسل من كتاب جامع احاديث الشيعة ج 2.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 337

هو اعادة الغسل من راس فهو يكون مثل من اجنب فى اثناء الغسل من وجوب الغسل عليه.

و

فيه ان الاولوية ممنوعة لان من يقول بالقول الثالث و هو كفاية الاقتصار على اتمام الغسل الواقع فى اثنائه الحدث بدون حاجة الى ضم الوضوء يقول بعدم الاثر لاسباب الموجبة للوضوء ما دامت الجنابة باقية و لا ترتفع الجنابة الا بعد تمام الغسل فالحدث الاصغر الواقع بعد الغسل يبطل إباحة الغسل للصلاة و يوجب الوضوء و اما الحدث الاصغر الواقع فى اثناء الغسل لا يوجب الوضوء لعدم شمول ادلة ناقضية النواقض صورة تكون الجنابة باقية.

اقول و هذا الجواب يصح لمن يقول بالقول الثالث و هو كفاية الاقتصار على اتمام الغسل بدون حاجة الى الوضوء من باب التزامه بعدم الاثر لموجبات الوضوء مع بقاء الجنابة.

و اما القائل بالقول الاول و هو من يقول بكفاية اتمام الغسل و لكن يجب الوضوء بعد الغسل من باب شمول اطلاقات ادلة نواقض الوضوء حتى للمورد فلا يمكن له منع الاولوية الا بوجه آخر لانه بعد كون الحدث الاصغر بعد الغسل مبطلا لاباحة الغسل للصلاة ففى الاثناء يكون اولى بمبطليته لانه على قوله يشمل اطلاق الناقضية حدوث الناقض فى اثناء الغسل نعم يكفى هذا جوابا للعدم.

فالاولى فى الجواب ان يقال بانه على فرض تسليم كون طرو الحدث الاصغر ناقضا مثل حدوثه بعد الغسل فلا يقتضي دليل ناقضيته الا عدم الاكتفاء بهذا الغسل الذي حدث فى اثنائه الحدث الاصغر للصلاة و عدم إباحة الصلاة بمجرد هذا الغسل و هذا لا يقتضي بطلان الغسل به و وجوب اعادة الغسل من رأس بل يتمّه ثمّ يتوضأ و يبيح له الصلاة و بعبارة أوضح عدم إباحة الصلاة بهذا الغسل الواقع بينه الحدث

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 338

الاصغر مثل عدم إباحة

الصلاة بالغسل الواقع بعده الحدث الاصغر لا يقتضي بطلان الغسل من رأس لعدم اعتبار عدم الحدث فى الغسل بل يقع الغسل صحيحا.

و يجب الوضوء لناقضية الحدث كما بينّا فى وجه وجوب الوضوء عند التكلم فى وجوه المتمسكة بها على القول الاول.

الامر الثالث: استصحاب بقاء الجنابة

عند الاكتفاء بالغسل فمع طرو الحدث الاصغر فى اثناء الغسل لو اكتفى باتمام ما بيده من الغسل يشك فى بقاء الجنابة و عدمه فيستصحب الجنابة المتيقنة سابقا فيجب عليه اعادة الغسل من رأس.

و فيه انه كما ذكرنا فى ذكر وجه القول الاول ان استصحاب الجنابة او استصحاب الحدث لا يجرى فى المقام لان الشك فى بقاء الجنابة او الحدث مسبب عن الشك فى دخل عدم طرو الحدث الاصغر فى صحة الغسل و بعد كون مقتضى اصالة البراءة فى الشك فى مانعية شي ء لشي ء او قاطعيته هو عدم مانعيته و قاطعيته فيزيل الشك فى المسبب بسبب الاصل الجارى فى السبب فلا مجال لجريان استصحاب الجنابة او الحدث مثل ساير الموارد الّذي يشك فى بقاء التكليف و كان منشأ الشك اعتبار شي ء فى المامور به شرطا او شطرا او وجودا او عدما فباصالة البراءة الجارية المقتضية لعدم دخل المشكوك فى المأمور به يرتفع الشك فلا مجال لاستصحاب بقاء التكليف فكذلك فى المورد.

و من هنا يظهر لك عدم مجال للتمسك على هذا القول بقاعدة الاشتغال لان الشك فى بقاء الاشتغال مسبب عن الشك فى دخل المشكوك فى المامور به و ببركة جريان اصالة البراءة فى السبب لا يبقى مجال لجريان الاصل فى المسبب فلا مجال لاصالة الاشتغال.

و اما الوجه للقول الثالث
اشارة

و هو الاكتفاء باتمام الغسل و عدم وجوب ضم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 339

الوضوء فأمور:

الأمر الاول: استصحاب صحة الغسل.

و فيه ان المراد ان كانت الصحة الفعلية فليست لها الحالة السابقة حتى يستصحب لان الصحة الفعلية تتوقف على وقوع تمام الاجزاء و اتمام العمل.

و ان كان المراد الصحة التأهلية فلا تفيد شيئا حتى مع العلم ببقائها لان اثر استصحابها ليس عدم مانعية الحدث الا على القول بالاصول المثبتة مضافا الى ان لو ثبت بالاستصحاب فرضا صحة الغسل فلا يفيد ذلك لاثبات عدم وجوب الوضوء فلا ينفع الاستصحاب للقول الثالث و هو عدم وجوب الوضوء.

الأمر الثاني: دعوى الاجماع

على ان ناقض الطهارة الصغرى لا يوجب الطهارة الكبرى.

و فيه انه على فرض انعقاد الاجماع التعبدى على ما ادعى فلا يفيد للقول الثالث و هو اتمام الغسل بدون حاجة الى ضم الوضوء بل يساعد مع القول الاول و هو صحة الغسل و ضم الوضوء بعده لان مقتضى الاجماع المذكور عدم موجبية الحدث الاصغر الطارئ فى اثناء الغسل للطهارة الكبرى فلا يفسد هذا الغسل لكن حيث يوجب الطهارة الصغرى بمقتضى اطلاق دليل ناقضيته يجب الوضوء بعد الغسل.

الأمر الثالث: اطلاق ما دل على

ان (كل شي ء امسسته الماء فقد انقيته) «1» او قوله عليه السّلام (فما جرى عليه الماء فقد أجزأه) «2».

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب الجنابة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 340

بدعوى دلالتهما بإطلاقهما على وقوع الغسل صحيحا بمجرد جريان الماء على البدن او مس الماء البدن سواء حصل الحدث الاصغر فى الاثناء أو لا.

و فيه أولا ان ما ذكر فى الروايتين يكون فى مقام بيان حيث وقوع الماء و كفاية مجرد المس او الجريان فى الغسل المعتبر فى الغسل و ليس فى مقام بيان جهات اخرى معتبرة فى الغسل وجودا او عدما و إلا فيقال بان اطلاقهما يشمل ما اذا كان الماء مغصوبا كما يشمل ما اذا كان مباحا.

و ثانيا على فرض تمامية الاستدلال يدل على صحة الغسل و لا ينافى مع وجوب ضم الوضوء فيصير دليلا على القول الاول المختار و هو صحة الغسل مع ضم الوضوء لا على القول الثالث.

الامر الرابع: عدم اعتبار الموالاة فى الغسل

فمن عدم اعتبارها نكشف عدم مضرية طرو الحدث الاصغر فى الاثناء خصوصا مع بعد عدم طرو الحدث فى اثناء الغسل مع ترك الموالاة.

و فيه أولا كما قلنا فى الجواب عن الامر الثالث ان ما يدل على عدم اعتبار الموالاة يكون النظر فيه الى بيان عدم دخل هذا الحيث و هو الموالاة لا الحيثيات الاخرى حتى يؤخذ بإطلاقه من حيثيات اخرى و مجرد الاستبعاد فى انه كيف لا يحدث الحدث الاصغر فى اثناء الغسل مع الفصل الطويل مثلا من الصبح الى الظهر لا يكفى دليلا لعدم منافاة بين عدم اعتبار الموالاة و عدم فساد الغسل من حيث

فقد الموالاة و بين فساده من حيث آخر و هو حدوث الحدث الاصغر.

و ثانيا بناء على تمامية هذا الوجه فلا يدل الا على صحة الغسل و عدم فساده بطر و الحدث الاصغر فى اثنائه و لا يدل على عدم وجوب ضم الوضوء حتى يكون دليلا على القول الثالث بل نقول بانه يدل على صحة الغسل و حيث يجب الوضوء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 341

لحدوث الحدث كما مر بيانه يجب ضم الوضوء فيدل على القول الاول المختار.

فتلخص من كل ذلك بحمد اللّه عدم تمامية الوجوه المتمسكة بها على القول الثانى و الثالث و بيان الدليل على القول الاول و هو وجوب اتمام الغسل مع ضم الوضوء به و هذا القول المختار.

ثم بعد ما عرفت حكم المسألة من كفاية اتمام الغسل و ضم الوضوء بعده فيما طرأ الحدث الاصغر فى اثناء الغسل

يقع الكلام فى جهات:
الجهة الاولى: من اراد الاحتياط

فيمكن الاحتياط باعادة الغسل بعد اتمامه و الوضوء بعده فيأتى بما بقى مما بيده من الغسل و كذا الغسل الّذي يعيد بعده و الوضوء رجاء بعنوان حفظ الواقع.

او بان يرفع اليد عما بيد من الغسل فيستأنف الغسل فياتى بكل عضو جاء به سابقا رجاء و احتياطا و لما لا يأتى به من الاعضاء بقصد اتمام الغسل مع الجزم بمطلوبيته مردا بين كونه من الغسل الاول او الثانى ثم يأتى بالوضوء بعده احتياطا.

و يمكن اتيان النحوين المذكورين احتياطا و لحفظ الواقع على كل حال بدون قصد كون بعض الاجزاء من الاول او الثاني.

الجهة الثانية: اذا احدث بالحدث الاصغر فى اثناء غير الغسل الجنابة

من الاغسال فان قلنا بعدم احتياجه الى الوضوء فيجرى فيه الخلاف المتقدم فى غسل الجنابة و الاقوال الثلاثة المتقدمة.

و ان قلنا باحتياج ساير الاغسال بالوضوء فلا اشكال فى وجوب الوضوء بعد الغسل على كل حال لوجوب الوضوء بالحدث قبل الغسل على كل حال و اما بالنسبة الى الغسل فمن حيث الاكتفاء باتمامه او وجوب استينافه و اعادته يكون مثل الحدث الاصغر الواقع فى اثناء غسل الجنابة فان قلنا بالاكتفاء باتمام الغسل كما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 342

اخترنا نقول به فى ساير الاغسال و ان قلنا بعدم الاكتفاء و وجوب اعادة الغسل نقول به فى ساير الاغسال.

الجهة الثالثة: لا فرق فى الحكم المذكور بين الغسل الترتيبى و الارتماسى

غاية الامر فى الارتماسى يمكن فرض حدوث الحدث الاصغر فى اثنائه اذا اوجده على وجه التدريج كما مر فرضه فى الصور المتصورة فى الغسل الارتماسى مثل ما قصد الغسل من ابتداء الشروع فى غمس الاعضاء تدريجا الى حصول تمام الارتماس و اما اذا كان على وجه الآنية فلا يتصور حدوث الحدث فى اثنائه و لكن يتصور المقارنة بان طرأ الحدث المقارنة للارتماس.

***

[مسئلة 9: اذا احدث بالاكبر فى اثناء الغسل]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا احدث بالاكبر فى اثناء الغسل فان كان مماثلا للحدث السابق كالجنابة فى اثناء غسلها او المس فى اثناء غسله فلا اشكال فى وجوب الاستئناف و ان كان مخالفا له فالاقوى عدم بطلانه فيتمّه و يأتى بالآخر و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما و يجب الوضوء بعده ان كانا غير الجنابة او كان السابق هو الجنابة حتى لو استأنف و جمعهما بنيّة واحدة على الاحوط و ان كان اللاحق جنابة فلا حاجة الى الوضوء سواء اتمّه و اتى للجنابة بعده او استأنف و جمعهما بنية واحدة.

(1)

اقول فى المسألة مسئلتان:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 343

المسألة الاولى: اذا احدث بالاكبر فى اثناء الغسل

و كان الحدث الثانى مماثلا للحدث الاول مثلا اجنب فاشتغل بغسل الجنابة ثم اجنب فى اثناء هذا الغسل يجب استيناف الغسل لما ادعى من الاتفاق عليه كما حكى عن كشف اللثام و لان الحدث الطارئ يكون رافعا مستقلا لعموم دليله فيؤثر اثره و هو بطلان ما وقع من الغسل فيما يكون له الاثر قبل تعقب بقية اجزائه و لم يكن فى تاثيره متوقفا على وقوع ساير اجراء الغسل و لا اقل من الصحة التأهلية فيرفع الحدث الطارئ هذا الاثر أولا و يوجب الغسل لعموم دليله مع قطع النظر عن كونه موجبا لذهاب الاثر الحاصل بغسل بعض الاعضاء.

ان قلت ان مقتضى تداخل الاسباب عدم تاثير الحدث الثانى فى الرافعية لانه قبل تمام الغسل يكون الحدث السابق باقيا فلا يؤثر الحدث اللاحق فلا يبطل ما وقع من الغسل.

قلت ان مقتضى عموم ما دل على سببية الجنابة للغسل او اطلاقه هو وجوب الغسل بتحقق سببه و على الفرض تحقق سببه فى اثناء الغسل فيقتضى مسببه و

هو الغسل لما قلنا من ان المستفاد من النصوص الواردة فى تداخل الاغسال سببية كل سبب مستقلا للمسبب و هو الغسل غاية الامر نقول بتداخل المسببات للنصوص و لكون مقتضى القاعدة تداخل المسببات او النصوص فقط لو لم نقل بكون مقتضى القاعدة هو تداخل المسببات.

فعلى هذا لا يمكن الاكتفاء باتمام الغسل من باب ان الحدث الطارئ اذهب الاثر الحاصل فيما اتى به من اجزاء الغسل و لا اقل من صحتها التأهلية و من باب موجبية الحدث الطارئ للغسل بمقتضى عموم دليله و لو لم يكن لما اتى من اجزاء الغسل اثرا يرفعه فيجب استيناف الغسل لان كلا من الحدث السابق و الطارئ و ان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 344

كان يوجب الغسل لكن لا يمكن الاكتفاء باتمام ما بيده من الغسل لكل من الحدثين لان الحدث الطارئ يقتضي الغسل مستقلا و القول بتداخل الاغسال و ان كان صحيحا فيما كان الغسل من اوله بقصد الحدثين او لا اقل من ان يكون فى ذمته الغسلان قبل الشروع فى الغسل فيتداخلان لا ما لا يكون حين الشروع فى الغسل الا احد السببين.

كما لا مجال لاتمام الغسل بقصد الحدث الاول و تكراره ثانيا بقصد الحدث الثانى لان الحدث الثانى يرفع الاثر الحاصل من غسل بعض الاعضاء و ينقض اثره فلا يقبل لان يلحقه ما بقى من الاجزاء فيصح الغسل و لهذا لا وجه لاستصحاب صحة ما غسل لانه مع طرو الحدث انتقض الأثر يقينا فلا يكون عدم ترتيب اثر الصحة نقض اليقين بالشك بل يكون نقض اليقين باليقين.

مضافا الى انه بعد فرض طرو الحدث و حصول الجنابة لا معنى لحصول الطهارة بالنسبة الى الحدث

السابق و بقاء الحدث بالنسبة الى اللاحق حتى يرتفع اثر الثانى بتكرار الغسل لعدم فرض التبعيض بالنسبة الى المتجانسين حتى يمكن له قصد رفع الاول بما فى يده و يقصد رفع الحدث الثانى بما يأتى من الغسل بعده فلا يرتفع باتمام الغسل الجنابة و لا يحصل به الطهارة فلا بد من استيناف الغسل.

نعم فى المستحاضة اذا احدثت الاستحاضة فى اثناء رافعها لا تنقض رافعها و هو الغسل على ما يأتى فى الاستحاضة فان حال المستحاضة يكون حال المسلوس و المبطون.

المسألة الثانية: ما اذا حدث حدث الاكبر فى اثناء الغسل
اشارة

و كان الحدث الحادث من غير جنس المرفوع اعنى من غير جنس ما يغسل له و لها صور:

الصورة الاولى: ما كان العارض فى اثناء الرافع للاكبر غير المرفوع

و كان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 345

غير الحيض و كان المرفوع غير غسل الجنابة مثلا مس الميت ففى اثناء غسل الحيض مس الميت فالاقوى عدم بطلان الغسل لان الاحداث متمايزة لا تداخل قهرى فيها فيكون من قبيل المحدث بالحدثين كما اذا كانت المرأة حائضا فصارت مستحاضة فانه يحب عليه لكل واحد منهما غسل و ان جاز لها التداخل فى غسلها بغسل واحد فيتم ما بيده من الغسل بقصد رفع الحدث الاول ثم يأتى بعده بغسل آخر للحدث الثانى كما يجوز له رفع اليد عما بيده من الغسل و يستأنف غسلا واحدا لكل واحد من الحدثين لو لم نستشكل فى استيناف الغسل من جهة الاشكال فى تأثير نية القطع فى إفساد ما تقدم من اجزاء الغسل مع عدم قابلية اتمامه بالغسل الثانى لكون نية الثانى غير نية الاول بناء على عدم جواز اتيان العمل الواحد بنيتين فيشكل استيناف الغسل بقصد كل من الحدثين فتأمل.

و كيف ما كان يجب عليه الوضوء بعده اذا كان مما يوجب الوضوء به.

الصورة الثانية: ما اذا كان العارض فى اثناء الرافع من غير جنس المرفوع

و كان الرافع غسل الجنابة كما اذا وقع مس الميّت فى اثناء غسل الجنابة قال المؤلف رحمه اللّه كما قال صاحب الجواهر كون الحكم فى هذه الصورة حكم طرو حدث الأصغر الحادث فى اثناء غسل الجنابة فمن قال فيه بالاكتفاء باتمام الغسل و ضم الوضوء يقول به فيما نحن فيه و من قال فيه بكفاية اتمام الغسل و عدم الحاجة الى ضم الوضوء يقول به فيما نحن فيه و من قال فيه بوجوب استيناف الغسل يقول فيما نحن فيه فصاحب الجواهر حيث يختار فى مسئلة طرو الحدث الاصغر فى الاثناء القول الاول و هو

اتمام هذا الغسل الّذي حدث الحدث فى اثنائه و ضم الوضوء يقول فى المقام باتمام ما بيده من الغسل مع ضم الوضوء و غسل آخر بقصد الحدث الطارئ فيتم الغسل الاول بقصد الحدث الاول و يغسل غسلا آخر للحدث الثانى كما يمكن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 346

استيناف الغسل بقصد كل منهما و ما يمكن ان يكون وجها له هو ان يقال.

اما وجه الاكتفاء بما بيده من الغسل و عدم وجوب غسل آخر فلعدم تاثير الحدث العارض مثلا مسّ الميت مع الحدث الاول و بعد عدم اثر للثانى لا يجب الا اتمام الاول و طرو الحدث العارض ليس مانعا عن صحة الغسل فيتم الغسل و يقع صحيحا.

و اما وجه وجوب الوضوء فلان الحدث الطارئ فى الاثناء ناقض حتى فى هذه الصورة لاطلاق دليل ناقضيته.

و اما وجه وجوب غسل آخر للحدث الطارئ فى اثناء الغسل ما عرفت من ان الاحداث متمايزة لا تداخل قهرى فيها فيكون كل واحد منها موجب للسبب غير الآخر و ان قلنا بتداخل المسبّبات فعلى هذا الجنابة و هى الحدث الاول اوجب الغسل و قد اشتغل به و طرو الحدث الطارئ و هو المس مثلا لا ينافى صحة ما مضى من الغسل بل يوجب غسلا آخرا كما قلنا و قال فى الصورة الاولى فعلى هذا اما يتم ما بيده من الغسل بنية التى شروع فيه و هو رفع حدث الجنابة و يأتى بغسل آخر لمس الميت بعده او يرفع اليد عما بيده.

من الغسل ثم يستأنف الغسل بنية رفع كل من الحدثين بناء على عدم الاشكال فى تأثير نية القطع كما بينا فى الصورة الاولى.

و اما وجوب الوضوء فان

رفع اليد عما بيده من الغسل و قلنا بعدم اشكال فى رفع اليد عنه و استأنف الغسل بنية رفع كل من الحدثين مثلا الجنابة و مس الميت فلا حاجة الى الوضوء لاجزاء غسل الجنابة عن الوضوء و هو على الفرض قصد غسل الجنابة مع مس الميت.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 347

و اما لو أتم ما بيده من الغسل بنية رفع حدث الجنابة كما نواه قبل الشروع و استأنف غسلا آخر لرفع الحدث الثانى و هو مسّ الميت فوجوب الوضوء و عدمه مبنى على ناقضية الحدث الثانى قبل رفع الحدث الاول و موجبته للوضوء و عدمه و منشأ احتياط المؤلف رحمه اللّه فى الوضوء فى هذا الفرض الاشكال فى موجبية الحدث الثانى فى الوضوء و عدمها و الظاهر موجبيته لاطلاق دليل ناقضيته و موجبته للوضوء.

الصورة الثالثة: ما اذا طرأ الحدث الاكبر فى اثناء الغسل

و كان الرافع غير غسل الجنابة مثلا يكون غسل الميت و العارض فى الاثناء يكون الجنابة فحكمها من حيث الغسل حكم الصورة السابقة و اما من حيث الوضوء فلا يجب عليه سواء اتمّ الغسل الاول بينة رفع الحدث الاول و الغسل الثانى بنية رفع الحدث الثانى و هو الجنابة او استأنف و غسل غسلا واحدا بنية كل من الحدثين لانه على كل حال مع كون الغسل للجنابة يجزى عن الوضوء.

الصورة الرابعة: ما اذا كان طرأ الحدث فى اثناء الغسل

و كان الرافع الجنابة و كان العارض الحيض بمعنى انه يغسل لها فيعرض الحدث فى الثناء و كان العارض الحيض ففى حال غسل الجنابة حدثت المرأة بحدث الحيض فهل ينقض غسلها بسبب طرو الحيض او لا ينقض بل يتمها بنية ما نوت فى اوّل الغسل و يقع صحيحا ففيما كانت مشتغلة بغسل الجنابة فطرأ الحيض فهل ينتقض غسلها او يصح و تتمها و يرتفع به الجنابة ظاهر كثير على ما حكى فى الجواهر النقض و لعل وجهه ما ورد فى بعض الروايات مثل ما رواها عبد اللّه بن يحيى الكاهلى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (قال سالته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض و هى فى المغتسل تغتسل أو لا تغتسل قال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 348

قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغسل) «1».

و مثل ما رواها سعيد بن يسار (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام المرأة ترى الدم و هى جنب أ تغسل عن الجنابة او غسل الجنابة و الحيض واحد قال قد أتاها ما هو اعظم من ذلك) «2» بدعوى دلالتهما على عدم صحة غسل الجنابة خصوصا الاولى منهما للنهى عن العبادة و هو يفيد الفساد.

و قد

يقال فى جواب الاستدلال ان النهى ظاهر فى الارشاد لعدم الفائدة فى غسل الجنابة لمجي ء ما يفسد الصلاة او ما هو اعظم من ذلك).

كما فى الروايتين:

اقول و لكن الاقوى عدم نقض الغسل أولا لقابلية حمل الروايتين على الارشاد كما قيل.

و ثانيا لما رواها عمار الساباطى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام (قال سألته عن المرأة يواقعها زوجها تم تحيض قبل ان تغتسل قال ان شاءت ان تغتسل فعلت و ان لم تفعل فليس عليها شي ء فاذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة) «3» و تمام الكلام إن شاء اللّه فى مبحث غسل الحيض.

فعلى هذا نقول بان هذه الصورة من حيث الغسل مثل الصورة السابقة.

و اما من حيث الوضوء فان استأنفت الغسل بعد رفع حدث الحيض لكل من الحيض و الجنابة فلا يجب الوضوء لاجزاء غسل الجنابة عن الوضوء و ان اغتسلت

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 22 من ابواب الحيض من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 22 من ابواب الحيض من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 43 من ابواب الجنابة و ذكر أيضا فى باب 22 من ابواب الحيض.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 349

للجنابة حال الحيض ثم بعد رفع الحيض غسلت له فوجوب الوضوء و عدمه مبنى على وجوب الوضوء بعد غسل الحيض و عدمه.

***

[مسئلة 10: الحدث الاصغر فى اثناء الاغسال المستحبة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: الحدث الاصغر فى اثناء الاغسال المستحبة أيضا لا يكون مبطلا لها نعم فى الاغسال المستحبّة لاتيان فعل كغسل الزيادة و الاحرام لا يبعد البطلان كما ان حدوثه بعده و قبل الاتيان بذلك الفعل كذلك كما سيأتى.

(1)

اقول الاغسال المستحبة اما زمانية مثل غسل الجمعة و اما فعلية و الفعلية ما كانت مستحبة

لفعل و هى اعم مما كانت مستحبة للدخول فى مكان او للكون فى مكان او لغير ذلك لان كل ذلك لفعل حتى لدخول مكان لانه فعل من الافعال.

اما ما كانت زمانية فلا تنقض بحدوث الحدث الاصغر بعدها و لا فى اثنائها بمعنى استحباب استينافها لانها على الفرض ندبت لزمان خاص و لا يكون طرو الحدث ناقضا له فقد ادّعى بتكليفه المستحب.

و اما ما كانت فعلية فحيث ندبت لفعل مثلا للزيارة او لدخول الحرم فلو طرأ الحدث الاصغر فى اثناء غسله او بعده قبل حصول الفعل فينقض الغسل و لو اراد المستحب يستحب اعادة الغسل.

و ما ورد من الاخبار لا يقتضي الا ما قلنا راجع الباب 11 من ابواب الاغسال المسنونة و باب 3 من ابواب زيارة البيت و باب 6 من ابواب مقدمات

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 350

الطواف و باب 10 من ابواب الاحرام.

***

[مسئلة 11: اذا شك فى غسل عضو من الاعضاء الثلاثة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: اذا شك فى غسل عضو من الاعضاء الثلاثة او فى شرطه قبل الدخول فى العضو الآخر رجع و اتى به و ان كان بعد الدخول فيه لم يعتن به و يبنى على الاتيان على الاقوى و ان كان الاحوط الاعتناء ما دام فى الاثناء و لم يفرغ من الغسل كما فى الوضوء نعم لو شك فى الغسل الأيسر أتى به و ان طال الزمان لعدم تحقق الفراغ حينئذ لعدم اعتبار الموالاة فيه و ان كان يحتمل عدم الاعتناء اذا كان معتاد الموالاة.

(1)

اقول يقع الكلام فى موردين:

المورد الاول: فى اعتبار قاعدة التجاوز فى الغسل و عدمه

اعلم انه لا اشكال فى ان مقتضى استصحاب عدم اتيان الجزء المشكوك هو اتيانه لو لم يكن فى البين قاعدة ثانوية حاكمة عليه تقتضى كونه محكوما بالاتيان و هى قاعدة التجاوز و هكذا الكلام فى الشرط المشكوك اتيانه المعتبر فى الغسل.

فيقع الكلام فى انه هل تجرى قاعدة التجاوز فى الغسل حتى تكون النتيجة عدم الاعتناء بالشك فى الجزء المشكوك اتيانه او الشرط المشكوك اتيانه فيما تجاوز عنه فى الغسل كما قلنا فى الصلاة أو لا.

اعلم انه تارة نقول بانحصار قاعدة التجاوز بباب الصلاة و عدم جريانها فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 351

ساير المركبات لعدم دليل يعم ساير المركبات كما هو الاقوى و مضى الكلام فيه فى قاعدة التجاوز حتى لم نقل بجريانها فى الوضوء كما ذكرنا فى طى المسألة 45 من المسائل المتعلقة بشرائط الوضوء فلا مجال للاشكال فى باب الغسل و نقول بوجوب الاعتناء بالشك ما دام يكون المكلف فى اثناء الوضوء سواء كان الشك قبل الدخول فى العضو الآخر او بعد الدخول فيه خلافا للمؤلف رحمه اللّه.

و تارة

نقول بجريانها فى مطلق المركبات فكما قال المؤلف رحمه اللّه لا يعتنى بالشك بعد ما كان الشك بعد الدخول فى العضو الآخر.

و تارة نقول بانه و ان لم تجر قاعدة التجاوز فى مطلق المركبات لكنه تجرى القاعدة فى باب الوضوء مثل جريانها فى باب الصلاة و ان قلنا بفساد هذا المبنى فى باب الوضوء فى طى المسألة 45 من المسائل المذكورة فى شرائط الوضوء.

فيقع الكلام فى انه هل تجرى قاعدة التجاوز فى الغسل و التيمم من باب تنقيح المناط و ان المناط الموجود فى الوضوء الموجب لجريان القاعدة فيه موجود فى الغسل و التيمم و خصوصا فى التيمم الّذي بدل عن الوضوء لانه بدل عن الوضوء أو لا تجرى فيهما و ان جرت فى الوضوء لعدم كشف الملاك القطعى الموجود فى الوضوء يوجب هذا الملاك جريان قاعدة التجاوز فيهما حتى يقال ان هذا الملاك موجود فى الغسل و التيمم فعلى فرض جريانها فى الوضوء لا يمكن القول بجريانها فى الغسل و التيمم و قد عرفت عدم وجه للفرض من رأس لعدم جريانها فى الوضوء و تمام الكلام فى رسالتنا فى اصالة الصحة فراجع.

المورد الثانى: فيما كان الشك فى اتيان الجزء الاخير من الغسل.

فتارة يقع الكلام فى الاعتناء بالشك و عدم الاعتناء بناء على صحة التمسك بقاعدة التجاوز فى الغسل فنقول لا يمكن التمسك بها و الالتزام بعدم الاعتناء بالشك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 352

لعدم التجاوز لان المشكوك اتيانه هو الجزء الاخير و لم يتجاوز عنه بعد و ان طال الزمان لعدم اعتبار الموالاة بين الاعضاء الثلاثة.

و تارة يقع الكلام فى كونه مورد قاعدة الفراغ أم لا فلا اشكال فى عدمه لعدم الفراغ مع فرض الشك فى اتيان الجزء الاخير

سواء كان حصول الفراغ بالدخول فى عمل آخر او حصوله حتى بالجلوس الطويل او بعد القيام عن العمل لانه بعد عدم اعتبار الموالاة لا يضر الدخول فى عمل آخر و لا الجلوس الطويل و لا القيام عن الوضوء.

***

[مسئلة 12: اذا ارتمس فى الماء بعنوان الغسل ثم شك]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: اذا ارتمس فى الماء بعنوان الغسل ثم شك فى انه كان ناويا للغسل الارتماسى حتى يكون فارغا او لغسل الرأس و الرقبة فى الترتيبى حتى يكون فى الاثناء و يجب عليه الاتيان بالطرفين يجب عليه الاستئناف نعم يكفيه غسل الطرفين بقصد.

الترتيبى لانه ان كان بارتماسه قاصدا للغسل الارتماسى فقد فرغ و ان كان قاصدا للرأس و الرقبة فباتيان غسل الطرفين يتم الغسل الترتيبى.

(1)

اقول اعلم ان الكلام فى مقامين:

المقام الاول: فى عدم الاكتفاء بما اتى به و وجوب الاحتياط عليه بنحو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 353

يرتفع الاشتغال اليقينى و يحصل الفراغ.

المقام الثانى: فيما يحصل به الاحتياط.

اما الكلام فى المقام الاول

فلا اشكال فى عدم الاكتفاء بما فعل فى امتثال الامر بالغسل و بعبارة اخرى مقتضى الاشتغال اليقينى عدم الاكتفاء بما فعل من الغسل و بقاء الجنابة بحكم الاستصحاب.

و اما الكلام فى المقام الثانى

و انه بما ذا يسقط التكليف و يعلم بارتفاع الجنابة.

قال المؤلف رحمه اللّه يجب استيناف الغسل نعم يكفيه غسل الطرفين بقصد الترتيبى.

اقول اما وجوب استيناف الغسل سواء كان بنحو الارتماس او الترتيب فلا وجه له لانه يعلم بعدم كونه مكلفا بغسل الرأس و الرقبة لانه قد غسلهما سواء كان ما صدر منه بنحو الغسل الترتيبى او بنحو الارتماسى فان كان ما فعله كان بنية الترتيب فقد امتثل الامر الضمنى المتعلق بالرأس و الرقبة و ان كان هو الارتماسى فقد غسل الرأس و الرقبة فلا اشتغال له بغسل الرأس و الرقبة.

فعلى هذا لو غسل الطرفين بقصد الترتيبى يكفى فى برأته ذمته عن الغسل لانه ما اتى أولا ان كان بقصد الغسل الارتماسى فقد حصلت البراءة بالنسبة الى الرأس و الرقبة و ان كان بقصد الترتيبى فقد حصلت البراءة بالنسبة الى الرأس و الرقبة و يغسل الطرفين على الفرض بقصد الترتيبى فقد فرغت ذمته عن غسل الطرفين فيعلم ببراءة الذمة عن الغسل.

نعم لو استأنف الغسل ترتيبا او ارتماسا رجاء و احتياطا لا بقصد التقرب و الامر حتى بالنسبة الى الرأس و الرقية تحصل البراءة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 354

[مسئلة 13: اذا انغمس فى الماء بقصد الغسل الارتماسى]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13: اذا انغمس فى الماء بقصد الغسل الارتماسى ثم تبين له بقاء جزء من بدنه غير منغسل يجب عليه الاعادة ترتيبا او ارتماسا و لا يكفيه جعل ذلك الارتماس للرأس و الرقبة ان كان الجزء غير المنغسل فى الطرفين فياتى بالطرفين الآخرين لانه قصد به تمام الغسل ارتماسا لا خصوص الرأس و الرقبة و لا تكفى نيتهما فى ضمن المجموع.

(1)

اقول للمسألة صورتان:

الصورة الاولى: صورة يقصد بالانغماس فى الماء الغسل الارتماسى

بنحو التقييد بحيث لو لم يكن ارتماسا لا يفعله بحيث يكون الغرض فى فعله قائما بامتثال المجموع فلا اشكال فى صحة ما افاده المؤلف رحمه اللّه من وجوب اعادة الغسل ترتيبا او ارتماسا لعدم حصول المجموع الّذي قصده.

الصورة الثانية: صورة يقصد الارتماس لكن لا على وجه التقييد

بل هو أولا و بالذات يريد الغسل لكن قصد فردا منه و هو الارتماس بحيث لا يكون الغرض قائما بامتثال المجموع فهل يقال بوجوب اعادة الغسل ترتيبا او ارتماسا فى هذه الصورة، او يقال بصحة الغسل بالنسبة الى الرأس و الرقبة اذا كان غير المنغسل فى الماء من بدنه فى الطرفين من باب تعلق القصد بغسل الرأس و الرقبة أيضا و ان كان فى ضمن المجموع و بعبارة اخرى قصد غسل الرأس و الرقبة و الايمن و اليسر بنفسها بقيد معية كل منها مع الآخر بنحو العام المجموعى.

لا يبعد صحة الغسل بالنسبة الى الرأس و الرقبة فى هذه الصورة و ان كان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 355

الاحوط الاعادة.

***

[مسئلة 14: اذا صلى ثمّ شك فى انه اغتسل للجنابة أم لا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: اذا صلى ثمّ شك فى انه اغتسل للجنابة أم لا ينبى على صحة صلاته و لكن يجب عليه الغسل للاعمال الآتية و لو كان الشك فى اثناء الصلاة بطلت لكن الاحوط اتمامها ثم الاعادة.

(1)

اقول اما فيما شك بعد الفراغ من الصلاة فى انه اغتسل للجنابة قبل الصلاة حتى كانت صلاته واجدة لشرط الطهارة او لم يغتسل حتى كانت صلاته بلا طهارة فبالنسبة الى الصلاة يحكم بصحتها لاجل قاعدة الفراغ الجارية فيها.

و اما بالنسبة الى غسل الجنابة فيجب عليه للاعمال الآتية لاشتغال اليقينى به و الشك فى اتيانه فيجب الغسل لان الاشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية مضافا الى استصحاب الجنابة.

هذا كله بناء على كون قاعدة الفراغ من الاصول فلا يثبت لوازمها و من جملتها وقوع الغسل.

و اما بناء على كونها من الامارات فلازم جريان قاعدة الفراغ فى الصلاة كون الشخص مع الطهارة فلا يجب عليه الغسل حتى للاعمال الآتية

و نحن و ان قويّنا أماريّتها فى رسالتنا فى اصالة الصحة لكن الاحوط وجوبا الغسل للاعمال الآتية.

و لا يخفى عليك ان البناء على صحة الصلاة و وجوب الغسل للاعمال الآتية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 356

فيما لا يقتضي العلم الاجمالى وجوب إعادة الصلاة و وجوب الوضوء و الغسل للاعمال الآتية و الا وجب عليه الوضوء و الغسل و اعاده الصلاة كمن صلى صلاة الظهر مثلا ثم بعد الصلاة شك فى انه اغتسل للجنابة أم لا، و قد احدث بعد الصلاة بالحدث الاصغر فيجب الوضوء و الغسل لصلاة العصر، لانه يعلم اجمالا ببطلان احدى صلاتيه ان اغتسل و صلى العصر بلا وضوء لانه لا يخلو واقعا اما اغتسل قبل صلاة الظهر عن الجنابة فيجب عليه الوضوء، لصلاة العصر لفرض صيرورته محدثا بالحدث الاصغر بعد صلاة الظهر فبطلت صلاة عصره لعدم كونها مع الطهارة و اما لم يغتسل عن الجنابة قبل صلاة الظهر فوقعت صلاة ظهره بلا طهارة فمع عدم الوضوء لصلاة العصر و اقتصاره بالغسل يعلم اجمالا ببطلان احدى صلاتيه و بعبارة اخرى بعد ما صلى الظهر و احدث بالحدث الاصغر ثم شك فى انه اغتسل قبل صلاة الظهر للجنابة أم لا يعلم اجمالا اما بوجوب اعادة صلاة الظهر و اما بوجوب الوضوء لصلاة العصر و مقتضى العلم الاجمالى هو الغسل و الوضوء و اعادة الصلاة الاولى ثم اتيان الصلاة الثانية.

و لعل عدم ذكر المؤلف رحمه اللّه هذه الصورة و سكوت بعض المحشين عن ذكرها من باب ان النظر فى المقام كان فى اعتبار قاعدة الفراغ فى حدّ ذاتها للصلاة و عدم اعتبارها للصلوات الآتية لا فيما يوجب العلم الاجمالى تكليفا آخر

للمكلف كما فى هذه الصورة هذا كله فيما كان الشك بعد الفراغ من الصلاة.

و اما اذا كان الشك فى اثناء الصلاة كما اذا كان مشتغلا مثلا بصلاة الظهر فيشك فى انه هل اغتسل قبلها للجنابة الحاصلة أم لا فهل يحكم ببطلان الصلاة او يحكم بصحتها مثل ما اذا طرأ الشك بعد الفراغ عن الصلاة او يحكم بصحة ما مضى من الصلاة و يجدّد الطهارة فى الاثناء لما بقى منها مع فرض عدم اخلال الغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 357

بالموالاة او غيرها من الشرائط.

اقول قد بينا فى رسالتنا فى قاعدة التجاوز شمول القاعدة للشرائط أيضا و انه اذا كان للشرط محل شرعى و قد مضى عن محله الشرعى تجرى قاعدة التجاوز و يحكم باتيان الشرط مثلا اذا كان محل الشرعى للوضوء و الغسل او الستر قبل الصلاة فبمجرد الشروع فى الصلاة فقد تجاوز عنه و يحكم بالاتيان فتصح الصلاة حتى بالنسبة الى الاجزاء اللاحقة على الشك لا خصوص ما مضى من اجزاء الصلاة نعم لو كان الشرط بنحو الشرط المقارن الشرط المقدم مثلا كانت الطهارة شرطا مقارنا لفعل الصلاة او التستر بحيث يكون الغسلتان و المسحتان فى الوضوء و غسل البدن فى الغسل او الستر من المقدمات لا للشرط لا نفس الشرط بل الشرط وجود الفعلى للطهارة بنحو الشرط المقارن لم يمض محله الشرعى فلا مجال لجريان قاعدة التجاوز.

اذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى بانه قد مضى فى مطاوى كلما تنافى مبحث الوضوء و الغسل ان الواجب هو نفس الغسل بالفتح و ان كان الشرط ما حصل منه و لهذا قلنا باجراء البراءة فيما شك فى اعتبار شي ء وجودا و عدما

فى الوضوء و الغسل فعلى هذا نقول اما ان كان الشرط هو نفس الغسلتين فى الوضوء و نفس غسل البشرة فى الغسل و ان كانا محصلين للطهارة فلا ينبغى الاشكال فى ان محلها الشرعى قبل الصلاة لهذا لو شك فى اثناء الصلاة فى الطهارة فقد تجاوز عنها و لا يعتنى بالشك و تيم صلاته بهذا الحال و تصح صلاته.

و اما ان كان الشرط محصّلها و هو الطهارة فربما يقال بانه لا يكون المورد مورد القاعدة لعدم صدق التجاوز لانه ان كان يصدق التجاوز بالنسبة الى ما مضى من الصلاة لكن لا مصحّح لما بقى منها للزوم احراز الشرط اعنى الطهارة بالنسبة الى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 358

ما بقى و كذلك لا يكون مورد قاعدة الفراغ لانه بعد يكون فى اثناء العمل على الفرض و من الواضح انّ مورد قاعدة الفراغ هو الشك بعد الفراغ عن العمل.

اقول قد بيّنا فى رسالتنا فى قاعدة التجاوز و الفراغ قد يتوهم عدم الفرق بين كون الشرط هو نفس الغسل (بالفتح) و بين كون الشرط هو الطهارة لان محل الطهارة يكون قبل الصلاة فعلى كل حال تجرى قاعدة التجاوز بالنسبة الى الشرط.

و فيه انه بعد كون الواجب و الشرط هو الطهارة و ان كان الغسل (بالفتح) واجبا مقدمة من باب كونه محصّل الطهارة فالطهارة تكون مثل التستر فى الصلاة بناء على كون الواجب و هو التستر شرطا مقارنا للصلاة فلا يصدق التجاوز و ان كان محل مقدمتها و هى الغسل (بالفتح) قبل الصلاة ففرق بين كون محل نفس الشرط قبل الصلاة فيصدق التجاوز اذا شك فى اثناء الصلاة و بين كون محل مقدمته قبل الصلاة

لا محل نفس الشرط فلا يصدق التجاوز فعلى هذا يحكم ببطلان الصلاة.

***

[مسئلة 15: اذا اجتمع عليه اغسال متعددة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: اذا اجتمع عليه اغسال متعددة فاما أن يكون جميعها واجبا او يكون جميعها مستحبا او يكون بعضها واجبا و بعضها مستحبا ثم اما ان ينوى الجميع او البعض فان نوى الجميع بغسل واحد صحّ فى الجميع و حصل امتثال امر الجميع و كذا ان نوى رفع الحدث او الاستباحة اذا كان جميعها او بعضها لرفع الحدث و الاستباحة و كذا لو نوى القربة و حينئذ فان كان فيها غسل الجنابة لا حاجة الى الوضوء بعده او قبله و الّا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 359

وجب الوضوء و ان نوى واحدا منها و كان واجبا كفى عن الجميع أيضا على الأقوى و ان كان ذلك الواجب غير غسل الجنابة و كان من جملتها لكن على هذا يكون امتثالا بالنسبة الى ما نوى و اداء بالنسبة الى البقية و لا حاجة الى الوضوء اذا كان فيها الجنابة و ان كان الاحوط مع كون احدهما الجنابة ان ينوى غسل الجنابة و ان نوى بعض المستحبات كفى أيضا عن غيره من المستحبات و اما كفايته عن الواجب ففيه اشكال و ان كان غير بعيد لكن لا يترك الاحتياط.

(1)

اقول ينبغى قبل بيان حكم المسألة من ذكر

بعض الاخبار التى عدّت مربوطة بالمسألة

فنقول بعونه تعالى.

الاولى: ما رواه فى الكافى- كا- 13- على بن ابراهيم عن أبيه عن حماد عيسى يب 30- محمد بن على بن محبوب عن على بن السندى عن حماد بن عيسى عن زرارة (عن احدهما عليهما السّلام- يب) (قال اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزائك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة)- 3- (و عرفه و النحر) (و الحلق- كافي) (و الذبح و الزيارة فاذا اجتمعت (لله-

يب) عليك حقوق أجزائها)- 4- (عنك غسل واحد قال ثم قال و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و احرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها) «1».

و صدر الخبر و هو قوله عليه السّلام (اذا اغتسلت الخ) و ذيله و هو قوله (و كذلك

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة ج 2، ص 421 باب 13 ح 1.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 360

المرأة الخ) و ان لم يكن له اطلاق يشمل غير صورة قصد جميع الاغسال المطلوب منه وجوبا او استحبابا لكن قوله عليه السّلام (اذا اجتمعت الخ) يكون له الاطلاق من هذا الحيث و لا يعارضه الصدر و الذيل لعدم دلالتهما على الانحصار بصورة قصد جميع الاغسال و كذا له الاطلاق من حيث كون الاغسال المجتمعة كلها واجبا او مستحبا او بعضها واجبا و بعضها مستحبا قال فى جامع احاديث الشيعة.

و رواه أيضا فى الوسائل عن التهذيب باسناده عن محمد بن محبوب عن حريز و لم نجده فيه و لم يذكره فى الوافى «1».

الثانية: ما رواه كافى- كا 14- محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن حديد عن جميل بن درّاج عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السّلام انه قال اذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه فى ذلك اليوم «2».

ظاهرها الاطلاق من حيث قصد الجنابة و كل سبب آخر فى الغسل من حيث قصد بعض الاسباب فقط و كذا لها الاطلاق من حيث الاغسال المطلوبة منه كلها الواجب او كلها مستحب او بعضها الواجب و بعضها المستحب لو لم يشكل فى اصل دلالة الحديث على محل النزاع.

الثالثة: ما رواه

كافي 24 يب 112 على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن المرأة تحيض و هى جنب هل عليها غسل الجنابة قال غسل الجنابة و الحيض واحد «3».

اقول و مثل الخبر المذكور مفاد الرواية الرابعة و الخامسة من الباب المذكور.

______________________________

(1) كتاب جامع احاديث الشيعة ج 2 ص 422.

(2) جامع احاديث الشيعة ج 2، ص 422 باب 13 ح 2 من ابواب الغسل.

(3) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 422، ح 3، باب 13.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 361

يحتمل كون الرواية فى مقام بيان كونهما واحدا من حيث الكيفية و يحتمل كونها فى مقام بيان الاكتفاء بغسل واحد لهما الاقرب الاحتمال الثانى لظهور صدرها.

الرابعة: ما رواه صا 146 اخبرنى احمد بن عبدون عن على بن محمد بن الزبير عن التهذيب 112- على بن الحسن بن فضال عن محمد بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال اذا حاضت المرأة و هى جنب اجزائها غسل واحد «1» لا ريب بكون الاطلاق من كل من الحيثين المذكورين فى بيان الحديث الاول و الثانى.

الخامسة: ما رواه يب 112 صا 147 على بن الحسن عن على بن اسباط عن عمّه يعقوب الاحمر عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن رجل اصاب من امرأته ثم حاضت قبل ان تغتسل قال تجعله غسلا واحدا «2».

لا اطلاق للحديث فى الجهتين المذكورين فى الحديث الاول و الثانى لو لم نقل بظهوره فى خصوص صورة قصد كل من الحيض و الجنابة.

السادسة: ما رواه

يب 112 صا 147 على بن الحسن عن العباس بن عامر عن حجّاج الخشاب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع على امرأته فطمثت بعد ما فرغ أ تجعله غسلا واحدا اذا طهرت او تغتسل مرّتين قال تجعله غسلا واحدا عند طهرها «3» لسان هذا الحديث مثل سابقه.

السابعة: يب 113 صا 147 على بن الحسن عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمّار الساباطى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 422، ح 6، باب 13.

(2) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 423، ح 7، باب 13.

(3) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 423، ح 9، باب 13.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 362

المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان تغتسل قال ان شاءت ان تغتسل فعلت و ان لم تفعل ليس ... ا ... عليها شي ء فاذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة «1».

لسان الحديث مثل الرواية الخامسة و السادسة.

الثامنة: ما رواه كا 68 على بن ابراهيم عن ابيه عن نوح بن شعيب عن شهاب بن عبد ربه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الجنب يغسل الميّت (1- خ) و من غسّل الميت له ان يأتى اهله ثم يغتسل فقال سواء لا بأس بذلك اذا كان جنبا غسل يده- 1- و توضأ و غسل الميت فان غسل ميتا ثم توضأ ثم أتى أهله (و خ) يجزيه غسل واحد لهما يب 127 محمد بن يحيى عن ابراهيم هاشم عن نوح بن شعيب عن شهاب بن عبد ربه قال سألت أبا

عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب أ يغسل الميّت او من غسّل ميّتا أ يأتي اهله ثم يغتسل فقال هما سواء لا بأس بذلك اذا كان جنبا غسل يديه و توضأ و غسّل الميت و هو جنب و ان غسّل ميتا ثم اتى أهله توضأ ثم اتى اهله و يجزيه غسل واحد لهما «2» لسان الحديث كحديث السابق عليه اذا عرفت ذلك نقول بانه يقع الكلام فى الصور المذكورة فى المسألة.

و قبل التكلم فيها ينبغى التنبيه على ما تقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن النصوص.

اعلم ان موضوع المسألة من صغريات تداخل المسببات و قد حقّق فى الاصول ان مقتضى القاعدة فى صورة اجتماع المسببات و تعددها هو عدم التداخل الّا فى خصوص الصورة التى ليس المسبب قابلا للتداخل مثل ما كان المسبب من

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة، ج 2، ص 423، ح 10، باب 13.

(2) جامع احاديث الشيعة، ج 3، ص 210، ح 1، من الباب 21 من ابواب غسل الميت.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 363

الاسباب المتعدد القتل لانه فى صورة تعدد أسبابه ليس المسبب و هو القتل قابلا للتعدد فعلى هذا فى مثل صورة حصول الاسباب المتعدّدة للغسل يكون مقتضى القاعدة تعدد المسبب نعم يمكن تصويرات كما ذكر فى الجواهر و غيره لكون التداخل فى الغسل بمقتضى القاعدة و على هذا يكون النصوص على وفق القاعدة هذا هو مقتضى القاعدة.

و اما بمقتضى النص فللمسألة صور:
الصورة الاولى: ما اذا كان جميع ما اجتمع عليه من اغسال المتعددة واجبا

مثلا وجب غسل الجنابة و غسل مسّ الميّت و غسل الحيض و ينوى الجميع بغسل واحد فلا اشكال فى اجزاء الغسل الواحد عن الاغسال المتعددة لانه القدر المتيقّن من النصوص و معاقد الاجماعات.

الصورة الثانية: الصورة بحالها لكن يكون المجتمع عليه من الاغسال بعضها واجبا و بعضها مستحبا

مثل ما وجب عليه غسل الجنابة و يستحب غسل الجمعة و غسل الزيارة مثلا ففى هذه الصورة لو نوى الجميع يجزى غسل واحد لظهور الرواية الاولى بل و اطلاق بعض الآخر من الروايات.

الصورة الثالثة: الصورة بحالها

اعنى ينوى الجميع و لكن كلها يكون مستحبا فهل يجرى الغسل الواحد أم لا وجه عدم الاجزاء عدم نص دال عليه و مقتضى القاعدة عدم التداخل وجه الاجزاء قوله عليه السّلام فى الرواية الاولى اذا اجتمعت للّه عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد و اطلاقها يشمل الواجب و المستحب.

ان قلت ان الظاهر من حقوق المذكورة فى الجملة المذكورة هو خصوص الواجب لان المستحب ليس حقا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 364

قلت ان الحقوق اعم من الواجب و المستحب كما يظهر من موارده فعلى هذا لا اشكال فى الاجزاء فى هذه الصورة.

و اما التمسك برواية عمر بن يزيد «1» فليس بتمام لانه بعد فرض كونه مربوطة بما نحن فيه فالتعبير فيها بقوله عليه السّلام (فى كل موضع يجب فيه الغسل) دليل على كون موردها الاغسال الواجبة.

ثم ان فى جميع الصور الثلاثة يحصل بغسل واحد امتثال أوامر المتعلقة بجميع الاسباب لانه على الفرض يكون الفعل الواحد اعنى الغسل الواحد قابلا للامتثال بجميع الاوامر المتعلّقة بالغسل و المكلف قصد بغسله امتثال امر الجميع فيحصل امتثال امر الجميع.

الصورة الرابعة: ما اذا نوى البعض من الاسباب

و كان هذا البعض هو غسل الجنابة مثلا اجتمع عليه غسل الجنابة و مس الميت او هما مع الجمعة او غيرها من الاغسال المستحبّة فبعد ما لا اشكال فى اجزاء الغسل عما نواه و هو الجنابة يقع الكلام فى اجزائه عن غيره أيضا و عدمه.

وجه عدم الاكتفاء عدم ظهور و لوا اطلاقا للاخبار المذكورة يشمل صورة نية بعض الاسباب و مقتضى القاعدة على ما عرفت عدم الاجزاء الا فيما خرج بالدليل.

وجه الاكتفاء هو اطلاق قوله عليه السّلام (فاذا اجتمعت للّه عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد) فى الرواية

الاولى من الروايات المتقدمة ذكرها و لا يبعد دعوى ظهور الرواية الثانية فى ذلك لو لم يشكل فى سندها لإرسالها و ان قيل «2» بانجبار

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 9 من ابواب الاحرام من الوسائل.

(2) العلامة الآملي قدّس سرّه فى مصباح الهدى، ج 4، ص 347.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 365

ضعفها بعمل الاصحاب و موافقة المشهور و نفى الخلاف فيه بل ادعاء الاجماع عليه و لا فرق فى الاجزاء على القول به فى هذه الصورة بين كون السبب المجتمع مع الجنابة سببا واجبا مثل غسل مسّ الميّت او الحيض او كان مستحبّا مثل غسل الجمعة او يكون بعض الاسباب المجتمع مع الجنابة واجبا و بعضها مستحبّا.

الصورة الخامسة: ما اذا نوى بعض الاسباب المجتمعة

و كان ما ينوى غير غسل الجنابة مثلا اجتمع للمرأة سبب الجنابة و الحيض فهل يجزى غسل واحد عن الجنابة أيضا اذا قصد خصوص الحيض.

أو لا يجرى عن الجنابة.

اعلم انه ينبغى البحث فيما نوى غسل الحيض فى موارد ثلاثة:

المورد الاول: فى صحة غسل الحيض مع الجنابة.

المورد الثانى: فى اجزائه عن غسل الجنابة.

المورد الثالث: فى اجزاء غسل الحيض عن ساير الاغسال.

اما الكلام فى المورد الاول فنقول لم اجد وجها لعدم صحة غسل الحيض فيما نواها و ان كان الواجب غسل الجنابة.

على المرأة أيضا لعدم دليل على اشتراط صحة غسل الحيض عنها على عدم كونها جنبا فيجزى غسلها اذا اتى بقصد الحيض لكون الامر مقتض للاجزاء.

و اما التمسك «1» على عدم ارتفاع الحيض مع بقاء الجنابة بالرواية السابعة من الروايات المذكورة فغير تمام لعدم دلالتها على ذلك.

______________________________

(1) المستمسك، ج 3، ص 143.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 366

المورد الثانى: فى اجزاء غسل حيض

المرأة عن الجنابة و لو لم ينو الجنابة بل نوى رفع حدث الحيض فقط و عدمه فنقول بعونه تعالى انه لا دليل على الاجزاء الا قوله عليه السّلام فى الرواية الاولى (فاذا اجتمعت للّه عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد) لشمول اطلاق الحقوق لحق الواجب و المستحب و عدم تقيد الاجزاء بصورة قصد الجميع و لا يبعد ذلك.

و اعلم انه لو لم نقل بإطلاق هذه الفقرة يشمل صورة قصد بعض الاسباب و الحقوق يشكل الحكم باجزاء غسل واحد عن الاغسال المتعددة فيما قصد خصوص الجنابة لان مدرك الاجزاء فيما نوى غسل الجنابة ليس الا اطلاق هذه الفقرة و مرسلة جميل فلو منع اطلاق هذه الفقرة من رواية زرارة فرواية جميل لاجل ارسالها ضعيفة السند فيشكل الحكم بالاجزاء فيما نوى بعض الاسباب و لم يقصد جميعا حتى فيما نوى الجنابة أيضا.

و لهذا الاحوط فى مقام العمل فى الصورة الرابعة و الخامسة هو عدم الاجزاء بل يختص الاجزاء بصورة قصد الجميع فى الغسل الواحد.

المورد الثالث: ما اذا نوى خصوص الحيض فى مقام الغسل فهل يجرى عن غير الجنابة من الاغسال الواجبة مثل مسّ الميّت و غير الواجبة كالجمعة أو لا.

اعلم ان الكلام فى هذا المورد هو عين الكلام فى المورد الثانى فان قلنا بإطلاق (قوله عليه السّلام فاذا اجتمعت الخ) من الرواية الاولى من حيث قصد جميع الاغسال و بعضها فيجزى فى المورد الثالث و الا فلا فالاشكال فى خصوص ما قصد بعض الاسباب المستحبة فى اجزائه عن غيره من الاسباب الواجبة او المستحبة او كل منهما مع عدم الاشكال فيما قصد الواجب غير الجنابة فى اجزائه عن غيره لم ار له وجها وجيها فتأمل.

ذخيرة العقبى في

شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 367

الصورة السادسة: ما اذا كان عليه الاغسال من الواجب و المستحب

و ينوى بعض الاغسال المستحبة فهل يجزى عن غيره من الاغسال المجتمعة عليه واجبا كانت او مستحبا جنابة كانت أم غير الجنابة أو لا.

اعلم انه ليس دليل على الاجزاء الا اطلاق قوله عليه السّلام (اذا اجتمعت للّه عليك حقوق) فى الرواية الاولى فان قلنا بإطلاقها لما قصد بعض الاسباب فلا فرق بين ما قصد واجبا كان او مستحبا فيجزى الغسل الواحد عما نوى و عن غيرها و الّا فلا.

الصورة السابعة: اذا اجتمعت عليه اغسال متعددة
اشارة

و القول باجزاء غسل واحد فى الجملة.

يقع الكلام فى انه لو نوى بغسله الواحد رفع الحدث او الاستباحة او التقرب بدون قصد جميع الاسباب من الجنابة و الحيض و الجمعة و غيرها او قصد بعضها فهل يصح الغسل و يجزى عن الاغسال أو لا.

اقول اما صحة الغسل فيما قصد رفع الحدث او الاستباحة يصح الغسل اذا كان الاسباب المجتمعة كلها او بعضها مما يكون رافعا للحدث او يبيح بها الصلاة لرجوع نية رفع الحدث او الاستباحة الى نية هذه الاسباب.

و اما اذا قصد القربة فحيث قلنا سابقا بعدم كون الغسل بنفسه مقرّبا الا اذا قصد احد غاياته فان كان قصد التقرّب بعنوان المشير الى ما هو مقرّب مثل الكون على الطهارة او إباحة الصلاة فيصح الغسل و الا فلا هذا بالنسبة الى صحة.

و اما الكلام فى اجزاء الغسل الواقع بنية رفع الحدث او الاستباحة او التقرب عن الاغسال المجتمعة عليه فنقول بعونه تعالى ان الكلام يقع فى الموارد الثلاثة.

المورد الاول: فيما قصد رفع الحدث او الاستباحة او قصد التقرب

بعنوان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 368

المشير الى احدى الغايات فقصد التقرب على هذا يرجع الى الاول و الثانى اى رفع الحدث او الاستباحة.

لا لنفس الغسل لما قلنا من عدم كون الغسل بنفسه مقرّبا و كان جميع ما عليه من الاغسال مما يرفع الحدث او يبيح به الصلاة مثل ما اذا اجتمع غسل الجنابة و الحيض بناء على عدم احتياج غسل الحيض بالوضوء و الا فلا يبيح بغسله الصلاة او غيرها فيصح الغسل الواحد و يجزى عن جميع الاغسال المجتمعة عليه.

المورد الثانى: ما اذا كان بعض ما عليه من الاغسال رافعا للحدث او موجبا للاستباحة

مثلا يجب عليه غسل الجنابة و يستحب له غسل الزيارة بناء على عدم كون الاغسال المستحبة رافعا للحدث او موجبا للاستباحة فيصح غسله و يجرى عن خصوص السبب. الرافع للحدث و المبيح للصلاة و لا غيرها.

و اما اجزائه عن ساير الاغسال فمبنى على ما مضى فى الصورة الرابعة و الخامسة من اطلاق قوله عليه السّلام اذا اجتمعت الخ فى الرواية الاولى من حيث شموله لصورة قصد بعض الاسباب و عدمه.

المورد الثالث: ما قصد رفع الحدث او الاستباحة او التقرب

و لا يكون بين الاغسال المجتمعة عليه ما يرفع الحدث او يبيح به الصلاة و كان بينها ما يكون قابلا لان يكون قصد التقرب مشيرا إليه و كان هو ممّا لا يرفع الحدث لا يبيح به الصلاة.

فنقول اما صحته اذا كان بعنوان قصد التقرب مشيرا الى ما يكون مقرّبا مثل الزيارة او غيرها فلا اشكال فيه و اما اجزائه عن غيره فلا وجه له الا شمول اطلاق قوله عليه السّلام (اذا اجتمعت الخ فى الرواية الاولى لصورة قصد بعض الاسباب).

تتمة يقع الكلام فيما كان بعض الاغسال المجتمعة عليه غسل الجنابة

و قلنا انه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 369

اذا اتى بغسل واحد يجزى عن الجميع فى وجوب الوضوء و عدمه.

فنقول اما بناء على القول باجزاء كل غسل عن الوضوء ففى كل مورد قلنا باجزاء غسل واحد عن الاغسال المتعددة فيجرى هذا الغسل عن الوضوء.

و اما بناء على عدم اجزاء غسل من الاغسال عن الوضوء الا غسل الجنابة فتارة من يأتى بالغسل يأتى بقصد جميع الاسباب من الجنابة و غيرها او بقصد خصوص الجنابة فلا اشكال فى اجزائه عن الوضوء لان المفروض اجزاء غسل الجنابة عن الوضوء و هو غسل غسل الجنابة فلا يجب عليه الوضوء و يجرى الغسل عن الوضوء.

و تارة مع كون غسل الجنابة من الاغسال المجتمعة عليه لكن لا يقصده فى غسله بل قصد بعض الاسباب الآخر فقط فان قلنا بعدم اجزاء هذا الغسل عن غسل الجنابة فلا يكون مجزيا عن الوضوء لان غسل الجنابة مجز عنه لا غيره.

و ان قلنا باجزائه عنه و لو لم ينوه فهل يجرى غسله هذا عن الوضوء أم لا و بعبارة اخرى كما يجزى غسله عن الجنابة يجزى عما يجرى عنه غسل الجنابة

و هو الوضوء أم لا اقول الاحوط لو لم يكن الاقوى عدم الاجزاء لان ظاهر الادلة اجزاء غسل الجنابة عن الوضوء لا اجزاء ما يجزى عن غسل الجنابة عن الوضوء.

هذا كله فيما قصد نفس الاسباب جميعا او بعضها و كان من جملتها الجنابة.

و اما لو قصد بالغسل رفع الحدث او الاستباحة او التقرب و كان فى بين الاغسال المجتمعة عليها غسل الجنابة فهل يكون غسله بناء على اجزائه عن غسل الجنابة مجزيا عن الوضوء أو لا لا يبعد الاجزاء لانه بعد كون قصد احد هذه الامور قصد نفس الاسباب فهو بقصده مثلا رفع الحدث قصد غسل الجنابة و على الفرض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 370

يكون غسل الجنابة مجزيا عن الوضوء هذا ما يأتى بالنظر فى المقام.

***

[مسئلة 16: الاقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: الاقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض بل لا يبعد اجزائه عن غسل الجنابة بل عن غسل الحيض اذا كان بعد انقطاع الدم.

(1)

اقول اما صحة غسل الجمعة عن الجنب و الحائض لاطلاق ادلته من هذا الحيث و عدم اشتراطه بخلوهما عن الجنابة او الحيض او مانعيتهما له

و اما اجزائه عن غسل الجنابة او الحيض بعد انقطاع الدم فقد مرّ الكلام فيه فى المسألة السابقة فان ما نحن فيه من صغريات الصورة السادسة من الصور التى ذكرناها فى المسألة السابقة فراجع

***

[مسئلة 17: اذا كان يعلم اجمالا انّ عليه اغسالا لكن لا يعلم بعضها بعينه]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: اذا كان يعلم اجمالا انّ عليه اغسالا لكن لا يعلم بعضها بعينه يكفيه ان يقصد جميع ما عليه كما يكفيه ان يقصد البعض المعيّن و يكفى عن غير المعيّن بل اذا نوى غسلا معينا و لا يعلم و لو اجمالا غيره و كان عليه فى الواقع كفى عنه أيضا و ان لم يحصل امتثال امره نعم اذا نوى بعض الاغسال و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 371

نوى عدم تحقق الاخر ففى كفايته عنه اشكال بل صحته أيضا لا تخلو عن اشكال بعد كون حقيقة الاغسال واحدة و من هذا يشكل البناء على عدم التداخل بان يأتى باغسال متعددة كل واحد بنية واحد منها لكن لا اشكال اذا اتى فيما عدا الاولى برجاء الصحة و المطلوبية.

(1)

اقول فى المسألة مسائل:

المسألة الاولى: اذا كان يعلم اجمالا ان عليه اغسالا لكن لا يعلم بعضها

بعينه يكفيه ان يقصد جميع ما عليه لكفاية علمه الاجمالى و قصده الاجمالى على اتيان الغسل الواحد بقصد ما عليه مثل صورة علمه به تفصيلا و شمول دليل الاجزاء للمورد.

المسألة الثانية: اما اذا علم بعض ما عليه من الاغسال معينا

و لا يعلم بعضها الآخر معيّنا فلا اشكال فى كفاية غسله بما يعلم به من الاغسال معينا مع فرض نيته البعض المعيّن كما مرّ فى المسألة 15 و اما اجزاء غسله عن البعض الغير المعيّن فمبنىّ على ما امضينا فى المسألة 15 من انه مع نية بعض ما عليه يجزى هذا الغسل عما لم ينوه مما عليه أو لا.

المسألة الثالثة: ما اذا يعلم بمطلوبية غسل عليه و ينويه

و لا يعلم حتى اجمالا بتعلق غسل آخر عليه حتى ينويه و كان متعلقا به فى الواقع فهل يجزى غسله عما يتعلق به من الغسل واقعا و لو لم يعلم به أو لا.

الحق كونه مثل المسألة الثانية فان قلنا باجزاء بعض ما ينويه عما لا ينويه فنقول فى هذه الصورة و ان لم نقل به فى المسألة الثانية لم نقل هنا أيضا لعدم فارق بين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 372

علم المكلف و جهله بمقتضى النصوص المذكورة فى المسألة 15.

و اعلم بانه لو قلنا بالاجزاء حتى فى هذه الصورة فلازمه كون الاجزاء عزيمة لا رخصه لانه مع فرض عدم قصد للبعض أجزاء الغسل الواقع بنية البعض الآخر عنه و لا مجال لغسل لما لا ينوه بعد ذلك الا رجاء كما يأتى فى ذيل المسألة إن شاء اللّه و اما لو التزمنا باجزاء غسل واحد عن جميع ما عليه من الاغسال يكون قصد به الجميع يكون الاجزاء رخصه لا عزيمة فافهم.

المسألة الرابعة: ما اذا قصد فى غسله بعضا معينا

مثلا غسل الجنابة و قصد عدم تحقق غيره مثلا غسل مسّ الميت و الحال ان ما يجب عليه هو ما تعلق قصده بعدم تحققه و هو غسل مسّ الميت و لا يجب عليه ما قصده و هو غسل الجنابة فما قصده لا يكون مأمورا به و ما يكون مأمورا به لم يقصده فهل بجرى غسله عما قصد عدمه أم لا اعلم.

ما يأتى بالنظر هو عدم اجزاء غسله عنه و هذا مما لا اشكال فيه حتى على القول باجزاء الغسل عن بعض ما عليه من الاغسال الّذي لم ينوه اذا غسل بنية بعضه الآخر لانه فى هذه الفرض يكون المراد بالاجزاء هو

اجزاء الغسل المنوى عما لم ينوه لا ما لا يكون غسلا مجزيا عما نواه لان المجزى هو الغسل الواحد عن الاغسال و هو لا يتحقق الابنية جميع الاسباب او بعض ما عليه من الاسباب الموجبة للغسل و على الفرض ما قصده لا يكون من جملة الاسباب الموجبة للغسل واجبا كان او مستحبا فما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد و لو لم نقل بمضرية قصد عدم تحققه من الاغسال لانه على الفرض ما اتى بغسل لسبب كان عليه حتى يكون مجزيا عن غير المنوى.

المسألة الخامسة: ما اذا اجتمع عليه اغسال واقعا فينوى بغسله بعضها

و يقصد عدم تحقق بعضه الآخر بغسله هذا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 373

مثلا يعلم وجوب غسل الجنابة و مسّ الميّت عليه فيقصد بغسله الطهارة عن الجنابة و يقصد عدم الغسل عن مسّ الميّت فهل يصح غسله لما نواه أو لا و بعد وقوعه له يقع الكلام فى اجزاء غسله عما لم ينوه و قصد عدم غسله له.

اما صحته لما نواه فيكون مما لا ينبغى الاشكال فيه لانه المتيقن من النصوص المذكورة فى المسألة 15.

و اما اجزائه عما لم ينوه بل نوى عدمه فقد يقال بعدمه لعدم اطلاق لقوله عليه السّلام (فاذا اجتمعت الخ) فى الرواية الاولى من الروايات المذكورة فى المسألة 15 يشمل هذه الصورة و اما غيرها من الروايات فلا دلالة له على الاجزاء و قد مضى ان مقتضى القاعدة عدم الاجزاء.

لكن لا يبعد الشمول لهذه الصورة و عدم مضرية قصد العدم فى الاجزاء و مع ذلك الاحوط هو اتيان الغسل لما ينوى عدم تحققه كما انه عرفت ان الاحوط اتيان الغسل فى كل مورد لم ينو جميع الاسباب.

تتمة بعد فرض الالتزام بكون الاجزاء

فى مسئلة تداخل الاغسال عريمة مطلقا حتى فيما قصد الجميع او فى خصوص ما قصد البعض عن غير ما قصده من الاغسال أيضا لا مانع من جواز الغسل فيما لم ينوه برجاء الصحة و المطلوبية و اما مع فرض كون الاجزاء رخصة فلا اشكال فى اتيانه فافهم.

هذا تمام الكلام فى غسل الجنابة فى شرح ما ذكر فى العروة الوثقى و قد تم بحثنا و كتابتنا فى اليوم العاشر من ذي قعدة الحرام من سنة 1399 و انا الاقل على الصافى ابن العلامة الشيخ محمد جواد الصافى الكلبايكاني و الحمد للّه أولا و آخرا و صلى اللّه على رسوله و آله لا سيما على الحجة الثانى عشر أرواحنا فداه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 374

الفهرس

فصل فى الاغسال 7

فى النّذر المتعلّق بغسل الزّيارة 8

فى ان ينذر غسل الزّيارة منجّزا 9

في أن ينذر الغسل و الزّيارة 10

في أن ينذر الغسل الّذي بعده الزّيارة 11

في غسل الجنابة 15

في الرّوايات الواردة في غسل الجنابة 16

في موجبيّة خروج المنى الغسل 17

في عدم الفرق بين خروج المنى مع الشّهوة او بدونها 19

لا فرق في موجبيّة المنى للغسل بين كونه جامعا للصّفات او فاقدا لها 20

في عدم الفرق بين خروج المنى من المخرج المعتاد و غيره 21

المعتبر خروج المنى الى خارج البدن 22

اذا شكّ في ما خرج منه انّه منّى أم لا؟ 23

في وجوب الاختبار و عدمه 25

في ما اذا اجتمعت الصّفات الثلاثة يحكم بكونه منيّا 27

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 375

في ما اذا شكّت المرأة ان الخارج منها منيّ

أم لا؟ 29

في موجبيّة الجماع الغسل 31

في الرّوايات الواردة بانّ الجماع موجب للغسل 32

لا فرق في وجوب بالجماع بين ان ينزل او لا؟ 33

في مقطوع الحشفة 34

في المقطوع بعض حشفته 35

لا فرق فى الجماع بين كونه في القبل أو الدّبر 37

فى وجوب الغسل على الواطئ فى الدّبر 39

الكلام في وجوب الغسل على الموطوء 40

الكلام في وطى الخنثى 41

اذ أدخل الرّجل بالخنثى و الخنثى بالأنثى 42

في ما اذا راى فى ثوبه منيّا 43

في واجدى المنىّ في الثّوب المشترك 45

في عدم وجوب الغسل في ما اذا راى المنيّ في الثوب المشترك 47

اذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السّابق منهما 48

في الجنابة الدّائرة بين الشّخصين 49

اذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاخر بالآخر 50

في ما لو دارت الجنابة بين الثلاثة أو اكثر 52

اذا خرج المنىّ بصورة الدّم 54

المرأة تحتلم كالرّجل 55

في الرّوايات الواردة في احتلام المرأة 56

في بيان الرّوايات الواردة 57

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 376

في انّ المرأة تمنى كما يمنى الرّجل في اليقظة و النّوم 58

في وجوب الغسل على المرأة بانزال المنىّ عنها 59

في ما اذا تحرّك المنيّ في النّوم و لم يخرج 61

في ما اذا كان ضرر في حبس المنىّ 62

في عدم وجوب الغسل اذا تحرّك المنىّ و لم يخرج 63

يجوز للشخص اجناب نفسه و لو لم يقدر على الغسل 64

في اختصاص الجواز بصورة كون الأجناب بالجماع 66

هل يجوز ابطال وضوئه بعد دخول الوقت مع عدم تمكّنه منه بعده

67

اذا شكّ في انّه حصل الدّخول أم لا؟ 68

هل يجب عليه الغسل اذا شكّ في حصول الدّخول أم لا؟ 69

في الموارد الّتي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل و الوضوء 69

في ما يتوقّف على الغسل من الجنابة 73

في توقّف الصّلاة الواجبة و المستحبّة، اداء و قضاء على الغسل من الجنابة 74

في اشتراط الغسل من الجنابة في الاجزاء المنسيّة من الصّلاة 75

في اشتراط الغسل من الجنابة في سجدتي السّهو و عدمه 76

هل يشترط غسل الجنابة في سجدة الشّكر 77

في توقّف الطّواف على الغسل من الجنابة 78

هل يشترط غسل الجنابة في الطّواف المستحبّ 79

في الرّوايات الواردة في من طاف بغير طهر 81

يشترط الطّهارة في صلاة الطواف 83

في توقّف صوم رمضان على غسل الجنابة حتّى حال النّسيان 85

ساير اقسام الصّوم غير رمضان و قضائه هل يبطل بالاصباح، جنبا 86

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 377

في الجنابة العمديّة في اثناء النّهار 87

في عدم اضرار الاحتلام في النّهار بشي ء من اقسام الصّوم 88

فصل في ما يحرم على الجنب 93

في حرمة مسّ خطّ المصحف على الجنب 94

في حرمة قراءة سور العزائم على الجنب 95

الكلام في قوله تعالى (لا يمسّه الا المطهّرون) 97

في حرمة مسّ اسم اللّه تعالى و ساير اسمائه و صفاته المختصّة على الجنب 98

في حرمة مسّ اسماء الأنبياء و الائمّة حال الجنابة 99

في حرمة دخول المسجد الحرام و مسجد النّبي على الجنب 100

في حرمة المكث على الجنب في ساير المساجد 101

هل يجوز الدخول للجنب فى ساير المساجد بقصد أخذ شي ء أو

لا يجوز 102

في علّة الفرق بين الاخذ و الوضع 103

في و جواز دخول الجنب في المسجد لأخذ شي ء منه 105

الكلام في كون المشاهد كالمساجد 107

في الاخبار الدّالة على المنع من دخول الجنب فى بيوت الائمّة 109

هل يحرم وضع الشي ء فى المساجد 110

في حرمة قراءة آية السّجدة على الجنب 111

في الرّوايات الواردة على حرمة قراءة آية السجدة على الجنب 112

في حرمة قراءة سور السّجدة على الجنب 113

في من نام في احد المسجدين ثمّ احتلم 114

اذا احتلم في أحد المسجدين يجب عليه التيمّم 117

اذا احتلم في أحد المسجدين و كان التيمّم مساويا لزمان الخروج 118

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 378

في ما اذا احتلم في أحد المسجدين و كان يقدر على الغسل 119

في وقوع الكلام في الحائض و النّفساء 120

اذا حصل النّقاء من الحيض في أحد المسجدين 121

لا فرق فى حرمة دخول الجنب فى المساجد بين المعمور و الخراب منها 122

في وقوع الكلام في المسجد المبنىّ في الارض المفتوحة عنوه 123

في ما اذا عيّن الشخص في بيته مكانا للصّلاة 124

في ما اذا شك في كونه جزء من المسجد أم لا؟ 125

فى الجنب اذا قرء دعاء كميل 126

في عدم جواز ادخال الجنب في المسجد و ان كان مجنونا 127

في عدم جواز استيجار الجنب لكنس المسجد 129

في ما اذا كان الاجير و المستأجر عالما بالجنابة الاجير 130

في اذا كان الاجير جاهلا أو ناسيا بالجنابة 131

في حرمة اجارة الجنب لكنس المسجد 133

في حرمة استيجار الجنب للدخول و المكث في المسجد 134

حكم

استيجار الحائض و النفساء لكنس المسجد كحكم الجنب 136

في استيجار الجنب او الحائض للطّواف المستحبّ 137

اذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه التيمم و يدخل المسجد لأخذ الماء للغسل 138

اذا كان دخول الجنب المسجد لأخذ الماء مستلزما للمكث 139

في ما اذا علم جنابة حد الشخصين اجمالا 140

في عدم تنجّز التّكليف المعلوم بالاجمال بالنّسبة الى كلّ من الشخصين 141

مع الشّك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرّمات المذكورة 142

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 379

فصل في ما يكره على الجنب 145

في كراهة الاكل و الشرب على الجنب 146

في الرّوايات الواردة في كراهة الاكل و الشرب على الجنب 147

في ما يرفع به الكراهة 149

غسل اليد و المضمضة و غسل الوجه يرفع بها الكراهة 150

ترتفع الكراهة بالاستنشاق و الوضوء 150

يقع الكلام في كراهة قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن 151

في بعض الروايات الواردة في النهي عن قراءة القرآن للجنب مطلقا 152

في بعض الروايات الّتي تدلّ على جواز قراءة سبعين آية للجنب 153

في كراهة مسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد و الاوراق و الحواشي و ما بين السّطور على الجنب 155

في بيان مقتضى بعض الرّوايات الواردة في الباب 158

في الرّوايات الواردة في كراهة النّوم على الجنب 159

في ارتفاع كراهة النّوم على الجنب بالوضوء 161

في كراهة الخضاب على الجنب 162

في كراهة التّدهين للجنب 163

في كراهة الجماع للجنب 164

في كراهة حمل المصحف للجنب 164

فصل في كيفيّة الغسل و احكامه 167

للغسل كيفيّتان: الترتيب و الارتماس 168

في بيان

غسل الارتماسى 169

هل يجب غسل الجنابة بالوجوب النّفسى 170

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 380

في بعض الاخبار الواردة في غسل الجنابة 171

هل يجب غسل الجنابة للغايات الواجبة و يستحب للغايات المستحبّة 172

في انّ وجوب غسل الجنابة نفسىّ او غيرى 173

في انّ غسل الجنابة هل يستحبّ بالاستحباب النّفسىّ أم لا؟ 174

لا يجب في غسل الجنابة قصد الوجوب او النّدب 176

في ما اذا قصد الاستحباب مكان الوجوب او بالعكس 177

في وجوب تطهير تمام البدن 178

في الرّوايات الواردة في غسل الجنابة 179

لا يجب غسل البواطن من البدن 180

لا يجب غسل الشّعر مثل شعر اللّحية 181

هل يجب غسل الشعر مطلقا سواء كان كثيفا او رقيقا 183

في وجوب ايصال الماء بالبشرة 185

في احتمال وجوب غسل البشرة فقط دون الشّعر 188

في التفصيل بين الشّعر الكثيف و بين الشعر الدّقيق 189

هل يجب غسل الثقبة الّتي في الاذن أم لا؟ 189

في كيفيّة غسل التّرتيبى 190

في وجوب تقديم غسل الرّأس على غسل الايمن و الايسر 191

في الاخبار الواردة في كيفيّة غسل التّرتيبى 192

في بعض الاخبار الدّالة على عدم وجوب الترتيب 195

في بيان ما ورد في بعض الاخبار الواردة في غسل الجنابة 197

في وجوب الترتيب بين الجانبين بتقديم الايمن على الايسر 198

في روايات الدّالة على اعتبار التّرتيب بين الايمن و الايسر 199

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 381

في البحث عن صحّة تداخل الأغسال 201

في بيان ما استدلّ على عدم وجوب التّرتيب بين الايمن و الايسر 204

الاحوط بل الاقوى وجوب الترتيب بين الايمن و

الايسر 205

في بيان ما استدل على وجوب غسل الرّقبة مع الرّأس 206

في بيان ما ورد في الرّواية في غسل الوجه 207

هل يجب في غسل كلّ عضو الابتداء بالاعلى أم لا؟ 209

في ما استدلّ لعدم وجوب ابتداء الغسل بالاعلى 211

في ما يدلّ عليه قوله تعالى: (فان كنتم جنبا فاطهّروا) 213

هل يجب بالاعلى فالاعلى فى كلّ عضو كما يقال في الوضوء او لا؟ 214

في عدم وجوب الموالاة العرفية بمعنى تتابع كلّ عضو للآخر 215

في الاستدلال بعدم وجوب الموالاة في أجزاء عضو واحد 216

في ما لو تذكّر بعد الغسل ترك جزء من أحد الاعضاء 217

الكيفيّة الثّانية في غسل الجنابة الارتماسى 218

في الاخبار الواردة في غسل الارتماسي 219

في الارتماس في الماء دفعة واحدة عرفيّة 221

المراد من الارتماس استيلاء الماء على جميع البدن 223

هل يلزم قبل الارتماس ان يكون جميع بدنه خارج الماء 225

في وجه كفاية خروج معظم البدن عن الماء قبل الارتماس 227

في وجه اعتبار جريان الماء على البدن في الارتماس 229

في ما لو تبيّن بعد الغسل الارتماسى عدم انغسال جزء من بدنه 230

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 7، ص: 381

هل يجب تخليل الشّعر اذا شكّ في وصول الماء الى البشرة 232

هل يجوز الغسل بنحو الارتماس في ساير الاغسال 232

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 382

في عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة 233

الكلام في عدم مشروعيّة مع غسل الجنابة 234

في الاخبار الواردة في

عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة 235

في الرّوايات الّتي تدلّ على عدم اجزاء الوضوء مع غسل الجنابة 237

في عدم اجزاء غير غسل الجنابة عن الوضوء 239

في روايات الّتي تدلّ على اجزاء الغسل عن الوضوء، مطلقا 241

في التفصيل بين الاغسال الواجبة و الاغسال المستحبّة 242

في انّ الغسل الترتيبى افضل من الارتماسى 245

اذا ضاق الوقت عن التّرتيبى قد يتعيّن الارتماسى 246

يجوز في غسل التّرتيبى ان يغسل كلّ عضو من اعضائه الثلاثة بنحو الارتماس 247

الغسل الارتماسى يتصوّر على وجهين 249

يشترط في كلّ عضو ان يكون طاهرا حين غسله 250

في المسألة أقوال 251

في غسل الكفّ و الفرج قبل الغسل 253

في بيان ما ورد في بعض الاخبار 255

الكلام في الامر بتقديم الغسل قبل الغسل 257

لا بدّ و ان يقع ماء الغسل على المحل الطاهر 259

في عدم كفاية الغسل (بالفتح) و الغسل (بالضّم بفعل واحد) 261

في ما اذا كان الماء الّتي يغسل به كثيرا 261

انّ طهارة محلّ الغسل واجب بالوجوب النّفسى 263

في كفاية غسل كلّ عضو عن النّجاسة قبل غسله 265

في وجوب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء 266

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 383

في ما إذا شكّ في شي ء انّه من الظّاهر او الباطن 267

في ما اذا كان الشّي ء من الباطن سابقا 269

في عدم اعتبار الموالاة في الغسل الترتيبي 270

في جواز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب 271

في بعض الاخبار الواردة في غسل الجنابة تحت المطر 273

انّ المعتبر في الغسل الارتماسي هو الغمس في الماء 275

هل يصحّ الغسل الارتماسي تحت الميزاب

او لا؟ 276

في جواز العدول عن التّرتيب الى الارتماس 277

اذا كان حوض اقل من الكرّ يجوز الاغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن 278

في ما يشترط في صحّة الغسل 281

في طهارة ماء الغسل 282

في عدم جواز كون ماء الغسل، ماء الغسالة 283

يشترط في الغسل الارتماسي ان لا يكون الارتماس في الماء حراما 284

في اشتراط الغسل المباشرة في الغسل حال الاختيار 285

اذا اذهب الى الحمّام ليغتسل و بعد ما خرج شكّ في انّه اغتسل أم لا؟ 286

في ما اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه 287

في ما اذا كان من قصده عدم اعطاء الاجرة للحمّامي 288

في ما اذا كان ماء الحمّام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب 290

الغسل في حوض المدرسة لغير أهله 291

الغسل بالمئرز الغصبى باطل 292

ماء غسل المرأة على زوجها لانّه يعدّ من نفقتها 292

في ما اذا اغتسل المجنب في شهر رمضان او في حال الاحرام ارتماسا نسيانا 293

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 384

في ما لو اغتسل ارتماسا في حال الصّوم عامدا 295

في صحّة غسل من ارتمس في الماء حال الاحرام 296

في مستحبّات غسل الجنابة 299

في الدّعاء بالمأثور في حال الاشتغال بالغسل 301

في ما يمكن الاستدلال به على استحباب الاستبراء 303

في استحباب الاستبراء بالبول قبل الغسل 305

في استحباب غسل اليدين قبل غسل الجنابة 307

فى الاخبار الّتي تدلّ على الامر بغسل اليدين، قبل غسل الجنابة 308

الكلام في عدد الغسلات 311

في استحباب الاستنشاق و المضمضة 313

في استحباب امرار اليد على الاعضاء 315

من المستحبّات غسل كلّ من الاعضاء

الثلاثة، ثلاثا 316

من المستحبّات التّسمية و الدّعاء بالمأثور 317

يكره الاستعانة بالغير في المقدّمات القريبة 318

الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطا في صحّته 319

في ما اذا اغتسل بعد الجنابة بالانزال ثمّ خرج منه رطوبة مشتبهة 320

في بيان حكم الشّبهة المصداقيّة 324

في الاستبراء بالبول بعد انزل المنىّ 325

اذا شكّ انّه استبرء بالبول أم لا؟ 326

في الرّطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها 328

في ناقضية الرّطوبة المشتبهة الخارجة قبل البول و ان كان مستبرئا بالخرطات 329

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 385

في ما اذا احدث بالاصغر في اثناء غسل الجنابة 330

في المسألة اقوال ثلاثة 331

هل يكون الحدث الاصغر في الأثناء ناقضا للغسل أم لا؟ 333

في ما استدل به على عدم بطلان الغسل بالحدث في الاثناء 335

اذا وقع الحدث الاصغر بعد تمام الغسل 336

في وجوب اعادة الغسل من رأس اذا احدث في الأثناء 338

في انّ ناقض الطّهارة الصغرى لا يوجب نقض الطّهارة الكبرى 339

اذا احدث بالاصغر في اثناء غير غسل الجنابة 341

اذا احدث بالاكبر في اثناء الغسل 342

اذا كان الحدث الاكبر الحادث في اثناء الغسل من غير جنس ما يغسل له 344

اذا طرأ مثل مسّ الميّت في اثناء غسل الجنابة 347

اذا حدثت المرأة بحدث الحيض في اثناء غسل الجنابة 348

في الحدث الاصغر في اثناء أغسال المستحبّة 349

اذا شكّ في غسل عضو من الاعضاء الثلاثة 350

اذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثمّ شكّ 352

اذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسى 354

اذا صلّى ثمّ شكّ في انّه اغتسل للجنابة أم لا؟

355

اذا شكّ في اثناء هل اغتسل للجنابة أم لا؟ 357

في ما اذا اجتمع عليه اغسال متعدّدة 358

اذا كان عليه اغسال متعدّدة واجبة 359

في الرّوايات الواردة في من عليه اغسال متعدّدة 361

ان موضوع المسألة من صغريات تداخل المسبّبات 362

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 7، ص: 386

في ما اذا نوى بعض الاغسال المجتمعة عليه 364

في صحّة غسل الحيض مع الجنابة 365

في اجزاء غسل الحيض عن الجنابة و لو لم ينوها 366

في ما اذا كان عليه اغسال من الواجب و المستحبّ 367

في ما اذا كان بعض ما عليه من الاغسال رافعا للحدث 368

في ما قصد رفع الحدث او الاستباحة 369

في صحّة غسل الجمعة من الجنب و الحائض 370

اذا كان يعلم اجمالا انّ عليه اغسالا لكن لا يعلم بعضها بعينه 371

في ما اذا قصد فى غسله بعضا معيّنا و قصد عدم تحقق غيره 372

في ما اذا اجتمع عليه اغسال واقعا 374

الفهرس 375

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.